المحرر موضوع: ميدل ايست أونلاين: المسيحية في العراق... أقدم الأقوام  (زيارة 1916 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل عنكاوا دوت كوم

  • مشرف
  • عضو مميز متقدم
  • ***
  • مشاركة: 37773
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
المسيحية في العراق... أقدم الأقوام

 
عنكاوا كوم / ميدل ايست أونلاين
أغلب المسيحيون سكان بابل وآشور، ومنذ القرن الميلادي الأول بدأت المسيحية بالانتشار، وعلى من هذا القِدم والحق في هذه البلاد ها هم يهجرون ويسبون.

خلاصة من بحث رشيد الخيُّون 'المسيحية عشرون قرناً من تاريخ العراق'، ضمن الكتاب 91 (يوليو 2014) 'المسيحيون في الشرق' الصادر عن مركز المسبار للدراسات والبحوث- دبي.


التاريخ لا يرحم

ارتبطت المسيحية قديما بمختلف أَقوام العِراق، وامتدت مِن أبرشية فرات ميسان (البصرة) إلى الصِّين، والهند، وسوقطرة في عرض المحيط الهندي بين الصُّومال وعدن، وإلى قطر، وكانت تعرف "ببيث قطرايي"، والبحرين والإمارات حيث جزيرة "صير بني ياس" التي وقفنا على آثار أساسات بناء كنيسة، تلك الجزيرة الواقعة غربي أبو ظبي وسط مياه الخليج.

كنت قد زرت كنيسة مار توما، أو مار توماس، بأبو ظبي (أغسطس "آب" 2011)، وتحدثت مع راعيها الأب جوهن فيليب أتارايل، وأشار إلى وصول المبشر مار توما إلى كيرالا الهندية، وهناك كنيسة باسمه، وأن مسيحيي كيرالا الهندية على المذهب الشَّرقي أي النِّسطوري، إن لم يقلها فقد فهمتها مِن وجود زوجة له وأطفال كانوا في استقبالنا في سكنه الملحق بالكنيسة.

يُقال إن مار توما قد قُتل بالهند، ودفن لفترة مِن الزمن ثم نُقلت رفاته إلى مدينة الرَّها، بعد أن قامت فيها مملكة مسيحية. بينما يعتقد الأب ميخائيل الجميل أن المبشر الأول بالعراق هو آدي السليح العبراني، أحد حواريي المسيح السَّبعين، الذي أرسله توما، أحد التَّلامذة الاثني عشر، إلى الشَّرق. ثم تبعه تلميذه ماري بعد صلب السَّيد المسيح بثلاثين سنة. لكنَّ آخرين ذكروا أن مار آدي كان مساعدا له في التَّبشير. كذلك حاولت العثور على مكان الكنيسة التي قيل لي إن آثارها قد كُشفت بدائرة الدوحة، لكن لم يهدني إليها أحد، وعدت لضيق الوقت (ديسمبر "كانون الأول" 2012).

لم يشارك المسيحية في وجودها آنذاك بجنوبي العراق سوى المندائية والمجوسية، والأخيرة كانت ديانة الدَّولة السَّاسانية الرَّسمية. عشرون قرناً هو عمر المسيحية ببلاد ما بين النَّهرين، والآن دخلت القرن الواحد والعشرين، واجه خلالها أهل هذا الدِّين العسر، وتهنوا باليسر تبعاً للظَّرف السِّياسي، وحسب طبيعة شخصية الحاكم الفارسي المجوسي أو العربي المسلم وما بعدهما من مغولي وعثماني.

هناك روايات وآراء عديدة حول كيفية دخول المسيحية إلى العراق، منها: "أن أول جماعة نصرانية قامت في بلادنا، وفي مملكة حدياب بالذات كانت تتألف مِن اليهود، وسرعان ما انضم إليهم بقية الأقوام والأجناس الوثنية وازداد عددهم". وهناك مَن اعتبر مار توما الرَّسول هو أول مبشري المسيحية بالعراق. كان تبشير توما "بشرق بلاد الفرثيين لدى اجتيازه لها في طريقه إلى الهند، حيث قضى شهيدا. وكانت أربيل آنذاك العاصمة الثانية للفرثيين، وتقع على طريق الهند أيضا".

بعد أربيل، تحدثت المصادر حول وصول المسيحية إلى مناطق العراق الأُخر: دخلت الموصل بواسطة "ما لا يقل عن ثلاثة مِن الرُّسل الاثني عشر، وهم: بطرس وتوما وبرتلماوس، يصحبهم أربعة مِن التَّلاميذ السَّبعين، وهم: آدي وماري وبنيامين وسمعان".

بينما تأخر دخولها جنوبي العراق إلى عهد الملك السَّاساني شابور الأول (ت 272م). انتشرت هناك عن طريق سبايا الرُّومان "الذين أتى بهم مِن المنطقة الرُّومانية في حروبه الكثيرة وغزواته الموفقة. فقد غزا أنطاكية مرتين، وأجلى العديد مِن سكانها إلى البلاد البابلية، وإلى سائر المناطق الفارسية. وكان مِن بين السَّبايا ديمترياس مطران إنطاكية نفسه"، الذي نفي إلى الأهواز السنة 257م.

أشارت رواية أخرى إلى أن تأسيس كنيسة المدائن يعود إلى القرن الأول والثاني الميلاديين، أي في الأعوام (79 - 116م). غير أن هناك مَن أشار إلى التَّبشير المبكر بجنوب العراق، متزامنا مع شماله بحدياب. قال الأب اليسوعي: "إن الكتب الطَّقسية النِّسطورية وأعمال المجامع أشارت إلى دعوة آدي بين العرب في بلاد ميشان (ميسان) وسواد العراق وسكان الخيام".

كم أحد دامٍ

يفهم مما تقدم، أن مأساة المسيحيين في مقدمتهم حصلت بفعل السُّلطة، بأيدي ملك أو خليفة أو أمير أو آغا. وربما لا تجد إلا القليل وغير المحسوس مما يصدر من عامة النَّاس، من دون محرك أو دافع سياسي. وبعد هذا التاريخ العربق فوجئنا بسلسة من الانفجارات التي طالت خمس كنائس عراقية ببغداد والموصل. كان حصيلة ضحاياها عشرة قتلى وعشرات مِن الجرحى. حدث ذلك في صبيحة يوم الأحد الأول من أغسطس (آب) 2004، وهو يوم دامٍ في حياة المسيحيين العراقيين.
 
 الإيذاء ليس من سجاياهم 
   
وجهت أصابع الاتهام إلى الجماعات الدينية المتشددة، التي تعمل تحت إمرة الأردني أبي مصعب الزرقاوي، الذي قيل إنه وصل العراق في العهد السابق للعلاج بمستشفيات بغداد، كنوع من التعاطف بين نظام البعث وتنظيم القاعدة. وفي غضون ذلك أعلنت جماعة إرهابية مسؤوليتها عن تفجيرات الكنائس، تدعى "هيئة التخطيط والمتابعة في العراق"، في بيان بُث من موقع إلكتروني إسلامي. جاء فيه: "قام إخوانكم المجاهدون بتفجير أربع سيارات مفخخة في بغداد استهدفت الكنائس الواقعة في الكرادة وبغداد الجديدة والدورة، بينما تولت مجموعة أخرى من المجاهدين ضرب الكنائس في مدينة الموصل".

جاء في فتوى تنديد مرجعية النجف ما نصه: "بسم الله الرحمن الرحيم.. في مسلسل الأعمال الإجرامية التي يشهدها العراق العزيز، وتستهدف وحدته واستقراره واستقلاله، تعرض عدد من الكنائس المسيحية في بغداد والموصل إلى اعتداءات آثمة، أسفرت عن سقوط عشرات الضحايا الأبرياء بين قتيل وجريح. كما تضرر من جرائها الكثير من الممتلكات العامة والخاصة. وإننا إذ نشجب وندين هذه الجرائم الفظيعة، ونرى ضرورة تضافر الجهود وتعاون الجميع، حكومة وشعبا، في سبيل وضع حد للاعتداء على العراقيين، وقطع دابر المعتدين، نؤكد وجوب احترام حقوق المواطنين المسيحيين وغيرهم من الأقليات الدينية. ومنها حقهم في العيش في وطنهم العراق في أمن وسلام. نسأل الله العلي القدير أن يجنب العراقيين جميعا كل سوء ومكروه، وينعم على هذا البلد العزيز بالأمن والاستقرار إنه سميع مجيب".

لقد فاجأتنا أكثر مِن مذبحة بحق المسيحيين فكان هناك أكثر مِن أحد دامٍ، وكان تفجير كنيسة النَّجاة واحدة مِن أبشعها. فقد فجرت كنيسة سيدة النَّجاة في 13 أكتوبر (تشرين الأول) 2010. وتعود كنيسة النَّجاة إلى طائفة السِّريان الكاثوليك مِنْ أُصلاء العِراق، فهم تحولوا مِنْ النِّسطورية إلى مذهب اليعاقبة، وعرف المتحولون منهم إلى الكاثوليكية بالسِّريان الكاثوليك. وأخيراً كانت مأساة الموصل، حيث التهجير القسري والسبي، وها هي القصبات المسيحية القديمة تحت قبضة داعش، وفي مقدمتها برطلة.
 
أي نشر، أو إعادة تحرير لهذه المادة، دون الإشارة الى " عنكاوا كوم " يترتب عليه أجراءات قانونية