لماذا اختار المؤسسون السريان التسمية الاثورية لحزبهم القومي (مطكستا) وليس السريانية ؟
-----
من المعروف ان اغلب مؤسسي المنظمة الاثورية الديمقراطية (مطكستا) التي انبثقت في مدينة القامشلي بسوريا سنة 1957 كانوا من اتباع الكنيسة السريانية الآرثوذكسية وكانوا في حينها من الرواد الاوائل للفكر القومي الحديث لامتنا فأختاروا تسمية الاثورية وليس السريانية رغم انتمائهم الكنسي السرياني ان هذا الاختيار لم يكن إعتباطاً او عاطفيا او من اجل غاية محددة وإنما جاء كنتيجة لقراءتهم برؤية عميقة وبوعي قومي وسياسي ثاقب وناضج وكامل لتاريخ امتنا وللظروف المحيطة بشعبنا في تلك الفترة بأعتبارها تسمية تاريخية حضارية لأمتنا وقد ورثها ابناء واحفاد امتنا هذه التسمية من أجدادهم العظام وأستعملوها كهوية قومية لهم وبصدد ذلك اوضح رأي الشخصي الاتي :
1 - تأسيس المنظمة الاثورية الديمقراطية :
---
تأسست المنظمة الاثورية الديمقراطية في الخامس عشر من تموز عام 1957 بمدينة القامشلي في سوريا كنتيجة نضالية وفكرية وتنظيمية لعقود طويلة من معاناة ابناء شعبنا وكنتيجة طبيعية ايضا لمخاض طويل دام عقودا من الزمن وخلاصة لرؤى وأفكار وتوجهات ونضال الرواد الاوائل من حركتنا القومية امثال امير شهداء شعبنا البطريرك مار (بنيامين شمعون) والاميرة الاشورية (سورما خانم) والبطريرك الشهيد مار (ايشاي شمعون) والقائد القومي (اغا بطرس) و الشهيد (اشور يوسف بيت هربوت) والشهيد (فريدون أتورايا) و والملفان (نعوم فائق) و (فريد نزها) و (سنحاريب بالي) و (شكري جرموقلي) وغيرهم ممن ناضلوا في سبيل الحفاظ على وحدة هوية امتنا ونيل حقوقها القومية المشروعة لذلك يعتبر تأسيس المنظمة الآثورية الديمقراطية كأول تنظيم سياسي قومي حديث في صفوف شعبنا تقريبا وعلى أيدي نخبة من شباب شعبنا الواعي والمؤمن بوحدة شعبنا القومية
ممَن تأثروا بمعاناة شعبهم وأدركوا بحسهم القومي العالي أن الحفاظ على الهوية القومية لشعبنا وبلوغ كامل حقوقه المشروعة في الوطن ورفع الغبن والحرمان والتهميش والظلم الذي لحق به لا يمكن أن يتحقق إلا بالعمل السياسي القومي المنظم من أجل وضع قضية التنوع القومي في إطارها الوطني الديمقراطي والدستوري الصحيح على أسس الشراكة الكاملة والمواطنة الحقة والعيش المشترك وهنا لا بد من التأكيد ان المنظمة الآثورية الديمقراطية تؤمن بأننا امة واحدة وشعب واحد وتناضل من اجل الحفاظ على الوجود القومي لشعبنا الكلداني السرياني الآشوري وتحقيق تطلعاته القومية المشروعة في وطنه التاريخي في بلاد مابين النهرين وان المراحل التاريخية المتعددة من حضارة شعبنا في سومرية وآكدية وبابلية وكلدانية وآشورية وآرامية وسريانية هي جميعاً تسميات قومية لها مدلولات حضارية عرف بها شعبنا وفق السياق التاريخي لكل تسمية وتؤمن المنظمة كذلك ان شعبنا له الحق بالعيش على أرض وطنه الاصلي متمتعاً بكامل حقوقه القومية والإنسانية والتاريخية بالتساوي مع كافة المكونات التي تشاركه العيش على هذه الأرض في إطار ديمقراطي يتميز بالعدالة والمساواة والحرية وسيادة القانون
2 - لماذا لم يتم اختيار السريانية ؟
----
السـريان والسريانيـة هي مرادفـة ل سورايـي وسـورث وبذلـك فهـي تسـمية دينـية (سـريان - سـورايي) أصـلا وثـم إمتـدت اللفظـة لتكـون تسـمية للغـة المنتـمين الـى هـذه التسـمية الدينـية سريانية - سـورث وبذلـك لا يمكـن أن تكـون تسـمية قوميـة والتسمية السريانية ما هي الا عبارة عن نحت لغوي من التسمية الآشورية حيث سميت كل منطقة الهلال الخصيب التي كانت تحت نفوذ الإمبراطورية الآشورية ب (سوريا) من خلال اللفظ اليوناني حيث لا وجود لحرف الشين باللغة اليونانية وذلك منذ أربعة قرون قبل الميلاد وعليه سميت كل بلاد الرافدين وحتى شاطئ المتوسط بسوريا حيث سماها اليونان ASSYRIA وشعبها ب ASSYRIAN̤ ونحت هذا الاسم الجديد من خلال اللغة الآرامية التي كانت لغة عموم الإمبراطورية الآشورية ب سورويو أو سورايا ومنها جاء أسم سريان للعربية
وبالتالي فإن الاسم السرياني مشتق عن الاسم الآشوري فهما يعنيان شعبا واحدا وبالتالي كل سكان سوريا والرافدين من الآشوريين والآراميين والكلدانيين سميوا منذ القرن الرابع قبل الميلاد بالسريان ولغتهم أيضا سميت بالسريانية وهي بعدة لهجات ولكن للأسف لا تزال هذه الحقيقة يجهلها كثيرون فإن النخبة القومية من السريان في سوريا هم من أسسوا أول منظمة سياسية قومية هي المنظمة الآثورية الديمقراطية وسموها بالاسم الآثوري الذي يعني تماما الآشوري حسب اللفظ السرياني علما ان مثلث الرحمة المطـران مار (أوجيـن منـّا) شرح في قاموسه (السرياني - العربي) ص (487 ـ 488) معـنى كلمة سـورايا وإشـتقاقاتها ( سـورايا - سـرياني - آرامـي - نصـراني) إختصار أسـورايا أي أثـورايا - ملـة - ديانـة - لغـة سـريانية فـلفظـة السـرياني على رأي أغـلب العـلماء المحقـّين متأتيـة مـن لفظـة الآثـوري محرفـة بعـض التحـريف طبقـا لطبـع اللغـة اليونانيـة
3 - لماذا تم اختيار الاثورية ؟
---
التسمية لاي شعب في العالم ليست بالاهمية مثل العناصر والاسس والصفات التي تربط ذلك الشعب بمصيره القومي والوطني والتاريخي فالتسمية ليست هي الموحدة لمصيره وتطلعاته وحقوقه فحسب بل تعتبر الخصائص والعناصر القومية الواحدة هي السمات الجوهرية التي تجعل للشعب الاثوري - الاشوري سمة مميزة عن باقي الشعوب نظراً لطول الحقبة التاريخية التي مرت عليه وعلى حضارته ونظراً للتقلبات السياسية وصراع الامبراطوريات على أرضه ونظراً لكثرة ألقاب التاريخ القبلية وسوء تفسيرها وتشبث شعبنا ببعض التسميات الدينية مؤخراً دون وعي أو تمييز بين المفهوم الديني والمفهوم القومي كل هذا أدى ببعض من ابناء شعبنا الى التمادي في اطلاق تسميات قومية بمفهوم طائفي او قبلي أحياناً
وعلى هذا الاساس لا بد لنا أن نأخذ تسمية شعبنا والحقيقة البعيدة عن الغايات القبلية والطائفية تلك التسمية الشعب الاشوري وذلك انطلاقا من الحقائق التاريخية والجغرافية والموضوعية حيث ان وجود الاشوريون كشعب أصيل وغير دخيل في القسم الشمالي لبلاد ما بين النهرين وعاشوا كقبائل تعبد الاله اشور وسميت بذالك مدينتهم ومنه تسميته وعاصر الاشوريون كقبائل نشوء حضارة بيث نهرين منذ عصور ما قبل التاريخ المدون وكانوا شعباً ذو حضارة تتفاعل مع القبائل الاخرى في المنطقة قبل استيلائهم على السلطة فالاشوريون منذ نشأتهم الحضارية كانوا جزء لا يتجزأ من المنطقة فعملوا على توحيد شطري المملكة طوال حكمهم ولم يتوانوا لحظة بالدفاع عن بابل كما عن نينوى واستمر التاريخ في تسمية شعب بيث نهرين بالشعب الاشوري منذ استلام نينوى السلطة وحتى بعد سقوطها وكذالك ابان الحكم الفارسي واليوناني والروماني والعربي والعثماني والأوروبي والى يومنا بالرغم من أنه في العهود الأخيرة سمي شعبنا بالسرياني وذلك اشتقاقاً من الأسم الاشوري وأخيراً نحن اشوريون (بكل مذاهبنا الكنسية) لأننا نشعر بأنتمائنا للامة الاشورية وللحضارة الاشورية التي قامت في بيث نهرين على مر العصور
ان عناصر القومية الاشورية متكاملة منذ الالآف السنين ورغم تعرض تلك العناصر لمحاولات المحو والصهر الشوفيني من قبل الغزاة والاستبداد والعنصريين الا انها اطلت على القرن الواحد والعشرين وهي ما زالت تحمل في طياتها كل معاني الرباط القومي الواحد ولشعبها فبقيت الأرض مشتركة ـ بيث نهرين ـ تجمع هذا الشعب حتى اليوم ورغم تشتته القسري في بداية القرن العشرين وبقيت لغته الواحدة ذخيرة حية للانسانية جمعاء وعاداته وتقاليده وفلكلوره سمة تميزه عن غيره من شعوب المنطقة وكما لاقى من الآلام ما اشترك بها كل الشعب الاشوري على اختلاف طوائفه وأصبح له اليوم تطلع واحد نحو انتماء واحد والى مصير واحد ومستقبل واحد
انطوان الصنا
antwanprince@yahoo.com