المحرر موضوع: عجزْ الأنسان الشاعر  (زيارة 1594 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل سـلوان سـاكو

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 454
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
عجزْ الأنسان الشاعر
« في: 11:14 12/03/2015 »


عَجز الانسان الشاعرْ


سلوان ساكو


من على مقاعد مكتبة الأسد في دمشق حين كُنَّا نستمع الى قصائد نهر العراق ، الشاعر بعد الرزاق عبد الواحد في احدى ندوات تكريمه من قبل وزارة الثقافة السوريا ، بعد أن لجأ إليها مثله مثل كثيرين من الأدباء  . بعد هذه الندوة قرر بعض من الشعراء الشباب الذهاب الى الشقة التي يقطن به الأديب الراحل يوسف الصائغ  للاطمئنان على صحته حيث كانت  حالته قد تدهورت في بداية ٢٠٠٥ ،  حين دخلنا الى الشقة الصغيرة ، رأيت شخص مكسور مقُعد قد جار عليه الزمن بعد عهد ذهبي  ولى ولن  يعود . 
فهذا اليساري الماركسي  الشيوعي القديم ، الذي قضى ردحاً من الزمان في سجن نقرة السلمان بسبب نشاطه السياسي ونضاله من اجل مجتمع عادل تحكمه الطبقة العاملة ،  الأن يئن من وطأة الالم والغربة ، بعد ان كانت اضواؤه تملأ  فضاءات الادب والمسرح ورائحة صوته  تعبق في الامكنة واسمه يلمع بتوهج يحسده عليه الكثيرون، وقد حقق مكانة مميزة لا يختلف اثنان عليها. 
كان يوسف الصائغ واحدا من المبدعين العراقيين الكبار الذين اسهموا بجدارة في صياغة الثقافة العراقية، ولن تستطيع اية قوة مسطحة أن تمحو ذكره من ذاكرة العراق الثقافية مهما كان موقفها من سلوكه . فهو صاحب سيدة التفاحات الأربع
 ، ومسؤول مهرجان المربد للشعر ، ومدير السينما والمسرح في وزارة الثقافة والإعلام  وصاحب مكانة متميزة بين المثقفين والشعراء العرب ، يرقد الان في سرير الغربة ، دون رفيق أو معين في شيخوخته القاسية ، كتب قبل الموت يقول"زرني، أخافُ،/ تكاد يائسة تفلّ عزيمتي. والموت كل الموت عندي أن أهون/ ولا ترى الميقات عيني/ رؤيا الرجال الصادقين..." .وبعد عدة شهور في ١٢ /١٢ ٢٠٠٥ يموت ويوار الثرى في مقبرة الغرباء حاله حال الكثير من الشعراء العراقين من بدر السياب والجواهري ونازك الملائكة واخرين . كتب في قصيدة سفر الرؤيا ("اصغوا/ هذا تعبي:/ مهرٌ يضرب طول الليل حوافره في الأرض/ ويصهلْ/ جمّعتُ فمي لصراخٍ يوقظكم/ لكني الليلة حتى الصرخة تُعوِزُني/ ويظل كلامي/ يتمزّق بين الفك الأعلى/ والفك الأسفل/ وكمثل نبيٍّ أنكرهُ أهل مدينته/ أحمل زادي وعصايَ وأرحل...".
وفي سيدة التفاحات الأربع، أو ديوان المراثي الخفيضة والمخيفة من شدة رهافتها ورؤيوتها وبرقيتها وأعماقها وحزنها الذي يجعلك جزءاً من عالم أسطوري من الموت في الحب والحب في الموت، والتفاف الحياة على الموت من خلال بلاغة ابداعية معاصرة، قلّ مثيلها في شعرنا الحديث... أقول إن يوسف الصائغ في مراثيه لزوجته جولي التي كانت معه في حادث سيارة في أضنة في تركيا، وكانت قد اشترت أربع تفاحات، انتثرت على التراب بعد موتها، فرثاها في قصائد"سيدة التفاحات الأربع"هو يوسف صائغ آخر حقيقي يقول في  قصيدة  بعنوان"قرنفلة سوداء":
"نائمة بين ذراعيَّ/ ومستيقظةٌ فيّ/ وفي شفتيَّ/ يصير الحب قرنفلة سوداء/ ممنوعٌ عنها الماء./ عارية فوق فراشي/ دافئة الشفتين/ يا سيدتي/ إني أحببتكِ عاريةً/ أجمل عريكِ في القدمين.
ولكي لا يموت يوسف الصائغ مرتين، علينا أن  نكتب عن شعره الجميل، وأن نحييه في شعره المبدع.
دواوينه الشعرية: قصائد غير صالحة للنشر 1957 ـ اعترافات مالك بن الريب 1972 ـ سيدة التفاحات الأربع 1976 ـ اعترافات 1978 ـ المعلم 1985 ـ قصائد يوسف الصائغ (مجموعة كاملة) 1993.
أعماله الإبداعية الأخرى: الروايات: اللعبة1972 ـ المسافة 1974, والمسرحيات: الباب 1986 ـ العودة 1987 ـ ديزايمونة 1989.
مؤلفاته: الشعر الحر في العراق (رسالة ماجستير) ـ الاعتراف الأخير (سيرة ذاتية).
حصل على جائزة أفضل نص مسرحي في مهرجان قرطاج ووسام الاستحقاق الثقافي من رئيس الجمهورية التونسية.
عنوانه: دائرة السينما ـ بغداد ـ العراق.
أهــذا إذن كــل مــا يتبــقــى..?
إذا انتصف الليل.. واسودَّ....

ليل بلا قمرٍ أو نجوم،

وصار الندى مبهماً في الحديقة...

سيدتي،

ستجيء كعادتها،

ستعبر هذا الممر الكئيب،

وتمشي على العشب حافيةً،

لحظةً،

وأرى وجهها ، ملصقاً، في زجاجة نافذتي،

من هنا،

حيث ينكسر الضوء والوهمُ:

عينان ذاهلتان،

وشعرٌ من الأبنوس, قد اخضرَّ من بلل الليل،

والتمعت خصلة منه،

فوق الجبين،

ومن دونما كلمة،

وبصمْت المحبين،

سوف تمد أصابعها

وتشير إلى بنصرٍ نزعوا خاتم الحب عنه،

فموضعه أبيض مثل جرح قديم،

وتبسم لي..


غير متصل josef1

  • عضو مميز جدا
  • *****
  • مشاركة: 4780
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
رد: عجزْ الأنسان الشاعر
« رد #1 في: 02:22 22/03/2015 »

 شكرا للعزيز سلوان على هذه الكلمات الرائعة بحق الكاتب والمفكر ابن الموصل يوسف الصائغ
 الشماس يوسف حودي ـ المانيا