المحرر موضوع: اساس بناء الوطن هو النزاهة  (زيارة 847 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل جلال مرقس عبدوكا

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 156
    • مشاهدة الملف الشخصي
أساس بناء الوطن هو النزاهة.

جلال مرقس عبدوكا
jalalmabdoka@yahoo.com

يقول مثل إسباني( الخطيئة الصغيرة تتبعها الخطيئة الكبيرة ) كل إنسان إذا تلذذ لزلة بسيطة ولم يراجع ذاته لأجل الندم لن يتراجع عن ممارسة كبائر السقطات لاحقا وقد يجد نفسه في أحضان المبتذلين . فمَن في صغره تربى في بيت الفضيلة تنمو معه أيضا سماتها وخصالها (التعلم في الصغر كالنقش على الحجر) يستثنى من هذه الحالة مَن أعمى الجاه المزيف بصيرته – منصب ومال – عندما يسيء التصرف بها .
هل يمكن تخصيب مثل هكذا عقول ببذور نقية لتنتج إنسانا جديدا يخشى عقاب الأرض والسماء.!؟ وهل بمقدور الخاطيء أن يُطَهِر نفسه من شر تجذر فيه.؟ وهل عليه أن يكون فاسدا عندما يعيش بين وسط الفاسدين.؟

منهاج أي دين هو من أجل تحقيق الأخلاقيات –الخير والحق والعدل والرحمة والتسامح والسلام بين الناس- وتسعى لتحقيقها كل المنظمات الإنسانية لسكان الأرض دون تمييز . لنأخذ الأسرة الصغيرة مثلا يُحتذى بها، فكما تتعامل مع والديك سيتعامل معك أولادك بنفس الطريقة لاحقا لأنك مَدرستَهم ، وكذا الحال على ممارسات الأحزاب المنتفعة من فقدان قصاص القانون . فكل قانون جيد يليه الأفضل والسيء الى أسوأ إستنادا الى جبروت القوَّة المسيطرة.

لو سخر قائد المسيرة –سياسيا كان أم إداريا أو دينيا- منصبه لمنافع ذاتية ، ويبني علاقته في مؤسسته كعلاقة الصياد بفريسته ، فإن تعاليمه وأفعاله سرعان ما تنتشر بين أقرانه ويغزلون على منواله ، لنمزج بين هذه الأقطاب الثلاثة في شخصية واحدة ، بعض أقطاب السياسة عندما يفرضون (عبادة) نظام سياسي مقنع بقناع ديني فإنهم يسيؤون الى كل الرموز التي يمثلونها وتتضاءل لديهم صفة الإقدام بعمل يخدم الجميع إن تضررت مصالحهم جراءها ، لكنه سيدفع الثمن باهضا لاحقا .
 
التغيير نحو الأفضل تجديد لتنمية الطاقات ويتلذذ بها من يتعامل معها بصدق وإخلاص ، فكل شخص إذا فقد إهتمامه بهواية ما سيجد عادة أن هواية أخرى تحل محلها ويستلطفها  ببشاشة الى حين ، ثم يقيمها ليرى موقعه فيها أيستمر في ممارستها أم يتخلى عنها .؟  هتلر وأمثاله كثيرون ، لو مارس اللهو واللعب في طفولته ما كان ملعب أجساد البشر في كبره.! ولأنه كان القائد الأوحد فإن كل ما يُشَرَّع يجب أن يكون في خدمته وخدمة نظامه ، وهو ما نلمسه الآن في ظل نظام الحيتان ، لا قانون ولا تشريعات تُصدر لو فاحت منها عطور تخدم عامة البشر. إذن ما السبيل الى بناء الوطن.؟

يقول آرسطو( من يهزم رغباته أشجع ممن يهزم أعداءه ، لأن أصعب إنتصار هو الإنتصار على الذات) فمن لا يعرف ذاته حق المعرفة أو يتجاهلها ، عبثا نحاول توضيحها له  فيختبيء تحت عباءات كذئب يَستَنعِجُ ، نزاهة الأخلاق النيرة هي من ترشد وتقود مسيرة بناء الوطن ، فالبناء المتين يبدأ من  الأساس المتين وهو المواطن الغيور الذي يراقب عن كثب منجزات المسؤول ، فيصفق ويهلل لكل ما هو جيد والتذمر يسود وجهه لخلاف ذلك ، ولكلتا الحالتين يستوجب إتخاذ موقف صارم لحث الخدوم كي يستمر في إجتهاده ويحذر المسيء ليعاود النظر فيما يفعل ، وإلاّ فقصاص الشعب يسلط فوق الرقاب عن طريق الإنتخابات ، وهو درس تعلمناه وحفظناه وسنمارسه في كل جولة إنتخابية بعد الآن .

عملية نهب البلد تجري بتوالي الأيام دون خوف أو خجل وكأن السارق مرخص بتشريع ليعبيء قدر إستطاعته من مال مباح ، وكأن عملية إعادة تعمير البلد تخطط من أجل رصد المال كي يُفرَغ في خزائن خاصة ، وكأن الإنسان الصالح آفة جرثومة يجب محاربته وإبعاده عن محيط دائرة بناء الوطن ، وكأن البلد بشعبه ونبعه بخيراته وثرواته هو ملك حفنة فاسدة وحدها تقرر مصيره . فيحرر ويحلل لنفسه وسيتعبد ويحرم آخرين .

كم مصنعا أهَّلنا بعد أن دُمِّر وكان ينتج بضاعة تضاهي ما نستورده الآن .؟ وكاد البلد يتجاوز حدورد الدول النامية نحو الدول الصناعية ، لنتذكر معا جرارات عنتر وبطانيات فتاح باشا المشهورة وأدوية سامراء الجيدة والألبسة القطنية المنتجة في معامل نسيج الكوت ومعامل الألبان المنتشرة في كل المحافظات ومنتج المشروبات الغازية والكحولية والمعلبات وغيرها ما لا تُحصى ، لكن بفضل سياسة السوق الحرة فتحنا البلد على مصراعيه أمام السوق العالمي ليجني بعض النفوس الضعيفة جراء غزو سوقنا بأردأ بضاعة وأهملنا ما كنا ننتج بما في ذلك الخضراوات والفاكهة ونحن أصحاب نهرين عظيمين يخترقان الأرض طولا وعرضا .
 
أخص هنا اقليم كردستان حيث الأجواء الأمنية والبيئية والمالية متوفرة لإقامة صناعة أنتاجية كانت أم تحويلية ، لكن كل الذي نشاهده هي مظاهر تجذب الناظر بتزيين الاقليم بعمارات يتنافس الرأسمال المحلي في الإرتفاعات والمساحات ونسي بناء الوطن المنتج . وبصدد تجارة السيارات أطلق نظام السوق الحرة لجام الشركات الخاصة لإستيراد هذا الكم الهائل وخاصة الشخصية الصغيرة وتُحَوَّل ما نحتاجه الآن من عملة صعبة للخارج ، ولم تعد شوارعنا تستوعب زخمها. بودنا أن نعتبر من دروس قَرَأناها في مراحل دراسية متعددة حول ضرورة صيانة المنتج المحلي بفرض ضرائب عالية على المنتج الأجنبي المماثل تشجيعا  لترويج بضاعتنا ، لكن الذي نلمسه أن البضاعة المستوردة هي أرخص من المحلي وخاصة الفاكهة والخضراوات ولا يخرج تفسير هذا من مبدأ محاربة الفلاح .

يقول ميخائيل نعيمة (عجيب لمن يغسل وجهه مرات في اليوم ولا يغسل قلبه مرة واحدة) هل بهكذا قذارة نبني وطنا نظيفا .؟ ليس هناك وطن لمن لا يحس بأمان في أحضانه ، بل يحس أنه عبيد من أجل الخدمة فقط ، فالى إعادة الوطن نحو حظيرة التمدن ننزع جميعا رداء الخنوع والخضوع ونشد على أيدي النزاهة بقوة مثلما نشدها على أعناق الفاسدين .