ويكرام -- والعشائر الاشورية في حكاري
اخيقر يوخنا يعتبر كتاب ويكرام ( مهد البشرية ) من اهم الكتب التي تناولت تفاصيل كثيرة عن وقائع الحياة للعشائر الاشورية في منطقة حكاري قبل تاسيس الدولة العراقية والحاق حكارى بتركيا .
ومن اجل توضيح الصورة الحقيقية للواقع الذي عاشه قسم من عشائر اهلنا في حكاري فاننا سوف نقتبس عبارات من كتاب مهد البشرية لويكرام - ترجمة جرجيس فتح الله - مطبعة الزمان بغداد 1971
ونبدا من الصفحة 4 حيث يقول المترجم (هذا الكتاب اصلا يروي قصة مأسي الشعوب والطوائف التي كانت تعاني من نفوذ هذة الدول - تركيا روسيا ايران - في الشرق الاوسط وفي مقدمتها الكرد والعرب والارمن والاثوريون كيف كانت اطماع هذة الدول - تعبث بمقدرات هذا الشعب الامي يرويها لاهوتي اسكتلندي مثقف واديب وسياسي قدم مع الاول في زيارة مكث الاخير زهاء عشر سنوات في شرق كردستان مبعوثا دينيا من لدن رئيس اساقفة كانتربري لاستصلاح احوال الاثوريين الدينية في موطنهم بكردستان . ان وظيفته التي تلون الكتاب بلون صارخ لا تحجب مطلقا تلك الاحكام السياسية والاجتماعية والملاحظات العميقة الطريفة التي يبديها ونكتهما اللاذعة احيانا واستحدامهما الفاظا قوية لنعت بعض الاحداث والشحصيات لا تخفى مطلقا عطفهما البالغ على شعوب شرق كردستان والبلاد العربية التي وقفاها وتخوفهما من المصير الاليم الذي ينتظرهما بعد الحرب الاولى الكبرى ثم اعتذارهما وتحيزهما الظاهر لحكم الاحتلال الانكليزي وبهذة الروح المطلقة تراهما يظهران تحمسا للاكرادمع شجب قاس احيانا لعادات المجتمع القبلي وما يشوبه من نقائض ونقائص وعيوب ولهذا لا يمكن ان نحمل ما كتباه عن الاكراد والاثوريين محمل تحيز او محمل شجب في الوقت ذاته ولقد وجد المؤلفان في الشعب الكردي واثوريي حكاري مشابه كثيرة جدا بشعبهم الاسكتلندي القبائلي في القرون الوسطى الى ما قبل ثلاثة قرون فحسب ولذلك كان كتابهما مليئا بالمقايسات الظريفة الملذة والاقاصيص والحكايات والنوادر )
ويمضي المترجم يقول ( ان هذا الكتاب هو مجموعة احداث تاريخية واجتماعية بعيدة عن زمننا ---- وان كتابا يرضى عنه جميع القراء هو كتاب لم يؤلف بعد واما اذا كان القارئ من اولئك السيئ الظن في كل شئ او ممن يرون تحت كل حجر افعى ويتخيلون الغرض الاسود تحت البرقع فخير لامثال هذا القارئ ان يجنب لنفسه الانفعال )
وعن ملاحظات الكاتب عن الطبعة الاولى للكتاب ( نشرت الفصول السته عشر الاولى من هذا الكتاب في ربيع العام 1914 وبسبب الدور البطولي الذي لعبه جبليوها في الحرب العظمى وان الحقائق التي تضمنها الفصلان الاخيران قد جمعت وتمت مراجعتهما اثناء مقابلات شخصية طويلة مع ابطالها وهم في خضم احدائها 1922)
وعن الكتاب نقرا في مقدمة الطبعة الاولى ( ان احد مؤلفى هذا الكتاب اقام في البلاد ثلاثة اشهر فقظ اما الاخر فقد عاش فيها عشر سنين )
وعن سبب تواجد المولف في المنطقة يقول ( كان سبب اقامة احد المؤلفين في هذة الربوع عضويته في بعثة رئيس اساقفة كانتربري الى الاثوريين . هذة البعثة التي كانت مؤلفة من خمسة قساوسة او سته من الانكليكان بقيت في المنطقة مدة تناهز حمسة وعشرين عاما بفضل مؤازرة رؤساء الاساقفة المتعاقبين واوجدت بطلب من بطريرك الاثوريين ( النساطرة ) وغيره من السلطات الكنسية وكان هدفها تثقيف رجال الدين والعامة دون التدخل في معتقداتهم المذهبية العريقة التي تستدعي الاهتمام والدراسة ) المؤلفان - انتهى الاقتباس
وعن ملاحظاته عن الشعب يقول ( اما سواد الشعب فهو من العرب والاكراد والاثوريين واليونان والسوريين وكلهم يضيقون ذرعا بالحكم التركي ولا يذعنون له الا انهم يرفضون مساعدة احدهم الاخر في انتزاع الحكم من النرك وتبؤ مركزهم .)ص18
وفي تشخيصة لمشكلة القوميات يقول ( ان مشكلة تركيا الاسيوية شبيهه بمشكلة ثراقيا ومقدونيا وهي بكل بساطة ليس لاية قومية من القوميات الخاضعة للترك ثقة بالقومية الاخرى مما يؤهلها الى حكم الباقيات وان هذة القوميات قد تعقد امتزاجها الى الحد الذي صعب معه جمع الواحدة منها في دولة ذات كيان قومي موحد خالص )ص19
واعتقد ان تلك الصورة ما زالت باقية بصورة او باخرى .
والكتاب بايجاز كبير يحتوى على معلومات تاريخية مهمة عن شعوب المنطقة واحداثها مع وصفا دقيقا للمعالم الاثرية لكل المدن الرئيسية التى زارها ابتداءا من مدينة حلب ومرورا باورفا ونصبين وديار بكر وزاخو والعمادية بالاضافة الى معلومات كثيرة عن مذابح بدرخان ضد العشائر الاشورية
كما يتطرق الكتاب الى ما حدث لشعوب المنطقة بعد سقوط القسطنطينة والمجازر الرهيبة التي ارتكبتها الدولة العثمانية ضد الارمن وضد شعبنا اثناء الحرب الكونية الاولى وانقسامات الكنائس واخيرا ما حدث للعشائر الاشورية من مذابح بعد انسحاب القوات الروسية من اورميه ومن ثم ما تعرضت له تلك العشائر من مصائب شتى في طريقهم الى معسكرات بعقوبه مع اراء الكاتب المخالفة للبعض من مواقف رؤساء العشائر ورجال الكنيسة من القضايا السياسية التي كانت مشتعلة انذاك في الدولة العراقية ضد شعبنا .
وعن انتشار المسيحية بين ابناء شعبنا وفي تلك المناطق يقول ( ان الثابت تاريخيا ان البشارة بالانجيل جاءت الى اورفه على عهد الرسول بطرس وانها كانت مركز انتشار المبشرين بالانجيل في اصقاع الشرق .
وكانت ( اوسرن ) - اوسرنه هي المنطقة التي كانت اورفه عاصمة لها اسسها سلوقوس الاول في العام 130 ق م وتنصر ملكها ابجر التاسع والغى عبادة الاصنام - اقتباس بتصرف من الحاشية صفحة 26 -
- ونكمل الاقتباس عن اوسرن - التي كانت في ايام ابجر اشبه بدويلة توازن بين امبراطوريتى الرومان والبارثيين وقد لقيت بعد زمن قليل المصير المدخر المالوف لامثالها من الدويلات المحاجزة التي ابتلعتها الامبراطورية الرومانية واصبحت اورفه تحت خكم الاسياد الجدد قلعة حدود مهمة فضلا عن صيرورتها مركزا علميا عظيما وحاضرة لجامعة علمية شهيرة اغلق ابوابها الامبراطور البيزنطي زينو عام 489 لان تعاليمها اصطبغت بالهرطقة النسطورية )ص 26
والكتاب بكلمة واحدة يجب ان يقرا بتاني وفهم واستيعاب لكل صفحه منه ليتمكن القارئ من تكوين صورة شبه مطابقة لواقع الحياة للعشائر الاشورية وشعوب المنطقة انذاك ومن ثم تتكون لديه فكرة جيدة عن التفكير السياسي لكل الاطراف وتناقضات المصالح فيما بينها مما كان يشكل سببا في ادامة الصراعات السياسية وربما ان تلك الصراعات ما زالت بذورها حيه في التربة العراقية والشعب العراقي ككل الى يومنا هذا .
وخلاصة كلامنا ان ويكرام كان مبعوثا خاصا للتعرف على الشعب الاشوري وما يعانيه وسبيل تثقيفه عدا عن امور سياسية اخرى تتعلق بمصالح القوى في كل زمان ومكان
فليس هناك عشاء يقدم مجانا لاي طرف ومن اي طرف .
وعن رايه حول العقلية الشرقية يقول ( الشعور العام في الشرق هو انك لا تختار اقل الاساليب اذى في قذف عدوك بالاحجار وان نصبت له الفخاخ للايقاع به والقضاء عليه فلا خطر عليك البته من ان تتساقط عليك مقذوفات منجنيقك الخاص وعلى كل فهناك فقط منطق القرون الوسطى الذي لا يرى اي باس من ان تستخدم الشيطان لينجز لك عملك وبعدها تحتال عليه حتى لا تدفع اجوره ) ص 292
ويختم الكتاب بفصل خاص تحت عنوان اصغر حلفائنا حيث يقول ( لقد هلك جزء كبير منهم _ العشائر الاشورية - بل ان قبائل وطوائف برمتها كادت تمحى من وجه الارض ولذلك وجدنا من الضروري ان نختم كتابنا ها بقصة النكبة التي انصبت على رؤوسهم لاثارة الاهتمام مجددا في الراي العام الانكليزي بمستقبل البقية المهمشة من اولئك الذين ما زالت معاهداتهم معنا تفرض علينا حمايتهم وصونهم )ص 324
وبدورنا نبقى نتسال هل ياتي يوما ما ويفي الانكليز بوعودهم ؟؟
ام ان الجواب يبقى وكما قال المولف ( ان الديمقراطية التي يمثلها قادتها في انكلترا تكيل الوعود جزافا وتقطع على نفسها مواثيق لا تلبث ان تخلفها - اقسامها يسهل نطقها وعودها يسهل اخلافها - وقد غاب عنها ان العزم والحزم ياتيان في الشرق بالمرتبة الاولى والحاكم الذي يتحلى بهاتين فتين محترم دائما وان كان فيه قسوة لا يمكن ان يتصف بها اي انكليزي وليكن فوق الحزم عادلا فستراه معبودا لكن كيف يمكن ان يكون حازما عندما لا يتركه رؤساؤه حرا في اتخا القرارات ويظلون يمطرونه بالاوامر من داوننك ستريت - ذلكم هو سلوك الحكومة البريطانية والفشل الذي منيت به تلك السياسة ليس فشل الموظفين المغتربين بل فشل ساسة لندن وهو الي يجابه باسؤ شكل من الصدود والنفار من الترك والكرد والعرب والارمن والاثوريين . نحن لم نشن حربا على سكان وادي الرافدين والمفروض اننا جئنا لتحريرهم من ربقة الترك وبعد ان انجزنا هذا العمل فليس من الانصاف والخلق في شئ في ان نمهد الطريق فيها لمجئ طاغية اخر يسيطر على قومياتها المختلفة ويعبث فيها فسادا ويدمر كل ركن فيها ذلك هو عهد مقدس لاولئك الذين رحبوا بنا ترحيب المنقذ ووقفوا الى جانبنا في السراء والضراء ) ص 368 اخر الصفحات
وهنا نتساءل ايضا هل يكرر الزمان نفسه وهل سيحترم العهد المقدس ؟؟
ونختم كلامنا بتذكير القارئ الكريم من ابناء شعبنا بضرورة قراءة كتب المؤرخين لمعرفة تاريخ شعبنا .وبهذا الصدد فاننا نقترح قراءة كتاب مروج الذهب للمسعودى حيث هناك باب خاص تحت عنوان ( ذكر ملوك الموصل ونينوى وهم الاثوريون ولمع من اخبارهم وسيرهم ص187 ).