المحرر موضوع: عراقيون أختاروا داعش نموذجا!!  (زيارة 1284 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل أوشانا نيسان

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 322
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
عراقيون أختاروا داعش نموذجا!!
أوشانا نيسان
منذ وضع الحجر الاساسي للنظم العراقية قبل 93 عاما، لم تفكرالنخب السياسية العراقية وبجميع مشاربها السياسية والحزبية يوما في التركيز على مصدر الاخطاء وجذور الازمات التي ألمت بنظام الحكم في العراق، بل ركزت جل اهتمامها على النتائج الكارثية لسياساتها فقط. حيث يعرف القاصي والداني أن جذور الازمة السياسية الراهنة في العراق تنتمي الى أجندة سياسات التهميش والاقصاء التي تمارسها اليوم الحكومة العراقية بانتظام حيال شرائح معينة من العراقيين وفي مقدمتهم أهل السنة في الهلال السني الممتد من مدينة قائم غربا وحتى ديالى ومندلي شرقا. تماما كما فعلت النخبة  السياسية "السنيّة"  تجاه الاكثرية من أبناء الشعوب العراقية خلال أكثر من ثمانين عاما. بالاضافة الى حرص عرب العراق باعتبارهم أهل الحكم ( سنة وشيعة) في تشكيل عددا من "المرجعيات" التي يمكن الرجوع اليها عند الحاجة وأشتداد حدة الازمات السياسية والطائفية داخل الوطن. لكنهم نسوا أو تناسوا قصدا ضرورة تشكيل مرجعية واحدة تسمو فوق تخوم المذاهب، الطوائف واصطفافاتها العشائرية على مر التارخ.   
هذه الحقيقة التي تقف بحزم وراء سرعة انهيار خارطة الدولة العراقية الحديثة التي زرعها الاستعمار الانكليزي في عقلية المواطن العراقي قبل 93 عاما بالاتكاء على تخوم الثروات النفطية. مثلما وقفت الحقيقة تلك وراء انهيار بنيّة الدولة الوطنية المشوهة  التي ابتدعها مريدي ثورة 14 تموز عام 1958 ضد الملكية ثم حولها البعث الفاشي لاحقا الى محرقة ألقت بظلالها الكئيبة السوداء على أجندة الطموحات المشروعة للشعوب العراقية وتحديدا الشعوب العراقية الصغيرة التي يحق لها أن تحلم كشقيقاتها من شعوب العالم، بربيع مزدهر تتورق فيه زهور الديمقراطية العدالة والتحرر من نير الدكتاتورية ولو مرة.
علما أن مشكلة الحكم في العراق، تنتمي وحرص معظم النخب السياسية التي استولت على كرسي الحكم، على خلق نخوة وطنية زائفة منذ ولادتها القيصرية. هذه النخوة التي أخفقت وللاسف الشديد في الصمود مجرد ساعات بوجه جحافل منظمة ارهابية ك"داعش" شكلت قبل أقل من 15 شهرا. هذا ان دل على شيء فانما يدل على حاجة العراق الى اعادة صياغة مفهوم الوطنية في العراق الجديد مع اشراك جميع مكونات الشعب العراقي بغض النظر عن انتمائهم العرقي المذهبي في حكم العراق الجديد، بالاضافة الى قرارالاسراع في اعادة تأهيل البنيّة التحتية للجيش العراقي وتطوير قدراته العسكرية من حيث التعبئة والتدريب والتجهيز بالشكل الذي يسمو فوق حدود الطائفية والمذهبية باعتبارها كعب أخيل أجندة الوحدة الوطنية العراقية منذ عام  1921 لحد يومنا هذا.
أما اليوم وبعد سقوط جل الاقنعة وانكشاف أوراق الملف الوطني الزائف لاصحاب القرار السياسي في العراق واستعداد الاكثرية منهم في الاستنجاد حتى بالمنظمات الارهابية خارج الحدود في سبيل البقاء على كرسي الحكم والسلطة. في الوقت الذي سهلوا عملية تخوين وتشويه وطنية كل كيان أقلوي أصيل أو شعب عراقي غيرعربي ثاربوجه الانظمة الفاشية والدموية المركزية وعلى مدار اكثر من ثمانين عاما. رغم أن النخبة السياسية العراقية "المعارضة" اعترفت علنا خلال سلسلة من مؤتمراتها خارج الوطن وقبل سقوط الصنم عام 2003، أن مشروع الفيدراليات الثلاث أو السيناريوهات الثلاثة التي طرحتها الحكومة الامريكية قبل الغزو، هو الحل الوحيد لانقاذ النظام العراقي من أزمته السياسية وخروجه من عنق الزجاجة اكثر عدالة وديمقراطية. وما التطور الاقتصادي أوالاستقرار الامني السائد في الاقليم الا دليلا على صحة البدائل السياسية المقترحة لمستقبل العراق الجديد.


أدون تفاصيل هذه الحقائق التاريخية التي انكشفت رغم تأخرها والمشاهد العراقي يتطلع الى الصور المباشرة التي تنقلها الفضائيات العربية من داخل تكريت لحظة سقوطها بيد جحافل تنظيم"داعش" باعتبارها عاصمة محافظة صلاح الدين. طبعا جاء سقوط تكريت بعد سقوط مدينة" موصل" عاصمة محافظة نينوى والفلوجة والانبار وبيجي وسامراء وغيرها من المدن التي هي في وشك السقوط.
في الوقت الذي يشدد السيد نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي خلال كلمته الاسبوعية على كلمة  المؤامرة من جديد بقوله:
"ما حصل في موصل هو مؤامرة وخدعة سمحت بدخول عناصر داعش الى الموصل". هذا الخطاب السياسي الذي لا تختلف مفرداته كثيرا عن الخطابات السياسية التي رددها قبله جميع رؤساء الجمهوريات العراقية الاولى، الثانية والثالثة.
علما ان السيد رئيس الوزراء العراقي أشاد بدور المرجعية وبمواقف الاحزاب، العشائر، الدول المجاورة والصديقة، الامم المتحدة، الجامعة العربية، الاتحاد الاوروبي وغيرها من الدول والمنظمات التي قدمت وتقدم المساعدة لانجاح الحملة العسكرية ضد الارهاب كما يقول. لكنه امتنع تماما عن ذكر ولو كلمة يشكر فيها ما قدمته وتقدمه القيادة السياسية في الاقليم من الدعم، الايواء والمساعدات الانسانية لجميع الهاربين والناجين من المدن العراقية المتضررة.