المحرر موضوع: أفكار ذكريات مع المطران الجديد مار عما نوئيل شليطا  (زيارة 3629 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل الأب نويل فرمان السناطي

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 169
    • مشاهدة الملف الشخصي
أفكار ذكريات مع المطران الجديد مار عما نوئيل شليطا
بقلم الأب نويل فرمان السناطي

بوحي من الصلاة المريمية: تعظّم نفسي الرب
 
لم اجد افضل من كلمات هذه الترتيلة، للإصداء على خبر انتخاب المونسنيور عمانوئيل شليطا، كعضو في سرب اساقفة الكنيسة الكلدانية، راعيا على إحدى ابرشياتها، المترامية في أطراف العالم، ليكون بأسقفيته على أبرشية مار أدي في كندا، منضمّا إلى المجمع البطريركي المقدس الذي انتخبه، لخدمة أبناء الشعب المسيحي الكلدان، وبمصادقة الحبر الروماني مار فرنسيس.
 وقد أتاح المطران المنتخب، قبيل رسامته التي باتت على الأبواب وقبل تنصيبه، ان يأتي تسليط الضوء بمنحى شبه تعريفي. وعندما حدّثتُ هنا احد الاشقاء في الكهنوت عن مشروع المقال، سرعان ما التفتَ الى ضرورة ان يكون العرض يعكس مشاعر اشقاء الكهنوت، في مقدمة تلك المشاعر، اننا ونحن نستقبل هذا الحدث من بدايات العقد الاول من عمر الابرشية، وما عاشته من مخاض، فقد جاء الحدث كولادة اطلقت الاسارير بنحو واثق مستبشر.
سكرستية ساسكاتون
في المدة التي خدمت خلالها خورنة ساسكاتون، كنت أسر بمسألة عملية، أن أجد في السكرستيا (وهو مكان تبديل الكاهن والشمامسة في الكنيسة قبل القداس، ومقر مفاوضات التسوية بين الشمامسة في توزيع أدوار الخدمة والقراءات) أن أجد قميص خدمة ابيض، معه إزاره مخيطًا معه لعجبي (built in)، وبدلة كهنوت ذهبية اللون. و للعجب الآخر، كانت حلـّة الخدمة الاوخارستيا، الى حد قريب بقياس كاتب السطور (ميديوم كنك سايز) حتى عرفت أنه للكاهن الذي كان يزروهم في المناسبات، الأب (المطران) عمانوئيل شليطا. وتشاء العناية الربانية انه ذاته سيزور هذه الخورنة ضمن رعاياه الكلدان في كندا، والأن بصفة أسقفها الجديد. يبدو أنه تركها، لزيارات لاحقة، وفي الآخر قال لهم اتركوها لديكم للحاجة. وكانت أول فرصة للتفكير في أنه كان ضمن عدد من الكهنة الذين كانوا يستقدمون للخدمة في المناسبات. لتكون منذئذ تلك الجماعة المباركة، واحدة من أولى الجماعات الكلدانية التي عرفتها في كندا.
ولما كانت المعلومات البطريركية، عن الاساقفة المعلنين، وافية بما لا يقتضي الترديد، فهذا المقال يأتي على شكل افكار مسموعة، عما نعرفه عنه، وما رأيته في أكثر من زيارة قمت بها، الى كنيسة رعيته، مار كوركيس الشهيد، ونزولي في ضيافتهم.
وفي المرّات التي سنحت لي زيارة مركز رعيته، كان يقوم بتلقائية ليرتب معي موعد القداس، وهو النَفَس الذي يرافقه مع كل كاهن يزوره، أحدهم الأب مهند الطويل الدومنيكي، والذي جمعني المونسنيور معه ومع أهله في لقاء مؤثر، كان انطلاق صداقة كهنوتية عميقة.
وبادر لغير مرة، لتقديم قرص للقداس الذي كنت اقدسه في مقر رعيته ،مار كوركيس، هذه الكنيسة الكبيرة والجميلة جدا. ويزيد، فيكرم بكياسة، كل كاهن يقدّس لديه برغم قدومه بغير موعد مسبق. لسان حال يذكرنا بتحريض الام الطوباوية تريزا دي كلكتا مخاطبة الكاهن: أيها الكاهن، إعمل وانت تقدس القداس، وكأنه دائما بنكهة  المرة الأولى التي تقدّس فيها وأنه قد يكون بعبق المرة الأخيرة.
وكان شقيق الكهنوت يمارس مع الكهنة مثل هذه الكياسة، على حدّ علمي، حتى في زياراته التي كان يزور فيها الوطن، بشغف اللبناني الذي يقصد مسقط الراس في اجازته السنوية.
وأذكر أنه بعد أن قدمني قبل سنتين، في قداس أقمته في كنيسة رعيته أني، في كلمتي الجوابية للمونسنيور المكرّم حديثا في مناسبة يوبيله الفضي، استشهدت بكلمة يوحنا المعمدان عن يسوع: له أن ينمو ولي ان أنقص. لتمضي الأيام على المونسنيور، الذي جاء بعدنا، في التلمذة بإكليريكية مار يوحنا الحبيب، فيشاء الرب أن يكون راعيا لأبرشيتنا الكلدانية في كندا.
 
صورة بالكلمات
كيف أجده: عصامي مكافح، كاهن ميدان مكتف بنعمة الكهنوت، تراه مغتنيا بما عنده، زاهدًا بكل ما من بعده.
اذا احتسبنا اليوم، استحقاقه من العمر الكهنوتي الممتد لثلاث عقود، تجده بلسان حال من يتفاجأ،  فإذا انبهر، سيكون ذلك الانبهار بتبني صلاة الشكر للعذراء مريم وهي تقول:
"تعظّم نفسي الرب... لأنه نظر الى تواضع أمته."
أما وقد صار ما صار، وأن رجل الله قد قبل برغبة السينودس المقدس، فحسبه ان يعمل بواقعه الجديد بنفس الاكتفاء والاغتناء والارتقاء والثبات، فتلك سنّة الخدمة في الكهنوت المقدّس. كيف وبأي مؤشرات؟
هذه نتف، استقيتها من المرات التي التقيته فيها سابقًا، إلى جانب مهاتفات على مدد متفاوتة، آخرها  للتهنئة، جرى خلالها بنحو سريع وضع شيء من ملامح هذه الصفحات. وسبق وأن تكلمت معه لمناسبة العيد، قبل الاعلان، حيث تحدثنا بأجواء كانت اشبه بأجواء "الخطبة غير المعلنة"، متحفظين محترمين الكتمان بينه وبين الرعية التي سيقترن بها، حتى يعلنونها متمنين الخير.
 
الكاهن ومجالس العزاء
أبرز ما استقيته عن مار عمانوئيل، من لقاء أسبق، تقاليد المآتم ومآدب التعازي وبرتوكولاتها. فقد دخلت، في صبيحة أحد، دار الكهنة لكنيسة مار كوركيس، وهو خارج من الدار، ولم يكن عليه مظهر شيء يذكر، حتى انتبهت الى مسحة خبر جديد، تبين انه كان وفاة ابن أخيه، شابا صارع من اجل العافية لزمن حتى دعاه الرب. أجابني عندما سألته عن مراسيم العزاء، قال: أنا كاهن، تعزيتي القداس، ودعوتي الصلاة من اجل المتوفين، فما الحاجة الى الرسميات الاخرى. هذا ما يوحي بإرساء تقليد، يبرز الصلاة، ويخفف من عبء الرسميات، ويجعلها معقولة مقبولة.
وضع كنيستنا يعرفه، ويعرف مستواه وثقله، واذا كان يتهيأ له أن يشخصه، خلال أحاديثنا، فيفعل ذلك بدون تشكي، بل باقتراح الحلول.
 
في مجال القداس والليتورجيا
في هذا المجال كنت وجدت راعي خورنة مار كوركيس، قد جمع مجموعة شمامسة، بنحو يثير العجب، لكونهم بأعمار واماكن واتجاهات متباينة، كيف؟ هذا ما يمكن ان نعرفه ونتعلمه فيما بعد، فالحال بين خمسة شمامسة لا يختلف كثيرا عن الحال بين خمسين.
أما عن القداس، فيرى ان عمل اللجنة الطقسية فيه، يستحق الثواب، وان البطريركية قدمت الى الابرشيات نسخة متكاملة، جديرة بأن نتوحد بشأنها طقسيا في كل مكان، وما ينقاش، ينقاش في مجمع ويعلن رسميا. واذا احتجنا استفسارًا عن هذه الفقرة او تلك، فعنده الجواب. أحد تلك الاستفسارات كان بشأن ذبيحة القداس، وسيجد طريقه إلى التبلور، كما أخبرني سيادته، في الاجتماعات الاكليريكية القادمة:
فقد طرحت عليه مؤخرا، ان كان مناسبا مكانها في القداس، تلك ترتيلتنا المعروفة لدى التقادم: اتكالا اتكلت على الرب، جسد المسيح ودمه الثمين على المذبح المقدس... (مسبارو سبريت بمريا، بغريه دمشيحا ودمه يقيرا...) وكيف وُضِعت هذه الترتيلة، في بداية القداس، وقبل كلام العشاء الاخيرة، او دعوة الروح القدس، حيث خلالها كما قال، تتم الاستحالة في طقس كنيسة المشرق.
عندئذ شرح المطران المنتخب كيف ان عناصر متعددة من الصلوات تدعونا الى ان نسبح لحضور المسيح جسدا ودما فيما بيننا... سواء لدى فرز التقادم وإعدادها، أو من خلال صلاة التقادم، عندما نطلب ان يقبل هذا القربان، وغيرها الكثير.
 
وكان الحديث عن تواصل الابرشية، على المستوى الاعلامي
إنها احدى الابرشيات الكلدانية تتواصل مع بعضها ليتورجيا روحيا اعلاميا، بانسجام مع الخط الاعلامي للبطريركية،. هل يكون موقع الكتروني للأبرشية، نعم ولكنه لن يكون رقما مضافا إلى المواقع الالكترونية، بل له أن يعكس واقع حال الابرشية، انشطتها واعلاناتها، ويصبّ في المجرى الاعلامي العام لمنبر البطريركية، مع ضرورة البحث عن آلية، تجمع مواقع الابرشية حوالي الموقع البطريركي لتكون مواقع الابرشيات من موقع البطريركية، بمثابة الشعاع من البؤرة.
 
التعرف الميداني على الابرشية وخورناتها
المطران المنتخب، كان يمضي خلال التداول الالكتروني بشأن محاور هذا المقال،  فترة انتظار الرسامة، تسبقها رياضة روحية تحضيرية. وبعد الرسامة، ولحين يأتي موعد التنصيب، سيبدأ العمل، كما نوه في أول مقابلة صحافية مع الصحفي السيد ماجد عزيزة، حيث ذكر بتواضع، أنه من ناحية الأبرشية، لا يعرف كثيرا عنها، وأنه واثق أنه مع الزمن والعمل سيتعرف بالتأكيد عليها وعلى كل شيء فيها، وحين العودة بعد الرسامة سيبدأ كل شيء، كما قال: سأبدأ من (الصفر) كي أعرف كل شيء عن أوضاع الأبرشية.
 
تواصل اليوم المشرق مع أمسه
على أنه في إشارة طيبة، تنم عن تواصله الايجابي مع ماضي الأبرشية، خاطبنا، مار عمانوئيل برسالة الكترونية، بشأن سياق ذكر الصلاة من أجل الرؤساء الدينيين في صلاة نقوم شبير، كتعليق لتساؤلنا بهذا الصدد، في رسالة الكترونية متداولة. وطلب ان تذكر الاسماء فيها بالطريقة الآتية:
مار فرنسيس الحبر الأعظم بابا روما، ومار لويس الجاثاليق بطريركنا، ومار عمانوئيل اسقف رعيتنا، وأبينا مار يوحنان، وسائر أبناء خدمتهم...، وبذكر مار يوحنان، تكون أشارة محبة من المطران الأصيل إلى المطران المستقيل، والاعتزاز بوجود ما يوحنان زورا فيما بيننا كأب وأسقف سابق للابرشية.
كما يؤكد الأسقف العتيد على ابرشية  كندا، على السعي لتكون اللغة السوادية في صلوات الشعب، ذات صيغة مشتركة على عموم الابرشية. ونتوقع ان يتناغم ذلك الى حد بعيد، مع السياق في الابرشيات الكلدانية بالولايات المتحدة الامريكية. والطريقة الى ضبط تكل الصيغة، يراها بتعميم الصلوات التي يرددها الشعب، في القداس، بما فيها قانون الايمان والصلاة الربية، بحيث تكون صيغة واحدة تساعد على الانسيابية في الصلاة، ويتم فيها تحاشي الكلمات العربية، وما يكون صعبا للفهم في البدء، يتم التعود عليه مع الوقت. وان هذا مطلوب في الدرجة الأولى على مستوى الشعب، لأنها صلوات جماعية، تقتضي الانتظام التعبيري لدى تلاوتها. وقد يختلف الموضوع بعض الشيء، عن الصلاة الفردية للكاهن، عندما يميل لسانه في الصلاة، نحو استخدام عبارات الصلاة، من هذه اللهجة أو تلك.
 
الافاق الكلدانية لأبرشية مار أدي في كندا
هذه، قبل نهاية المطاف وقبل ان الملم الاوراق، افكار من التي آمل ان يستعرضها المطران الجديد ولم يتسنى لي مشاركته فيها.
فمع استقرار أبناء الابرشية،  في كندا، وتبلور سياقاتهم الاجتماعية والثقافية، لا بد وأن راعي الابرشية الشاب سيجد بحكمته وخبرته الاسلوب المناسب للتعامل مع الحس الاثني المتزايد اكثر فأكثر لإعلان تميّزه أمام المجتمع الفسيفسائي  في كندا، بدون ضبابية، هذا الحس الذي يجمع الجماعة ويتيح لهم أن ينتعشوا اجتماعيا، ويرسخوا بانفتاح واغتناء حضورهم الكلداني الثقافي والاجتماعي والاثني المتشرب من الأصل القومي النهرين، مع التساؤل عن دور الكنيسة في كندا إزاء هذه الظاهرة، تساؤل مطروح أمام المطران الجديد بخبرته وموهبته.
مع أطيب التمنيات للاسقف الجديد لأبرشية مار أدي الكلدانية في كندا مار عمانوئيل شليطا، وللاسقف المرتسم معه مار باسل (باسيليوس) يلدو اسقفًا على بيث زبداي شرفا، والمعاون البطريركيّ  خلفاً للمطران جاك اسحق، ومبروك لأبشية مار توما الرسول - استراليا، مطرانها الجديد مار اميل شمعون نونا، خلفا للمطران مار جبرائيل كسّاب