المحرر موضوع: مسلسل تصفية رجال الدين المسيحي في عهد صدام حسين  (زيارة 3410 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Farouk Gewarges

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 612
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
مسلسل تصفية رجال الدين المسيحي في عراق صدام حسين
- الجزء الخامس والأخير على 3 حلقات-
1-3
                                                       بقلم : صباح نعمو صادق
 
مقتل الشماس شهيد الصحافة المهجرية – ديترويت – أمريكا – نابليون بشي 1940- 1983 .
الشماس  نابليون بشي من مواليد 1940 في قضاء تلكيف – محافظة الموصل ينحدر من عائلة دينية كاثوليكية محافظة فوالداه المرحوم بولس شماس وريان ديراني وعمه الأب بولس بشي – رئيس خورنة الكنيسة الكلدانية في فرنسا حاليا ، بدا حياته العملية في العراق مصوراً جوالاً في بغداد ، ثم صاحب ستوديو العشاق ، وله كتيب صادر في بغداد عام 1961 ، بعنوان "يوميات مصور متجول" صور فيه مشاهداته من أحداث وقصص ومعاناة أهل بغداد ، وحياة الليل في الستينات من القرن الماضي حيث السكارى والعرى والتشرد ، وله كتيب  "الأعمى"  وهو مجموعة قصص اجتماعية إنسانية خطها ببراعة بأسلوب أخاذ والمجموعة صدرت في بغداد عام 1965، كما ان له مجموعة من التحقيقات الصحفية المصورة عن حياة بغداد آنذاك، نشرت في الصحف العراقية، هاجر مع عائلته الى أميركا.
اشترى صحيفة ومطبعة المشرق(لصاحبها المرحوم الشماس حنا توما) وهي أقدم صحيفة مهجرية كلدانية. وصار يصدرها بانتظام كل أسبوع. وبعد وصولي الى أميركا عام 1979 صرت أكتب في المشرق، وأرتبطت مع الشهيد بشي بزمالة قوية دائمة، حتى أصبحت المحرر الأول للجريدة، وكنت أكتب بأسمي الصريح، وبعدد من الأسماء المستعارة أشهرها أسم "ابن الفرات" وكنت أقرب الناس الى همومه الوطنية الصادقة.
غداة مقتله المفجع المثير من قبل النظام العراقي في مشكن/أميركا، كتبت بأسم الجالية العراقية عدة بيانات ملتهبة حماسا وغضبا ضد نظام بغداد الذي وصل ديارنا المهجرية الآمنة. حيث كان سيء الذكر مهدي الدليمي"مسؤول البعث في مشكن"يلوح بالعصا الغليظة ويقول على الكشوف: إن يد الثورة طويلة..؟
ويوم مقتله، قامت الجالية العراقية بالإحتجاجات والتظاهرات،وأقيم له احتفال جنائزي مهيب، وودعته الجالية الى مثواه الأخير في حزن كبير، وانفعال مليءٍ حزنا وغضبا وألماً.
أدناه أحدى تلك البيانات التي كتبتها ساعتئذٍ، ومن المؤسف والمعيب ان يكون قاتل نابليون قد "نزل في دار أحد الكلدان من عملاء النظام السابق" وما أكثرهم آنذاك، كما ان السائق الذي أقل القاتل الأشقر المحترف الى مخزن نابليون كان هو الآخر كلدانيا، وهو يقيم الآن بيننا في سان دييغو، نحجم عن ذكر اسمه حاليا بعد رجاء بعض العناصر الكلدانية العاقلة، حقنا للدماء والفتنة. كما لا يفوتنا ان نذكر ان السيد سعدي العبيدي"يقيم في ديترويت"الذي افتعل صداقة كاذبة مع الشهيد، وعمل مع شخص آخر عراقي كان يتكلم السورث وهو مسلم، عمل هذان الشخصان قبل مقتله بأسابيع في مخزن نابليون، وأعادا تصليحه بخاريا وكهربائيا، وكان الهدف بالتأكيد جمع معلومات ورصد تحركات نابليون بين داره ومطبعته ومخزنه، وقد نبهت نابليون في حينه وحذرته منهم



بيان إلى أبناء الجاليات العراقية
مات نابليون بشي شهيدا لشعبه ووطنه وجاليته
الخزي والعار للقتلة الجناة
تلقت الجالية العراقية في المهجر الأمريكي يوم الثلاثاء الماضي 11/1/1983 الخبر المفجع باستشهاد الصحافي العراقي البارز " نابليون بشي " صاحب -  جريدة المشرق – برصاصة غادرة استقرت في سويداء قلبه واردته قتيلا في الحال .
فابن الكلدان البار نابليون بشي ، لم يكن شخصية عادية في ضمير ووجدان أبناء العراق ، بل كان سفراً ضخما وسيرة تربوية من الطراز الأول امتازت بالجهادية والكفاحية العالمية على مستوى الوطن والأسرة والمجتمع الكلداشوري .
ظلت صحيفة المشرق التي ترك الشهيد بصماته عميقة فيها ، مركزا لاستقطاب ثقافي واجتماعي مفتوح للجميع ، بل كانت بحق مدرسة تربوية وأخلاقية من الدرجة الأولى ، ينتظرها أبناء الجالية بتلهف وشوق ، لينهلوا من معينها الذي لا ينضب ، عطاء ثرا وغنيا . وفي يوم الثلاثاء هذا كان القتلة يتفحصون " هيزل بارك " و" نوبل ماركت " الذي حط الجناة فيه والذي يملكه الشهيد ، كان كل شي محبكا ومعدا له مسبقا ، حتى كانت الساعة الواحدة بعد منتصف ليلة الاثنين ، عندما دخل المجرمون الى مخزنه، حيث يكون عادة نابليون بشي العامل المجاهد، يعمل حتى ساعة متأخرة من الليل، فوجدوا نابليون الطيب، الذي اتخذ من الكلمة الطيبة النيرة المجردة سلاحا لمقاتلة أعداء الشعب والإنسانية والحضارة البشرية ، فقتلوه بصمت، وصمت رهيب، تماما كما فعلت فرق القتل المحترفة، التي طاردت أبناء شعبنا العراقي الهاربين رغما عنهم، في منفاهم خارج حدود الوطن قبل نابليون بشي، في فرنسا ولندن والسويد وبلغاريا ولبنان والكويت واليمن وغيرها من عواصم العالم عندما، جالت هذه الفرق- سيئة الصيت- لتصفية صوت المعارضة العراقية، وهكذا إذن هوى بشي ببساطة، وببساطة متناهية، وهوى عمود من أعمدة الفكر الوطني الكلداشوري خاصة، والفكر العراقي الحر عامة، الذي رفض المساومة والمهاونة وأسلوب الترغيب والتهديد، كما فعل بعض من مأجوري الجالية ، لذلك كان نابليون بشي شوكة جارحة في أعينهم اللئيمة ... لكن موت بشي الإنسان والمفكر وابن الجالية لن يمر دون حساب، بل سيصبح سفرا خالدا ورمزا مشرقا لأبناء قومه ووطنه، ولسوف تغدو واقعه اغتيال أول شهيد للكلمة الحرة في المهجر الأمريكي، حافزا كبيرا لتعزيز وتكاتف ووحدة أبناء الجالية في وجه المجرمين.
 إننا نطالب السلطات الفدرالية التحقيق الجاد في هذه الجريمة والكشف عن هوية الجناة، وإنزال أقصى العقوبات القانونية بحقهم، كما وإننا نريد تذكير السلطات الفيدرالية، بأنها المسؤولة عن حماية أرواح أبناء جاليتنا في المهجر.
تحية إكبار وإجلال لروح الشهيد الكلداني الخالد نابليون بشي لتعش الكلمة الحرة خالدة أبدا.
                                                                                          صباح صادق
                                                                                    لجنة الشهيد نابليون بشي
الاتحاد الآشوري العالمي
الاتحاد الديمقراطي العراقي في أميركا وكندا
الرابطة الكلداشورية
الجمعية الآشورية الكلدانية
 الحزب الديمقراطي الكردستاني فرع أميركا وكندا
رابطة الطلبة العراقيين في أميركا وكندا (ا.ط.ع.ج.ع)
حزب بيت نهرين الديمقراطي
جمعية الطلبة الكردستانيين
نادي المشرق الكلداني
مجموعة من المستقلين
النادي الآشوري الأمريكي .

تفاصيل مقتل نابليون لحظة بلحظة
تلزمني الأمانة أن أشير هنا لأول مرة، ان الراحل الصديق محي الدين وهو كردي مسؤول الحزب الديمقراطي الكردستاني في أمريكا، "قتل مع شقيقه في الحرب الكردية – الكردية من قبل جماعة ماما جلال الطالباني"، سرني بأسماء ثلاثة عناصر كلدانية تطوعت للحكومة العراقية آنذاك لأغتيال نابليون بشي.. . قلت له:ومن أين عرفت ذلك؟ قال الراحل محي الدين:لنا عميل مأجور"يتقاضى راتب شهري من الأكراد"وهو موظف مهم في السفارة العراقية في واشنطن، سرب لنا هذه الأسماء.سوف أحتفظ بهذه الأسماء ولا أنشرها الآن. ويقال أيضا ان يهوذا الجالية الكلدانية، هو الذي استحصل ضمن جولاته المكوكية الشهيرة على قرار تصفية نابليون من رأس نظام صدام حسين.
حط القاتل المحترف بدار شخص كلداني في ديترويت قبل اسبوع من تنفيذ عملية الإغتيال، ودرس كل المعلومات الضرورية التي قدمتها منظمة حزب البعث والعملاء عن تحركات بشي، وصار القاتل يحوم ليلا حول مخزن نابليون بشي "Noble Store"في هيزل بارك. وفي مساء الثلاثاء وفي الساعة الواحدة بعد منتصف ليل "11/1/1983" وقفت سيارة شوفرليت كبيرة يقودها كلداني "نعرفه وهو يقيم بيننا الآن في سان دييغو" وهي تقل القاتل المحترف "يقال انه فلسطيني مأجور من قبل حكومة العراق، وهو أشقر نحيف متوسط القامة، كان دون الثلاثين من عمره". حيث وقفت السيارة على الشارع العام، وكان هدوء مخيف يحيط بمخزن نوبل ساعتئذ. دخل القاتل مخزن نابليون بكل هدوء من الباب الرئيسي المطل على شارع جانار"John R street"وصار قبالة نابليون وجها لوجه، ونابليون مكشوف على ماكنة النقود، أعزل من أية حماية، لا حارس ولا عامل ولا مسدس ولا كاميرات تصوير، مما سهل اصطياد الضحية.تكلم القاتل بلكنة أمريكية، وكان ظهره على الباب الرئيسي، سلم Hi ثم قال لنابليون :هل لي بعلبة سيكائر مارلبورو رجاءً، وعادة يضع أصحاب المخازن السيكائر خلفهم على الرف، وعادة يتسوق الزبون ثم يطلب السيكائر في الأخير. وقبل دفع الثمن طلب القاتل علبة السيكائر، وهذا يعني انه لا يريد غير ذلك، استدار نابليون نحو الرف استدارة كاملة سريعة، وصار ظهره عاريا سهلا، تحسس القاتل مسدسه، وضع نابليون علبة السيكائر على الطاولة، لكن القاتل قبل ان يصوب مسدسه الى قلب نابليون الأعزل من كل شيء، أحس بحركة غير طبيعية، زبائن أمريكان يدخلون المخزن، في هذه الساعة المتأخرة، ما الذي حدث هنا ..غير القاتل موضعه، ووضع السيكائر على الكاونتر وقال لنابليون: أريد بعض البيرة، اشارة مهمة جدا لنابليون المستهدف من قبل الحكومة العراقية، والذي رفض رشوة مقدارها خمسة آلاف دولار شهريا، للكف عن كشف مفاسد النظام. لكن نابليون البسيط الطيب القلب لم ينتبه الى دخول القاتل الى المخزن بعد خروج الزبائن. عاد القاتل ثانية الى كاونتر نابليون ومعه البيرة، وببساطة وضع رصاصة واحدة في قلب نابليون أردته قتيلا في الحال يتخبط بدمائه الغزيرة خلف كاونتره، وقد وجد صندوق النقود مفتوحا وليس هناك أية سرقة بحسب المحقق الأميركي. خرج القاتل بكل هدوء وحذر، وأمام عتبة باب المخزن التقى القاتل وجها لوجه بزبون آخر كان زبون وصديق نابليون يمر به كل ليلة، تساءل عند دخوله: أين نابليون؟ لم يجد نابليون في مكانه ووجد صندوق النقود مفتوحا، ثم صاح: نوبل ..نوبل ..أين أنت يا نوبل؟ ارتاب الزبون ونظر خلف الكاونتر ليجد نابليون جثة هامدة لا حراك فيها. وحسب هذا الأميركي، انها عملية سرقة ليلية(hold up/robbery)، وخرج مسرعا للحاق بالقاتل، واستطاع بالفعل ان يقود سيارته بسرعة ومطاردة القاتل. ضايقتهم المطاردة، لكن السائق الكلداني استدار سريعا وفي نفس اللحظة أطلق القاتل عدة اطلاقات باتجاه سيارة الأميركي، ثم اختفت السيارة على الطريق السريع.
ولم تعرف شرطة هيزل بارك بالحادث الاّ بعد ان اتصل هذا الأميركي الوفي بالشرطة، وأخبرها بان صاحب محل نوبل قد قتل في مخزنه في عملية سطو على نقوده. وهو الذي رسم القاتل كما ظهرت صورته في الصحف الأميركية في اليوم التالي.
كانت علاقة العراق مع أميركا، آنذاك،قوية ومتينة، وكافية لعدم التضحية بها بالكشف عن القتلة، حيث كان نابليون متجنس بجنسية أميركية.
كنت وشقيقي أول عراقي يدخل مخزن نوبل ليلا بعد الحادثة، لأنه كان يجاور مطعم شقيقي "مطعم حمورابي"، وبعد ثلاث ساعات من الإنتظار الممل، حيث قالت شقيقتي التي انتحلت شخصية شقيقته، لكي يسمح لها بالدخول: ان نابليون ميت تماما.
هتفنا في الجمهرة الصغيرة بسقوط النظام والقتلة.. يا للدم المهدور في وطن يأكله الحقد والإنتقام وقتل الأحرار.