المحرر موضوع: ماذا تعني التهدئة الدائمة مع الاحتلال؟  (زيارة 384 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل احـمـد مـطـر

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 377
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
ماذا تعني التهدئة الدائمة مع الاحتلال؟
د أحمد أبو مطر

إنّ مناقشة مواقف تنظيمات المقاومة من بعض القضايا المتعلقة بالنضال والتصدي للإحتلال، لا يمكن ولا ينبغي أن تفهم على أنّها انتقاص من قدر المقاومة والمقاومين الذين تصدّوا ببسالة وحنكة نادرة لجيش الإحتلال باعتراف قادة الإحتلال أنفسهم الذين لم يكونوا يتوقعوا هذا الصمود رغم الفارق الكبير بين موازين القوى المائلة عسكريا بشكل هائل لصالح الإحتلال. إنّ هذه المناقشة يشجّع عليها من قبل الكتاب والمثقفين ورود تنويعات متابينة حولها من قادة فصائل المقاومة أنفسهم مما يعني أنّها قضايا تحتمل وجهات نظر مختلفة، أساسا مطروحة في الشارع والمجتمع الفلسطيني خاصة بعد حجم الخسائر البشرية من شهداء وجرحى ومصابين، وخسائر التدمير التي طالت بيوت ومنازل عشرات ألاف من المواطنين وخسائر البنية التحتية التي تقدّر مصادر المقاومة نفسها بأنّها ترقى لما يزيد عن ستة مليارات من الدولارات، هذا التقدير منذ أسابيع والقصف والهجوم الهمجي لقوات الاحتلال ما زال مستمرا حيث تقترب مدة هذا الهجوم الذي يرقى لإبادة جماعية لمدة شهرين متواصلين، رغم عدة محاولات تهدئة مؤقتة لساعات أو أيام قليلة لم تخلو من اختراق الاحتلال لها. من هذه القضايا الخلافية وتحتمل وجهات نظر متعددة:
أولا: التهدئة الدائمة التي طالب بها اسماعيل هنية
هذه التهدئة وردت في خبر كالتالي:
(أكد نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، مساء اليوم الأربعاء الثالث عشر من أغسطس، أن التوصل إلى تهدئة دائمة يتم برفع الحصار عن قطاع غزة، وقال هنية في تصريحات لقناة "الأقصى" الفضائية في غزة إن "تضحيات شعبنا الفلسطيني لا تسمح بالمساومة على الحقوق والمطالب،
وأضاف أن " تهديدات قادة العدو تزيدنا تمسكا بمطالب شعبنا وفي مقدمتها رفع الحصار". وأعرب هنية عن الدعم للوفد الفلسطيني المفاوض في القاهرة للتوصل إلى اتفاق تهدئة دائمة والثقة أنه لا يخضع للابتزاز). ما هي النتيجة ؟ أو ما هو الوضع الذي سيطرأ لو وافقت دولة الاحتلال على الشروط التي يحملها الوفد الفلسطيني المفاوض، وأهمها رفع الحصار عن القطاع وفتح ميناء و مطار وتوسيع منطقة الصيد البحري والإفراج عن الأسرى الفلسطينيين؟. هذا السؤال افتراضي للغاية لأنّ الاحتلال من المستحيل الموافقة على هذه الشروط، وفي حالة الموافقة عليها لن ينتج سوى وضع يعني بقاء الاحتلال كما كان عليه قبل هذا الاجتياح الأخير، وبقاء القطاع مفصولا عن الضفة مما يعني دويلتين شكليتين لحماس في القطاع و لعباس في الضفة على ضوء فشل العديد من الاتفاقيات لإنهاء الانقسام الفلسطيني المستمر من يونيو 2007 مما يثبت أنّ الطرفين لهما مصلحة شخصية وتنظيمية في استمرار الانقسام رغم معاناة الشعب وخسارة القضية منه. هذا من المهم ملاحظة أنّ الشرط الفلسطيني الذي يقول عنه اسماعيل هنية ( وفي مقدمتها رفع الحصار ) ليس تحت قبضة الاحتلال فقط، فالمعبر الرئيسي للقطاع مع العالم الخارجي هو "معبر رفح البري" بين القطاع وجمهورية مصر وبالتالي ففتحه أو إغلاقه يخضع للقرار المصري وليس الاحتلالي، وبالتالي فكيف نربط بين مطلب فلسطيني من الشقيقة جمهورية مصر بمطالب فلسطينية من الاحتلال الإسرائيلي؟
هل تؤدي تهدئة دائمة لعودة وضع ما قبل الانتفاضة الأولى؟
وأيضا لو افترضنا موافقة الاحتلال على شروط اسماعيل هنية للتهدئة الدائمة، ألا يعني ذلك ضمنيا الموافقة على وقف المقاومة المسلحة ضد الاحتلال، وعودة الوضع في القطاع إلى ما كان عليه قبل انطلاق ما عرف ب " الانتفاضة الأولى" عام 1987 ؟. حيث لم يشهد القطاع من الداخل أية عمليات مسلحة ضد الاحتلال منذ عام الهزيمة 1967 ؟. وكان يعمل في داخل دولة الاحتلال يوميا ما لا يقلّ عن مائة وخمسين ألفا من العمال الفلسطينيين القادمين من القطاع والضفة، ونسبة منهم تعمل في بناء المستوطنات الصهيونية التي تأكل وتسيطر على مساحات من أراضي الضفة تحديدا. لذلك فلا لامجال للإنكار أنّ التهدئة الدائمة في حالة الوصول إليها تعني ما سبق. رغم أنّ الفشل المتواصل للمفاوضات غير المباشرة التي تجري في القاهرة منذ حوالي شهر توحي بأنّ الاحتلال يستغلّ هذه المفاوضات للعب على عامل الوقت والاستمرار في قصفه وتدميره الجوي كي يتحاشى الخسائر البشرية التي تكبدها في اجتياحه البري السابق، فلا يمرّ يوم بدون صعود شهداء جدد وتدمير للمنازل والبنايات السكنية.
ثانيا: نعم لإعدام عملاء الاحتلال ولكن ليس بهذه الطريقة
إنّ شخصا يسقط في فخ الاحتلال ليتآمر ضد أبناء شعبه خاصة المقاومين لهذا الاحتلال الصهيوني الهمجي  حقيقة لا يستحقون إلا الإعدام كي يكونوا عبرة لغيرهم، و إلا ما هو العقاب المناسب لعميل قتل بمعلوماته للإحتلال مقاومين ومناضلين ورمّل نساءهم ويتّم أطفالهم؟ ورغم الحالة العالمية المتصاعدة ضد الإعدام، إلا انّه في ظل المواجهة الفلسطينية لإحتلال يعدّم بقصفه الجوي واجتياحه البري ألافا من الشعب الفلسطيني ، لا يستحق من ساعد الاحتلال في جرائمه هذه أن يبقى حيّا يتمتع بحياته في ظلّ عمالته. النقطة الوحيدة بهذا الصدد هي أنّ الطريقة التي يتم بها إعدام هؤلاء الخونة والعملاء كان يفترض أن تكون بشكل آخر داخل السجون مثلا وبعد محاكمات قضائية كاملة المراحل، لأنّ هذا الإعدام العلني أمام المساجد وبعد صلاة الجمعة لا يليق بمجتمعنا ولا بمناضليه ضد الاحتلال. وهذا كان رأي أحد قياديي حماس في مفاوضات القاهرة الذي أيّد الإعدامات رافضا الطريقة التي تمت بها. وبالفعل سوف تستخدم طريقة الإعدامات هذه منظمات دولية استخداما لا يليق بثورة الشعب الفلسطيني وتضحياته ضد الاحتلال، خاصة في الوقت الذي ينتفض العالم أجمع ضد جرائم داعش التي تطال ألافا من المدنيين والصحفيين الأبرياء فقط لمجرد ديانتهم أو رفض دفع فدية مقابل الإفراج عنهم. والمبكي أنّ أول من شبّه القائمين بهذه الإعدامات وحركة حماس كاملة بأنّها تشبه داعش هو رئيس وزراء الاحتلال نتنياهو الذي تتعلم داعش وكل مجرمي العالم من جرائمه. وقد عبّر " أحمد حرب " المفوض العام للهيئة الفلسطينية المستقلة لحقوق الإنسان " عن هذه الطريقة في الإعدامات بمهنية و وطنية عالية عندما طالب كافة فصائل المقاومة الفلسطينية إلى " وقف كل أشكال الإعدامات وإخضاع العملاء للقوانين السارية، رغم الإدراك الكامل بخطورة العملاء وأعمالهم، من أجل الحفاظ على صورة المقاومة المشرّفة والأخلاقية."
ومن الطبيعي أن تثار مثل هذه النقاشات طالما هدفها دعم صمود المقاومة الفلسطينية و وضوح برامجها السياسية وعدم الإساءة لصورتها بعد هذا التضامن العالمي الواسع معها.
www.drabumatar.com