لنستفد من تجربة الحشد الشعبي في تحرير بلدات سهل نينوى
شوكت توسا كان للنداء الجهادي الذي أطلقته مرجعية الشيعه, صداه السريع والمؤثر إثر تقهقر الجيش وقوى الأمن أمام الزحف الداعشي الهمجي ,وقد تم على الفور تشكيل قوات الحشد الشعبي بدعم حكومي متناغم مع السرعه التي استجابت فيها المنظمات الاسلاميه الشيعيه , الحق يقال بان توجسات المرجعيه من عجز الحكومة في اداء واجبها كانت في محلها حينما استشعرت حجم الخطر القادم بعد قراءتها لعواقب الانفلات الذي أدى في بدايته الى سقوط اكثر من مدينه بيد الدواعش( نقطه مهمه لها ما يربطها بحديثنا حول دور الكنيسه المطلوب أزاءاخفاق تنظيماتنا السياسيه) .
ما يهمنا هنا ليس التعرف على حقيقة دوافع النداء او لون صبغته , طائفيه كانت أم تم تلبيسها رداء أضفى عليها مقبوليه وطنيه , المهم شارك الحشد بأعاقة تمدد مسلحي الدواعش بعد ان وجدوا انفسهم أزاء تقهقر الجيش قادرون ليس على فرض سيطرتهم في المناطق السنيه فحسب, بل التوجه جنوبا نحو بغداد العاصمه وتهديد مدن شيعيه ككربلاء والنجف , اذن باستباق الحدث و استثمار ثقل المرجعيه في تحشيد مواليها ومقلديها استطاع الشيعه ( في الدوله) مواجهة الخطر المداهم لعموم الشعب العراقي من دون استثناء .
غالبا ما يطربنا البعض بمعزوفة حكومة الشراكه الوطنيه, في حين الصبغه الشيعيه هي السائده في مرافق الدولة طيلة الاحد عشر عاما , مع ذلك , لم تستطع الحكومات المحسوبه على الشيعه خاصةحكومة المالكي بسنواتها الثمان وبمليارات خزينتها ,لا بل فشلت فشلا ذريعا في بناء وتجهيز قوات عسكريه وأمنيه نظاميه تحمي نفسها بها , كيف سيكون بمقدورها اذن حمايةمدن العراق او حتى مدنها الشيعيه ؟
الحشد الشعبي كمبادره دينيه كما اسلفت وليكن جوهرها طائفيا , جاءت بمثابة ضربة شاطر لمعالجه ربما وقتيه لحالة فوضى نتجت عن انهيار قوات الجيش وقوى الامن ,وقد اثبت الحشد دورا فاق أداء الجيش في اكثر من مكان, اذ مقابل الاحباط الذي اصاب افراد الجيش, تهافت متطوعوا الحشد رافعين معنويات الجيش الهابطه بهتافاتهم الحماسيه وترديد عبارات يا علي ويا حسين.
الذي يهمنا فيما قلناه اعلاه هو العبره الممكن اكتسابها وموعد تحرير بلدات وقرى سهل نينوى قد إقترب كما يبدو , اي ان الامر يحتاج الى حكمه ودرايه لتفادي فسح المجال امام تكرارعين الأخطاء خاصة بعد اعادة قرانا وبيوتنا الى سابق عهدها . هنا لابد من اشاره سريعه الى مقالة الاستاذ محمد بندر, يخاطب فيها الكلدواشوريين السريان ومنبها اياهم بان الأوان قد آن كي يكفوا عن الاتكال على الغير الذي تركهم فرائس سهله لكل من هب ودب , مؤكدا قدرتهم لو تكاتفوا وتعاضدوا على التحرك شعبيا لتأدية واجبهم ودورهم اثناء وما بعد تحرير مناطقهم لفرض الأمن ومساعدة العائدين الى قراهم .
سؤال مهم يتبادر الى الذهن , يا ترى نداء مَن سيلقى صداه في وسطنا الشعبي الكلدواشوري السرياني (المسيحي)؟ نداء ساستنا مثلا...؟ شخصيا اشك في ذلك والاسباب عديده مع الأسف. أم نداء وجهاؤنا ؟ ربما ممكن لو كان لدينا مجلس يجمعهم .
تأكيدا لاهمية الموقف نضيف السؤال التالي : هل تمتلك مرجعيتنا الدينيه (المسيحيه) قوة الكلمه المؤثره على ابناء كنيستها كتلك التي تمتلكها المرجعيه الشيعيه على اتباعها؟ جوابنا هو : إن كان هذا آخرما تبقى لمسؤولينا من خيارات لإنقاذ المسيحيين , علام ستنتظر الكنيسه ؟ لِمَ لا تبادر بكل مذاهبها في توجيه النداء ؟ بعيدا عن التحجج بفارق تعداد مسيحيينا في سهل نينوى مقارنة بتعداد الشيعه, لان مساحات قرانا هي الاخرى اقل بكثير من المساحات الشيعيه .
إذن لو صح القول بأن ساستنا عاجزون عن تحقيق حشد متكاتف, وهو افتراض وارد و مؤلم في نفس الوقت , ولو افترضنا ايضا عدم قدرة او استعداد مرجعيتنا الدينيه المسيحيه( مجتمعة بكافة كنائسها ومذاهبها) لاطلاق نداء ديني للتحشيد بحجة عدم التدخل في شؤون ليس من اختصاصها ,اي بمعنى ليس بمستطاعها تبني النداء و دعمه من خلال السعي لدى حكومة بغداد واربيل وهكذا لدى المنظمات الكنسيه العالميه لضمان تمويله وتعزيزه .
طيب , غياب مثل هذا الاستعداد لدى الكنيسه من اجل انقاذ ابناءها ومؤمنيها, بلا شك هو أمر ملفت قابل للنقد والمناقشه, مع ذلك نقول بامكان الكنيسه على الاقل دعم مبادرات شعبيه صادقه يمكن ان تصدر من جهات ( كمنظمات جتمع مدني, او تنظيمات سياسيه او جمعيات , او اصحاب الغيره وما اكثرهم بين ابناء شعبنا ) ,و دعم الكنيسه المقصودهنا ليس عسكرة منتسبيها, انما على سبيل المثال كسب تاييد دولي لمطالب اهالي هذه القرى و توعية الاهالي عبر الكرازات والنداءات الكنسيه اثناء وما بعد تحريرالبلدات وبث روح التشبث بالارض و التوحد والتعاون بين ابناء القرى وترويج مقبولية الناس لفكرة وضرورة الاستفاده من خبرات ابناء شعبنا الذين سبق وعملوا مثلا في صفوف الانصار الشيوعيين او ضمن فصائل ابناء شعبنا القوميه المسلحه.
رب سائل يعترض متسائلا , ما دام هنالك ممثلين و احزاب ومنظمات عامله على الارض, ما دواعي الالحاح في مطالبتنا الجانب الكنسي وتحميله مسؤوليات خارج طاقاته ؟ سؤال في محله .
للاجابة على هذا التساؤل :
اولا : من المؤسف قوله ان تجربتنا مع ما قدمته تنظيماتنا السياسيه مجتمعة او منفرده لم يكن في مستوى الاحداث الكارثيه.
ثانيا: انجاح فعالية التحشيد الشعبي لو تحققت فهي خطوه على الطريق الصحيح يمكن تطويرها و الاستفادة منها في المستقبل ايضا بعد نجاحها في اداء مهمتها الآنيه.
ثم ثالثا و الأهم , مادمنا متفقون على اولوية تحرير قرانا من دنس الاوغاد , وهي من الاهميه التي لا يتقدمها اي شان اخر كونها ستعيد المشردين الى بيوتهم ومحلاتهم ووظائفهم وكنائسهم , اذن فهي ضروره ملحه لها أحكام وسياقات مهمه يجب اخذها بنظر الاعتبار حتى وان يراها الكثيرون غير مقبوله لكنها مفيده في اكمال مهمة اعادة المشردين واستقرارهم , إذ ليس من المنطق تغافلها او الاستغناء عنها لاي سبب كان , اي بمعنى ان تأكيد الحاجه الى دور كنسي تاريخي مطلوب وضروري لتشجيع ومتابعة تشكيل لجان و مجاميع شعبيه داعمه عساها تعالج وتغطي محليا الفراغ الذي عوّدَنا على خلقه (مع الاسف) عجز تنظيماتنا السياسيه وعدم انسجامهم فيما بينهم بما أدى الى تقاعسهم في التحرك مجتمعين باتجاه تشكيل لجان اداريه خدميه مثلا او مجاميع عسكريه صغيره تتقيد في اداء واجباتها برغبات ومصالح ابناء المنطقه ممثلة بوجهائها , لا أن تتحكم فيها وكما سبق أجندات الساسه والعساكر الذين تركوا قرانا وسلموها على طبق من ذهب للدواعش في غضون سويعات , من هذين المنطلقين , يجد المرء ضرورة ممارسة الكنيسه لهذا الدور المهم .
اضافة الى كل ما تقدم , بودي ان اختصر بعض الملاحظات بنقاط قليله عساها تفي بجزء من الغرض في القادم من الايام.
مهم جدا ان يتم في كل وحده اداريه تشكيل هيئه تتألف من شخص او شخصين من وجهاء البلده + رجل دين كهنوتي + موظف في البلديه + اثنان من الوسط المثقف . من واجبات هذه الهيئه:
اولا: تشكيل لجان شعبيه خدميه لمتابعة احتياجات الناس وتقديم ما يتيسر من عون لهم, كتنظيم حملات لتنظيف المدارس والشوارع .
ثانيا: التنسيق مع المسؤولين الاداريين من اجل تشكيل مجاميع صغيره مسلحه مهمتها حماية حدود البلده, يتم تسليحها رسميا وباشراف أشخاص من سكنة البلده يمتلكون خبره عسكريه تمكنهم من تنظيم واجبات المجاميع.
ثالثا: تشكيل لجنه خاصه لتصوير و جرد كافة الاضرار البشريه والماديه التي لحقت البلده جراء جرائم الارهابين والسراق ثم توثيق ذلك بقوائم مرتبه تحت اشراف المسؤول الاداري كي تحال بكتب رسميه الى الجهات المعنيه عن طريق المحافظ او الممثل البرلماني.
رابعا: يفضل ان يكون للرأس الاداري سواء كان قائمقام او مدير الناحيه او كلاهما سوية الدور الاداري للتنسيق ما بين الهيئه المشكلّه وبين مسؤولي المحافظه لتلبية احتياجات المواطنين ومتابعتها.
خامسا: مطالبة الجهات التي لها علاقات وتمتلك سبل الاتصال بتوجيه الدعوات الى ممثليات الامم المتحده والمنظمات الانسانيه والكنسيه العالميه للحضور والاطلاع على مخلفات جرائم داعش في المنطقه .
في ختام كلامي اود ان اؤكد بان المقترحات لا تعتبر دساتير او اراء مطلقه, انما هي مجرد طروحات قابله للمناقشه خدمة لهدف انساني واضح الا وهو إعادة اهالينا المشردين الى قراهم واعادة ترتيب حياتهم المعاشيه الى سابق عهدها . وشكرا
الوطن والشعب من وراء القصد