المحرر موضوع: رحلة اجدادنا الشاقة  (زيارة 436 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل متي اسو

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 926
  • منتديات عنكاوا
    • مشاهدة الملف الشخصي
رحلة اجدادنا الشاقة
« في: 09:01 26/01/2015 »

رحلة اجدادنا الشاقة

نشأت الحضارات القديمة على ضفاف المياه . الماء عصب الحياة للأنسان ، يشرب منه ويزرع قوته ويعمل على تربية مواشيه . 
كان اسلافنا يشيّدون مدنهم وحضاراتهم على ضفاف الانهار ، انظر الى خرائط امبراطورياتنا القديمة ، الآراميون والآشوريون والكلدان ، وستجد أثار مدنهم على ضفاف الانهار . من بابل ومرورا بتكريت ووصولا الى نينوى .
  كانت اللغة الارامية ( السريانية ) لغة سورية القديمة . انتشرت اللغة الارامية الرسمية في العهد الاشوري ( 1100- 612 ق.م ) ، ثم تداولتها الوثائق الرسمية في مختلف المناطق الآشورية ، بعدها  تبنتها الامبراطورية الفارسية بدورها كلغة رسمية في الدوائر الحكومية في تلك الحقبة من التاريخ ، كانت الآرامية  قد انتشرت في العراق وفلسطين ( كان المسيح له كل المجد يتكلم الارامية ) .
أين هي تلك الامبراطوريات ؟  .. وماذا تبقى منها ؟ .. وما مصير ما تبقى منها ؟
أسئلة لا تبحث عن الجواب ، لان الجواب واضح ومعلوم .
كانت هناك ايضا امبراطريات اخرى جبارة اندثرت ، لكن شعوبها لا زالت فاعلة ولها دول خاصة بها تحكمها  ( الفارسية / ايران ، الرومانية / ايطاليا ، الاغريقية / اليونان ) .
فما الذي حدث لنا ؟... هناك من يحسدنا ويقول : " أليس بقاء القسم القليل منكم برهان على التسامح الذي أسبغه عليكم الاقوام التي غزتكم ؟... يا لجحودنا !!
انظروا اين تقع قرانا وبلداتنا ... يا لأجدادنا المساكين !! .. دُفعوا  بعيدا عن حافات المياه ..
وبعد ان تحوّلوا الى اقلية لا حول ولا قوة لها ، سكنوا بعيدا عن الانهار ، يخافون  " خوف الخروف من الذئب الذي ما ينفك يحاول الفتك به بحجة انه يعكّر عليه الماء  " ...
ومع ذاك ، كانت هناك دائما غزوات واعتداءات ، اقرأ تاريخ العراق  وتاريخ الاديرة وستجد الكثير من هذه الاعتداءات .
 هذا سهل نينوى ، واجدادنا يعملون على الاشتغال بالزراعة طلبا للعيش ، بسواعدهم وعرق جباههم يحرثون ويزرعون ويحصدون .. يزرعون معتمدين على الديم ، خائفون من سنة تقّل فيها الامطار ، يخرجون وهو ينشدون صلوات " الطلبات " ، يبكون ويتأملون ان ينعم الله عليهم بالمطر كي يوفروا قوتا للأطفال .. خائفون ان لا يهجم " الجراد " او " السنك " فيتلف ما كانوا قد تعبوا به طوال الايام .. خائفون ان  يلقي احدهم سيكارة فيشعل البيدر ويلتهم قوت الصغار ... خوف.. في خوف .. في خوف .... وفي الختام يأتي مأمور الاستهلاك ليأخذ حصة الدولة من هؤلاء الفقراء .
امهاتنا مشغولات طوال النهار ، اخراج وجلب الماء من الآبار ، ماء من " الخبراء " ، ماء من " مكينة الماء " البعيدة .. ولا تسأل عن مساهمتهن في الزراعة ، ولا عن توفير الخبز اليومي ولا عن جلب الحطب ولا عن اشغال البيت التي لا تنتهي ... وفي المساء حياكة للرجال والاولاد ... وتطريز على ضوء السراج .
عشرون  كيلومترا  او اقل ، ولا من يفكر بشق ترعة من النهر الى هؤلاء الناس !! . كان هناك دائما من لا يوافق  ويستكثر اية فائدة لهؤلاء " الاغراب " !!...ودولة نفطية عاجزة عن مشروع لا يصعب فعله على دولة فقيرة ... الذي يغيضني هو " الحرص الوطني " لدى البعض من طمع الاجنبي  بثروتنا النفطية !! .. عن اي نفط واية ثروة تتحدثون ايها السادة !!!... هل شعر احد منكم في يوم ما بـ "ثروته الوطنية ؟ "  أم طغى على  شعوره ، وكل ايام حياته وهو يهتف لـ " ثورته الوطنية " ؟ ... ثروتنا الوطنية ايها السادة يسرقها  " المحتل الوطني " على رأس " حزب وطني " أيا كان ...وحده يبذّر ويأكل الخيرات ... ونحن لا نحسن إلا التصفيق ورفع الشعارات !!... اين ما بنيناه بمجهوداتنا الشخصية ؟ لماذا هربنا وتركناه او بعناه بأبخس الاثمان ؟؟ 
 هذا العراق وهذا نفطه .. وهذا السيّاب لا ينفك يصيح " وفي العراق جوع " .
سكت الناس عن الاحلام  ... حلمهم اقتصر على طلب الامان ..