المحرر موضوع: مسرحية وداعاً أيتها المستديرة  (زيارة 1128 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل كريم إينا

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1311
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
 

البطاقة التعريفية الأدبية



H   عبد الغني جرجيس حنا
H   مواليد 1/9/1967 نينوى/ قره قوش (بغديدا)
H   عضو الإتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق
H   الصفة شاعر 2002/ 536
H   عضو إتحاد الصحافة العالمية
H   2005/ 0877/ بروكسل

 
الإهداء



الى الرياح
التي أتت
من ثقوب
المسامير


المؤلف 2006 
الشخصيات
1.   بحر (شاب شُجاع)
2.   صحراء (فتاة يانعة)
3.   الأعمى (رجل حكيم)
4.   ضياء (أبن الرجل الأعمى لا يتجاوز الثانية عشر).
5.   الزمن القاتل (رجل مقنّع يرتدي ملابس سوداء يحمل في يديه سيف).
6.   المتوحش (شخصية غريبة الشكل لا تنتمي لفصيلة البشر)
7.   جلاّد آمر
8.   جلاّد ثاني
9.   جلاّد ثالث
10.   سجين (رهينة عند الجلاّدين)
11.   ريحانة (راقصة محترفة)

 
الفصل الأول
(المشهد الأول)

يبدأ المشهد.. أصوات صِراع تدور في مسامع المسرح.
تستمر حتى…؟ تدخل شخصية بحر الى المسرح مُسرعة وخلفها شخصية الزمن القاتل ويحدث صِراع بينهم أمام الساعة المعلّقة على جِدار المسرح (الساعة بلا عقارب).
بحر: أيُها الزمن القاتل اللعين، لن تنال مني ستنتهي أوقاتُكَ، أنت راحل سأنتصرُ عليك، أنت ستموت، وأنا سأحيا الى الأبد. 
الزمن القاتل: لا جدوى من الهرب، الوقتُ معي سأُمزقُ جسدك وسأنثرُ أشلاءَكَ في ظلمةِ أوقاتي.
الزمن القاتل يضرب بحر بالسيف عدة ضربات يقع بحر على أرض المسرح متألماً مغماً عليه، يتقدم الزمن القاتل أمام الساعة المعلّقة ويركع أمامها ثم يغادر المسرح
(تدخل شخصية صحراء الى المسرح تبحث عن رفيقها بحر)
صحراء: يا إلهي بحر، بحر، إنهض يا بحر، اللعنة على هذه الأزمنة.
(تشدّهُ من ذراعيه، يستفيق بحر ويئن من آلامهِ).
بحر: آه، آه يا جسدي (ينهض ثم يقع).
صحراء: هيا يا بحر هيا نهرب. (ينهض بحر)
بحر: نهرب إلى أين نهرب يا صحراء.
صحراء: إلى مكانٍ آخر بعيد عن هذا المكان الذي يحكمهُ الزمن القاتل.
بحر: أيُّ مكانٍ آخر. لقد قُتلت الجهات الأربع يا صحراء.
صحراء: وما الحل إذن ما الحل؟
(تدخل شخصية الأعمى ومعهُ الصبي ضياءه الأعمى ماسكاً بيده عصا، وضياء واضعاً يدهِ على بطنهِ يتضور من شدة الجوع).
الأعمى: ساعدوني أرجوكم ساعدوني.
صحراء: يا بحر. أترى ذلك الرجل والصبي معهُ.
بحر: أجل يا صحراء أجل كأنَ الرجل أعمى.
صحراء: يا رجل ما هيَّ حاجتكَ.
الأعمى: أرجوكِ أنا أبحثُ عن طعام لهذا الصبي سيموتُ جوعاً.
صحراء: المعذرة يا سيدي، الجفاف يحاصرنا.
الأعمى: يا إلهي ماذا أفعل.
بحر: لن تستطيع أن تفعل شيء لأننا ندور في دائرة الزمن القاتل.
 (يصرخ ضياء من شدة الجوع)
الأعمى: يا إلهي ماذا أفعل قلبي سينفجر.
صحراء: أعطني إياه سأنشدُ لهُ عسى أن ينسى جوعهُ وينام.
 (صحراء تأخذ ضياء وتجلس معهُ وتنشدُ لهُ)
 (تُطفئ الأضواء في المسرح)
 
الأنشودة:
ظلامٌ ظلامٌ
   ------   تَناثرَ حولَنا

غِلالٌ غِلالٌ
   ------   تُريقُ دِمائَنا

بَكينا بَكينا
   ------   مرارةَ موتِنا

رَجونا رجونا
   ------   شفيعَ سمائَنا

قلوبنا لنافذةِ
   ------   الخلاصِ تُصلي
ج
مِلؤها نحيبٌ
   ------   تُسبحُ تَرتجي

شَمسُنا رحلت
   ------   بالسوادِ توشّحت

(ينام ضياء وتعود الأضواء، الأعمى راكعاً يدعو سبيل النجاة، بحر يتجول في أرجاء المسرح يبحث عن طريق دائرة الخلاص)
صحراء: يا سيدي من أين لك هذا الصبي.
الأعمى: إنهُ ولدي ضياء.
صحراء: وأينَ والدتهُ.
الأعمى (بألم شديد): قتلها الزمن القاتل.
بحر: يوماً ما سأقضي على هذا الزمن اللعين.
الأعمى: إنهُ غدار، فقدتُ بصري بسببهِ.
صحراء: يا بحر، ماذا عن دائرة الخلاص، هل سنبحث عنها؟
بحر: نحن تائهون، فقدنا الطريق يا صحراء.
الأعمى (يؤشر بعصاه): من هنا الطريق.
بحر: ماذا أيُها الأعمى، كيف رأيتهُ، أنت تُبصرُ إذن
(صحراء وبحر يدورون حول الأعمى بنظرة إندهاش)
الأعمى: لا فرق، فقدتُ بصري لكن قلبي يرى وبهِ أُبصرُ.
صحراء (تركض وتحمل ضياء): هيّا هيّا نرحل من هنا بسرعة.


ينتهي المشهد

 
الفصل الأول

المشهد الثاني
(يبدأ المشهد صرخة مريبة تدور في المسرح، تدخل المجموعة الى المسرح بخوف شديد)
بحر: يا سيدي الأعمى، متى سنصل، لم نحصد سوى الرعب.
الأعمى: نحن في بداية الطريق، وأمامنا ينتشر الموت بكلِ أشكالهِ وعنفهِ، تماسكوا ولا تدعوا الزمن القاتل يخدع أبصاركم.
صحراء: أنا أكرهُ الموت.
ضياء: لا تخافي يا صحراء لن تموتي. أنا معكِ.
بحر: أنتَ صغير السنِ يا ضياء.
ضياء: لكن قلبي كبير.
 (فجأة يظهر رجل متوحش ويهجم على المجموعة ويفرقُها بصرخاتهِ، صحراء تُخفي ضياء خلفها)
المتوحش (يُطلق أصوات غريبة): ماذا تُخفين خلفكِ.
صحراء: إنه صبي صغير يحتضر من الجوع.
المتوحش: أعطني إياه سأكله.. سأكله.
(المتوحش يستغل تفرق المجموعة ويهجم على ضياء ويحملهُ ويحاول الهرب بهِ، صحراء تُمسك بأقدام المتوحش وتصرخ)
الأعمى: يا بحر أنقذ ضياء بسرعة يا بحر.
بحر (يصرخ): سأقضي عليك أيُها المتوحش، سأقضي عليك.
 (ينتقض بحر على الرجل المتوحش ويبدأ صراع قوي بينهم. أثناء الصِِراع تظهر شخصية الزمن القاتل متربّصة تُحاول ضرب بحر بالسيف، صحراء والأعمى يخفون ضياء خلفهم، يتقدم الزمن القاتل ويضرب بحر بالسيف، ينبطح بحر أرضاً والضربة تُصيب المتوحش، يسقط المتوحش على أرض المسرح مطلقاً صرخات عالية، يتقدم الأعمى ويرفع عصاه بوجه الزمن القاتل فيرتعب ويهرب خارج المسرح، المجموعة أيضاً تهرب خارج المسرح).

ينتهي المشهد
 
الفصل الأول
المشهد الثالث
(يبدأ المشهد.. تدخل المجموعة تعبة من الأحداث والجوع، الأعمى يجلس مع ضياء، بحر وصحراء يستلقون على أرض المسرح (منهكين)
بحر: اللعنة على هذه الأزمنة.
صحراء: السنين تمضي ونحن ما زلنا على هذا الحال.
الأعمى: علينا أن نصبر.
ضياء: أجل بالصبر سنجتازُ الِصعاب.
بحر: يا سيدي الأعمى، بحق السماء قل لنا ما هي الرؤيا التي تراها لهذه الأزمنة. الموتُ يلتفُ حول بقايانا.
صحراء: حقاً إنها أزمنة صعبة وقاتلة. أهكذا كانت العصور منذُ الخليقة.
 
(الأعمى)
زماني وأزمنتي
غادَرها المطرُ.. والضوءُ
مَحطاتي.. مَضت تنزِفُ
بقايا أنهاري.. لترسو
في تقاويم العُصور أشلائي...
تنهمرُ عليها نوافذُ الجمر... 
وترحلُ خلف مدارج.. أيقظها
الأنتظارُ.. تصرخُ
من فوضى مذابحي
أعاصيرُ نجيعي
.... زهرةُ أكفاني
وتلوذُ في فجوة الصفاء
فتحملُها رياحٌ.. أتت
من ثقوبِ المسامير
(تأتي أصوات رياح قوية تدور في مسامع المسرح)
صحراء وبحر: ما هذه الرياح..؟ ما هذه الرياح..؟ من أين تأتي؟.
(بعد قليل تذهب أصوات الرياح)
الأعمى: إنّها دموعُ الأرض تغتلي في تُرابها، وهذهِ الرياح تَحمِلُها إلى فضاءات بعيدة.
صحراء: وهل ستبقى تغتلي هكذا.
الأعمى: لا أدري ـ لا أدري.
بحر (يُمسك برأسهُ): وأنا أيضاً لا أدري السماءُ تُمطرُ على الأرض أم الأرض تُمطر على السماء.
صحراء: يا سيدي الأعمى ماذا عن ضوء الخلاص الذي نبحثُ عنهُ؟. هل سنجدهُ؟.
بحر: أنا أخشى أن نكون كالذي يركض خلف السراب.
ضياء: في قلبي أملٌ كبير يفوق الرؤيا التي ترونها.
الأعمى: أمامنا طريق صعب.
ضياء: إذا قاومنا الصعاب سنصل.
صحراء: وهل هناك من سَيمنعُنا.
الأعمى: أجل هناك الكثيرون سيحاولون مَنعَنا، لكن إذا وصلنا دائرة الخلاص لن يستطيعوا اللحاق بنا.
بحر: وكيف.
الأعمى: لأنهم سيبقون على الأرض.
ضياء: هم إختاروا الأرض، ونسوا أنها زائلة.
بحر: يا سيدي الأعمى أنت حكيم تكلم معهم بالحكمة، وإشرح لهم خطورة الأمر.
الأعمى: لا تَرجوَنَ أولادَ الموبِقاتِ أمراً، فَمِنهم رَحَل الأصلُ والحياءُ.
ضياء: هيّا نُكمل مسيرتنا هيّا.
المجموعة: هيّا هيّا (يركضون خارج المسرح)

ينتهي المشهد
 
الفصل الثاني
المشهد الأول

(يبدأ المشهد المجموعة نائمة ينهض ضياء وينادي على البقية)
ضياء: أبي.. صحراء.. بحر هيّا إنهضوا، هيّا نرحل ونسبق الزمن القاتل إنهُ يلاحقنا هيّا بسرعة.
 (تنهض المجموعة وتبدأ رحلة البحث عن ضوء الخلاص الأبدي بالسير البطيء حول المسرح، أضواء المسرح تتغير وصرخات مريبة مجهولة ترتفع في صدى المسرح، صحراء تتمسك ببحر خائفة، الأعمى يمدُ عصاه باحثاً عن أثار سير الأقدام)
الأعمى: لا توجد أثار سير الأقدام في هذا الطريق مُنذُ زمنٍ بعيد.
صحراء (بخوف): ربما، ربما أخافتهم هذه الأصوات وعادوا، أو تعرضوا لمكروه، يا بحر أنا خائفة هيّا نعود يا بحر.
بحر (يصرخ): كلا، لن أعود، أُريدُ أن أُنهيَّ عذاباتي، هيّا معي لا تترددي، هيّا يا صحراء كفانا نمشي على هذه الأرض الموحلة.
(تُصاب صحراء بالهذيان وتعود راكضة الى وسط المسرح، يعود بحر خلفها لإقناعها بالعودة والرحيل معهم، الأعمى وضياء يجلسون ويتضرعون للسماء)
صحراء: كلا لن أترك الأرض، أنا الصحراء، أنا النقاء، أنا آلهة نعم أنا آلهه، الرمال تسجدُ لي أنا آلِهه.
بحر: صحراء تحملّي لم يبقَ إلا القليل أين قوتكِ.
(تنهض صحراء وتلف يداها حول جسد بحر)
صحراء: هيّا عُد معي يا بحر، هيّا نتمتع بالحياة سيأتي المطر والشمس ستُشرِق.
بحر (منفعلاً): مستحيل ـ مستحيل وباءُ الشر قد إنتشر، والأوقات الزائفة دخلت أزمنتنا وبدأت تنخُرها، صحراء نحن في عصرٍ غريب ومبهم لا وقت لنا فيه.
صحراء: لا تهتم يا بحر، عُد معي أنظر كم أنا جذابة، أنا أعشقُ أمواجكَ يا بحر وأعشقُ زبدكَ الذي يعانقُ رمالي.
بحر (يصرخ): كلا ـ كلا لا تدعيني أقعُ مرةً أخرى، كرِهتُ الأوقات الزائلة، كرهتُ هذه الأرض.
صحراء: لا تنسى إننا خُلِقنا من تُرابها.
بحر: هذا لا يعني الإلتصاق بها، هيّا نعود من حيث أتينا أصواتُ البدايات تُنادي هيّا يا صحراء.
صحراء (بحركات إغراء): أين أمواجَكَ العارمة التي كانت تتلاطم بنقائيَّ العذب، لا تنسى طعم الحياة، سأنثرُ رمالي على جنونِ أمواجك ونتمتع بهما، أُريد أن أغوصَ بأعماقك.
بحر (ينفعل ويصفع صحراء): كفا ـ كفا ـ لقد قُتلت الجهاتُ الأربع، وهذه الأرض ليست مُلكاً لنا، لنا مكانٌ أخر ألذُ وأمتع.
 
 
(يتقدم الأعمى وضياء نحوهم)
الأعمى: أجل نحن الأبرياء لنا قوتُ أشهى وأعذب تُشعُ مِنهُ أنوارُ الخلاص.
(تقع صحراء على أرض المسرح مغماً عليها)
(المجموعة تترك صحراء وتخرج خارج المسرح)
(الزمن القاتل يدخل المسرح ويستعرض بحركات توحي بالقوة والكبرياء، ثم يتقدم نحو الساعة المعلقة على جدار المسرح ويركع أمامها ثم يغادر المسرح)
بحر (يُنادي من خارج المسرح): صحراء، صحراء، صحراء.
 (تستفيق صحراء وتصحو من الهذيان)
صحراء: آه، آه ماذا أصابني، ماذا قال، قُتلِت الجهاتُ الأربع، الأرضُ ليست مُلكاً لنا، اللعنة على السراب، اللعنة على السراب.
 (تركض خارج المسرح وتلتحق بالمجموعة)
 (بعد قليل، تعلو أصوات وصرخات تعذيب في أرجاء المسرح)
 (تدخل المجموعة إلى المسرح خائفة من الأصوات)
بحر: يا سيدي الأعمى، هذه الأصوات فيها خوفٌ رهيب.
الأعمى: الخوف، الخوف هو الذي قتل هذه الأرض.
ضياء: دعونا من الخوف، سنستمر بالبحث عن ضوء الخلاص ونترك هذه الأرض اليابسة بِكُل معانيها.
صحراء: يا سيدي الأعمى من هم أصحاب هذه الأصوات.
الأعمى: أولئك إلتصقت بأجسادهم أشياء لا ترغب بها دائرة الخلاص.
صحراء: وما الذي إلتصقَ بأجسادهم.
الأعمى: أشياء زرعوها ونمت.
بحر: وماذا زرعوا.
الأعمى: زرعوا الخوف، زرعوا الظلام.
بحر: وهل سيبقون في العذاب؟.
الأعمى: سيبقون حتى ينتهي الحصاد، إسمعوا إذا وصلنا دائرة ضوء الخلاص يجب عليكم أن تقولوا معي دُعاء يوقفُ تقدم الأشرار نحونا.

(تلتف المجموعة حول الأعمى)

وماذا سنقول يا سيدي ماذا سنقول

ينتهي المشهد
 
الفصل الثاني
المشهد الثاني

(يبدأ المشهد.. الجلادون الثلاثة واقفين وفي أيديهم سياط يجلدون بها شخصية السجين الممتدة على أرض المسرح، ودائرة الخلاص مرسومة في إحدى زوايا المسرح ومنها يشعُ ضوء، أثناء عملية تعذيب السجين، يصرخ من الألم ويصيح: خذوا جسدي ودعوني أرحل، خذوا جسدي ودعوني أرحل)
الجلاّد الآمر: ماذا يقول؟، أنا لم أفهم ماذا قال؟.
الجلاّد الثاني والثالث: ونحن أيضاً يا سيدي لم نفهم ماذا قال؟.
الجلاّد الآمر: رُبمّا تختلف لُغتنا عن لُغته، أيُها السجين إذا دخلت معنا في الوقت الذي نحن فيه، سنطلقُ سراحَكَ.
السجين: اللعنة على هذا الزمن القاتل، اللعنة على هذا الزمن القاتل.
(ثم يغمى عليه من شدةِ التعذيب)
الجلاّد الآمر: هيّا خذوه وإرموه في السجن مع رفاقه.
الجلاّد الثاني: يا سيدي دعني أُعذبّه أكثر فأنا أستلذُ بهذا العمل إنهُ ممتع. (يضحك)
الجلاّد الثالث: أجل يا سيدي، دعنا نعذبهُ أكثر الوقتُ معنا وعقاربهُ في أيادينا.
الجلاّد الآمر: يكفي هذا الآن، خذوه وإرموه مع رفاقهِ في السجن.
الجلاّد الثاني والثالث: سمعاً وطاعةً يا سيدي.(مع الإنحناء)
(يحملون السجين ويُنـزلون به الى مكان حضور الجمهور ثم يعودون الى المسرح وينحنون أمام الجلاّد الآمر)
رميناه في السجن مع رِفاقهِ يا سيدي
الجلاّد الآمر: يضحك، أجل إني أراهم، أعدادهم كثيرة. (يضحك) لا بأس سنستمتع بتعذيبهم، والآن نعم ياسيدي، إذهبوا وأحضروا قارورة الخمر، سنحتسي ونحتفل بالموت الكبير الذي أصاب الأرض، هيّا إذهبوا.
(الجلاّد الثاني والثالث يهرولون ويحضرون قارورة الخمر وثلاثة أقداح، ثم تبدأ جلسة إحتساء الخمرة)
الجلاّد الآمر: هيّا إشربوا هيّا آه كم أنت ِ لذيذة أيتها الخمرة.
الجلاّد الثالث: هي لذيذة يا سيدي وتكون ألذّ إذا جالستها الراقصات الجميلات.
الجلاّد الثاني: أجل ـ أجل ذوقكَ رائع، يا سيدي الجلاّد الكبير أسألُكَ الى أيّ حدٍ هي لذيذةٌ عندكَ هذه الخمرة؟.
الجلاّد الآمر: أوه، إلى أبعدِ حدٍ يفوق نشوة الملوكِ والسلاطين.
الجلاّد الثاني: وماذا تقول عنها؟.
الجلاّد الآمر: أقولُ فيها وعنها.
 
(ينهض الجلاّد الآمر ومعهُ الجلاّد الثاني والثالث)
سأحتسي... سأحتسي
حتى أُمزقَ صحوتي
قبلَ أن تُخلق وَترتديني
سأحتسي.. حتى أنسُجَ
من أرديتي وشراييني
سفينةً تُبحرُ في أجسادِ
كُل الجميلات.
(تصفيق من الجلاّد الثاني والثالث)
رائع يا سيدي أنت الآن في قمة النشوة والسعادة
الجلاّد الآمر: حسناً، حسناً ليذهب أحدكم، ويدعوا راقصتنا الرائعة ريحانة لتُشاركنا هذا الحفل الكبير.
الجلاّد الثالث: سمعاً وطاعةً يا سيدي (مع الإنحناء يُغادر المسرح)
الجلاّد الثاني: يا سيدي منذ متى ونحن هنا في هذا المكان.
الجلاّد الآمر: منذ أول الأزمنة.
الجلاّد الثاني: ولِمَ لا نُجرّب وندخل في تلك الدائرة المضيئة ونرى ماذا يوجد خَلفَ تِلكَ الفضاءات البعيدة؟، يبدو لي أن ما ورائها أشياءٌ جميلة وجذّابة.
الجلاّد الآمر: لا تُجرب لن نستطيع الدخول.
الجلاّد الثاني: ولِمَ لا يا سيدي.
الجلاّد الآمر: (لأننا ثقلاء) ثقلاء بماذا (ثقلاء بالموبقات) وما هيَّ الموبقات (الجلاّد الآمر) يضحك ـ أنتَ ترتديها ولا تراها
(الجلاد الثاني يبحث في ثيابه)
لست أراها ولا أشعرُ بها، عجيب أرتديها ولا أراها هل أنا أعمى لا لست أعمى، ربما أكون غبي، مستحيل لو كنت غبي لما وصلت الدرجة من ... لا لن أبوح بشخصيتي.
يا سيدي الجلاد الكبير، قل لي ما هو الشيء الثقيل الذي أرتديه ولا أراه (أترى الكبرياء) كلا لستُ أراها (أترى البخل) البخل.. كيف يكون لا لست أراه (أتُحبُ الدعارة أم لا) ولِمَ نُسميها دعارة إنها لغة تُُترجم فلسفة الأجساد وتُحررها من الغموض (حسناً ـ حسناً وما رأيك بالغضب) الغضب يجعلني سيداً والآخرون يهابونني (وماذا عن الكسل؟) ليس كسلاً بل راحة طويلة (والشراهة) ليس الأمر بيدي فأنا لا أشبعُ أبداً، لكن يا سيدي كيف إرتديناها ونحن لا نعلم؟.
الجلاّد الآمر: إرتديناهُ بإرادتنا.
الجلاّد الثاني: وكيف نتخلص منها.
الجلاّد الآمر: بمعجزة، بمعجزة فقط.
الجلاّد الثاني: وكيف تكون المعجزة؟.
الجلاّد الآمر: يصرخ ـ كفى أيُها الجلاّد الصغير كفى وإلا أمرتُ بجلدكَ حتى الموت.
الجلاّد الثاني: بخوف ـ حسناً يا سيدي لا تغضب إملأ كأسكَ وتمتع ولا تفكر بشيء أبداً سوى الخمرة إنتعش يا سيدي ودعنا نحلّق ونطير إلى أبعد الفضاءات سنطير بلا أجنحة بلا بساط سنعلو بين طيات الكون الفسيح.
الجلاّد الآمر: ونأخذ الأرض معنا، والخمرة أيضاً (يطلقون ضحكات عالية).
(تدخل الراقصة ريحانة مع الجلاّد الثالث بحركات واقعة على أنغام الموسيقى)
الجلاّد الآمر: أهلاً.. أهلاً ريحانتي تفضّلي وشاركينا هذه الأمسية الرائعة.
الجلاّد الثالث: غازلها يا سيدي.. غازلها.
 
(الجلاّد الآمر يُمسك بيد ريحانة ويتمعّن النظر فيها) 

أنتِ.. أنتِ التي تمشين
على تفعيلة عشقي.. أنتِ
التي حيرتِ شعري وشبقي
لو كان جسدُكِ قبري
لقتلتُ الآن نفسي
 (يسقط الجلاّد الآمر على أرض المسرح تمثيلاً لمعنى النص الشعري ثم ينهض) 
(تصفيق من الجلاّد الثاني والثالث وريحانة)
 
ريحانة: يا سيدي قصّر كل الأبعاد ودع برقكَ يَخترقُ غيوميّ الصيهاء.
الجلاّد الآمر: سأفعل.. سأفعل (يطلقون ضحكات عالية) وكيف سنبدأ أُمسيتنا يا جميلتي.
ريحانة: بالرقص يا سيدي.
 (ترقص ريحانة على أنغام الموسيقى والجلاّدون معها)


ينتهي المشهد
 
الفصل الثاني

المشهد الثالث والأخير
يبدأ المشهد.. الجلاّدون نائمون، تدخل المجموعة الى المسرح بحذر
الأعمى: أنتظرُ ستفعلون كما أوصيتُكم.
ضياء: لا تخافوا، سنرحل ونترك هذه الأرض وما فيها.
بحر: ضياء أنتَ ستتقدم وتعطينا إشارة البدء.
 (يتقدم ضياء ويدور حول الجلاّدون ثم يركض نحو دائرة الخلاص
المرسومة في المسرح ويركع فيها ثم يُعطي الإشارة لبقية المجموعة،
يتقدم الأعمى وبحر أما صحراء فتبقى واقفة في مكانها خائفة من الجلاّدين، يعود بحر ويحمِلها ويدخلون مع ضياء والأعمى
ويبدأون بالدُعاء بصوتٍ منخفض).
 
الدُعاء
صوتٌ نادى 
   ------   في دواخِلنِا

نحنُ العُراةُ
   ------   تركنا أجسادنا

يا من وشمتَ
   ------   الخلاصَ بقلوبِنَا

توِّج صبرَنا
   ------   تقبل أرواحَنَا

بِكَ نستنجِدُ
   ------   مَلكوتاً جديد

أنتَ الغنيُّ
   ------   أنتَ المعُيد


(أثناء الدُعاء تنهض شخصية السجين من بين الجمهور وتصعد إلى المسرح، ويستعرض السجين بحركات توحي وكأنه يخلع من على ظهره، جبل وحركات أُخرى وكأنه يخرج من باطن الأرض، ينتهي الدُعاء ويسود السكون والمجموعة تنتظر).
صحراء: لم يحدث شيء، لم يحدث شيء.. أين الخلاص، أين الخلاص.
(يتقدم السجين نحو الساعة المعلّقة على الجدار ويكسرها بقوة وعنف ثم يدخل إلى دائرة الخلاص مع المجموعة)
الأعمى: كرروا الدُعاء بصوتٍ أعلى هيّا معي هيّا.
(يكررون الدعاء بصوت مرتفع)
(أثناء الدُعاء تدخل شخصيات إلى المسرح ترتدي ملابس بيضاء
بهيئة ملائكة وتدور حول دائرة الخلاص
ويخرجون المجموعة خارج المسرح)
 (الجلاّدون ينهضون ويحاول الزحف للوصول والإمساك بالمجموعة لكن قوة خفية تُعرقل حركتهم، يحاولون مرة أخرى ويصلون إلى دائرة الخلاص فجأة يسطع ضوء كالبرق في المسرح فيحرقهم ويسقطون قتلى، يعود ضياء إلى المسرح بثياب بيضاء وينادي:
سأعود أيتُها المستديرة، سأعود أيتُها المستديرة لِعدة مرات.
(ثم يغادر المسرح).

تنتهي المسرحية