المحرر موضوع: مأساة سماح الجزء ١ / بقلم سلوان ساكو  (زيارة 1613 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل سـلوان سـاكو

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 454
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني


مأساة سماح
( الجزء ١)

سلوان ساكو
 


لم تكن تتوقع سماح في يوم من الأيام أن يحصل لها ما حصل ، فقد كانت تنتظر جواز سفرها بفارغ الصبر لتلتحق بزوجها في كندا ، حيثُ جاء بسام قبل سبعة شهور الى قرية باطنايا يبحث عن عروس له قبل ان يفوته قطار العمر فقد بَلَغَ الأربعين قبل سنة ، فنصحه أهله وأقاربه ان يذهب الى العراق والى هذه القرية بالذات ، حيث أن جدته لأبيه من نفس البلدة  ، وبالفعل وفقْ في اختيار الفتاة الحسنة ، بفضل أقارب له من بعيد ، حيث كانت سماح في عمر الخامسة والعشرين ، وتكبر أخاها سامر بعامين ولها أخ صغير لم يتجاوز  الست سنوات  ولها اخت اكبر منها تعيش في أمريكا في ديترويت . الأب كان يعمل في حراسات الكنيسة في نفس المنطقة والام ربة بيت . حين جاء بسام الى القرية لم يكن يتوقع ان الاقدار سوفة تكون متربصة به الى هذا الحد، وحمقاء الى هذه الدرجة . فحين دق باب بيت سماح طالبن يدها للزواج مانع أباها في بداية الأمر بسبب فارق السن بينهما ، ولكن تحت ضغط الام  وتوسط الأقرباء وافق على مضض ، حيث كان يحبها كثيرا اكثر من باقي الأبناء بما تتسم به من هدوء ووقار وتشبه الى حد كبير والدته ، التي ماتت بسرطان القولون قبل ثلاث سنوات . وأشترط ان يعمل لها حفلة كبيرة ويدعو كل أهل البلدة  وتستمر من  الظهر الى اخر الليل ويتوفر بها اجود انواع المشروبات الكحولية وأنواع الأكل ، ففعل بسام ما طلب منه الأب ، وزاد عليه ، فقد دخلت الفتاة الشقراء الجميلة قلبه من أول نظرة وأصر عليها مهما كلّف الامر. وسارت الامور في يسر ، وتمت المراسيم في كنيسة القرية وذهبوا بعدها الى القاعة القريبة واستمر الاحتفال الى ساعات الفجر الاولى ، وبعد الانتهاء من الحفلة ذهبوا مباشرة الى  فندق راقي في دهوك ، وقضى الليلة الاولى هناك وأصبحت سماح من هذه الليلة  أمرأة . واتفق الاثنين ان يكملا معا الحياة في السراء والضراء.  وأتفقا على إجراءات معاملة  الزواج من أوراق مطلوبة الى حين تأتي الموافقة وبعد ذلك الفيزا وترحل الى كندا،  الى بيتها الجديدة ، الى عالمها الحالم الوردي  . هكذا كان المخطط المرسوم .
 وانتهت اجازة العريس وعاد الى كندا ينتظر بفارغ الصبر وصول زوجته التي تركها في بيت أهلها ، على أمل ان تكون المعاملة كاملة خلال ٦ أو ٨ شهر وبعد ذلك تذهب الى العاصمة التركيا انقرة وتأخذ الفيزا ، ويكون هو في انتظارها  في مطار توروينتو  كندا ، هكذا كان الاتفاق.  ولكن لا اتفاق مع القدر ، والحياة اصعب ان نضعها في قالب واحد . فقد تغير كل شي في أيام وساعات واصبح الحل مأساوي ، فبعد أن سافر بسام بثلاث شهور فَقَط سقطت مدينة الموصل بيد تنظيم الدولة الاسلامي داعش خلال فترة وجيزة  ، وبدأ المرض الخبيث ينتشر في الجسم بسرعة فائقة فسقطت أقضية ونواحي وقرى ما بين ساعات الصباح الأولى  والظهر . وهُجر الناس  من بيوتهم  وطِردوا في غفلة من الزمان لم يكونوا يتوقعونها ان تأتي هكذا وفي هذا الجيل ، فكثير من القصص والروايات كانت تُحكىْ وتتردد على الالسن ، ان اليهود قد خرجوا يوم السبت ونحن اي المسيحين يوم الأحد ، ولكن جاء الأحد على عجل كثيراً ولم يمهل أحد وقت .
دخل عناصر داعش الإرهابي الى قرية سماح في سيارات رباعية الدفع سوداء يعلوها الإعلام في فوضى وارتباك كبير.   قبل ان يصلوا بوقت قصير دخلت القرية في حالة هسترية من الخوف والرعب حيث وصلت الى مسامع الناس اخبار عن المذابح المروعة التي يرتكبونها في حق الأبرياء وأغتصاب النساء وسبي الفتيات ، هذا ما زاد الهلع والخوف أضعاف ، الكل يريد ان ينجو بنفسه وعائلته ، الكل يحاول الهرب الى  جهة الشمال ، وغريزة البقاء تتصارع مع الطبيعة  لتعيش ،  الناس تركض وتركب سيارتها  وتلوذ بالفرار فالتنظيم  الإرهابي قتلى ، لا مجال بمحاورتهم ، هم مثل كلاب مسعورة تريد أن تنهش.
 في هذا الهيجان المرعب والفوضى العارمة رحل أهل سماح دونها حيث  أعتقد  الأب ان تذهب مع بيت خالها سعد فهوا يملك سيارة خصوصي يعمل  بها  بالأجرة ، ولكن  أخذ هو  أسرته المكونة من ثلاثة افرد وأمه العجوز وأنطلق بأتجاه دهوك ، أهل سماح الباقين  اخذوا  سيارة جي أم سي مع أسرة اخرى وانطلقوا هم ايضا في نفس الاتجاه والاعتقاد السائد هو ان الفتاة برفقة خالها. وخلال ساعات قليلة فرغت البلدة  من الأشخاص ألا من بعض العجائز الذين لم يوافقوا على الخروج المذل هذا ، وبعض المرضى والمعوقين ، والباقي هرب . ظلت سماح واقفة مشدوها  في حالة رعب  لا توصف لا تعرف كيف تتصرف أو أين تذهب ، غريزتها دلتها أن تسلك طريق  الكنيسة من الجهة الغربية  على أساس ان يوجد الكاهن أو بعض من بقى من أبناء القرية ، ولكن في الطريق رأها احد أفراد التنطيم الإرهابي تركض مسرعة ، فلحقها وقبل ان تصل بوابة الكنيسة كانت تحت رحمة من ليس لهم رحمة ، فأقتادوها  الى الموصل مكبلة بالأغلال ، في آخر سيارة البيك أب . وفوهة البندقية  مسلطة على رأسها ، وغبار الطريق يعمي البصر .
وصلوا الى بيت متروك كان يملكه أحد المسيحين المهزومين  في منطقة  حي المهندسين . ادخلو سماح الى  احدى الغرف التي تحتوي على سبايا من كل الطوائف أزيدية شيعية تركمانية  كردية . حين أدُخلت الى الغرفة  الصغيرة الحارة والمحتقن جوها بروائح كريهة ، أرادت أن تستوعب الحالة فلم تقدر ، فوقعت مُغمى عليها  فاقدة الوعي عند عتبة الباب  .
استيقضت على صوت أجش مزعج ،  يصرخ بها انهضي  ياكافرة ، ويهزها بعنف  . وحين فتحت عينيها رأت وجه شيطاني ذوّ لحية كثيفة وحاجبان أسودان طويلان  وعينان تقدحان شرارة مملوئتين شهوة  ورغبة في الهتك والاغتصاب . دارت رأسها قليلاً فوجدت ان الغرفة فارغة تماماً ومسدولة الستائر  ، وهي مرمية على سرير من حديد ، حركت يدها اليسرى  فوجدتها متحررة من الأصفاد ، ارادت أن تقول اين هي الان ، وتسأل عن أبيها ، ولكن الوجه القبيح كان ينظر أليها برغبة جامحة ، امرها الداعشي أن تخلع ملابسها،  فلم تفهم عليه ماذا يريد فقد كان يتحدث بلهجة  جزائرية ، فعاد الكلام مرة اخرى ولم تفهم ايضاً ، فعالجها على الفور بكفه الثقيل وارتما فوقها ، دفعته هي بما تملك من قوة باقية ، ومدت اظافرها الى وجهه فغرزتها بعمق  فسال  الدم على خده الأيمن  ، وهنُا جن جنونه وخلع كل ملابسه تقريبا ، وارتما عليها مثل وحش هائج ، يضربها بقسوة بالغة ، حاولت  في البداية ان تصده ولكن مع الضرب الموجع والجسم الثقيل انهارت قواها وأستسلمت ، وأتم له ما أراد فأغتصبها   بوحشية وتركها مرمية على السرير تأنُّ من الالم ، وهي تريد ان تستيقض من هذا الكابوس المرعب ، ولكن لم يكن كابوس مع الأسف . بعد نصف ساعة دخل عليها  شاب داعشي اخر ذو ملابس سوداء قذرة ، وفعل بها ما فعل الاول ، ولكن اكثر شدة وقساوة الى ان سالت الدماء من بين فخذيها، حارّة تشق طريقها الى أسفل  السرير . وخرج الداعشي القذر من الغرفة وقفل الباب خلفه  وتركها تلوج في أحزانها  ودمائها اللزجة ، أرادت ان تصرخ مستغيثة  ولكن لم تقدر.  فغيمة سوداء داكنة  كانت تلوح فوق رأسها ، وسرب من الغربان يطير بقربها . غابت عن الوعي ونزلت الى  بئر عميق ليس له قرار .
   
ملاحظة مهمة : كل الأسماء و الأماكن وأن جائت مطابقة للواقع هي من وحي الكاتب .
يتبع.