المحرر موضوع: نينوى من يونان الى ابا ايبان قراءة ميثولوجية و دراسة سياسية  (زيارة 1061 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل يوخنا اوديشو دبرزانا

  • عضو فعال
  • **
  • مشاركة: 60
    • مشاهدة الملف الشخصي
 
نينوى من يونان الى ابا ايبان
قراءة ميثولوجية و دراسة سياسية
بداية: 
انه موضوع اخر مثير للجدل اطرحه بكل جراءة وصراحة وتجرد ,لم يعد زمن المجاملات والتواري وراء
الكلمات ,انه  زمن الكلمة  انه زمن الموقف  انها رؤيتي انها دعوتي للمثقف في شرقنا الحبيب شرقنا اللعين
بشكل عام والمسحيين بشكل خاص وبالاخص الكلدو اشوريين السريان, لم يعد مقبولا دور المثقف التنويري
المجرد او الارشادي التلقيني  ناهيك عن الدور الدعائي لبعضهم اشبه ما يكون كدور( مرقصي  السعادين)
ان المثقف العضوي المتفاعل مع محيطه  هو حاجة ناسنا وشعوبنا
نينوى ويونان :
لست من رواد الكنيسة كثيرا  لكني لا احرم نفسي من التفرغ كليا لثلاثة ايام لحضور الصلوات والاستماع
 الى ميامر1*واشعار المبدع مار افرام السرياني الذي طالب جبران خليل جبران يوما بترجمة اشعاره الى
 كل لغات  العالم قائلا لزائره 2* من الحرام الا يقرأ العالم لمار افرام . بعيدا عن ما افرام ومار خامس
 القرداحي وغيرهم ممن ارخوا القصة شعرا.ولنجرد يونان من النبوة والرسالة الالهية ولنتمعن  في رؤية
كاتب الرواية التوراتية على المستوى الارضي ولنترك السماء وشانها  ((دعوا ما لقيصر لقيصر ....))
ستتجلى لنا عدة حقائق :
اولا : من دون شك الرواية التوراتية يهودية مجردة ويونان ((عبراني)) كما يكنيه  ما افرام فهي تسمية
اخرى لبني اسرائيل والقرآن الكريم ايضا  يعترف بيونان والمكنى بالنبي  يونس  .الرواية التوراتية هي
التي انطبعت في الوجدان العام  فشكرا لكاتب التوراة اولا وللكنيسة ثانيا ,مع احترامي الفائق لمترجمي
الرقيمات وتثبيت صحة الرواية في مضمونها وان اختلفت في شكلها
ثانيا : اعتراف  الكتب السماوية الثلاث بالرواية اعتراف بالوجود التاريخي لشعوب المنطقة وحقها في
العيش الكريم والآمن في ارض الآباء والاجداد
ثالثا : في تاريخ الشعوب والامم حالات خصام وحالات وفاق وهذا ما تخبرنا التوراة به  فالعلاقة بين
الكلدو اشوريين واليهود لم تكن خصاما دائما ولو ان هناك سبي وترحيل وقد استعان  اليهود بملوك
اشور لتخليصهم من اعدائهم احيانا وهوذا يونان النبي ((المحلل والخبير السياسي في مفهوم عصرنا))
وهو العبراني  يغار على مدينة عظيمة  وعلى شعبها يغادر اورشليم الى نينوى المبتلية بفساد الحكم
والرعية منبها الى الخطر المحدق فلندرس الرواية في اطار الرمزية التي تميزت بها  كتابات  تلك
الازمنة كالملاحم الكلدو اشورية وكمزامير داوود واناشيد سليمان ولندع اللاهوت للاهوتيين.
((حبذا لو اقتدى قادة الشرق وبالاخص بشار الاسد بملك نينوى واستجاب لنداء انبياء درعا الاطفال))
من يونان الى ابا ايبان
كنت في الرابعة عشرة من عمري وانا استمع  جيدا الى حديث هام لوزير خارجية اسرائيل بعيد حرب
 الايام الستة  حزيران عام 1967كان يتكلم اللغة العربية  بركاكة ما زالت كلمته  راسخة في  ذاكرتي
 حين قال:(( ان الشرق الاوسط ليس للعرب وحدهم وانما هناك امم وشعوب يجب ان تنال حقوقها ))
ابا ايبان ليس نبيا , لكنه دارس جيد لتاريخ وشعوب المنطقة وبالتالي مدرك جيد لخفايا ومسار نهج
السياسة الدولية في اطار لعبة الامم .الدولة العبرية  لاعب مهم  ووجودها في حدود امنة  مستقرة احد
 اهم مواضيع  اللعبة  وعليه فالسياسة الاسرائيلية الشرق اوسطية قد تكون  مبنية على نظريتين :
الاولى : نظرية شمعون بيريس  ((الشرق الاوسط الجديد)) القائمة على الوضع القائم لدول وشعوب
المنطقة .عملية سلام شامل واستقرار دائم مبني على مصالح مشتركة وعلى ما يبدو ان هذه النظرية
مؤجلة ان لم نقل اضحت حلما من بعد فشل مؤتمر مدريد وبروز ظاهرة الاجساد المفخخة الحالمة
بالجنة وملذاتها وهذه النظرية تتوافق الى حد ما مع السياسة الانكليزية 3* وتنسجم تماما مع النبوءة
التوراتية    (اشعيا 19 )
الثانية :  التشجيع لاقامة كيانات سياسية منفصلة  وكل كيان يسعى لتحقيق مصالحه والمحافظة على
خصوصيته الاثنية والدينية  المسحوقة  بفعل  عاملي العروبة  والدين الاسلامي المتلازمين وكانت
الحرب اللبنانية مدخلا لكشف الكثير من هذه الاشكاليات وتعويم الكثير من التناقضات لتصدرالى باقي
دول المنطقة فكما يقول الكاتب القدير( (توماس فريدمان: ان كل دولة شرق اوسطية هي مشروع حرب
 اهلية)) ناهيك عن الثورة  الاسلامية  وحربي الخليج  وتداعياتهما , فالمنطقة  وللاسف في  بدايات
حروبها المتعددة  التي ستفرز دولا وامارات واقاليم جديدة  فالتقسيم عمليا قائم لانهيار عوامل الثقة وسقوط
 كل المفاهيم والقيم امام هول الجرائم فسوريا مثلا  سائرة بخطى حثيثة نحو التقسيم وكلا الطرفين مساهم
 في ذلك. لقد استطاع النظام استغلال  عسكرة  الثورة بالطابع الاسلامي مستثمرا  الغباء السياسي عند بعض
 اطراف المعارضة بترحيبها بالمجاهدين عابري القارات فاذكى بشبيحته و ببراميله المتفجرة  وصواريخه
 ومعتقلاته  نار الحقد  وزنر الطائفة العلوية بخوف الانتقام  مما جعل حتى النخبة المثقفة اسيرة هذا الهاجس
 ولا تلام  ففظائع داعش والنصرة واخواتهما  تبرر هذا الخوف  المشروع وبالتالي لا سبيل الا البحث عن
 البديل و هو العودة الى المخطط الفرنسي ومشروع المرحوم سليمان المرشد الذي اسقطه الانكليز وسيشمل
  باقي المناطق  وملامحه بادية من جبل الدروز حيث محاولات البدو  التحرش بابناء السويداء الى الجزيرة
 وجبل الاكراد حيث  حرب الكرو الفر قائمة ولا مبرر  لخطا الكتائب  المسلحة  الفادح فالطريق الى القصر
 الجمهوري لا يمر من راس العين او تل حميس  وتل ابيض ابدا .
 اما العراق فهو مقسم عمليا  ينقصه الاعلان الرسمي والاعتراف  الاممي. لا داع  لسبروضع كل  دولة
من  دول المنطقة وحربها الاهلية المؤجلة . هذه الحروب القائمة او المؤجلة ربما سيكون بديلها الحرب
الشاملة من افغانستان الى السودان وميادينها مكة المكرمة وقم المقدسة 
ضمير وعبر وسبل
ان المشكلة الاساسية في شرقنا المتوسطي ليست سياسية وانما هي اخلاقية تربوية بالدرجة الاولى انها
ازمة ضمير لعدم تقبلنا الاخر المختلف عنا في الانتماء القومي والديني والمذهبي والفكري  وتتجلى هذه
الازمة اكثر لدى الفئة العروبية الاسلاموية واليوم نعيش الحالة بكل تجلياتها . الم يكن جديرا بالجامعة
العربية والمنظومة الاسلامية التحرك السريع والعاجل لردع (( داعش)) عسكريا عن ممارساتها البدائية
 اللاانسانية  بحق المسيحيين و الازيد يين   ام ان (( انما المؤمنون أخوة ....)) هو المبدءالسائد وركنه
 الاساسي ((انصر اخاك ظالما او مظلوما....))...وكدليل حي نكران عرب موصل وسهل نينوى ومحيط
 سنجار للكلدان السريان الاشوريين  وللاخوة الازيديينعمل عرب المنطقة ادلاء للداعشيين وسارقي البيوت
 العامرة بدل ان يكونوا حماتها !!
ان احداث نينوى وسنجار هي احدى العبر التي يجب على العرب والمسلمين تدارك تداعياتها ومقولة
رمي اسرائيل في البحر وتفخيخ الاجساد والحلم بالافخاذ هي ايضا من العبرالتي نعيش جميعا تداعياتها
ناهيك عن مجازر بحق الاشوريين والاكراد (مجزرة سيميل .  صوريا .  الانفال .  حلبجة والكيماوي)
اما سبل التلافي : عربيا اولا السعي لاقامة السلام الدائم مع اسرائيل  فكل ما تعيشه سوريا  اليوم من مآسي
 وفواجع ان كانت براميل متفجرة ام اجسادا مفخخة نتيجة هذا الصراع فجثم العسكر على صدورنا عقودا
 وعقود  بحجة التحرير اوبحجة الممانعة والصمود اللعين  فلا بد من ايجاد حل للفلسطينيين  بالتوطين وثانيا
  الترجمة الحقيقية الصادقة لمقولة الدين لله  والوطن للجميع  وفصل تلازم  العروبة مع  الدين .اما الثالث
 اعتماد دساتير عصرية  ضامنة لحقوق الاثنيات  والديانات من مكونات هذه الدول كشركاء حقيقيين  في
 المواطنة  والاهم من كل ما سبق هو بناء الانسان المتمدن من خلال اعتماد مناهج  دراسية  متماشية
 وروح العصرفي مفاهيم  المواطنة الصالحة والاخاء الانساني   
كرديا :ان ماورد سابقا على الصعيد العربي قد ينبطق على الحالة الكردية من حيث الاعتماد على مناهج
 دراسية عصرية في حالة الاقليم بوضعه القائم او في حالة الاستقلال التام وكذلك تلافي الاخطاء السابقة
 الموروثة من البعث  للابتعاد عن الممارسات  الشوفينية المجردة من ابسط القيم الانسانية ولتدارك الاخطاء
 العربية يجب اعطاء حقوقا كحكومات ذاتية للكلدان الاشوريين السريان الازيديين  مرتبطة  بالحكومة
 الكردية المركزية  وهذا من مصلحة الاكراد قبل غيرهم  ليثبتوا للعالم المتمدن الداعم لهم حضاريتهم
 وجدارتهم بهذا الدعم . واهم من كل ذلك كي تكون دولتهم في منأى  عن الصراع والحرب  الاسلامية
 الاسلامية المحتملة  فعلى هذه الدولة تبني مفهوم  العلمنة  والتوفيق بين الديمقراطية والتوزيع العادل
 للانتاج لتلافي الخضات الاجتماعية والسياسية للتوسم بالاستقرارلتكون شريكا عالميا موثوقا  به.
آشوريا: سئل يوما رفيقنا (بشير السعدي)حيما كان عضوا في مجلس الشعب  عن رايه بالوحدة العربية
,فكان جوابه نحن مع وحدة هذه الاوطان ,لاننا ايضا مشتتون بين دول متعددة  فالاشوري ابن  سوريا
 بحسرة للقاء ابن عمه اوخاله في العراق مثلا  . نحن الاشوريين جل همنا الامن والسلام المبني على القيم
 الانسانية النبيلة  بدساتير عصرية. معترفة بحقوق الجميع  ((الاكراد والاشوريين والازيديين والامازيغ))
 ..وغيرهم  من الاثنيات والديانات  كشركاء اصليين في هذه الاوطان.كفى اوطاننا دما ودمارا ودموعا   
وغايتنا ان تكون هذه الاوطان بيتا للجميع دعائمه العدل والمساواة وسقفه الحرية .
املاحظة
تناولت المشكلة في اطارها الاقليمي والوطني ,غيرمتناسي لاطارها العالمي والمنحصر في المشكلة البيئية
 من محدودية الموارد والزيادة السكانية وفق متوالية هندسية  مما يتطلب طرحا جريئا وان اعتبربعضها
 مساسا  بالديانات كمسألة  تعدد الزوجات و تحديد النسل   .
 
هوامش
1 *- الميامر:مجموع ((ميمر )) تعني بالسريانية قول اومقال أو سيرة قديس وهي قصيدة تقرأ ولا تنشد وتكون تعليمية قصصية
2* - الزائر:مثلث الرحمات مار اغناطيوس افرام برصوم الاول 
3* - محاولة تنصيب فيصل الاول  ملكا على سوريا والعراق –توحيد سوريا بعد التقسيم الفرنسي –
كل ما ورد في سياق هذه الكتابة راي شخصي مجرد وعذرا من القارئ الكريم على الاخطاء الاملائية
والمطبعية

يوخنا  اوديشو  دبرزانا
شيكاغو 17آب 2014