المحرر موضوع: لماذا كل هذا الضجيج، فجميعنا أولا نتحمل المسؤولية !  (زيارة 1392 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل آشور بيت شليمون

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 842
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني


لماذا كل هذا الضجيج، فجميعنا أولا  نتحمل المسؤولية !

آشور بيث شليمون

إن ما يجري في شرقنا اليوم من مآس وأهوال، ليس بجديد، بل الفاتورة الغالية من دمنا دفعت من قبل أجدادنا منذ عصور موغلة في القدم أي منذ أيام الرومان عندما كانوا وثنيين ( قبل تنصرهم في عهد قسطنطين  312م ) الذي أطلق الحرية للمسيحيين ومرورا بالشعوب الإيرانية الوثنية والغزو العربي والإسلامي منذ 1400 سنة خلت والى هذه اللحظة .

إن كل المآسي والويلات التي جرت على شعوبنا مجموعة ليست بمستوى الذي  حصل على أيدي العرب المجرمين الغزاة منذ أن وطأت اقدامهم أرضنا الطيبة وذلك في أوائل القرن السابع وما بعده . ونحن لا ننكر قسوة الرومان والفرس، ولكن كل ذلك كان ينصب حول العقيدة الإيمانية ولم تلمس الحياة الإجتماعية واللغوية لشعبنا، بينما العرب الغزاة عملوا في كل المجالات .
إن كاتب بريطاني يدعى دبليو مونتوغمري واط * كتب عن الإسلام وهنا نقتطف منه النص التالي:

" في الوقت الذي فيه كان  النساطرة يتوسعون شرقا بعد الإحتلال العربي . ربما بعدئذ النجاح العربي الإحتلالي  لم يكن نتيجة نوعية توسع  الإرساليات الإسلامية  الدينية . كعرب مؤمنين بأنفسهم وكما هو واضح أعلاه، التوسع هذا كان عسكريا وسياسيا ولم يكن دينيا، بل الهدف منه ايجاد أمبراطورية عربية مزدوجة  بالثقة بالنفس والتأكيد الذاتي العربي، كل هذا أعطى الدفع القوي الى ايجاد وحدة ثقافية .... ولكي تكون مسلما على المرء أن يكون عربيا على الأقل بطريقة الموالاة، بالإضافة الى ذلك عليه أن يتعلم أن يتعلم اللغة العربية .."

كان أجدادنا الناطقين باللغة السريانية يتشبثون بلغتهم ضد اللغات الأخرى من يونانية وفارسية، ولكن من المؤسف بعد الإجتياح العربي الإسلامي لم تمض عليه إلا قرون عديدة حتى أصبحت اللغة العربية اللغة المستخدمة لجميع المسيحيين تقريبا ما عدا بعد بعض الجيوب هنا وهناك وخاصة شمال بيث نهرين بلاد آشور حيث  ظلت اللغة قوية واقفة بعناد ضد التعريب إلاَ في القرون المتأخرة حيث أخذت طريقها حتى في كنائسنا الأرثوذكسية والكنيسة  الكاثوليكية الكلدانية السريانية المنشقين من النساطرة وااليعاقبة بشكل أوسع. والطامة الكبرى أن بعض الكنائس وعلى سبيل المثال التي تسمى بالروم الأرثوذكس والكاثوليك كانوا في سباق ماراثون نحو التعريب والإفتخار بها حيث كما نعلم أن كل أولئك المثقفين منهم كان وراء بعث وإحياء اللغة العربية وآدابها التي كانت على شفير الإنقراض على حساب إهمال لغتهم وذاتهم الإصلية .

إن الطامة الكبرى، رغم كل ذلك الى هذه اللحظة لم نأخذ العبر من التاريخ، بل والغاية في نفس يعقوب ما زلنا  غائصون في مستنقع آسن إلى آذاننا من الطائفية البغيضة التي كانت مصدر وسبب ضعفنا وإنحلالنا الفكري وربما الأخلاقي وأكبر مثل على ذلك للبعض من شعبنا الحاقد اليوم  يصف الأمة الآشورية بأوسخ وأحط صفة على الوجود ب – الدواعش –  يا للعار والشنار!

تاريخيا، رغم ما كان الأجانب يلحقون بنا من أذى، كان بوسعنا مجابهته وصده بكل سهولة لو فينا النخوة الكافية للقيام بها كباقي شعوب العالم التي جابهت المعتدين.
ولكن شعبنا عجز بل أخفق على فعل ذلك كون العدو الخارجي لم يكن حتى في العهود العربية الإسلامية بمستوى ما كان يجري بيننا من أحقاد وضغائن ومؤامرات وخيانات رغم مسيحيتنا التي تدعو الى المحبة والغفران للآخرين! 

والآن لنعود الى الكاتب البريطاني واط مرة أخرى الذي بدوره استغرب جدا كيف استطاع العرب ان يرضخوا شعوبنا بقبولهم لا الدين الإسلامي، بل القومية العربية ولنقرأ ما قاله في هذا الخصوص:

" وأخيرا قد يسأل المرء، لماذا نجح العرب المسلمون بينما الناطقون بالسريانية فشلوا؟ هناك نقطة أساسية والتي مردها أن المسيحيين – اللاإغريقيين – كانوا منقسمين بين بعضهم وبقرون طويلة قبل الإحتلال العربي . الأقباط، اليعاقبة، النساطرة والأرمن الذين كان بوسعهم أن يولدوا ثقافة جديدة ، ولكن هذا الشيء لم يحدث لأن الحركة ضد الثقافة والسيطرة الإغريقية كانت بمفهوم صياني .. "

هذا ما جعل المؤرخ البريطاني أرنولد جي توينبي ** بالقول والنص معرب من قبل المؤرخ اللبناني فيليب حتى ( تاريخ سوريا ولبنان وفلسطين ) الجزء الثاني والصفحة  139:

" وإذا اجتاح الإسلام هذه الأصقاء عصف بها حتى لم يبق منها الى اليوم إلاّ صور متحجرة لمجتمع سرياني منقرض."

من المؤسف ما أشبه اليوم بالبارحة، حيث نفس السيناريو يعاد من جديد، والانكى من ذلك دخلت المفاهيم القومية جنبا الى جنب المفاهيم المذهبية لدى البعض الذين كما قلنا كانوا عروبيين حتى النخاع في بعث قوميات وليتها في وطنها المعروف، ولكن في وطن لا يمت الى تلك القوميات بصلة على الإطلاق وهي المأساة لا مثيل لها تاريخيا مع الأسف الشديد.

واليوم نفس السيناريو يعاد من قبل العروبيين المسلمين  كالمعتاد في أرضنا المقدسة من قتل وتنكيل وتخريب وتدمير والمضحك المبكي في الأمر ونحن  ما زلنا غائصين في نفس المستنقع الطائفي البغيض وواقفين مكتوفي الأيدي وفاغري الفاه كي نسأل الآخرين الحماية يا للعار والشنار!
............

  *دبليو موتغوميري واط ، عظيم كان الإسلام/ W. Montgomery Watt- The Majesty that was Islam من مقدمة الكتاب وآخره .
** فيليب حتى ، تاريخ سوريا، لبنان وفلسطين والنص معرب من المؤرخ البريطانيArnold J. Toynbee , A study of History – Vol v, page 127