أنا وآشور بيت شليمون ومار نرسي
بولس يونان
23 كانون الثاني 2015
رغم اننا لم نلتقي ابدا ولكن دار بيننا حوار حسبناه دردشة ولكنه تبين في الحقيقة انه جدال افلاطوني يبدو انه ليس له نهاية!. بيننا نحن الثلاثة مشاحنات وتجاذبات وجدالات. في خضم المعركة الكلامية هذه التي يبدو انه ليس لها نهاية, بيننا متكلمان والثالث مستمع! انها سخرية القدر ولعنة التاريخ لانه موضوع جدالاتنا وتراشقاتنا لا تخصنا نحن المتكَلِمَين الاولَين ولكنها تتعلق برفيقنا الثالث الساكت فينا. انه اكبرنا عمرا واوسعنا ثقافة واكثرنا تدينا واقلنا رياءا وتلفيقا ومع ذلك يأبى ان يتكلم او انه تكلم ولا زال يتكلم ولكننا لا نفهم ما يقول او نتظاهر بعدم معرفتنا او انكارنا اننا سمعناه يتكلم.
من نحن؟
احدنا كاثوليكي كلداني والاخر نسطوري آشوري والثالث مسيحي ...؟ ان سبب النقاش المحتدم بيننا ليس هو في اثبات مسيحيتنا لاننا نحن الثلاثة مسيحيين كما اعلنا في تعريف كل واحد منا فاحدنا كاثوليكي يتبع احدى الكنائس المسيحية والثاني نسطوري يتبع كنيسة مسيحية اخرى وثالثنا فقد اعلن بوضوح انه مسيحي يتبع الكنيسة الواحدة قبل ان تتشظى بصورة أُسية ويزداد عدد الكلمات التعريفية لكل واحدة منها وانه من مؤيدي افكار مار نسطورس قبل ان تسمى احدى كنائسنا باسمه!!!.
اذن جدالنا وتلاسننا ليس بسبب عدم اثبات مسيحية احدنا او ادعاء احدنا غير ذلك.
اذن ما هو سبب خلافنا؟
في الحقيقة انا الكلداني ورفيقي الاشوري قد اعلنا انتسابنا لقومية واعتقد ان كل واحد فينا مقتنع سواء بسبب سلسلة النسل او القناعة بانه (هو الذي هو). ويبدو ان رفيقنا الثالث وفي الزمن الذي كان يعيش فيه لم يكن بحاجة الى اثبات قوميته فانه اكتفى بالمسيحية كتعريف هوية. ولكننا انا واخي آشور لا يكفينا هذا الانتماء وحده لاكتمال تعريفنا, فاننا طالبنا رفيقنا نرسي بان يتكلم ويجب عليه ان يخلصنا من الورطة التي نحن فيها, ومع ذلك لا يريد الكلام ويبدو انه يستسيغ نقاشاتنا ويريد ان يعرف نتيجتها النهائية فانه التزم جانب الصمت المطبق.
امام هذه الورطة التي نحن فيها, علينا ان نبحث بانفسنا عن حقيقة قومية رفيقنا نرسي!. ارسل كل واحد منا مبعوثيه ومتحريه لنبش تاريخ هذا الذي لا يريد ان يتكلم. فشدوا الرحال الى حيث وُلِد اي الى قرية عين دلبى القريبة من دهوك العراق حاليا. اقتحموا كوخه الصغير وقلبوا كل محتوياته لم يجدوا فيه سوى بعض من المزامير والصلاة الربية ومناقب الرسل.
تتبع مرسلينا مناطق تواجد زميلنا الصامت فذهبوا الى دير كفر ماري الذي يرأسه عم نرسي المدعو عمانوئيل ولم يجدوا شيئا. ثم توجهوا نحو الرها حيث مدرستها الشهيرة فدرس فيها رفيقنا نرسي وتولى ادارنها فترة من الزمن, ولم يجدوا ما يبحثون عنه؟.
اين ذهب بعد ذلك رفيقنا نرسي؟ اعتقد الى مصيصة حيث تيودولس المصيصي الملفان. جال رجالنا في اروقة مدرستها ولكن لا يوجد ما يبحثون عنه.
اعتقد ان ملفاننا نرسي قد هرب من الرها الى نصيبين وذلك بسبب الخلاف الشديد بين اتباع المذهب النسطوري والمذهب المونوفيزي, بعد ان كان قد عاد اليها من مصيصة . وفي نصيبين ابى رفيقنا العنيد ان يترك لنا ما يدل على ما نريده ان يكون قومية له.
واخيرا نطق رفيقنا نرسي...هليلويا
يبدو ان نرسي ضجر من الحاحنا وانزعج من نبشنا في اماكن تواجده التاريخية وبما انه عبر المئة من عمره بقليل وقبل ان يستدعيه الرب الخالق الباري. وخوفا من ان ننبش قبره بعد مماته, اخذ يحرك شفتيه! اذن واخيرا سوف يتكلم نرسي الهاديء!!!.
ماذا قال ملفاننا نرسي؟
رفيقايا بولس وآشور, اسمعا جيدا, ما اعرفه ان والدي استشهدا خلال اضطهاد ابرام الخامس الفارسي للمسيحيين وخاصة الذين تركوا الزرادشتية واعتنقوا المسيحية . واعتقد انهما كانا فارسيين زرادشتيين وبسبب ذلك قطع الفرس رأسيهما!. انما لم يقولا لي ذلك لانهما لم يلقناني خلال الفترة القصيرة التي عشتهما في كنفهما وانا طفل صغير سوى ما اوصانا به ربنا يسوع المسيح...عند هذا توقف نرسي عن الكلام وامال رأسه قليلا الى الجانب. خِلناه قد نام ولكن تبين انه توفي وانتقل الى الذي ارسله.
نظرنا انا ورفيقي آشور الواحد الى الاخر ونحن مندهشان, حائران! فقد تركنا رفيقنا بدون ان يكمل كلامه ويفصح عن حقيقة قوميته, وانه بدون ذلك سوف نعود مرة اخرى انا ورفيقي آشور الى جدالنا العقيم!. ولكن ما استشفته من كلام رفيقنا نرسي قبل ان يغادرنا كأنه يقول بانه ليس بأشوري وليس بكلداني وليس بفارسي ولكنه نرسي السرياني او نرسي سوريايا! وان هذا ما قرأته عنه في كتب الطقس لكنيستنا المشرقية والذي لا زال ابناء كل من الكنيسة الكلدانية والكنيسة الاشورية يرتلون تآليف مار نرسي البديعة في صلواتهم ومنها الصلاتين الرائعتين التي تقال في ليلة الاعياد والاحاد وهي:
-(ܬܵܘܕܿܝܼ ܠܛܵܒܼܵܐ ܕܚܲܪܲܪ ܓܸܢܣܲܢ. ܡܼܢ ܥܲܒܼܕܿܘܼܬܼܵܐ ܕܒܼܝܼܫܵܐ ܘܡܵܘܬܵܐ܀...)
(تاوْدي لْطاوا دْحَرَرْ گِنْسَنْ. مِنْ عَوْدوثا دْويشا وماوْتا܀...).
( الشكر للصالح الذي حررنا. من عبودية الشرير والموت܀...)
-(ܢܘܼܗܪܵܐ ܕܕܹܢܚܹܗ ܕܲܡܫܝܼܚܵܐ. ܚܲܕܿܝܼ ܠܐܲܪܥܵܐ ܘܠܲܫܡܲܝܵܐ܀...)
(نوهْرا دْدينْحيِهْ دَمْشيحا. حَدِ لئَرْعا وْلَشْمَيا܀...)
(نور شروق المسيح. افرح الارض والسماء܀...)
فهل نعود كما كان رفيقنا مار نرسي قبل ان تتشظى كنائسنا واقوامنا؟ ام نستمر في مواقفنا وندعي كل منا احقيته واصالته وضلال وعدم اصالة الاخر.