المحرر موضوع: مشاكسة للـه يا محسـنين  (زيارة 987 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل مال الله فرج

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 558
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
مشاكسة للـه يا محسـنين
« في: 14:03 06/11/2014 »
 

مشاكســـــة
للــــــه يا محســـنين
مال اللـــــه فــــرج
Malalah_ faraj@yahoo.com
 

هل بامكاننا ان نتصور، قوة الصدمة وعنف الاعصار الغاضب الذي يمكن ان يهز بقوة شعوب اقوى الدول الاقتصادية كالولايات المتحدة، على سبيل المثال، او اليابان او المانيا او الصين اوسويسرا، لو اقدمت احداهن على التسول من دولة افريقية واستجداء بائس لعدة ملايين من الدولارات لدعم مشروع انساني، او لاغاثة المشردين في واشنطن، او لتوفير ملاجئ وخيام واكواخ لاطفال الشوارع في مشيكان، او للمتسولين الذين يسكنون تحت الجسور في نيويورك؟ وكيف يمكن أن يكون رد الفعل على تلك الخطوة ( الاســتجدائية ) عبر مختلف الاصعدة الشعبية والسياسية والبرلمانية والاعلامية في ان معا ؟ وكم عدد الكراسي التي ستهتز؟ والرؤوس التي ستسقط؟ وعنف الانقلابات التي ربما كانت ستطيح برموز الدولة وخططها وستراتيجياتها وبرامجها وربما كانت في خضم اعصار غضبها ستقلب منضدة المكتب الرئاسي في البيت الابيض رأسا على عقب لفداحة مثل تلك الاهانة ووضاعتها وتأثيراتها النفسية ومساسها المباشر بالكرامة الامريكية.
بمثل هذه الصدمة اهتزت مشاعري بعنف وانظاري تلاحق تفاصيل خبر يؤكد بان كوريا الجنوبية قد بلغت حدا من التأثر النفسي والعاطفي والوجداني، وربما سكب الملايين من مواطنيها الدمع المريرعلى اوضاع شعبنا البائسة التي امست لا تسر عدو ولا صديق، معلنة عن تقديمها إعانة إنسانية الى العراق بقيمة (1.2 ) مليون دولار، اجل، مليون واحد ومائتا الف دولار، وليس مليارا ومائتي مليونا كما قد يخيل للبعض، وذلك عبر منظمات دولية لاغاثة سكان المناطق التي باتت تعاني من أزمة إنسانية مأساوية بعد تهجيرها القسري اثر تعرضها لهجمات تنظيم داعش الارهابي، في وقت فشلت فيه هذه المأساة العنيفة في هز شعرة واحدة من (انسانية بعض مسؤولينا ووطنيتهم ) فغرقوا في المناقشات البيزنطية العقيمة والملايين من المهجرين يغرقون في جراحاتهم، وغرقوا بضجيج الوعود الخيالية التي لم تلامس ارض الواقع، واولئك المشردون في وطنهم يغرقون في احزانهم، وغرقوا في الفساد الذي طال منحة المليون المتواضعة وصفقات الخيم والكرفانات المخصصة للنازحين ، والمهجرون يغرقون في دموعهم وجوعهم وموت اطفالهم وبمياه الامطار والاطيان التي جرفت خيامهم وعمقت معاناتهم، لتتحول مأساة النازحين الى تجارة ومصدر ارباح جديدة للفاسدين المحترفين الذين تاجروا دائما بمأسينا .
 ولعل من العجيب والغريب، والمثير والمرير، ان تأتي (صدقــــة) المليون دولار هذه التي لم يخجل البعض من (تســــولها) من كوريا، في وقت تمثل فيه بلادنا واحدة من اغنى الدول النفطية ليس في المنطقة حسب وانما في العالم اجمع، خصوصا وانها تمتلك ثاني اكبر الاحتياطيات النفطية عالميا بعد المملكة العربية السعودية، وسبق ان طبل بعض المسؤولين فيها وزمروا وملأوا اجهزة الاعلام صراخا وضجيجا حول ما اطلقوا عليه في حينه (واحدة من اضخم الميزانيات في تاريخ العراق)، لعام 2014 اذ كانت تبلغ حسب تصريح وزارة المالية (مئة وخمسة واربعين مليارا وخمسمائة مليون دولار)، والتي صرفت بدون ان تحظى بالموافقة البرلمانية عليها في مجالات ربما كان بعضها غامضا، فضلا عن ضياع معظمها بين انياب الفساد، بيد ان الاهم من ذلك كله ظهور عجز في واحدة من اضخم الميزانيات الهجينة التي لا تزال تبحث عن الاعتراف بنسبها.
ولمجرد المقارنة بين ميزانيتنا الضخمة التي لا تزال تبحث عن الاعتراف الشرعي بها وميزانيات دول المنطقة فان لغة الارقام تؤكد ان ميزانيتنا التي بلغت (145) مليار دولار وفشلت في توفير الحد الادنى من الخدمات والامن ومفردات البطاقة التموينية تفوقت على الميزانيات السنوية لست دول مجتمعة في المنطقة وهي (الاردن وسوريا واليمن والمغرب والبحرين والامارات) حيث بلغت ميزانيات هذه الدول مجتمعة مايقارب (120) مليار دولار، وعلى الرغم من الفارق الكبير بين الخدمات التي تقدمها هذه الدول لشعوبها وبين انعدام الخدمات لدينا لاسيما وان احدى المنظمات الدولية صنفت عاصمتنا من بين اسوأ العواصم في مجال النظافة والخدمات، الا ان هذه الدول ترفعت عن (تســـول) مثل هذا المبلغ البسيط الذي يشكل في بعض جوانبه (اهانــــة ) لواحدة من اغنى الدول النفطية .
من جانب آخر ادعت تقارير صحفية وهي ترمي بصنارتها في بحر الفساد الذي اصبح وبلا منازع احد ابرز ( معالمنــــا الحضاريــــة) أن مئات المليارات من الدولارات التي بات يمتلكها بعض السياسيين والبرلمانيين بفضل نضالهم (الملحمــــي) في مهماتهم النضالية الوطنية لبناء (العراق الجديد)، حتى أن ثروة احدهم بلغت (24) مليار دولار، وان عددا من اعضاء تحالف سياسي يمتلكون اكثر من (150) مليار، وان قرابة 60% من المسؤولين السابقين لم يلتزموا بتطبيق قانون كشف الذمم المالية .
الى ذلك، اشارت مصادر امريكية الى مسرحية العثور على مبلغ مليار ومائتي مليون دولار يخص العراق كان مخبأ في لبنان، يعتقد بانه عمولة قبضها بعضهم عن صفقات فسادية، مما يطرح سؤالا مهما، ترى كم حجم اموال صفقات الفساد الاخرى التي لم تكتشف لحد الآن ؟
اخيرا، من المخجل، بل المعيب جدا ان يمتلك العراق كل هذه الثروات الطائلة وهو يطفو على بحيرة خرافية من النفط ثم ينتظر ان (تمـــن) او (تعطــــف) عليه دولة ما بمساعدة انسانية بمثل هذا المبلغ التافه، وكأنه يمد يده خجلا كأي شحاذ متوسلا ببقية الدول (لله يا محسنين)!!.