المحرر موضوع: الهاربون من الصلب  (زيارة 1416 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل آدم دانيال هومه

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 120
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
الهاربون من الصلب
« في: 23:40 09/08/2014 »
الهاربون من الصلب

                             آدم دانيال هومه

كانوا حراسا للشمس وذخائر القديسين
تركوا أحلامهم  قرابين للآلهة فوق المحاريب المتصدعة
وحثّوا السير مثقلين بالويلات
لايلوون على شيء
تنهمر عليهم الأحزان من السماء
وتنفجر الأرض من تحت أقدامهم ملائكة الموت
وأبالسة الرعب
عاجزين عن وصف آلامهم في خضم صهيل الذاكرة
يدفنون موتاهم على عجل في المغاور وشقوق الصخور
ميمّمين وجوههم شطر قمم الجبال الشاهقة
نلك الجبال المخضّبة بدماء آبائهم
تلاحقهم ذئاب الصحارى
وزوابع الغبار
تذبل عيونهم في مرايا النعاس والضنى
تتواطأ دموعهم مع لآلئ النجوم وفوهات البنادق
من أمامهم بوّابة مشرّعة للمنافي
ومن خلفهم باب مفتوح على المقابر
صلواتهم يضيع صداها بين هدير المدافع
وعويل النساء والأطفال
ولا تلامس مسامع السماء
وأنوار أرواح الأجداد تنير دروبهم إلى الجلجلة
على أمل أن يستنشقوا من فوق ذراها روائح الأبدية
ويطلوا على موانئ الخلاص
وهم موقنون
بأنه ليس ثمة شيء في هذا العالم أغلى من الحياة
وأشهى من نسمات الحرية.
وفيما كانوا يبتهلون إلى الله كي يبعد عنهم تلك الكأس
كانت الملائكة تطل من شرفات السموات العلى
تسترقّ السمع إلى خطوات الفارّين من الصلب
على بوّابات الجحيم
تلوّح مودّعة الأنبياء المثخنين بالجراح
وتكتفي بكتابة قصائد رثاء بمداد الدم على قراطيس الغيم
تختلط دموعها مع انهمار رذاذ الشمس على صفحات  مياه الأغوار
فتتكدّس جميع طيور السماء على قباب الكنائس
وتغفو على وسائد أحلامها
فرارا من قسوة الأرض التي ترغو بالدماء
في ملكوت الرحمن الرحيم.

الخليفة الأهوج
القادم على بعير أعرج من قلب الصحراء
حط رحاله، غير المرغوب فيه، في نينوى
عروس التاريخ
ومليكة الحضارات
أزكمته روائح الأزاهير والورود والرياحين
فأصدر فرمانا بإزالة كل الحدائق والرياض
واجتثات جذور النخيل
فقد اعتاد على استنشاق رحيق البعرات
وأوعز بتجفيف نهري دجلة والفرات
لأنه لايستسيغ إلا بول البعير
وأمر بتحطيم الصلبان من قباب الكنائس
ونصب مكانها خوازيق السماء.

رجال ملثمون
في سواد قاتم يرفلون
كأنهم من الجحيم قادمون
أو من كهوف الجاهلية يبعثون
رايات (الله أكبر) يرفعون
وهل إلههم هذا أكبر من الناقة أو من البزّون؟
هم أنفسهم لايعلمون
من كل فج آتون
كالجراد الجائع يهجمون
الأرزاق والأموال والأرض يسلبون
والدماء الذكية يستحلون
الرجال ينحرون
الأطفال الأبرياء والنساء يروّعون
والعذارى يسبون ويغتصبون
وأصحاب الأرض الأصليين يهجّرون
بعضهم يزعقون
والآخرون كالببغاوات يردّدون
الله أكبر... الله أكبر... الله أكبر على الظالمين.

أهذا هو الطاعون؟
أجل هذا هو الطاعون
في القرن الواحد والعشرين
وهل في العالم أدهى من هذا الطاعون؟
 
نونْ...
وما أدراك ما النون
يا كلبَ الباديةِ المختونْ
يا أقبحَ من مسخٍ مأبون
و أقذرَ من خنزيرٍ مفتون
أبوكَ ديّوثٌ من الشيشان
وأمك مجاهدةُ نكاحٍ من باكستان
وخالتك ضرّةٌ من أفغانستان
وعمّك هجينٌ من طاجكستان
وخالك لوطي من السودان
نبيّك رسولُ الشيطان
وإلهك خيّاطُ النسوان
في ماخورٍ تدعوه جنّةَ الرحمن
يرتّقُ بكارةَ عاهراتِ السماءِ... الْحُورِ الْعِين
بعد كل نكاح ميمون
ويجود بغلمان كاللؤلؤ المكنون
على المجاهدين الميامين
الذين يمارسونَ القتلَ والذبحَ بالسيفِ المسنون
باسمِ إلههم الدمويّ الملعون
الذي يأمرُ في كتابه المأفون
بسفكِ دماءِ الأبرياء المساكين
المسالمين الآمنين
الذين سلاحهم الوحيد هو غصنُ الزيتون.

******