المحرر موضوع: حول المخاطر الشاملة والنووية في الصراعات الأقليمية ! 2 من 2  (زيارة 1208 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل مهند البراك

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 521
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
حول المخاطر الشاملة والنووية في الصراعات الأقليمية !
                       2 من 2
                        د. مهند البراك

وعلى ذلك يرى قسم كبير من العلماء والمراقبين الدوليين، أن الأسلحة النووية والمواد النووية من دول الأتحاد السوفيتي السابق، باوضاعها المعقّدة والمتشابكة التي تعيشها الآن، تشكّل مصدراً لأكبر امكانات مخاطر تزويد الأرهاب النووي بالمواد والتكنيك النووي الأساسي  .  .  .  بعد ان توضّح بنهاية الحرب الباردة، ان 14 من 15 دولة من الدول التي استقلّت من الأتحاد السوفيتي قد خزّنت 22,000 سلاحاً نووياً تكتيكياً، كانت قد شكّلت ـ كأسلحة صغيرة سهلة النقل نسبياً ـ دوراً هاماً في الدفاع الستراتيجي للقوات العسكرية التي رابطت في دول الأتحاد آنذاك .
ويرى متخصصون في ان بيان وزير الدفاع الأميركي الأسبق " ديك تشيني " عام 1991 الذي اعتبر فيه " ان تأمين وضمان سلامة 99 %  من تلك الأسلحة يشكّل انتصاراً عظيماً "، انه قد لم ينتبه الى ان فقدان 1 %  المتبقي منها او عدم تأمين سلامته، يعني فقدان و ضياع  220 سلاحاً نووياً (من الـ  22,000 المذكورة آنفاً) .  .  وانها هي التي تشكّل منبع التهديد بالخطر النووي الأرهابي (1).
الأمر الذي اصبح اكثر وضوحاً في تقرير قُدّم الى الكونغرس الأميركي في شباط  2002، الذي افاد بأنه في الفترة بين 1992 و 1999 وفي اربع حالات .  . " سرقت من المختبرات النووية الروسية، مواد تستخدم في الصناعات العسكرية النووية او مواد قابلة للتحويل الى مواد تصلح للأستخدام لها "(2)، مع التأكيد الأساسي على " وجود عمليات تهريب لم ترصد ولم تكشف اطرافها بعد " (3).
وفيما تُلاحظ مخاطر جدية من احتمالات تسرّب المواد النووية (اضافة الى معارف التكنولوجيا النووية) من روسيا وتشابك ذلك مع نشاطات مجاميع ارهابية، تأكد ذلك المحذور من تفاصيل الهجمات الأرهابية التي حدثت في روسيا وبشكل خاص الحادثة المروّعة لأخذ مئات اطفال مدرسة ابتدائية في " بيسلان " كرهائن في ايلول 2004، التي ادّت بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين الى اعلان اقصى حالات الطوارئ في البلاد، والى تشكيل قوات حراسة خاصة للمخزونات النووية في عموم البلاد، وصولاً الى تشكيل وتخصيص اعداد كبيرة من قوى وزارة الداخلية الروسية الأتحادية لتأمين سلامة كل المنشآت النووية وما يتعلّق بها (4).
من ناحية اخرى، وفيما كشف العالم النووي الباكستاني " عبد القادر خان " عن دوره في المساعدة على تطوير البرامج النووية في كوريا الشمالية، ايران وليبيا، وعن المساعدة التي تلقّاها من اثنين من كبار القادة العسكريين في مجال الطاقة في بلاده، سواءاً في الحصول على المواد النووية وتوفير امكانات المختبرات واجهزة السنترفيوج (اجهزة الطرد اللامركزي) الضرورية للتخصيب والمعلومات التكنيكية.
تفاجأ مراقبون وخبراء اميركيون بالعفو الذي صادق عليه الرئيس الباكستاني " برويزمشرّف "
بحق " عبد القادر خان " بعد ان صار الأخير بطلاً وطنياً ومؤسسا وصانعاً للقنبلة النووية الباكستانية (الأسلامية) ، واوقفت نشاطات الملاحقة والتحقيق سواءاً بحقّه او بحق من ساعده سواء كانوا افراداً اوشبكات، على ارضية تقول ان تطور العلوم اليوم صار يتداخل وثيقاً مع العلوم النووية.
فيما يصرّ خبراء امنيون على ضرورة ملاحقة تلك المعلومات والشبكات رغم اعلان الرئيس مشرّف عن ضمانه لعدم اندلاع مخاطر نووية بعد ان اعتبر ان ماجرى قبل استلامه للرئاسة، من الأمور الماضية التي انتهت .  .  .  في وقت توصّلت فيه الباكستان الى صنع 52 رأساً نووياً قابلاً للأنفجار اضافة للـ 48 رأساً التي صنّعتها في السابق، بعد ان اكّدت على انها لم توقع الأتفاقية الدولية لمنع انتشار الأسلحة النووية، وانها غير خاضعة لمراقبة الوكالة الدولية للطاقة النووية (5) !
ومن موقع آخر، وفيما يضع خبراء دوليون ومراقبون من الشرق الأقصى سلوك كوريا الشمالية السياسي وامكاناتها النووية، في موضع شكوك لم تستطع الدوائر الدولية ان تبت ببطلانها، خاصة في فترة  تصاعد التوتر بينها وبين الولايات المتحدة، ورفض كوريا الشمالية الأنصياع للقرارات الدولية، وفي وقت يستمر الكوريون الشماليون فيه ببرامجهم النووية ويستمرون في تخصيب اليورانيوم، في برامج يُرى فيها انها تؤدي الى انتاج جماعي للقنابل النووية (6).
يضع آخرون كوريا الشمالية على رأس قائمة الأتهام بتجهيزوتوسيع ما يُدعى بجماعات الجرائم المنظمة، على اساس قيامها واستعدادها لبيع التكنولوجيا الصاروخية لمن يريدها بشرط استعداده على الدفع، في وقت تزداد فيه لهجتها عداءاً للولايات المتحدة، وفق منظورهم. وعلى سبيل مشابه او قريب يحذّر فيه آخرون من مخاطر البرامج النووية الأيرانية، بناءاً على تقييمهم لدورها في امداد ودعم مجاميع مسلّحة متنوعة وعدم رفضها للعنف في التعامل الدولي والأقليمي، رغم تزايد احتمالات عدم قدرتها على بناء وامتلاك قدرة تحتية للصناعات العسكرية النووية بعد.
وفيما تحدد الأدارة الأميركية الأرهاب وبالتالي الأرهاب النووي، كاكبر الأخطار التي تواجهها بلادها، فأنها اضافة الى صياغتها ستراتيجية الحرب الوقائية ضد الأخطار الأكثر احتمالاً امامها الرامية الى عدم تمكين العدو من استخدام الأسلحة النووية والشاملة ضدّها، فأن ذلك اضافة الى منطقيته .  . الاّ انه قد يحمّل الولايات المتحدة وحلفائها والعالم باحمال قد لاطاقة لهم وله (للعالم) لمواجهتها سواء اكانت عسكرية، بشرية او سياسية، مالية اوضريبية في العصر الراهن، بتقدير اعداد تتسع من الخبراء والمراقبين والسياسيين .
   اضافة الى ان برامج المؤسسات الأميركية(7) التي تقوم بمهام تقليص المخاطر النووية والمخاطر الشاملة (بيولوجية، كيمياوية، مشعة .  .  وغيرها)، وتحطيم معدات نووية ما وحصرها في مجال ضيّق، واعادة تأهيل آلاف من الأختصاصيين النوويين وحمايتهم لكي لايقعوا تحت رحمة المجاميع المسلحة، وصيانة المعلومات والتكنولوجيا وغيرها، سواء كانت في جمهوريات الأتحاد السوفيتي السابق او في غيرها، فانها تواجه صعوبات كالتي تواجهها ادارة الولايات المتحدة في اراضيها ذاتها ؛ من المشاكل الناجمة عن تداخل العلوم الحديثة مع البحوث النووية، الى تعثّر برامج بسبب غطرسة وبيروقراطية وفساد دوائر موظفين، ومن تراشق اتهامات وانفراد بقرارات، الى ثغرات في برامج الصيانة النووية في الولايات المتحدة ذاتها.
   ويتداخل ذلك مع مشاكل ادارية وبنيوية معيقة موروثة من العلاقات الدولية السابقة (علاقات الحرب الباردة)، ومن العلاقات الداخلية لبنية الأدارات الداخلية للولايات الأميركية .  .  وما يتطلّبه تنفيذ وانجاز تلك المشاريع من تمويل هائل، قد لايمكن توفيره بسهولة.  كما حدث لدى اضطرار الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش الى تقليص نفقات مشروع N- Lugar )   ) من ( 451 )  مليون دولار التي لم يكن قد مضى على وضعها سوى ساعات في حينه ، الى 409 (  مليون دولار )  .  .  . امام ضغط متطلبات الميزانية الأتحادية (8)
   من جانب آخر، وفيما يضيف فريق من الخبراء، وبسبب تزايد معلومات حديثة تفيد، ان الأسلحة النووية غير المحمولة صاروخياً تشكّل مخاطر اضافية لأنها ارخص تكلفة، اسهل حملاً ونقلاً وبالتالي اكثر فعالية، وانها اكثر دقة في اصابة اهدافها، الأمر الذي يؤكد على ضرورة ايلاء المزيد من الجهود والخبر والمال للوقاية من ولأجهاض محاولات الجماعات المسلحة من استخدام الضربات النووية الأرهابية.
   ويرى آخرون ان مخاطر اسلحة الدمار الشامل الحقيقية قد تأتي من امكان استخدام الجماعات المسلّحة للأسلحة المشعّة " القنبلة القذرة " (9) كقنبلة السيزيوم Cäsium ، التي يمكن ان تُبنى بعيداً عن الصعوبات التكنيكية والمختبرية والمعلوماتية، والتي دلل عليها ما حصل في تشرين الثاني عام 1995 عندما هددت مجموعة شيشانية مسلحة بتفجير علبة احتوت على مادة الـ (سيزيوم ـ 137) في حديقة عامة في موسكو. رغم ان القنبلة القذرة لاتؤدي الى تدمير وتخريبات واسعة، الاّ انها تؤدي الى الضربات النفسية والعصبية، اضافة الى عوارض مرضية كثيرة التنّوع  مزمنة .  . 
   تؤكّد اوسع الجهات على، ان مواجهة تلك الأخطار النووية والشاملة تتطلّب اولاً ادراك ان تلك المخاطر هي مخاطر واقعية وليست خيالية ، الأبتعاد عن التطيّر والحفاظ على الهدوء بالمعرفة، لتفعيل الأجراءات التي تمّ عرضها وغيرها من جهة، ومن جهة اخرى ضرورة ممارسة انواع الضغط والجهود لتوفير وتخصيص تغطية فاعلة للمصاريف العالية للمشاريع المطلوبة ولتوسيعها ولضمان الصرف المرتفع الضروري لمختلف اخصّائيي علوم الفيزياء والرياضيات والعلوم النووية ذات العلاقة، لضمان انجاح تلك المشاريع في تحقيق اهدافها في الوقاية من المخاطر النووية والشاملة.
   وترى ان الحدّ من، والوقوف امام تلك المخاطر يطرح مجدداً وبقوة على اطراف النزاعات الحادة الأقليمية والداخلية ذات الأبعاد الأقليمية، ضرورة التحلي بالصبر والحكمة والمرونة سواءاً في طرح المطالب من جهة، او في دراستها وايجاد السبل لتحقيق حلول عادلة وفق المواثيق والأصول الدولية والأنسانية. الأمر الذي يطرح مجدداً اهمية الجهود السياسية والدبلوماسية في نزع فتيل الأزمات الحادة، الذي لاينفي بل يتطلب الوقوف بحزم امام الأوساط الأجرامية والأصولية المتطرّفة، بالترافق مع تطبيق كل ما من شأنه حل الضائقة الأقتصادية والبطالة التي تعاني منها اوساط شعبية واسعة في مواقع الأزمات في عالم اليوم .
   ولابّد من تشجيع الجهود المحلية والأقليمية الرامية الى القضاء على فروع وامتدادات الأسواق النووية السوداء اضافة الى التأكيد على ضرورة دعم المطالبة و الجهود الرامية الى اصلاح منظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي بالأتجاه الرامي الى تقليص الأحتقانات السياسية في بقاع العالم، والى اصلاح وتمتين الوكالة الدولية للطاقة ودعمها، في وقت بقيت فيه التساؤلات عن صدقية عدد من بياناتها بلا جواب، كالتساؤلات عن البيانات التي خففت من مخاطر درجات التلوّث التي نجمت عن كارثة تشيرنوبل في حينها على سبيل المثال.
   ويرى عدد واسع من علماء الأجتماع والسياسة ان التأكيدات والقواعد التي طرحتها العلوم العسكرية في العقد السابع من القرن الماضي حول الأهمية الفائقة لأختيار ماهية المسؤول الأول الذي بيده قرار تنفيذ استخدام الأسلحة النووية وماهية ثقافته وروحه الأنسانية (10)، تعززت صحتها واضيف اليها ضرورة تمتين مؤسسات وآليات التقييد والرقابة السياسية والعسكرية على من بيدهم تلك القرارات الخطيرة، في زمان لم يعد الأخلاص لوحده فيه كافياً على اهميته الكبيرة، بل لابدّ وان يضاف اليه المستوى العلمي والمعرفي الضروري لذلك المسؤول.
   وفيما يجري التأكيد على اهمية اصلاح البنية الأدارية والوظيفية على اساس ان مرحلة جديدة بموازنات جديدة قد تكوّنت في عالم اليوم، وعلى اساس اشراك كل المتضررين او المعَرّضين للتضرر من المخاطر النووية، يجري التأكيد على الأهمية القصوى لتكوين مرونة عالية تحقق توافقات تستطيع منع وقوع الأسلحة النووية واسلحة الدمار الشامل بيد الأجرام .  .  تمهيداً لأيجاد حلول ترمي الى تحريمها وتدميرها وخاصة في البقاع الأكثر التهاباً وحسّاسية من العالم، والغاء سياسة الكيل بمكيالين.
الأمر الذي لابدّ وان تلعب فيه الدول والأتحادات والتحالفات الغنية دوراً اساسياً، لضرورة كلّ ذلك ليس فقط للدول المعَرّضة او المصابة بشكل مباشر، بل لضرورته لحماية الجنس البشري من مخاطر تلك الأسلحة ومن آثارها وبقاياها ونفاياتها ومن سباق التسلح الذي لايزال يجري محموماً علناً او سراًّ في مجالها، ومن تأثيراتها وتلوثاتها التي تصيب كلّ العالم بما فيه شعوب تلك الدول والأتحادات الغنية وبشتى الطرق، التي وان كانت بدرجات متفاوتة، الاّ انها كلها مريعة ومدمّرة !
ويطرح وبقوة على المكونات الوطنية الداخلية للدول المعرّضة او المرشحة لأحتمالات التعرض لتلك المخاطر، ضرورة سعيها الدؤوب للتفاهم والتوصّل الى اتفاقات وتوافقات فيما بينها، والى ضرورة اليقضة من مخاطر زيادة التوترات الداخلية ومخاطر اصرارها على الأستقواء بدول اقليمية . . الذي يعقّد الأوضاع اكثر والذي قد يجرّ المنطقة كلها الى مخاطر شاملة ونووية التي ان حدثت فانها ستكون مريعة على عموم بلادنا وعلى شعوب منطقتها الأقليمية والذي سيؤثر على كل العالم، في ظروف تحمل المنطقة فيها مفاتيح موازنات دولية من مستوى متقدم . . اقتصادياً، ثقافيا، روحياً وفكرياً، عسكرياً و بشرياً !  (انتهى)

 مهند البراك

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
راجع موقع  www.nti.org   . راجع ديك تشيني : مقابلة مع " لقاء الصحافة " ، 15 ديسمبر 1991 .
تقرير INC للتقديرات الأمنية المقدم الى الكونغرس الأميركي في شباط 2002 .
راجع المصادر المذكورة في (1) .
" روسيا ترسل قوات لحماية المواقع النووية "، رويترز من موسكو، ايلول 2004 .
" ’خان، ابو القنبلة النووية الأسلامية " ، بين : اسلام آباد/ امستردام / جنوب افريقيا / الصحراء الأفريقية/ كوريا الشمالية، ليبيا وايران .  .  سلسلة وثائق عن / اي آر تي يي باللغتين الفرنسية والألمانية / ايلول 2005 .
غاري ساموري، " البرامج التسليحية لكوريا الشمالية : محصلة تقييم " / المعهد الدولي للدراسات الستراتيجية، 21 كانون الثاني 2001 .
كالبرامج العملاقة : CTR, Nun -Lugar- Programm  على سبيل المثال لا الحصر.
" تصورات بوش النووية " ، بوستون غلوب، 16 شباط 2004 .
القنبلة المشعّة، المبنية من المواد المشعّة .
دوريات حركة الخضر في مواجهة المخاطر النووية/ " من اجل الوقوف امام الأخطار النووية" رسائل برتراند راسل / الماركسية وقضايا الحرب والجيش، نخبة من القادة والخبراء العسكريين / فصل مخاطر اسلحة التدمير الشامل، دار التقدم  1977 .[/b][/font][/size]