المحرر موضوع: كيف لي ان أهنأ وبنو قومي يتعذبون  (زيارة 1410 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل شمعون كوسا

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 200
    • مشاهدة الملف الشخصي
كيف لي ان أهنأ وبنو قومي يتعذبون
شمعون كوسا

كان نهوضي اليوم على انغام فيروز ، اغنية قديمة جدا انطربت لها بصورة خاصة ، أعجبتني كلماتها الخفيفة ولحنها الهادئ . فتحت الشباك لكي اشارك أنظاري بما تشنفت به آذاني ،  فاخذني الغناء بعيدا في سماء الخريف النقية ، كنت اطير بعيدا مع كل نغمة لا تتوقف الا عند استنفاذ آخر ذبذباتها ، بقيت معلقا هكذا في لحظات سعادة أراحت نفسي كاملا .
لم اشعر بالوقت الذي امضيته في حالة النعيم هذا وانا شارد الذهن  ، إلى ان أحسست بيد توقضني وتقول : ما بالك وكأنك لست في هذا العالم ، هل نسيت ما يحدث حولك هذه الايام ، هل اصبحت غريبا عن الكارثة ؟ فتحت عينيّ كالمسفيق من نوم عميق او القادم من عالم آخر ، وعندما هبطت بافكاري على الارض ، أخفيتُ وجهي خجلا كرجل ارتكب خطيئة أوضُبط بالجرم المشهود . لكي اقطع دابرَ هذا الشعور ، خرجت من البيت بعيدا عن عالم الالحان والسماء الزرقاء ، برغبة عارمة في الإطلال على تطورات حال المنكوبين من شعبنا .
لم اقطع مسافة خمسة امتار عندما وقعتُ على خيمة منصوبة بالقرب من الدار ، إلتفتُّ حولي  فوجدت خيما اخرى منتشرة في كل الاتجاهات وكأنها ارض أنبتت الكثير من الفطر .  كان كل شبر على الارض قد تطوع في إسعاف اللاجئين . اعتقدتُ واهما بان الخيم تكون قد ساهمت بالتخفيف عن كاهل الشوارع والارصفة والحدائق ، ولكني عندما تقدمت أكثر رأيت الجمع الغفير نفسه وباعداده السابقة ، فالكنائس والمدارس والاماكن الاخرى كانت مكتضة بشاغليها .
توقفتُ عند خيمة مفتوحة فرأيت  طفلا يبكي ويصرخ باعلى صوته ، استفسرت عنه   وعلمت من والدته بانه لم يحصل على حليبه منذ يومين . تحولت الى خيمة اخرى ، فابصرت رجلا عجوزا يجرّ انفاسه بصعوبة بالغة وعندما رآني ، هرع اليّ طالبا مني أن اوفر له علاجه . وعند دنوي من احدى الحدائق رأيت امرأة عجور تبكي ، نظرتُ اليها وقبل ان اوجه اليها سؤالي ، هزت برأسها وقالت : ألاتعرف لماذا ابكي ، هل انت غريب عما يجري هنا ؟ هل هناك مأساة اعظم مما نعيشه هذه الايام ؟ هل تجد نهاية للنفق الذي دخلنا فيه أو مخرجا حتى وإن كان بحجم خرم الابرة ؟ ودخلتُ احدى المدارس لاصادف رجلا في الاربعين اصيب بانهيار عصبي شلّ لسانه ، فهمت من زوجته بانه تعرض لصدمة كبيرة جرّاء اختفاء اولاده. وفي الشارع الآخر ابصرت شلة شباب واجمين وقد خيّم عليهم الصمت العميق ،  وجّهت لهم التحية ولكني لم ألقَ جوابا .
تجولت من موقع الى موقع لمدة ساعة كاملة ثم عدت الى البيت ، وبدأت احاسب نفسي وقلت : ان كل واحد من هؤلاء يمتلك عقلا مثلي وله شعور عميق ويحمل آمال وأماني ، غير ان القدر الظالم حطّم كل آمالهم وافقدهم حتى رغبة الاحساس بالسعادة .
لقد افقدهم الاشرار ، أعداء البشرية ،عقولهم وأنسوهم انسانيتهم . وضعوهم في حالة مستديمة من همّ يتجدد في كل لحظة ، فهم لا ينتهون من هاجس ، حتى يتناوب عليهم الخوف ثم القلق ثم الرعب .  كل دقيقة لهم هي بمثابة جلجلة جديدة . انهم يفتقرون الى أبسط اسباب العيش بعد ان كانوا يملكون كل شئ ، أليسوا هُم الذين آوَوا قبل سنة او سنتين نازحين لجأوا اليهم ؟ كانوا في قراهم منذ اقدم العصور وارغموا الان على المغادرة .   كل يوم يجب عليهم التفكير في توفير ثلاث وجبات من الطعام . يبحثون عن ملبس يقيهم شر البرد ، لانهم تركوا منازلهم بما كانوا يرتدونه فقط . والبعض منهم عليهم توفير ايجار قد لايملكونه ، فيجدون نفسهم امام اشخاص عديمي الاحساس.
أليست هذه اعظم كارثة يتعرض لها شعبنا منذ تأريخ وجوده ؟ لقد قامت حروب فاحرقت الاخضر واليابس ، وحدثت مجاعات واندلعت نيران وقامت اعاصير وحصدت الكثير ، ولكن الآن يدخل السيف دون مناسبة الى البيوت دون ان يكون ضمن حرب او محمّلا على إعصار او مكلفا بصاعقة أوعناصر طبيعية اخرى .
وضعتُ نفسي موضع كل شخص قادته الظروف الظالمة الى التشرد في هذا المكان ، وقلت : لا بد ان كل رب اسرة منشغل بهاجس مرير وبسؤال ملحّ لا يجد له جوابا جذريا :   كيف سيواجه المستقبل الواقف على الابواب ، فالشتاء ينتظر ولا يقبل اي تأخير ،  والوالد العجوز يحتاج الى الكثير من الدفء ، والوالدة التي تعاني من مرض مزمن لا يجب ان ينقطع عنها العلاج ، والطفل ، والزوجة ، والولد ،والبنت ، والحالات المماثلة الاخرى تربو على عشرات الالوف .
كثرت الاجتماعات وتوالت الزيارات الرسمية وتضاعفت التصريحات والوعود ، هل سيفي المانحون بوعودهم ، وهل سيأخذ كل ذي حقّ حقه ام سيسيطر العنصرالبشري وانانيته على المكلفين بهذه الخدمة لكي ينتهوا بمقابلة المحتاح والاكتفاء بالقول له : (الله يعطيك).
سمعت الكثير هذه الايام ممّا هوصحيح او مبالغ به أو خاطئ عن القائمين على الخدمة والتوزيع وبينهم رجال الدين . سمعت بان بعضهم يمتعض من ردود فعل بعض النازحين ويقوم بتأنيبهم . لست بصدد اسداء النصيحة لاحد لاسيما لرجال الدين ، ولكني اقول بانّ كل شخص مكلف بخدمة في هذا النطاق ، يجب عليه ان يضع المسيح أمامه ويراه في وجه كل وافد محتاج ، ويتذكر كلامه عندما قال  : اذا اطعمتم او كسوتم او أسقيتم أو آويتم أو زرتم احد هؤلاء الصغار  فانكم تكونون قد فعلتم ذلك لي .
 يجب ان ينتهز رجل الدين بالذات هذه المناسبة بفرح ويقوم بالخدمة بصدر رحب ووجه مبتسم . من المخجل ان يُحاسب هؤلاء المساكين ، بل ان من يحاسبهم يرتكب خطيئة لان قلوبهم محروقة ومن الطبيعي ان تصدر عن بعضهم حركات غريبة . هذا امر عادي جدا ، وكل من رغب في فهمه عليه ان يضع  نفسه في محلهم  . ان هؤلاء المحتاجين حاليا هم (اعزاء قوم قد ذلّوا) . ولاجله اقول ، حتى الاهانة التي قد تصدر احيانا من بعضهم ، يجب ان تُقابل بابتسامة . القائم على هذه الخدمة يزداد اعتبارا بقبولها ، أما رجل الدين فهو يكسب فيها أجرا مضاعفا ، لان الكثير من القديسن كانوا يبحثون عن هذه المناسبات ليزدادوا قداسة ، ورجل الدين يجب ان يبحث عن القداسة .
اما عن ضعاف النفوس الذين اتخذوا الجشع شعارا في حياتهم ويرون في مصيبة اخوتنا فرصة للانتفاع والاستفادة أقول : كان يجب ان يندى جبينكم خجلا، لان الفائض الذي تقبضونه من هؤلاء هو مال حرام سوف لن يجلب لكم سوى الويل ، وقد ينقلب احد هذه الايام نارا في ايديكم . 
انا لم اذكر الا غيضا من فيض لان المأساة هنا لها في كل دقيقة قصة ، لذا اقول لنفسي : كيف لي والحالة هذه ان اسعد واهلي يبكون ؟!!


غير متصل خالد توما

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1710
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
الأستاذالفاضل والصديق العزيز شمعون الجزيل الأحترام
أخي أن ما كتبته يزيد هم من همومنا ويفتح جرح آخر والجروح غير ملتئمه وأنت تقول أنا ما كتبته هو غيض من فيض  ؟؟؟
أستاذي ... أنها مآسات جلبها لنا الدول المحتله للعراق والمسؤولين عن الدوله العراقيه منذ 2003 ؟ أنها سياسة الأقصاء والقلع من الجذور لشعب أصيل آمن لا حول له ولا قوه ؟
أخي سؤالي أسئله لكل عاقل ومتابع لهذه الأوضاع المؤلمه التي لا يقبلها كل أنسان ذو ضميير حي التي تعصف في منطقه واحده من العراق ؟؟؟
كيف لا تتمكن أميركا ودول العالم العربيه والأجنبيه التي تحالفت معها في 2003 وأحتلت العراق خلال ساعات علما كان العراق سادس دوله بالعالم من ناحيه الأمكانيات العسكريه ومليون مقاتل ؟؟ لا تستطيع القضاء على الدواعش المجرمين التي عدددهم لا يزيد عن أربعين ألف مقاتل حسب الأحصئيات الرسميه ؟؟؟ أرجو الجواب من الأخوه القراء ..
صديقي العزيز ... نعم (اعزاء قوم قد ذلّوا) من قبل المجرمين الخونه الأرذال ؟؟
نتضرع جميعنا للرب يسوع المسيح أن يخلص هؤلاء المساكين من هذه المحنه ويرجعهم الى ديارهم سالمين ...
وأقول لكل من كان سبب مآسات هؤلاء الناس ...
( أن كان لك قدره على ظلم الناس .. تذكر قدرة الله عليك )
ولك يا أخي أتمنى لك الصحه والعمر المديد لتكتب لنا المزيد وتعري كل ظالم..
 تقبل تحياتي
خالد توما