كتاب كلدايا احرقوا ادمغة الكثيرين ونشرو ما يقارب مئات من جيجا بايت من مقالات حول دفاعهم عن الارث وبالاخص الارث الكنسي للاجداد. ولكن لا احد منهم شرح ماذا يعني ويقصد بالارث؟ اي ارث يريدون الدفاع عنه؟ وكيف يبدو هكذا دفاع؟
وبما انهم لم يشرحوا اي شئ ويرفضون ان يقدموا اي شرح وبما انهم ايضا لا يعرفون عن ما يكتبونه فانني ساشرح للقراء بنفسي:
تحولات في المفاهيم عندهم
بين كنائسنا الحالية وتاريخها كلها وامتدادها التاريخي في كنيسة اجدادنا ليس هناك اي ذكر لمصطلح اسمه "حقوق". كلمة "الحقوق" لم ترد في كل كتابات ورسائل الاجداد. مصطلح "الحقوق" تاريخيا اول ذكر له كان من قبل القديس بولس كروماني.
كنائسنا في تاريخها استعملت مصطلح "الواجبات".
وهذا كان ايضا الفرق الجوهري حول كيفية فهم الفرد لتعامله مع الاخر.
في الغرب حاليا يتم التعامل مع مصطلح "الحقوق" بينما عند اجدادنا كان الفرد المسيحي يتعامل مع مصطلح "الواجبات".
مصطلح "الحقوق" يحتاج الى اعتراف الشخص نفسه بحقوق الاخر بشرط ان يعترف الاخر بحقوقه, اي يحتاج الى عقد. ولهذا استمر الوصول الى حقوق الانسان في توفير التعايش السلمي فترة طويلة, ومن هنا جاءت الحاجة ايضا الى نظريات متعددة ونشر وعي استمر طويلا ...
اما بالنسبة للفرد المسيحي في كنائس اجدادنا في تلك الفترة فان التعايش السلمي مع الاخر كان يعتبره
واجب عليه. اي انه كان ينطلق من نفسه , وهذا بدا كمبادرة ذاتية منه في هذا الامر. وهذا ما سارع في تحقيق التعايش السلمي في تلك الفترة. والتعايش السلمي في تلك الفترة كان عبارة عن واجب على كل شخص مسيحي وكما ذكرت لم يحتاجوا الى اية نظريات تنظم قوانين لحقوق الانسان. ولهذا لم يحتاجوا الى فترة طويلة لتحقيق التعايش السلمي بين الافراد. فكان هناك تعايش سلمي بين مختلف الاديان كالصابئة واليهود والمسيحين وغيرهم... بمعنى ان الايمان بالتعايش السلمي كان واجب وليست حقوق تجري عليها الالاف من المناظرات.
الكهنة في الكنائس الغربية يستعملون جمل يمكن ملاحظتها وهي تقول مثلا "حقوق الكاهن..." وفي جمل اخرى "حقوق الكنيسة عليه"... اي هي عبارة عن علاقة حقوق مع بعضها البعض . وهذا ناتج من التاثر بالتاريخ وكيف سار...
اما الافكار حول الواجبات استمرت داخل الكنائس عندنا وهي موجودة لحد الان.
غبطة البطريرك مثلا عندما يتحدث عن الكهنة والرهبان يقول "من واجبات الكاهن والرهبان..." مثل "الواجب في البقاء مع الرعية وعدم تركهم..."
اما هم فبسبب تحولات في المفاهيم عندهم وتخليهم عن الارث يتحدثون عن حقوق الكاهن والراهب في الرفض واختيار طريق اخر.
هذه الفروقات الجوهرية بين ارث الكنيسة عندنا وبين المفاهيم في الكنائس الغربية اصبحت تولد نقاش غير مفهموم.
والمثير ايضا ان هناك من يكتب مقالات ويسخر من هذا الارث بسخريته من الواجبات.
المفترض ان يقولوا بانهم لا يعترفون بهذا الارث بدلا من ان يحملوا مفاهيم اخرى ويسخروا من الارث ومن ثم يدعون المحافظة عليه.
انا هنا سيهمني راي القراء وليس رايهم. لان ادعاء الدفاع عن شئ لا يقومون به بل يحاربونه هو شئ غير معقول.