من شرب قطرة ماء من بئر لا يرمي فيها حجر
خالد توما
قابلني أحد الأصدقاء وكان عضو هيئة أداريه لنادي عشتار الكلداني عندما كنت رئيس للنادي صباح يوم الأحد المصادف 14/12/2014 وأنا خارج من كنيسة مار يوحنا للكلدان في سودرتيليا السويد بعد القداس ..
قال لي وهو شبه منزعج مرحباً أخي أبو وليد .. أقرأ لك على منبر عينكاوا كم .. الصرح الأعلامي لأبناء شعبنا وأنت تمدح وتمجد بعينكاوا وأهلها ؟؟ وأعرفك أنت لست من أهلها بل أنت تلكيفي من عائلة توما مسا ومن محلة أسمر كما مدون في كتاب ( تلكيف حاضرها وماضيها ) ..
فضحكت وصافحته وقبلته لأنني لم ألتقي به منذ أكثر من أربعة سنوات لذهابي كل سنة الى أميركا لأقضي بعض الأشهر مع أولادي وأحفادي وأقربائي المقيمين هناك والمتوزعين على ولايات أميركا وأرجع الى السويد الوطن الثاني الذي أقيم فيه ؟؟
قلت له لماذا أنت مزعوج هل تريد الحقيقه لماذ أمدح وأمجد عينكاوا وأهلها الطيبين ؟؟
قلت هل لك من الوقت لتكون ضيفي بعد غياب طويل ونشرب ونأكل ما قسم الله لنا ؟؟ وللعلم هذه الذي أصرفه من المال على ضيافتك ليس هو من جيبي بل هو من راتبي التقاعدي التي تدفعه الحكومه السويديه ( دائرة التقاعد ) كل شهريوم 18 منه وبدون تأخير ؟؟ علماً أني لم أعمل في السويد ولا يوم ولا قدمت لها أي خدمة لأستحق راتب لمعيشتي وأيجار شقتي وأجور المواصلات والكهرباء والدواء ومراجعة الأطباء بجميع الأختصاصات حتى إذا أموت والموت حق تكون جميع مصاريف الدفنه على حساب الدوله إذا لم يكن لعائلتي القدره لتحمل المصاريف ؟؟
علماً السويد الدوله ( العلمانيه الديمقراطيه ) تقدم كل هذا لي وألاف من هم مثلي لأنها تعرف قيمة الأنسان ولا تميز بين من هم ألتجئو الى أراضيها ولا تسأل ما هو دينك وما هو عرقك وهل أنت كلداني أم آشوري أم أنت شيعي أوسني صابئي أم أيزيدي كما هو متبع عندنا في العراق بلد الحضارات وبلد الأنبياء والأولياء ونحن في قرن الواحد والعشرين ؟؟..
عملت في العراق في القطاع الخاص ودفعت مبالغ لدائره الضمان الأجتماعي وكان يقطع من راتبي كل شهر من سنة 1973 الى 1985 وبعدها ادفع ضرائب لدائرة الضريبه على الدخل الذي أحققه من أعمالي الى سنة 1998 كل هذه السنوات ذهبت أدراج الريح ولم تنضر الدوله العراقيه ممثلة بسفيرها الموقر الى رعاياها في السويد ودول أخرى ولا أحداً يسأل وكأنه نحن غير عراقين ؟؟؟
لبى طلبي مشكوراً وجاء معي الى شقتي البسيطه الواقعه في منطقه رونا وجلسنا ما يقارب الثلاث ساعات وتحدثنا بأمور عده ومنها الموضوع الرئيسي المزعوج منه صديقي العزيز ( لماذا تمجد وتمدح عينكاوا وأهلها ) ؟؟
قلت له ساعدني لنعمل لنا غذاء عراقي على حساب البلد المضياف السويد وأكلنا وشربنا الجاي العراقي بالهيل وأكلنا الفواكه وأخذنا قسطاً من الراحه وقلت له الآن أتحدث لك ؟؟..
قلت له صحيح أنا تلكيفي ومسقط رأسي تلكيف لكن منذ طفولتي حتى ان اصبح عمري 16 سنه ترعرت وتربيت بين اهلها وأكلت من زادها وشربت من ميائها الصافيه العذبه بدون تصفية وأستنشقت هوائها النقي الغير الملوث وتعلمت في مدارسها على أيادي أساتذتها الأجلاء رحم الله من سكن الديار الأبديه والعمر المديد من بقى منهم .. التربيه والقراءة والكتابه والتعامل الصحيح والصدق والكرم وأحترام الكبير والعطف على الصغير والتفاني من أجل الوطن وحبه والتصدي للأعداء والحكمة عندما كنتُ أجلس بين حكمائها لنسمع منهم حكايات ايام زمان .. وتعلمت الصلاة من قساوستها وصليت في كنائسها ولعبت مع أولادها وحضرت أفراحها وأحزانها وتقاسم معي أبن عينكاوا البار لقمته وأنا تلكيفي كما تقول ؟؟ وتزوجت من بناتها العفيفات ودفن والدي في أرضها الطاهره بين أمواتها وكم صعدني حنا سائق ابو وليد رحمه الله في سيارته الديزاتو موديل 55 وأوصلني الى متوسطه زازا أيام المطر وبدون مقابل ... هذا ما يخطر في فكري والباقي من الأيجابيات التي كسبتها من أهل عينكاوه هي أكثر لاتعد ولا تحصى ؟؟..
أحب أن أقول لك لحد هذا اليوم لم أنقل سجل نفوس عائلتي منها لمحبتي لها رغم المعانات التي كنا نعانيها أنا وعائلتي وأولادي كما تعلم كل معامله حكوميه كان يطلب منك أثبات من دائرة الأحوال المدنيه رغم تركي لعينكاوا الحبيبه سنة 1962 وسكنت البصره الى أن هاجرنا سنة 1998 وتقول لي لماذا أمدح وأمجد عينكاوا وأهلها .. كل هذا الذي سمعته لا يستحق أن أمجدها ؟؟
أعطي له الحق وكثير من المسيحين العراقيين يعرفون عينكاوا على الخريطه أنها ناحيه صغيره يقطنها مسيحيون كلدان تقع غرب محافظة أربيل وتبعد عنها 7 كم ويتجاهلون رغم صغر مساحتها لكنها كبيره ومميزه بأهلها وأنجبت عينكاوه رجال دين وأكاديمين وأطباء ومهنسين وأدباء وكتاب وأساتذه ومثقفين وأعلامين ووووالخ قدمو خدماتهم منذ أربعينات القرن الماضي ليومنا هذا لشعب العراق من شمال زاخو حتى جنوب الفاو .. وهي الآن الحاضنه الوحيده لمسيحي ومسلمين وجميع الديانات الموجوده في العراق بعد ما أصابهم بعد 2003 من ظلم وقتل وتهجير وسلب أموالهم من قبل الميليشيات قسم منها عائده للأحزاب الحاكمه في العراق وآخرها تنظيم داعش الأرهابي القذر ؟؟
فاعتذر وهومبتسم وقال لي لو أعلم كل هذا ؟؟ لم أسألك فقبلني وقال لي أرجو أن لا تزعل مني لأنني أحبك وأنت أستاذي وتعلمت منك الكثير الكثير خلال أربعة سنوات التي عملت معك كعضو هيئه أداريه للنادي وأنت كنت رئيسه من 2001 الى 2004 ؟؟؟..
وقال لي اسمح لي أن أغادر بعد ما شكرني على حسن الضيافه وما عرف عن عينكاوا الحبيبه وأهلها الطيبين .. قلت له لا تنسى وعلم أولادك ومن تلاقيهم من أقربائك وأصدقائك وقل لهم ..
( من شَربَ قَطرة ماء من بئر لا يَرمي فيها حَجر ) ؟؟؟؟
خالد توما
k.toma1@yahoo.com ) [/color)
