الاستاذ العزيز والقدير خوشابا سولاقا المحترم
تحية طيبة وبعد
شكرا على ما تطرقتم اليه في مقالكم الرائع في مضمونه، وتصوركم بما تمر به الاقليات في غمرة سيطرة الاغلبية عليها، وما ينتج عن ذلك من ويلات وماسي لهذه الاقليات، والتي نحن نعاني منها بالدرجة الاولى منذ تاسيس الدولة العراقية اذا لم ان على خطا وايضا في الدول التي يعيش فيها ابناء شعبنا. مرة اخرى اشكركم واتمنى بان احاول ان اسرد ما يجول في خواطري وارجو ان نغني بما ذهبتم اليه. طبعا وما تعلمناه من خلال اطلاعنا على مسيرة التاريخية البشرية، ارتبط تحقيق امال الاقليات واحلامهم عبر الازمنة التاريخية الماضية ولفترات طويلة بالحصول على وسائل مفارقة خرافية, سحرية, الهية في سبيل تحقيق السعادة المبحوث عنها في مواجهة عصور الظلم والاستبداد . اذن الحقوق السياسية والثقافية والاجتماعية ضرورية للاقليات القومية ، لاعتبارها غاية في ذاتها يجب احترامها ومساعدتها على العيش الكريم. لان هدف التنمية والتقدم في اي دولة، هي الحرية واحقاق حقوق الاقليات حسب الدساتير والانظمة، من اجل ضمان وجودها والعيش بحرية ورفاهية وتعيد لهم اعتبارهم وكرامتهم وبهذا يصبح للديمقراطية بشطريها معنى واقعيا ومتكاملا. وبالتالي ان خصائص حقوق الاقليات انها واحدة وغير قابلة للتجزئة،فحقوق الاقليات سواء المدنية او الثقافية او السياسية او الاقتصادية او الاجتماعية وسوف تبقى واحدة.. فالحقوق المدنية والسياسية باحسب اعتقادي تحرر هذه الاقليات، من الخوف وايضا تحررها من الحاجة.. وبالتالي، فان الدول مسؤولة عن انتهاك الحقوق المدنية والسياسية للاقليات، بقدر ما هي مسؤولة عن انتهاك الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لها. وكما هو الحال بالنسبة الى الحقوق المدنية والسياسية، فان اخلال دولة طرف عن الوفاء بالتزام تعاهدي في مجال الحقوق السياسية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية، يعتبر بموجب القانون الدولي انتهاكا للمعاهدة ذات الصلة. ومع ذلك فهي وثيقة الصلة بنفس القدر بتفسير وتطبيق معايير اخرى من معايير القانون الدولي والمحلي في ميدان الحقوق. لا شك ان الحق في الهوية الثقافية للشعوب، يعطي الحق للاشخاص والجماعات في التمتع بثقافاتهم الخاصة، وبالثقافات الاخرى المحلية والعالمية، والحق في الثقافة يعني حق كل ثقافة لامة او لشعب او لجماعة في الوجود والتطور والتقدم في اطار ديناميتها الداخلية، وبعوامل التاثر الخارجية، مع حفاظها على خصوصيتها واستقلالها. المساواة في الحقوق بين الامم ، والحق في التمتع بالثقافة الخاصة، والاعلان عن اتباع ديانة خاصة، وممارسة طقوسها واستخدام لغة خاصة، واعتبار جميع الثقافات جزءا من التراث الانساني المشترك للبشرية، بما فيها من تنوع واختلاف، وواجب الحفاظ على الثقافة ورعايتها بكل الوسائل، باعتبارها التعبير التاريخي والاجتماعي عن التطور الروحي للانسان، وضمان حق كل شعب في تطوير ثقافته، وتعزيز روح التسامح والصداقة بين الشعوب. اذن ان موضوع الحقوق السياسية والثقافية للاقليات، يندرج ضمن مسار اوسع يروم تاهيل مكونات الهوية الثقافية التعددية في العراق، وتعزيز هذا التعدد باعتباره عنصرا اساسيا في تعزيز وحماية حقوق الانسان في شمولياتها. ولكن ما نتلمسه ان قضية الاقليات يتم تجاهلها وطمسها، بحيث لا تظهر كقضية ديمقراطية تحتاج للمعالجة والحل، وذلك بدوافع ان هذه الاقليات عليها ان تخضع لارادة الاغلبية ، فالاقليات القومية يتم الالتفاف عليها، وهذا بحد ذاته نوع من المراوغة والهروب من الواقع الحقيقي، هذه نظرة تدخل في سياق صهر الاقليات القومية في البوتقة الاغلبية ، فهي ايضا تطمس اذ تغيب عن المشاركة السياسية، وتغفل حقوقها السياسية والدينية والثقافية الى حد كبير في العديد من الدول العربية والشرق اوسطية ومن ضمنها العراق . لقد اثبتت التجربة التاريخية عقم التعامل الصهروي البوتقي ، ان جاز التعبير مع الاقليات، وضرورة حل مشكلة الاقليات بافساح المجال امامها لممارسة ثقافتها وحقوقها وخصوصيتها ضمن الدولة ، وكذلك المشاركة في الشان العام للدولة. ان التعدد بحد ذاته اغناء واثراء للوحة الديموغرافية في الدولة ، وليس عامل تنافر، وحقد واقتتال والغاء بين القوميات او الاديان المتعايشة ضمن هذه الدولة. يخطئ كل من يعتقد، ان بالغاء الاقليات يساهم في حل مشكلتها، بل انه يساهم في تاكل الدولة بالكامل عبر زيادة الاحتقان الداخلي. ان المطلوب من النخب السياسية والسلطة، هو اتخاذ موضوع الاقليات القومية كمحور هام من محاور الانفتاح الديمقراطي، والمصالحة الداخلية بين جميع الاقليات والاطياف المتعايشة في الدولة. واخيرا نتمنى من الدولة العراقي الديمقراطية الراهنة بان تجد الحلول الكفيلية واللازمة لانهاء مسالة الاقليات القومية والدينية من خلال اعطاء حقوقها واثباتها بالشكل الرسمي والدائم في الدستور والتعامل معها بواقعية وجدية، وليس فقط ان تبقى حقوق الاقليات فقد حبرا على اوراق ومسودات للاستهلاك،وتجميل مفهوم الدولة والنظام الديمقراطية من على منابر الخطابات الانشائية. وتقبل مني كل الود وخالص تحياتي والرب يرعاكم
اخوكم وصديقكم
هنري سركيس