المحرر موضوع: قـلق النـُخبة من تأليـه القـائد  (زيارة 2083 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل وسام كاكو

  • عضو فعال
  • **
  • مشاركة: 64
    • مشاهدة الملف الشخصي
قـلق النـُخبة من تأليـه القـائد
بقلم: وســام كاكــو

في لقاء جمعني قبل أيام مع شخصيتين سياسيتين من شخصيات شعبنا، تَوَجّهَ أحدهما إلي بإنتقاد مفاده إني أشير في مقالاتي، ضمناً أو علناً، الى شخصية واحدة أحاول الترويج لها بمثابة قائد لأمتنا، ولم يكن إنتقاده مستنداً الى عدم كفاءة هذه الشخصية أو قدرتها على إدارة الأمور بشكل جيد، ولكن بدأ إنتقاده لي بعبارة (أنت تعلم إننا عانينا كثيراً ولمدة طويلة من عملية تأليه الفرد - أي جعله بدرجة تقرب من إلاه-  والخضوع له بشكل مطلق وهذه العملية كانت لها تأثيرات سلبية على تاريخ بلدنا ومساراته لذا فإننا لا نود الوقوع في نفس الخطأ التاريخي الذي غالباً ما وقع فيه الآخرون في العراق على مر تاريخه) ثم أضاف (أنا لست ضد الشخصية التي تحاول إظهارها كقائد لشعبنا وأنا أحترم هذه الشخصية وأعرفها، ولكنني كما قلت لك يجب أن لا نقع في خطر تأليه أي شخص أو تمجيده بشكل مُطلق). إستمعت جيداً الى حديث الأخ الضيف، وعندما طلبتُ منه أن يُفصح عن إسم الشخصية التي في باله لكي أتأكد من إننا نتحدث عن نفس الشخص، قال لي الإسم بشكل صريح وسأحتفظ بذلك الى ما بعد.
بعد أن أنهى الأخ الضيف حديثه وبعد أن أضاف الأخ الآخر تعليقات أخرى عن أهمية التنظيمات القومية وضرورة الإعتماد عليها كقوة أساسية في دفع عملية ضمان الحقوق لشعبنا الكلداني الآشوري السرياني الى الأمام وضمن المسار الصحيح، قال (إن تنظيماتنا القومية قد تكون هشة وغير مُتماسكة في الوقت الحاضر ولكنها على الأمد البعيد ستصبح قادرة على إدارة الأمور السياسية لشعبنا بشكل مناسب) وقد أظهر هذا الأخ بعض التردد المُبطن في قبول كتاباتي الأخيرة عن كيفية تداول موضوع الحكم الذاتي وأهميته في حياة شعبنا وقال (إننا لا ينبغي أن نكون جزءاً من اللعبة السياسية بين حكومة المركز وحكومة الإقليم فنحن لسنا نملك الأهلية والقوة التي تؤهلنا لأنْ نكون جزءاً من هذه اللعبة).
بعد إصغاء جيد لهما وبعد أن أوضحتُ بعض الأمور بشكل سريع، تم الإتفاق على الإلتقاء ثانية في اليوم التالي في إجتماع أوسع ضمّ عدداً من الأخوة الناشطين في مجال العمل القومي من المُستقلين وغيرهم فضلاً عن الأخوين الضيفين. خلال هذا الإجتماع بدا واضحاً إن الأخ الآخر من الضيفين العزيزين يمتلك أيضاً بعض الحساسية من عملية الترويج لقبول وتنفيذ الحكم الذاتي لشعبنا الكلداني الآشوري السرياني وقد قال (أنا مع الحكم الذاتي لشعبنا تماماً ولكني أخشى ان نضع كل بيضنا في سلة واحدة ونُسلمه الى جهة ما، ثم نكون الضحية، أي إني أخشى أن نكون جزءاً من لعبة أكبر تلعبها القوى الأكبر على الأرض).
كان هذان اللقاءان مع الأخوين الضيفين على درجة عالية من الأهمية وقد أوضحت لهما، والى حد ما لكل الأخوة الآخرين في الإجتماع، إننا في مرحلة تستدعي منا العمل بسرعة وإن البرامج التي وضعتها التنظيمات المختلفة تأخذ في إعتبارها التطور الذي يستغرق وقتاً ليس قصيراً من الزمن، هذا  إذا ما كان لها برامج تطويرية أصلاً لأن بعضها عجز عن التطور ومواكبة ما ينبغي عمله في المرحلة التي تلت الإنتخابات الأخيرة وعملية صياغة الدستور وبعضها حتى لا يُدرك جدوى الزمن بشكله المعقول، وهذه المسألة لا نستطيع المضي فيها لوحدها، بمعنى إن ما يُعانيه أبناء شعبنا في الداخل وفي دول الجوار لا يُمكن معه الإعتماد على الأهداف الطويلة الآمد فحسب، لأن الزمن يعمل ضدنا أو بالعكس، لذا علينا إتباع أقصر السبل الممكنة للوصول بشعبنا الى بر الأمان. كما أوضحت للإخوة إننا نُواجه سؤالاً مُلحاً من كل الجهات الرسمية التي نلتقي بها، لا سيما الأمريكية والأوربية منها وهو: (مَنْ هو قائدكم؟ مع مَن يجب أن نتعامل؟) لا يُمكن لأية جهة رسمية في العالم ان تقبل جواباً منا بهذا الشكل: (إن قائدنا هو التنظيم الفلاني!)، لأنه لا توجد جهة في العالم تستطيع التعامل مع كل التنظيم، لا بد من شخص، لا بُدّ من قائد، وهنا لا نود الدخول في تفاصيل أهمية القائد ودوره في حياة الشعب أو التنظيم فقد سبق وأن أفردنا بضعة مقالات عن هذا الموضوع في الماضي القريب. علينا الآن أن نتفق على شخصية سياسية قادرة على إدارة الوضع السياسي لشعبنا الكلداني الآشوري السرياني بشكل كفوء، فوجود كل الشعب لا يعني الكثير سياسياً عند غياب القائد، وقراءة بسيطة الى كل تاريخ الشعوب نجد إن الشعب لا يستطيع الوصول الى حالة من القوة السياسية الواحدة بدون وجود القائد، فلا مناص من هذا الأمر. لن نصل الى أهدافنا بدون وجود القائد، وهذا الخلل يجب التصدي له وحله بأسرع ما يُمكن لأننا بدون القائد مجرد قوة غير مُوجّهَة، وما أن نصل الى المرحلة التي نجد فيها القائد المُناسب ستُصبح المراحل الأخرى أسهل نوعاً ما في تسلسلها وإنسيابيتها.
لقد كان في نيتي منذ مُدة أن أكتب عن رأيي الشخصي بخصوص شخص ما أراه مناسباً ليكون قائداً جيداً لشعبنا، وفعلاً إصطدمت في مرحلة الإعداد والكتابة وحتى الإنتهاء من الموضوع بأفكار تُجادل في داخلي ما يُمكن أن يُثيره الآخرون بدوافع شتى عن موضوع كهذا وقد إفترضتُ مُسبقاً إن إبداء الرأي الشخصي بخصوص كفاءة شخصية ما في شعبنا وترشيحها لدور القائد لا ينبغي أن يُنظر اليه (اي الى إبداء الرأي) بمثابة تأليه لهذه الكفاءة وهذه المسألة نسبية طبعاً، وكل منا ينظر إليها من منظاره، ولكن لنرجع في الأخير ونتساءل: أليس من حق كُتابنا ومثقفينا ونخبنا السياسية وناشطينا وأبناء شعبنا عموماً أن يُعطوا رأيهم فيما يرونه مناسباً لهم وفي القائد المناسب لتطلعاتهم؟ لا سيما إذا ما إعتمدنا في تحليلنا على أسس منطقية واضحة ومقبولة، وبالتالي إن كان رأينا لا يُناسب أحداً يُمكنه أن يرد عليه ولكن ايضاً إستناداً الى أسس منطقية وليس على أسس عاطفية مُتشنجة أو كلامية غير هادفة، ويُمكنني على الأقل أن أبدأ بخطوة ما وهي أن أكتب عن شخصية قيادية أراها أنا شخصياً مناسبة لنا وليبدأ الآخرون ايضاً بالكتابة عن الشخصيات التي يرونها مناسبة، ومن ثم نتحرك في إطار توحيد الجهود بإتجاه الإتفاق، ليس الكلي وإنما الغالب، على القائد المناسب لشعبنا. هذه طبعاً ليست عملية إستفتاء لأن القائد المناسب يبرز من خلال أعماله وخدمته لشعبه، ولكنها مجرد محاولة إعلامية لإبداء رأي في موضوع شديد الحساسية والأهمية في حياة شعبنا في المرحلتين الحالية والقريبة القادمة.
أنا شخصياً أرى في شخصية أحد المسؤولين الحاليين من أبناء شعبنا قائداً مناسباً لقيادة شعبنا في المرحلة الحالية والمراحل الأولية التالية وهو يقوم بذلك فعلاً من الناحية العملية على مستوى الساحة الداخلية (وسأكتب في مقال آخر مَنْ هو ولماذا ارى ذلك) وهذا لا يُمثل رأياً مطلقاً وأبدياً وإنما رأياً نسبياً وأمدياً يقترن وجوده (القائد) بإمكانية تحقيق أهداف شعبنا الكلداني الآشوري السرياني وليس بإمكانية خلق دكتاتور أو طاغية أو حتى المُساهمة في ذلك، وفي ذلك، ربما، ضمانة لتجاوز مسألة التأليه والتمجيد المطلق للقائد الواحد أو كما يحلو للبعض تسمية هذا النوع من القادة بالقائد الضرورة.
فضلاً عن الأهمية الدائمة للقائد فإن وجوده سيزداد أهمية إنْ قُدّر لنا الحصول على الحكم الذاتي، ولنتمعن في الفقرة التالية التي وردت في كتاب بروتوكولات حكماء صهيون:
 "إذا سلمتم شعباً الحكم الذاتي لوقت ما، فإنه لا يلبث أن تغشـاه الفوضى، وتختل أموره ومن هذه اللحظة فصاعداً يشتد التناحر بين الجماعات والجماهير حتى تقع المعارك بين الطبقات وفي وسط هذا الإضطراب تحترق الحكومات، فإذا بها كومة رماد".
يُعطينا هذا النص، رغم نسبيته، إنطباعاً بأن مفتاح نجاح القوة السياسية للشعب هو القائد الذي يستطيع أن يكون في مرحلة الحكم الذاتي (كما هو الحال في مراحل أخرى مختلفة) بمثابة العامل المُوحد لكل الشعب وبدون ذلك ستؤدي التنظيمات المُختلفة دور اللاعب في حلبة المصارعة التي يُحاول فيها كل لاعب دفع غريمه الى خارج الحلبة. إن الإتفاق على وجود القائد ضروري جداً في حياة شعبنا، مثلما هو الحال مع كل شعوب العالم، ولا ينبغي أن نهمل هذا الموضوع ونضيع في الضبابية تحت ذرائع مختلفة كأن تكون الخوف من الإتفاق على فلان أو فلان بسبب الخوف من الإندفاع نحو تأليهه! أو الخوف من خلق دكتاتور جديد يعيد علينا ما فعله المقبور الفلاني او  العلاني. علينا أن نبدأ في مكان ما وبشخصية ما فالإنتظار والخوف لن يؤديان بنا الى الأمام بل سيقودان شعبنا الى الجمود والتراجع وربما الى هزيمة أخرى تُضاف الى سلسلة هزائمنا التي ما فتئنا نُسجلها منذ مئات السنين.
الموضوع الآخر الذي أثاره الأخوة وهو الحكم الذاتي وستراتيجيات تطبيقة وكيفية الحفاظ على الحيادية المُتوازنة لشعبنا وسط هذا التجاذب في المصالح بين القوى العاملة في المنطقة، فأنا لا أدعي القدرة على التنظير فيه ولكني سبق وأن كتبتُ ونشرتُ بعض الأفكار وأحتفظ بأخرى لا أراها صالحة للنشر في الوقت الحاضر.[/b][/font][/size]