شتّان ما بين فعل رئاسة الكنيستين: القبطية (في مصر) والكلدانية ( في العراق)
لويس إقليمسشُدهتُ وانذهلتُ نهارَ الأحد 12 نيسان 2015، وأنا في إجازتي أتابع قناة "مي سات" المصرية، وهي تنقل مراسيم استقبال بابا الأقباط وبطريرك الكرازة المرقسية، تواضروس الثاني، لأركان الحكومة المصرية، بل الدولة المصرية، متمثلة برئيس وزرائها ووزراء فيها ومسؤولين كبار وشخصيات عربية في المقرّ البابوي، لمناسبة عيد القيامة المجيد. وكأنّي بالدولة المصرية، مؤسساتٍ وشعبًا، قد انتقلت في هذا اليوم المبارك، إلى حيّ العبّاسية، في تلاحم وطنيّ واحتفالٍ مصريّ رائع ينمّ عن طبيعة هذا الشعب الجبّار، في قولِه وفعلِه وممارساتِه الأصيلة، وليسَ كما كان يحسبُ لها الإخوانيون ويضمرونَه في بواطنِهم يومَ أصعدتهم قوى الشرّ الكبرى والغرب التابع لها، إلى سدّة الحكم الزائف، ثمّ انتحبت عليهم وأقامت الدنيا ولمْ تُقعدها بحجّة الديمقراطية وصناديق الاقتراع، يومَ أفلوا ولفظَهم الشعبُ المصريّ بثوّارِه وإصلاحيّيه ورماهم كالكلاب المسعورة المرفوضة وأحالَهم للقضاء كي ينالوا ما بستحقّونه.
يومَها، قالَ الشعب المصريّ (القبطيّ الأصل) كلمتَه الفصل في 25 يناير (كانون الثاني) 2011: لا للإخوان المخادعين، لا للغدر الوطنيّ، لا للتهميش السياسيّ، لا للتفرقة الدينية والطائفية! نعم لمصر الكنانة وللوطن والمواطنة! ومع هذه الثورة في الكلمة والإرادة، تنحّى رئيسُهم وتوارى حكمُه، أمرًا وطاعةً وسماعًا لكلمة الشعب المصريّ الحيّ، ذي الإرادة الفولاذية والوعي الوطنيّ الصادق والتطبيق الحرّ للشعور بالولاء للوطن، حينَ أثبتوا أنَّ مصر حقًا أمُّ الدنيا وأنَّ شعبَها شعبٌ حيّ ووطنيّ! حينَها لمْ يصمدْ احتجاجُ ورفضُ رئيسِهم وحكومته، بل انصاعوا لصوت الواقع وسلّموا حالَهم لحكم الشعب في سابقةٍ قلّ نظيرُها دوليًا، ولمْ نشهد لها صنوًا في كلّ البلدان العربية إطلاقًا.
هكذا يكون الشعبُ الحيّ الحريص على مصالحِه الوطنية والمدرِك لقوّة تلاحمهِ الشعبيّ الضروريّ في إرساء مبادئ الديمقراطية والحرية والعدالة، والرغبة ببنائِه وفق المنظور الوطنيّ الذي تنادى له محبّو مصر الحقيقيون بعد طرد الغيمة السوداء الحاقدة على البلد وأهلِه. وقد اثبتوا في مناسبة عيد القيامة هذه، أنّهم ذاتُ النسيج المتلاحم وذاتُ الشعب الذي بنى الحضارة المصرية ورفد العالم بثقافة أصيلة نابعة من تلك الحضارة الكبيرة، وليسَ كالعراق الذي أتاحَ للغرباء والدخلاء لتدمير نظيرتِها الاشورية وأخواتِها في سنواتٍ قليلة.
حلو الكلام وعذبُهما أعذبَ وأصدقَ الكلام الذي قالَه البابا تواضروس في حضرة مهنّئيه الرسميّين والشعبيّين معًا بهذا المعنى
:"الربيع يذكّرنا بحلاوة التنوّع، واللّهُ في محبته لنا كبشر خلقَ كلَّ شيء متفرّدًا...التنوع هو أساس الحياة، والأعياد المتنوعة تُظهرُ جمالَ البلد... كلّ منّا يحتاج للآخر المختلف... شمّ النسيم أو عيد الربيع هو عيد المصريين جميعًا لإبراز الفرح بالاختلاف، وهو يعني بالعربية بستان الزروع"!لم يكن في القاعة تناكبٌ بالأكتاف ولا استخدامٌ لأخامص الرشاشات ولا إبراز المسدسات ولا شوهدت قاماتٌ بزيّ عسكريّ من أجل التبختر ولفت الآنظار، ولا مصفحاتٌ وأرتالٌ تسيرُ أمام وخلفَ المسؤولين الرسميّين، كما يحصل عندنا في العراق، بالرغم من كون الدولتين والبلدين يمرّان في ظروف سياسية تكادُ تكونُ مماثلة ويتعرضان لهجمة إرهابية داخلية وخارجية. جلسَ جميعُ المهنّئين، رسميّين وشعبيّين ومواطنين في أرجاء القاعة، كأسرة واحدة يتوسطُهم راعٍ صالحٍ غيور، وأب كبير القلب، وشيخ بسيط في حديثِه وهو يتقبّلُ التهاني ويتحدث ويلتفت لهذا وذاك دون ترفّع أو أنَفة أو تبختر!
ما أريد قوله، تلك المفارقة في هذه الواقعة مقارنةً بمناسبة دينية مسيحية مشابهة في العراق، حملتْ غبطة بطريرك الكلدان "ساكو" مع اسقفين من طائفتِه حصرًا، لزيارة رئيس الوزراء العراقيّ قبل يومٍ من هذا المشهد المختلف تمامًا أمامَ أنظار العالم في مصر! لم أتحمّل الموقف. حاولتُ الاتصال بغبطتِه مرارًا، للتهنئة بالعيد ظاهريًا_ ولو بعد أيامٍ على انقضائِه عندنا_، والإفصاح واقعيًا عن خلجاتٍ أدبية وسياسية وعن تمنياتٍ مسيحية، إستكاملاً لأحاديث سابقة مع غبطتِه في هذا الصدد. لكنّي لم أنجح. وعاودتُ الاتصال بعد الظهر ومع سكرتيرِه الخاص، ولم أفلح، حتى رنّ جوّالي ليتحدث إليّ مشكورًا الأب توماس ويعتذر بالأصالة عن غبطتِه بسبب انشغالِهِ. وإنّي مقدِّرٌ لغيطتِه عميمَ مسؤولياتِه وكثيرَ تنقلاتِه وتراكم مشكلاتِه. كان اللهُ في عونِه وأعوانِه!
إزاء ذلك، لم يكن منّي إلاّ الاتصال بصديقي وزميلي وأستاذي سيادة المطران يوسف توما، راعي إبرشية كركوك للكلدان، كي أخفّفَ عن جزءٍ ممّا جالَ في خاطري بمشاهدتي للنقل الحيّ لمراسيم استقبال بابا الأقباط لمهنّئيه. وبعد السلام والتهنئة بالعيد ونقلي له خبرًا عائليًا جميلاً ابتهجَ له كثيرًا، قلتُ له: سيدنا، كم كنتُ أتمنى أن يشاهد الشعبُ العراقيّ أركانَ الدولة العراقية هو الآخر في مقرِّه البطريركي، وهم يقومون بذات الالتفاتة نحو المسيحيين في العراق، لا أن أسمعَ بخبرٍ عام عن مبادرة غبطتِه، وهو على رأس الكنيسة الكلدانية في العراق والعالم والعراقية تمثيلاً، وهو يؤدّي زيارة لرئيس الوزراء بصحبة اسقفين من طائفتِه حصرًا. وتساءلتُ مع نفسي
: متى ستبادر الدولة العراقية، حكومةً وشعبًا، ويشهد هذا الأخير تلاحمًا حقيقيًا وصادقًا في نسيجِه، بدلَ هذه الزيارات البروتوكولية الاستجدائية والإسترضائية المقصِّرة بحق عموم المسيحيين في البلاد؟ ثمّ ماذا عن وقفة جماعية لمجلس أساقفة العراق في مثل هذه الأوقات لإثبات الوجود وإرسالِ كلمة قوية وإصدار صرخةٍ جماعية: "لا" لما يحصل من إهمال وتمهّل وتهميش مستديم لحقوق المسيحيين في العراق، إلاّ في وسائل الإعلام وللدعاية الفارغة التي لا تنفع ولا تدفع بشعبِنا للتشبّث بالأرض وبالبقاء ملحًا صالحًا، وهو الشعب الأصيل بحسب تبجّح الجميع وتصريحاتِهم المتواترة بمناسبة ومن دون مناسبة! ومتى سيقتنع رؤساء الطوائف المسيحية أنّ ما يقومون به من زيارات بروتوكولية وما يصدرُ عن قلاّياتهم من مراسيم وخطب وكلمات موسمية وما ينصبونَه من مآدب وإقامة دعوات، لم تعد تؤكلُ ثمارَها ولا تُسمَعُ ولا تُقرأُ ولا تُؤخذُ إلاّ بعين التجاهل والإهمال والّلامبالاة، بعد أنْ طفحَ الكيلُ وزادَ الزَبَدُ وتفاقمت المشكلات؟
رئاسة كنيسة العراق: جدارةٌ منقوصةإنَّ عصبَ الاستقرار الوطني في بلادنا مفقودٌ منذ زمن، بسبب فقدان أسس الولاء للوطن وازدواجية الشخصية العراقية وفقدانِها لأركان المواطنة، وكذا بسبب الفساد الذي يتحدث عنه الجميع، ولكن لا أحدَ يستطيعُ محاسبةَ أحدٍ، لا ولا حتى القضاء ليسَ بمقدورِه القيامَ بهذا الفعل، ذلكَ لأنّ الجميع فاسدون، وكلٌّ يسكتُ عن غيرِه كي يأمنَ شرَّه أو كي يتفادى الانقلابَ عليه. تلكم هي الطريقة وهذه هي الصورة.
ومن المؤسف تراخي الصوت المسيحي ورئاساتِه عن التأسيس للتجمّع السياسيّ الذي تحدثنا عنه مرارًا وتكرارًا والمتمثل بمقترح تشكيل مجلس سياسيّ مسيحي، أشبَه بما للأقباط من مؤسسة سياسية ودينية تتولّى شؤونَهم في عهدة الدولة المصرية وتدافعُ عنهم في المحافل الدولية مجتمعين وليسَ فرادى، كما هي الحال في العراق مع الأحزاب المسيحية الهزيلة غير المستقلّة في الرأي وفي الكلمة وفي القرار بسبب تبعيتِها لمموّليها. في الواقع المرير مع قدوم داعش، أثبتت الكنيسة بجدارة، قربَها من أتباعِها في شؤون الإغاثة أكثر من الدولة نفسِها. بل كانت من أكثر الجماعات تنظيمًا واحترافيةً، بالرغم ممّا شابَها من حالات تلاعب بحسب مقرّبين، وعدم كشف ما ورد لمؤسسات فيها من مساعدات وأموال عبر طرقٍ خاصة أو عبر أفرادٍ تحدثوا باسم النازحين لدى المانحين والمتبرّعين من دولٍ ومنظمات ومؤسسات خيرية! ولكنْ نقولُ أيضًا، لم تقل الكنيسة كلمتَها مجتمعةً بعدُ في جميع المناسبات بكلّ ما تعنيه هذه الرؤية، بل كانت هناك حالات انزواء وانكفاء وتكابر من جماعة على أخرى، ظهرتْ من خلال ممارسات طرق الإغاثة المذكورة. أمّا سياسيًا، فلمْ ترقى مبادرات الرئاسة الكنسية، شخصيًا أو عبر مجلس الأساقفة، إلى المسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتقِها، لعدم صدورِها من موقع قوّة، ما حجبَ قدرتَها على فرض مطالب أتباعِها من شتى الطوائف. وكان يمكن أن يتحقّق أكبرُ قدرٍ من هذا الشعور بالظلم والتهميش والإهمال الواقعيّ، لو سلمت النوايا وتقوّت الإرادة لقول كلمة الحق وعدم الانجرار للمجاملات ومنها اقتناع الكثير من رجالاتِها بتبريرات ضعيفة وغير مقنعة قدّمها مسؤولون في الحكومة المركزية وحكومة الإقليم بوصف ما جرى على أرض الواقع الذي أوصلَ أتباعَهم إلى مأساتِهم الكبيرة في المناطق التي طُردوا منها.
غيابٌ مؤسف للنخبة المثقفةكنّا نأمل أيضًا، حصول التزام أكبر من النخب الثقافية، بعد فقدان الأمل بالأحزاب المسيحية الهزيلة التي يبحث المنتسبون إليها عن مواقع ومناصب ومنافع في الدولة لهم حصرًا، واستكثار هذه على المستقلّين من هذه النخبة المثقفة المستبعدة عن المعادلة وعن القرار والإدارة. وقد حيَّرَنا سكوتُ الكثير منها، إلاّ فيما يكدّرُ مصالحَها ومَن يقف وراءَ تمويلِها والدفعِ بسخاء لمنتسبيها ومواليها. كما أنَّ االتنظيرات في معظمِها، قدمتْ وماتزالُ من بلدان الاغتراب. بل إنَّ بعض هؤلاء المنظرين انضمّوا إلى الرتل القائم مع هذه الأحزاب للمطالبة بذات المنافع، بدلَ العمل على الترويج للروح الوطنية، والسعي لتأمين مستقبل المسيحية في البلاد بشتى الوسائل المتاحة والإعراب عن رفض الزيارات الإسترضائية والاستجدائية للأحزاب المسيحية وللزعامات الكنسية على السواء، من خلال تهافت بعض هؤلاء نحو مكاتب أصحاب القرار في الدولة والحكومة والمحافل الدولية من أجل الرثاء لأحوالِ أتباعِهم ظاهرًا والانتفاع من وراء هذا البكاء باطنًا. فالمسيحيون، إنْ رصّوا الصفوف، قادرون أينما كانوا، أن يؤمّنوا الحفاظ على مقدراتهم وكيانهم وعلى مقدّرات دولتهم، بالتوافق ووحدة الخطاب والكلمة وليسَ بشدّ الحبل وبالانفراد بمبادرات طائفية لجماعة دون غيرِها، على مكاتب المسؤولين في الدولة العراقية وفي الإقليم. فهذا التصرّف الانفراديّ يفقدُ الرئاسات الكنسية عامةً أهميتَها، كما يُضعف من موقف رئاسة الكنيسة العراقية المتمثلة بشخص بطريرك الكلدان ذاتِه، ويفقدُه شيئًا يسيرًا من كارزميّتِه التي عرفناهُ بها، إذا أردنا فعلاً الاستمرار في رؤية تحول سياسي مرتقب في البلد، ليكون بمستوى حضاريّ ووطنيّ يسوده الأمن والعدل والمساواة والثقة والمراقبة والمحاسبة في ذات الوقت.
إننا اليوم، في أشدّ الحاجة لانضمام النخب الثقافية، والمستقلّة منها بالذات، بتوجهاتها المختلفة، كي يعمل الجميع لإيصال البلاد إلى حالة من التكافؤ بين الدولة والمجتمع، وإلى تلاحم النسيج الوطنيّ بكلّ أطيافِه وأديانِه. وللمسيحيين القدرة على تفعيل مثل هذا التكافؤ وبلوغ حالة التلاقي على المصلحة الوطنية، عبرالتوافق المشرِّف بين هذه جميعًا، وليسَ بالمجاملات وزيارات الاسترضاء التي تنمُّ عن شعورٍ بالنقص والضعف وتظهر أبناء هذا المكوّن بصورة الحمل الوديع الذي يقبل كلَّ شيء وأيَّ شيء. إنَّ هذه الحالة من الضعف في الهوية ومن قصورٍ في فرض الوجود الوطنيّ على المثلّث الحاكم في البلاد، والقبول بما يمليه أو يترفّقُ به أو يتكرّمُ به القائمون على الدولة، هي السبب في خذلاننا وتخلّفنا وتقهقرِ كيانِنا وتسرّب أتباعِنا وفي نفضِهم غبارَ الوطن العالق في خفِّهم، لكونِه لم ولن ينصفَهم، كما يبدو ما دمنا على حالِنا ومآلِنا.
دعوة متجدّدة للمبادرةهذه دعوة جديدة، للرئاسات الكنسية عمومًا، والرئاسة الكلدانية بخاصّة، والتي تتحمّل وزرَ كنيسة العراق ومسؤولية رعايتِها، لكونِها ماتزال تبقي كرسيَّها البطريكي في بلد الأصالة، كي تعيد حساباتِها وتُفَعِّلَ ما تسلّمته من مقترحات واستشارات وما أدركته من وقائع وحقائق من المجتمع الدولي وساستِه المخادعين. وعليها أن تدركَ أنَّ قوى الشرّ التي احتلّت العراق، بما تضمرُه من شرور ومخططات لتغيير الواقع الديني والديمغرافيّ والجغرافيّ للبلاد والمنطقة، سوفَ لن تترك البلد ومواطنيه في حالِهم. وما لمْ يقف الجميع سدًّا مانعًا ومنيعًا لهذه القوى الطامعة لإفشال مخططاتِها، كما حصل مع شعب مصر الكنانة حينَ رفضَ حكمَ الإخوان المتشدّد الشبيه بالنازيّة، فإنَّ العراق ضائعٌ بين أنياب المحتلّ والساسة المراهقين ومَن معهم من المنتفعين الوقتيّين الذي قدموا لنهب ثرواتِه وسرقتِه بوسائل وطرق شتّى، تعصى على إبليس وأعوانهِ.
وإلى ذلك اليوم، ننتظرُ القادم وما سيسفرُ عنه، لنرى ما في جعبة الرئاسة الكنسية للعراق ومجلسِها الموقر. فنحن لم نصل بعد حافة الإفلاس الأخير، بالرغم من بلوغ الخيبة والإحباط مأخذًا من عموم المسيحيين في البلاد. فمازالَ أمام البطريرك "ساكو" بالذات أوراقٌ أخرى للعبِها، وفرصةٌ سانحة قريبة في هذه الصفحة القاتمة الأخيرة من حالة التشظي والاحتضار قبل الأخير، كي يفعّلَ دورَه المنشود، في ضوء ما راهنَ عليه الكثيرون، كنيسةً وشعبًا وأصدقاء على رؤيتِه الواسعة وحنكتِه المعهودة وذكائِه المتطبّع عليه منذ تلمذتِه في معهد مار يوحنا الحبيب ومرورًا بسنوات خدمتِه كاهنًا، ثمَّ مديرًا للمعهد الكهنوتيّ، وبعدَها أسقفًا، وأخيرًا وليسَ آخرًا، رؤيَتَه الحكيمة وشجاعتَه الراجحة في معالجة حالة التمرّد في جزءٍ من طائفتِه ونجاحَه في لملمة الجراح والتركة الثقيلة بالعودة إلى القانون الكنسيّ ووضع الأمور في نصابِها بشيءٍ من الصبر والأناة والثبات على المبادئ.
وما دمنا نؤمنُ بقيامة مسيحِنا وربِّنا، فإنَّ رجاءَنا به قائمٌ وأملُنا برؤسائِنا مايزالُ معقودًا على طاقاتِهم وحسنِ نواياهم وكبر تضحياتِهم كرعاةٍ أمناء لشعبِهم. وننتظرُ اليوم الذي نعهدُ فيه هذه الرئاسة الكنسية جديرةً بالثقة وأمينةً على الرسالة برغم كلّ الشدائد والمشاكل، كي تكون بذات القدرة للرئاسة القبطية القائمة اليوم. فشتّان ما بين الرئاستين في القدرة والفعل والهمّة!
بغداد ، في 12 نيسان 2015