المحرر موضوع: قراءات تحليلية في الخارطة السياسية العراقية  (زيارة 2774 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل خوشابا سولاقا

  • عضو مميز جدا
  • *****
  • مشاركة: 2340
    • مشاهدة الملف الشخصي
قراءات تحليلية في الخارطة السياسية العراقية
خوشابا سولاقا
إن المرحلة التي يمر بها العراق اليوم لهي مرحلة في غاية من التعقيد والصعوبة وتعاني الكثير من التحديات المصيرية  داخلياً وخارجياً ، حيث فيها فقدت القيادة العراقية بسلطاتها الثلاثة بوصلة توجيه الأمور في الأتجاه الصحيح بسبب التناقضات والصراعات والولاءات لأجندات خارجية مفروضة عليها فرضاً على حساب الأجندات الوطنية ، ومع الأسف الشديد أن الرؤية الوطنية للنخب السياسية لواقع حال العراق شبه غائبة بالشكل الذي من المفروض أن تكون عليه بحسب ما تعكسه الأحداث والنتائج على أرض الواقع .
لغرض تحليل هذا الواقع وتحديد الأصطفافات السياسية الظاهرة على الخارطة السياسية العراقية اليوم والتي أفرزتها نتائج سياسة المحاصصة الطائفية السياسية والعرقية خلال السنوات الماضية من بعد سقوط نظام صدام حسين الشمولي الديكتاتوري ، وعمق الأحتلال الداعشي لأكثر من ثلث مساحة العراق من تلك التناقضات والصراعات والولاءات لأجندات خارجية وأقليمة بين المكونات الطائفية والقومية العراقية ، بحيث وصلت الأمور الى درجة من التعقيد والصعوبة لا يجد بعض المعنيين بالشأن السياسي العراقي من بعدها أية إمكانية للعودة الى إبقاء العراق موحداً أرضاً وشعباً ، وبات الوضع الديموغرافي يهدد بتقسيم العراق الى ثلاثة دويلات ، دويلة كوردستانية في شمال العراق كما يريدها ساسة الكورد جغرافياً ، ودويلة سنية كما يريدونها العرب السُنة جغرافياً في غرب وشمال غرب وشرق ووسط العراق ، ودويلة ثالثة شيعية كما يريدونها العرب الشيعة جغرافياً في وسط وجنوب وشرق العراق . هذا المشروع يدعو الجميع نفاقاً ورياءً الى رفضه ولكن الجميع يؤيدونه ويسعون إليه كما تبرهن أعمالهم على أرض الواقع والأختلاف الوحيد بينهم هو على المناطق الجغرافية التي يطمح بها كل طرف من الأطراف الثلاثة ،  إلا أن المتحكم الحقيقي  بالأمور والقرار النهائي هي الولايات المتحدة الأمريكية وإيران بعد تنسيق المواقف حول ضمان مصالح  كل منهما في العراق وعلى رأسها المصالح النفطية .
إن كل هذه االأحداث الغير المستقرة في العراق والغير المتبلورة في سياسات الكتل السياسية المكوناتية المهيمنة على مؤسسات الحكم في العراق جعلت تلك الكتل نفسها تعاني الكثير من الصراعات الداخلية على مستوى الكتلة الواحدة وعلى مستوى الكتل فيما بينها ، مما خلق جواً سياسياً ضبابياً غير واضح المعالم وأعطى فسحة أكبر للتدخل الأجنبي في الشؤون العراقية ودفع الأمور في الأتجاه الذي تخدم مصالح تلك الدول . نأتي على واقع كل كتلة ونحلله بدقة لكي نتعرف على ما فيه من أوراق اللعب والمراهنات على مستوى الكتلة الواحدة من جهة وعلى المستوى الوطني من جهة ثانية وكما يلي :-
أولاً : كتلة التحالف الكوردستاني بكل مكوناتها وفصائلها السياسية المختلفة في أفكارها وأيديولوجياتها ، إن أول ما نلاحظه من الملامح على هذه الكتلة هو عدم الأنسجام والتوافق على طريقة الحكم في الأقليم وتوزيع السلطات بين مكوناته في الأقليم ، مما يهدد بصراعات وانفجارات سياسية حامية تعود بهذه الفصائل الى عصر الأقتتال " كوردي – كوردي " على مستوى الأقليم ، وهذه الملامح باتت واضحة وجلية للعيان من يوم الى آخر كلما أقترب موعد انتخاب رئيس الأقليم الجديد . وهناك شيء من الوحدة والانسجام والتوافق بين هذه الفصائل بشأن سقف المطالب القومية الكوردية على حساب المصالح الوطنية العراقية في حواراتها ومفاوضاتها مع الحكومة الأتحادية . أما بشأن التعامل مع الولايات المتحدة الأمريكية فإن الأخوة الكورد على اتفاق ووفاق كامل مع كل ما تريده وتقترحه الولايات المتحدة الأمريكية بشأن العراق وبشأنهم لا أعتراض لديها عليه ، لأن مصالحها القومية التي تأخذ موقع الأولوية في سياساتها الأقليمية والوطنية والدولية تقتضي ذلك ، وكذلك تفعل الشيء ذاته في سياساتها مع الجارتين تركيا وايران حيث أن حجم التبادل التجاري بينها بالمليارات من الدولارات سنوياً ، والولايات المتحدة بدورها تزكي سياسة أقليم كوردستان تجاه الدولتين الجارتين طالما لا يضر ذلك بمصالحها الأستراتيجية الحيوية في المنطقة ، لأن الولايات المتحدة الأمريكية تجد في كتلة التحالف الكوردستاني هي الفصيل السياسي الأكثر نضجاً وتأهيلاً وتعقلاً وتفهماً لسياساتها في العراق والمنطقة من الكتل العراقية الأخرى التي تقضمها وتسحقها الخلافات الطائفية المقيتة .
ثانياً : كتلة مكون العرب السنة المتمثلة بكتلة اتحاد القوى العراقية والوطنية ، وهذه الكتلة البرلمانية تضم تحت جناحيها كل الفصائل السنية المعتدلة والمؤمنة بالمشاركة في العملية السياسية الجارية في العراق منذ سقوط نظام البعث ، والمتحالفة مع الكتلة الوطنية بزعامة الدكتور أياد علاوي التي لا تتسم بأي توجهات طائفية ، بل هي كتلة ذات توجهات وطنية علمانية ديمقراطية وتؤمن بإقامة دولة مدنية ديمقراطية مؤسساتية  يكون فيها الولاء للوطن دون سواه والسلطة للقانون . إن الكتلة التي تدعي تمثيل المكون السني غير قادرة على استقطاب العرب السنة بكل فصائلهم السياسية حولها بسبب ضعف الأنسجام الداخلي بين فصائلها مما عزف الكثير من العرب السنة عن الأصطفاف حولها ودفع بالبعض منهم الى التحالف مع قوى داعش الأرهابية ، وبقي القسم الأكبر من عرب السنة على الحياد بين هذه الكتلة وداعش ، وكان من نتائج سياسة حكومة السيد نوري المالكي الطائفية المدمرة للعراق خلال السنوات الثمانية الماضية تهميش وإقصاء العرب السنة من المشاركة الحقيقية الفعلية في صنع القرار السياسي للعراق ، هذه السياسة الغير الوطنية لحكومة السيد المالكي دفعتهم الى التعاون ثم الأرتماء في أحضان داعش الأرهابية على قاعدة " عدو عدوي صديقي " ، وكانت نتائج هذه السياسة غير الموزونة قد هيئة الظروف وساعدت داعش الأرهابية على السيطرة واحتلال المناطق ذات الأغلبية  السنية في سبعة محافظات متجاورة من العراق بسهولة فائقة وفي غضون أيام وساعات وقد رافق ذلك انهيار القوات الأمنية والعسكرية للدولة في تلك المناطق بالكامل من دون قتال ، وبذلك حققت داعش مكاسب جيوسياسية كبيرة في بسط سلطتها على تلك المناطق وأمنت بذلك مصادر لموارد مالية كبيرة لتمويل عدوانها .
العرب السُنة ينقسمون الى ثلاثة مجموعات ، مجموعة معتدلة تشارك مع المكونات العراقية الأخرى في العملية السياسية الجارية في العراق ، ومجموعة أخرى من بقايا حزب البعث ومؤسساته العسكرية والأمنية ومن التيارات الأسلامية السنة المتطرفة متحالفة مع بقايا القاعدة مشكلة تنظيم الدولة الأسلامية " داعش " وهي التي تقاتل ضد الدولة العراقية ، ومجموعة ثالثة التي تشكل الأكثرية في المناطق السنية المتمثلة بقوى عشائرية وقبلية ، وبضمنها أيضاً فصائل بعثية ومن تنظيمات قومية عربية واسلامية معتدلة قاومت الأحتلال الأمريكي وهي لا تثق بالمجموعتين المذكورتين ولا تثق كذلك بالحكومة الأتحادية وتتمركز أغلب قياداتها في الأردن ودول الخليج العربي وتركيا وأقليم كوردستان . هذه المجموعة يتطلب من المجموعة الأولى والحكومة الأتحادية كسبها لجانبهماوجلبها للمشاركة في العملية السياسية من خلال تفعيل دور المصالحة الوطنية في بناء وتعزيز جسور الثقة المتبادلة بين الجانبين من خلال أعمال ملموسة على أرض الواقع وعدم الأكتفاء برفع الشعارات واطلاق المبادرات الأعلامية أي بمعنى جعجعة فارغة من دون طحين ، ومن دون كسب هذه المجموعة وجلبها الى الصف الوطني من خلال تنفيذ البرنامج السياسي الحكومي الذي أعلنه الدكتور حيدر العبادي واعتماده كقاعدة لتحقيق المصالحة الوطنية الحقيقية لا يمكن تحرير وتطهير المناطق السنية من دنس داعش الأرهابية وطغيانها ، لأن العكس من ذلك سوف يدفع بهذه المجموعة دفعاً للتعاون مع المجموعة الثانية " تنظيم الدولة – داعش " ، وهذا ما ليس من مصلحة أي طرف من الأطراف العراقية ودول الجوار العراقي والولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها في العالم . أن المرحلة القادمة لعدوان داعش في ظل تعاون وتحالف هذه المجموعة معها سوف تكون مصالح وأراضي دول هذه الأطراف كلها هدفها القادم ، لذلك تقتضي مصالح الجميع العمل بكل الوسائل السياسية والعسكرية الممكنة لكسب هذه المجموعة من عرب السنة الى جانب الحكومة العراقية للمشاركة في محاربة تنظيم الدولة – داعش قبل فوات الآوان وهذا ما نتمناه .
ثالثاً : كتلة مكون العرب الشيعة المتمثلة في كتلة التحالف الوطني العراقي الذي يضم تحت جناحيه كل الفصائل العربية الشيعية وهذه الكتلة تشكل الكتلة الأكبر عدداً في البرلمان العراقي الأتحادي والذي يترأس الحكومة الحالية مشاركةً مع الكتلتين الرئيسيتين التحالف الكوردستاني واتحاد القوى العراقية والوطنية وبمشارركة رمزية لكتل المكونات القومية الأخرى . هذه الكتلة تعاني الكثير من المشاكل والخلافات والصراعات الداخلية الحادة حول تقسيم المصالح والمناصب والمنافع والأمتيازات فيما بينها ، وتعاني من عدم الأنسجام والتوافق السياسي والفكري في الرؤى حول الكثير من سياسات الدولة تجاه الشركاء في العملية السياسية وتجاه سياسات دول الجوار العربي والخليجي تحديداً وتجاه التعاون مع الجارتين تركيا وإيران وتجاه أمريكا وحليفاتها ، وهناك بعض الفصائل في هذه الكتلة تأتمر بأوامر إيران بشكل مفرط مما تضع مواقف هذه الفصائل شركائها في الكتلة ( ت . و . ع )  في موقف محرج أمام أمريكا وحلفائها العرب من دول الجوار العراقي ، إن كل هذه المعطيات باتت تشكل خطراً يهدد مصير وحدة وبقاء التحالف الوطني العراقي الشيعي الكتلة البرلمانية الأكبر في البرلمان العراقي . إن احتمال تفكك التحالف الشيعي يؤدي الى نشوء تحالفات وطنية جديدة بين الأطراف المنبثقة من تمزق الكتل الحالية مثل كتلة " شيعية – كوردية – سنية " أو كتلة " شيعية – كوردية " وأخرى " كوردية – سُنية " وأخرى " شيعية – سُنية " ، من هنا باعتقادنا تبدأ عملية تفكك وزوال نظام المحاصصة الطائفية والعرقية ويحل محله النظام المتسم أكثر بالسمات الوطنية العراقية  . هذه الكتلة بالرغم من أنها تمتلك حصة الأسد في مؤسسات الدولة إلا أنها تعاني في ذات الوقت من صعوبة بسط سيطرتها وسلطة القانون على المجتمع العراقي بكل مكوناته وحماية الوطن من المخاطر الخارجية بسبب وجود تعدد لمراكز السلطة في الدولة أي بمعنى هناك دول داخل دولة ، حيث يوجد الى جانب سلطة الدولة الرسمية المركزية سلطات أقوى منها تعيقها بل تمنعها من تطبيق القانون بعدالة وانصاف على الجميع بالتساوي من دون تمييز ألا وهي سلطة الميليشيات المسلحة التي تنشر بين المواطنين الخوف والرعب والقلق  ، وإن تعدد هذه السلطات تُظهرْ الدولة بمظهر الضعف والعجز وفقدان الهيبة في نظر المواطن ، وعدم الثقة بقدرتها على تأمين المستلزمات الحياتية للمجتمع ، وإن فقدان الأمن والأمان للمواطن يفضي الى زوال الدولة وسلطة القانون عملياً ، ومن ثم تحل سيادة نظام الفوضى محلها .
عليه فإن ما تعاني منه اليوم التحالفات الرئيسية الطائفية والعِرقية في العراق من تفكك وتشضي وتمزق وخلافات واختلافات وتناقضات منهجية داخلية يبشر بقرب حلول مرحلة جديدة من العملية السياسية الجارية في العراق ، حيث ينتقل العراق بعدها من نظام المحاصصة الطائفية والعِرقية الى النظام الوطني المدني الديمقراطي ، وسوف تحل تلك المرحلة بعد الانتخابات البرلمانية القادمة أو التي تليها على أبعد تقدير  بعد القضاء على الأرهاب الداعشي الذي يسيطر الآن على مساحة كبيرة من مناطق عرب السنة .
الأستخلاصات والأستنتاجات 
على ضوء القراءات المتأنية والحاذقة على الخارطة السياسية للكتل البرلمانية للمكونات الرئيسية والتي تهيمن على قرار البلد ومقدراته ، وفي ضوء علاقات هذه الكتل بدول الجوار والقوى العالمية الكبرى التي لها حضور في صنع القرار العراقي نستخلص الأتي من الأستنتاجات : -
أولاً : من مصلحة الجميع أن يستقر الوضع السياسي في العراق من خلال القضاء على الأرهاب الداعشي بمشاركة الجميع ، وذلك لضمان حماية مصالحها الأقتصادية ، ولكن هناك اختلافات في الآليات بحسب متطلبات المصالح الأستراتيجية المستقبلية لكل الأطراف المعنية حيث كل طرف يسعى الى صياغة هذه الآليات بالشكل الذي يحصل على أكبر قطعة من الكعكة ، ولكن مع ذلك هناك توافق بحسب الأولويات على ضرورة محاربة الأرهاب بكل تلاوينه الطائفية ومنعه من التمدد الى دول الجوار .
ثانياً : هناك اختلاف بين الأطراف المعنية حول تصنيف الأعمال الأرهابية وتحديد هوية الأرهابيين مذهبياً ، ومن ثم تحديد الأولوية للفصائل المشمولة بالأرهاب للتخلص منها أولاً قبل غيرها ، حيث أن أمريكا وأوروبا والدول العربية ذات الغالبية السُنية والعرب السنة العراقيين والكورد يساوون بين إرهاب داعش وارهاب الميليشيات الشيعية الغير مسيطر عليها من قبل الدولة العراقية ، وارهاب ميليشيات النظام السوري " الشبيحة " وميليشيات حزب الله اللبناني والتي جميعها تدعمها إيران لوجستيكياً بالمال والسلاح وحتى بالأفراد من الحرس الثوري الأيراني في مواقع كثيرة في كل من العراق وسوريا ولبنان واليمن مستندة في تبرير دعمها على الخلفية المذهبية لهذه الميليشيات ، وهذا ما يثير حفيضة أمريكا وحلفائها والعرب السنة والكورد كذلك ، حيث أن جميع هذه الأطراف تعتبر داعش والميليشيات الطائفية المسلحة من خارج سيطرة الدولة وجهان لعملة واحدة . أما العرب الشيعة وإيران والنظام السوري فإنها تسعى على حصر الأرهاب بداعش وبالتيارات السنية المتطرفة وتغض النظر عن نشاطات الميليشيات الشيعية المسلحة من خارج إطار قانون الدولة التي تصنفها وتشرعن نشاطاتها على أنها  فصائل مقاومة وطنية ضد ارهاب القاعدة وداعش وأخواتهّنَ . في ضوء هذه الأختلافات يتعثر الدعم الأميريكي العسكري للقوات الأمنية العراقية بكل أشكاله لأن أمريكا متحفظة على دور الميليشيات من خلال ما يسمى بقوات الحشد الشعبي وعلى الدور الأيراني في العراق الذي تجاوز الخطوط الحمراء المحدد له بسبب ممارساتها التي تنم عن الطائفية .
ثالثاً : كان قرار الكونكريس الأميريكي الأخير بتخصيص 715 مليون دولار لدعم الجيش العراق وقوات البيشمركة الكوردستانية والمسلحين السُنة وفق الآليات والشروط التي حددها القرار الذي يفرض بموجبها على الحكومة العراقية تشكيل حكومة وطنية شاملة وقيامها بتلبية مطاليب الكورد والعرب السنة بالشكل الذي يشعرهم بأنهم مواطنين عراقيين متساوين في الحقوق والواجبات مع أخوانهم العرب الشيعة ، وبعكس ذلك سوف ترصد تلك المبالغ بما مجموعها ( 25% + 60 % من الـ 75 % ) المتبقي من أصل المبلغ لتسليح البيشمركة وقوات عرب السنة . هذا القرار الأميريكي يوحي بعدم الثقة بالحكومة في الايفاء بالتزامها بتنفيذ البيان السياسي الذي أعلنه الدكتور حيدر العبادي ووافقت عليه الكتل البرلمانية الأخرى والذي على أساسه تم تشكيل حكومة السيد حيدر العبادي .
إن ما يفترض أن يعرفه الجميع من كل الأطراف المعنية عراقياً وجواريا  إن صح التعبير وعربياً ودولياً إن ما ترفضه الولايات المتحدة لأغراض استراتيجية وليس لأهداف تكتيكية مرحلية سوف لا تتراجع عن رفضها قيد أنملة مهما بلغ بها الأمر ، صحيح إن الجيش الأميريكي غادر رسميا العراق منذا 2011 إلا أن أختبوط السياسة الأمريكية باقية ومتجذرة في العراق وستبقى كذلك الى أجل غير محدد ، وعليه فإن أي تصرف من قبل الحكومة العراقية أو من أي طرف عراقي كان لا يرضيها ويتقاطع مع استراتيجيتها في العراق والمنطقة سوف يكون موضع رفضها الحتمي ، هذا ما يجب أن يستوعبه الجميع بتعقل ويتعامل معه وفقاً لذلك وليس بتطرف واندفاع عاطفي ، والمراقب الذكي لأوضاع العراق منذ سقوط نظام حزب البعث حتماً  قد لاحظ أنه كلما مر العراق بأزمة أو مشكلة سياسية طائفية أو قومية أو عسكرية ميليشياوية كان الحضور الأميريكي في الساحة قوياً وحازماً ، ويفرض على جميع الأطراف اللمعنية الحلول التي كان يراها مناسبة . عليه يجب التوقف عند هذه النقطة ملياً وأن نحسب لأمريكا ألف حساب لأنها صعبة المراس في تعاملها مع الآخر لانتزاع أية مطالب من بين مغالبها القوية . إن الوطنية لا تقاس بمعايير العواطف واطلاق العنان لها لقول ما لا يجب أن يقال ، وما لا يجلب للوطن غير الخراب والدمار والمآسي والكوارث والموت الرخيص لأبنائه ، بل إن الوطنية تقاس بالأعمال والأقوال العقلانية والسلوك الموزون وبالأفعال التي تجلب الخير للبلاد والحياة الحرة الكريمة لأبنائه ولو بحدودها  الدُنيا ، وفيما يبعد الوطن عن شرور الكوارث والحروب العبثية المدمرة والتصادم مع من لا نقوى على فرض إرادتنا عليه بالصراخ والعويل والتهديد والوعيد التي لا نقوى على الأيفاء بها كما تفعل بعض الفصائل من هواة السياسة ، ونحصد بالتالي من وراء هذا الطيش الصبياني السياسي  الندم والخُسران .
رابعاً : إن وجود كتل الأقليات القومية والدينة في البرلمان الأتحادي والأقليم وجود رمزي غير معتبر وليس له أي تأثير يذكر في صنع القرار العراقي السياسي والعسكري والأقتصادي والمالي وكل ما له علاقة بالسيادة الوطنية ، لأن الكتل الرئيسية الثلاثة تتكون بنيتها من أحزاب دينية وقومية ذات توجهات شمولية لا تؤمن فكرياً ولا تعترف بوجود هذه الأقليات ككيانات وطنية لها خصوصيتها ولها من الحقوق ما عليها من الواجبات كمواطنين حالهم حال الآخرين أولاً ، وثانياً لأن تمثيلها العددي رمزي لا يتناسب مع حجمها السكاني الحقيقي فإنها بالتالي لا تمتلك قدرة تأثير في تمرير أو اسقاط أي مشروع قانون يعرض في البرلمان للتصويت عليه إن كان لصالحها أو بالضد من مصالحها ، ولذلك يبقى هذا التمثيل لا يشكل ورقة لعب ليراهن الآخرين عليها ، وإنما يُستغل من قبل الكتل الكبيرة لأغراض دعائية وإعلامية لتضليل االعالم المتمدن والمنظمات الدولية كالأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الحقوقية بأن النظام القائم هو نظام ديمقراطي يكفل حقوق الجميع ، ولذلك بقيت كل مواد الدستور التي تخص تنفيذ الحقوق السياسية القومية والثقافية والدينية لهذه الأقليات الى اليوم حبراً على الورق ليس إلا . عليه وبسبب هذا الأهمال شبه المتعمد من قبل الكتل الكبيرة المهيمنة على حكم البلاد والأقليم للأقليات من جهة وما حصل لها من مذابح وتهجير قسري من مدنهم وقراهم في مناطق سُكناهم على يد عصابات داعش الأرهابية وعصابات الجريمة المنظمة من جهة ثانية ، تم استنزاف وجودها القومي والديني في أرض الوطن ، وما زال النزيف يتدفق بقوة ، إنها في الحقيقة عملية قيصرية لقلع جذورها وخلع وجودها القومي والديني والوطني الأصيل من أرض الأباء والأجداد ، والكل صامت صمت القبور على هذا الضيم الذي من وراءه الأقليات وحدها تخسر الوطن والوجود معاً . 

خوشـــابا ســـولاقا
بغداد – 2 / أيار / 2015   


غير متصل وردا البيلاتـي

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 124
    • مشاهدة الملف الشخصي
عزيزي خالوخوشابا سولاقا
تحيات حارة
تحليل صائب اتفق معاك في كثيرما جاء  في موضوعك القيم. التقسيم جاري وهكذا يظهر للعيان، لكن سوالي الى صاحب القرار اين حصة اصحاب الأرض من هذا التقسيم، كل الزيارات والأحتجاجات امام البرلمان الأوربي  وامام بيت الأبيض ومشاركة ممثلي ابناء شعبنا من كلدان وسريان واشورين ولقأئات تلفزيونية على قدم  وساق لم نحصل على ارضنا التي تم الأستحواذ عليهافي وجهة النهار.
حول النقطة الأولى : ولي الأمر يأمر فقط ليس هناك نقاش ... عزيزي خالو.
وحول النقطة الثانية: قد لا اتفق معاك حول ما جاء ما يخص السنة المعتدلين ( وهم الأقلية جدا) واكثرية السنة هم من جذور بعثية وحواضن للارهاب منذ الأحتلال الأمريكي والى اليوم وما تمغض عنه اخير الدواعش.
والصراع المذهبي ليس شيء جديد بين الطائفتين السنة والشيعة وكما يشهد التاريخ خلال 14 قرنا وسوف يستمر.
نحن بحاجة الى ثورة حقيقة ضد التخلف والأحتلال كما كانت شعوب الحرة كالشعب الفتنامي.
اما حكومة العراق عليها الطاعة فقط لسياسة امريكا.
تمنياتي لك بالصحة والموفقية.

غير متصل هنري سـركيس

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 976
    • مشاهدة الملف الشخصي
الاستاذ المهندس خوشابا سولاقا المحترم
تحية طيبة
اطلعت على ما تفضلتم به في مقالكم التحليلي الرائع واستنتاجكم الدقيق والقيم. وهذا الشيء اعتقد لابد وان يكون مقدمة لدراسة والبحث للمشهد السياسي والاجتماعي، لانه يعبر عن ازمات متنوعة المعالم والابعاد بدءا بغياب اسس الدولة الحديثة، بعد ان خلقت الحكومة العراقية لنفسها وشعبها ازمات وكوارث من دون رحمة او شفقة، وايضا مشحونة بالفساد الكبير والعلني والمتخفي، وصفقات بين متطفلين على ممارسة العمل السياسي والطائفي الديني، وايضا على التحالفات الزقاقية اذا صح التعبير الجديد، وانتهاءا بتدمير كل اركان الدولة واخلاقيات شعبها بالخوض في مستنقعات نتنة يخجل الجميع منها، فعلا انها فترة صعبة وحرجة من تاريخ الوطن، وبالتالي كل مواطن شريف ومخلص يتبرا منها. استاذ العزيز المشكلة تكمن في الشعب العراقي الذي تعجن بين الحروب والظلم  والقتل والفساد والاهمال والاقصاء والتهميش، فعلا انه واقع مرير ومزري، واقع بربري متوحش لا انساني يتحمله المواطن قبل مجتمعه، وسياسييه قبل قبل مواطنيه، لقد تدمر الوطن وتهدمت معه القيم الاخلاقية والفكرية ، بعد ان تلاشت اهم ركائز النظام السياسي والامني والاقتصادي، فاصبح المواطن بدون وطن وامسى الوطن بدون شعب ، وذابت العقلية العراقية في انهار الانتهازية، واضحى مجتمعنا غائبا بين المجتمعات الانسانية الاخرى، كل ذلك يتحمله مجموعة من الحرامية والمجرمين المنتحلين صفة السياسة والدين والطائفية.. ان هذا الكم المعقد من القضايا الشائكة والمتشابكة ، خلق تشوش فكري لدى متخذين القرارات، مما جعلهم يضطرون الى التركيز فقط على القضايا التي فيها خطر عليه، وتعميق روح الشك بين الفرقاء السياسيين المتصارعين ، وتقوية الانتماءات والولاءات للاحزاب والعشائر ودول خارجية على حساب الانتماء للمواطنة والولاء للوطن. ومع ان هذه الحقائق السيكولوجية  تنطبق على الطبيعة البشرية، بمعنى ان السياسيين العراقيين  في واقع فوضى فكرية وسياسية تحكمت  بهم  اكثر من قدرتهم على التحكم بها،لان عقولهم سيطرت عليها الشك بالاخر وجعلها تغلق نوافذها حتى بوجه النصيحة الصادقة من مخلصين والعقلاء. ومن خلال  المداخلة استطيع ان اقول لن ما يمر به الوطن من فوضى ودمار والموت المجاني لكل ابناؤه، ما هو الا عبارة عن  العاب قذرة للصراع الطائفي وتدخلات مصالح بعض القوى الاقليمية على اخرى وشعبنا العراق والوطن يدفع الثمن. وتقبل مروري ودمتم سالمين
اخوكم وصديقكم
هنري سركيس
كركوك/ عرفة

غير متصل خوشابا سولاقا

  • عضو مميز جدا
  • *****
  • مشاركة: 2340
    • مشاهدة الملف الشخصي
الى الأخ العزيز خورزه وردا البيلاتي المحترم
تقبلوا خالص تحياتنا وحبتنا الصادقة
نشكر مروركم الكريم على مقالنا ونعتز بتقييمكم له ونضع ملاحظاتكم موضع تقديرنا واحترامنا إلا أن ذلك لا يمنع بأن نصارحكم بأننا متفقون مع ملاحظتكم الأولى مئة في المئة  ولا نوافقكم الرأي بخصوص ملاحظتكم الثانية لأنه فيها شيء من التعميم الذي يشكل مع أحترامنا الشديد لشخصكم نوع من التجني على من عنيتهم بقولكم . لقد سلطنا الضوء بعناية في مقالنا على هذا الجانب بإمكانكم العودة الى قراءة الموضوع من جديد ، بحسب وجهة نظرنا إن داعش ومن تحالف معها عبارة عن نتيجة طبيعية للسياسة الطائفية التي اتبعها السيد نوري المالكي وكرد فعل طبيعي لهذه السياسة أندفعوا بعض السنة من البعثيين ومن التيارات السنية للتحالف مع تنظيمات القاعدة الأرهابية فولدت داعش وقد ذكرنا ذلك في مقال سابق لنا بعنوان " مأزق العراق وكيف الخروج منه ... ؟؟ "، الوضع السياسي في العراق يجري وفق قانون اسحاق نيوتن العالم الفيزيائي الأنكليزي الذي يقول " لكل فعل رد فعل يساويه في المقدار ويعاكسه في الأتجاه " . هذا القانون في مجال السياسة كان من المفروض أن يتوقف العمل به منذ 9 / نيسان / 2003 إلا أن ذلك مع الأسف لم يحصل كما حصل في جمهورية جنوب أفريقيا بزعامة الخالد الذكر نيلسون منديلا بل تم إعتماد سياسة الثأر والانتقام فكانت النتائج ما يشاهده العراق اليوم ، لأن من أداروا العراق بعد السقوط ما كانوا رجال السياسة ليتقنوا فنها كما قيل في تعريفها " أن السياسة هي فن الممكن " ، ودمتم والعائلة الكريمة بخير وسلام .

           محبكم من القلب أخوكم وصديقكم : خالو خوشابا سولاقا - بغداد   
   

غير متصل خوشابا سولاقا

  • عضو مميز جدا
  • *****
  • مشاركة: 2340
    • مشاهدة الملف الشخصي
الى الأخ والصديق العزيز الكاتب السياسي المبدع رابي هنري سركيس المحترم
تقبلوا خالص تحياتنا ومحبتنا الصادقة
شكراً على مروركم الكريم على مقالنا وتقييمكم الرائع له ، كما نشكركم على ما عودتمون من مداخلات ثرية بمضامينها الفكرية تكمل لنا ما أغفلناه أو قد فاتنا ذكره في مقالنا هكذا هي الحياة نتعلم من بعضنا البعض ونتشارك بما لدينا من الأفكار والرؤى في حواراتنا ونقاشاتنا لتكتمل اطروحاتنا بأبهى وأجمل صورها ، هذا ما تتطلبه الحياة الثقافية الناضجة من كتابنا ومثقفينا وليس العكس كما يفعل البض من أصحاب الأجندات السياسية ، لأن الثقافة شيء والسياسة شيء آخر ، ليس بالضرورة أن يكون كل مثقف سياسي منخرط في تنظيم حزبي معين ، بل هو منتج للأفكار التي يحتاجها السياسي في عمله ، ولكن بالضرورة يجب أن يكون كل سياسي مثقف لأن ثقافته هي سلاحه في التعامل مع الآخرين ، وإلا سيكون مصيره الفشل المحتم ، مرة أخرى نشكر مروركم الكريم ودمتم والعائلة الكريمة بخير وسلام .

           محبكم من القلب أخوكم وصديقكم : خوشابا سولاقا - بغداد

غير متصل ايشو شليمون

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 504
    • مشاهدة الملف الشخصي
الأخ الاستاذ خوشابا سولاقا المحتـرم

تحليل منطقي جريء يتحلى بصراحة الطرح ووضوح الرؤية، وضعت فيه النقاط على الحروف كما يقال ليطلع الشعب والمعنيين على حقائق الأمـور ومجريات الاحداث لقراءة موقف جميع الأطراف المعلن والمخفي والذي تحركه المصالح الفئوية وتدعمه ألأجنــدة الخارجية طبقاً لمصالها وترسيخاً لوجودهـا وفاعليتها ومدى تاثيرالقوى الاقليمية في تاجيج الصراع في المنطقـة، وعليـه يستوجب على كافة الاطراف العمل والتحلي بالروح الوطنية بعيدا عن المصالح الفئوية الضيقة من اجل الحفاظ على وحدة العراق ،لان الحلول التي تلوح في الافق من خلال التقسيم قد تعطي ثمارها الانيه لتلوح ناجحة غير ان التاريخ يقدم الادلة الدامغة بان البناء على هذه الاسس هو اكثر خطورة مما يتصوره المرء على المدى الطويل لان بناء كيانات قوميه او مذهبيه متعدد ومتباينة الميول والاتجاهات في وحدة جغرافية معينه يسهل اختراقها  لتكون قنابل يمكن تفجيرها عن بعـد في اي وقت تلوح فيه مصالح القوى المتنفذه والاقليميـه في خطرمستقبلاً، لذا يبقى النظام الفيدرالي ظمن العراق الواحد الموحد هو الخيار الصحيح والسليم لجميع الاطراف والتي يمكن تطبيقة مناطقياً جغرافياً ويكون في ذات الوقت نسبياً مبني على التعدد المذهبي او العرقي  يعطي النظام محتوى الايمان بالتعدديه وقبول الآخر وفي ذات الوقت محافظاً على الوحده وبديلاً عن الوحدة القسريه المرفوضة التي يهيمن عليها طرف على حساب بقية المكونات، ومن ثم وضع برنامج تعليمي عام موحد يتسم بروح المواطنه والنهج الوحدوي.مع بناء جيش وطني موحد تقوده كفاءات عسكرية مشتركة ليكون الجهة الوحيده المسؤولة عن الذود على الوطن بشكل عام . لقد كان تحليلكم لمواقف الكتل الرئسية حقيقة واضحة دامغة لكل من يقر بالحقيقه. لذا فان مسؤولية الحفاظ على عراق موحد وديمومتها تقع على عاتقهم. كل هذا جميل لياخذ العراق مكانته المرموقة والمناسبه في العالم، في الوقت الذي يبقى السؤال ماذا بشان المكونات الصغيرة في الوطن والتي بسبب افتقارها على امكانيات الدفاع الذاتي اصبحت محطمة مشرده، افلا يحق لها العيش بشكل يضمن لهم خصوصيتهم وحريتهم وكرامتهم   ؟؟ سؤال تقع الاجابة عليـه على عاتق القوى العالميه والاقليمية والمحليه.
  دمتم ودام يراعك  في تسطير المزيد مما يتطلبة الواقع والشعب العراقي المتطلع لبناء عراق ديمقراطي حر موحد . تحياتي لشخصك الكريم مع فائق احترامي 

غير متصل خوشابا سولاقا

  • عضو مميز جدا
  • *****
  • مشاركة: 2340
    • مشاهدة الملف الشخصي
الى الأخ والصديق العزيز الكاتب الثر والشاعر المتألق رابي إيشو شليمون المحترم
تقبلوا خالص تحياتنا المعطرة بالمحبة الصادقة
نشكر لكم مروركم الكريم على مقالنا وتقييمكم الرائع له لما عرضناه فيه من موقع الأحداث بخصوص ما يجري من صراعات ومناكفات مسيسة عِرقياً وطائفياً في مضمونها وشكلها ووطنياً مزيفاً في حقيقتها من أجل المصالح والمنافع الشخصية تحت برقع حماية المصالح القومية والطائفية لتضليل البسطاء من الناس لأعادة انتخابهم بشكل مستديم ومستمر وكأنهم يمثلون ظل الله في أرض العراق !!! . لقد كانت مداخلتكم الراقية والثرة بمعلوماتها في الحقيقة إثراءً وإغناءً لما عرضناه ، وقد وفقتم خير توفيق في إكمال ما أغفلناه وما فاتنا ذكره مما يخص الموضوع ذاته ، ونكرر شكرنا الجزيل وتقديرنا الفائق لشخصكم الكريم لمتابعتكم لكتاباتنا واهتمامكم بها ، ودمتم والعائلة الكريمة بخير وسلام .

           محبكم من القلب أخوكم وصديقكم : خوشابا سولاقا - بغداد 

غير متصل عصام المـالح

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 392
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
ألاستاذ خوشابا سولاقا المحترم,
تحية للجميع,

اتفق معاك ان هناك رغبة شيعية وسنية على الاقل لدى بعض القادة السياسيين من الطائفتين في تقسيم العراق, ولكن لا اعتقد هناك رغبة شعبية قوية تصب في هذا الاتجاه. بينما في الحالة الكوردية العملية معكوسة تماما, حيث يوجد رغبة شعبية كوردية قوية ترغب في الانفصال عن العراق بينما القادة الكورد ليسوا جديين في هذا الانفصال ولاسباب اقتصادية بحتة. نحن نعلم ان دخل الاقليم الكوردي يصل الى اكثر من 20% من الدخل العراق الذي يعتمد شبه كليا على البترول اذا ما اضفنا مخصصات البيشمركة على 17% هي الحصة الرسمية. هذه الكمية الهائلة من الاموال هي التي حافظت الى حد كبير في وجود نوع من الاستقرار السياسي في الاقليم لانه كان في مصلحة السياسين الكورد جميعهم. اما اذا انفصل الاقليم عن العراق سيؤدي الى انخفاض حاد في الدخل القومي الذي هو الاخر سيعتمد على تصدير البترول كليا, حيث لم تستطيع سلطات الاقليم على مدى 12 سنة من بناء مشاريع زراعية او صناعية ضخمة مما يمكنها من تقليل الاعتماد على النفط. انتاج الاقليم من النفط لا يتجاوز 450 الف برميل يوميا ونصف هذه الكمية هي للاستهلاك الداخلي وهذا يعني لا يمكن تصدير اكثر 250 الف برميل يوميا.. من هنا نرى ان الدخل القومي بعد الاستقلال لن يكفي لدفع رواتب الموظفين في ظل الفساد الهائل المستشري في الاقليم. في ظل هذا النقص الهائل من السيولة المالية ستؤدي حتما الى مواجهات طاحنة بين الاحزاب الكوردية جميعها, خاصة بعد هيمنة الحزب البارتي على مقدرات الاقليم, تماما كما حدث في 1996. وهذا يعني بالتالي ان هذه الدولة لن تكون في وضع افضل مما كانت عليه جمهورية مهاباد التي لم تدوم سوى 11 شهرا. من هنا انا اعتقد ان الساسة الكورد ليسوا كما يدعون في الاعلام بان لهم رغبة في الاستقلال لانهم يعلمون تماما انها ستكون القشة التي ستقصم ظهر البعير.

من جهة اخرى ان الولايات المتحدة الامريكية ومعها الغرب عموما لا رغبة لهم بتقسيم المنطقة وفق اهواء شعوبها, لانها بالتالي ستؤدي الى وجود دول متجانسة اجتماعية مما يمكنها ان تكون دول قوية مستقبلا وقد تشكل خطرا اكبر على الوجود الاسرائيلي . لذا اعتقد ان الاجندة الامريكية هي ايصال المنطقة الى ما هي عليه الان وادامة الصراع الطائفي الى طول فترة ممكنة, ومشروع قرار الكونكرس الامريكي من تخصيص اموال لدعم قوات الحرس الوطني والقوات الكوردية  يصب في هذا الاتجاه.. لان المبلغ المخصص المقدر ب 720 مليون يعتبر تافه لتسليح جيوش تمكنها من حسم اي معركة بينما يعتبر مبلغ مثالي لتغذية الصراعات الداخلية. من هنا اعتقد ان الوضع في كل من العراق وسوريا سيظل لمدة 20 سنة قادمة تعيش هذه الحالة المزرية وبالتالي ستؤدي الى ايجاد صيغة مقبولة للتعايش السلمي في  داخل دولة منزوعة الانياب حيث تتحكم فيها جميع الاطراف بنسب شبه متساوية كما هو حاصل منذ زمن طويل في لبنان. وقد قالها بن غوريون اول رئيس وزراء اسرائيلي ان قوتنا لا تكمن في السلاح النووي وانما في تفتيت ثلاث دول كبيرة في المنطقة وهي العراق وسوريا ومصرالى دويلات متناحرة فيما بينها على اسس دينية وطائفية ونجاحنا لا يعتمد على ذكائنا وانما على غباء الطرف الاخر.

عصام المالح     
"Everybody wants to go to heaven, but no body wants to die"
Peter Tosh

غير متصل خوشابا سولاقا

  • عضو مميز جدا
  • *****
  • مشاركة: 2340
    • مشاهدة الملف الشخصي
الى الأخ والصديق العزيز الكاتب اللامع الأستاذ عصام المالح المحترم
تقبلوا خالص تحياتنا ومحبتنا الأخوية
نشكر لكم مروركم الكريم والمفيد على مقالنا وهذا شيء يشرفنا ونعتز به شديد الأعتزاز ، لأنه هو ما يشجعنا ويدفعنا الى التواصل في محاورة الأفكار والرؤى من أجل بناء ما هو أفضل ومطلوب لوعي وفهم ومعرفة ذاتنا القومية والوطنية والانسانية ، ومن ثم من خلال هذا الوعي نفهم ونحدد ماذا نريد لحياتنا الجديدة من مطاليب ومن الحقوق القومية والوطنية لنحاور الآخرين عليها بلغة العقل والمنطق السليم . كانت مداخلتكم رائعة وقيّمة في مضمونها وشكلها وحللتم فيها الحالة الكوردية تحليلاً علمياً رائعاً من حيث بفائهم في وحدة العراق أو الأنفصال عنه وإعلان دولتهم المستقلة ، وسلطتم فيه الضوء على مصادر مواردها المالية التي تمكنها من الأستمرار والديمومة من عدمه وأوفيتم الموضوع حقه بالكمال والتمام ، ولكن لنا أيضاً وجهة نظر ورؤية شخصية حول الموضوع ذاته لا بد لنا أن نبوح بها انصافاً للحق والحقيقة ليس إلا :
أولاً : الأمة الكوردية يقدر عدد نفسها أكثر من أربعين مليون نسمه مستقرين على جغرافية موحدة مترابطة الأطراف وموزعة بين عدة دول منذ قرون وتلك الدول هي العراق وايران وتركيا وسوريا وأرمينيا وربما بنسب أقل في بلدان أخرى مجاورة ، وهي الوحيدة وبهذا الحجم من النفوس والأرض التي يسكنوها وليس الأرض التي يمتلكوها تاريخياً وأقاموا فيها حضارة ليس لها دولة ككيان سياسي خاص بهم ، لذلك نقول أنه من حق الكورد أن يكون لهم طموح لأقامة كيانهم كدولة ذات سيادة وعلم وحدود جغرافية بموجب كل المعايير والقوانين الدولية المعتمدة حالياً ، وهذا طموح وحق مشروع وعادل بحسب وجهة نظرنا لا غضاضة فيه على أن لا تتحول في ظل هكذا دولة قومية وليدة حديثة العهد " الضحية الى جلاد آخر " مع الآخرين من الشركاء في تلك الدولة الموعودة !!! وهذا القرار يعود للكورد في العراق لوحدهم لأنهم أدرى بمصلحتهم من غيرهم كما يقول المثل " أهل مكة أدرى بشعابها " ، لأنه ما الفائدة من قيام دولة لا تجلب لأهلها غير الفقر والعوز والبؤس والحروب والموت ؟؟ .
ثانياً : باعتقادنا إن القيادة السياسية الكوردية غير جادة فيما تدعيه بهذا الخصوص في خطابها السياسي المعلن ، وإن هذا الأدعاء للقيادة السياسية الكوردية هو مجرد مناورة سياسية واعلامية لتبرير رفع سقف مطاليبها للضغط على الحكومة الأتحادية وابتزازها وليس إلا ، أما رأي الشعب الكوردي ورغبته في الأنفصال ( مع احترامي الشديد للشعب الكوردي ) فهو رأي عاطفي نابع من العواطف وليس من التعقل والمنطق والموقف الحكيم والرزين المرتبط بالمصالح القومية العليا للكورد ، ولذلك فهو بالتالي رأي لا يُعتد به لا من قبل القيادة الكوردية الفردية وغير الديمقراطية الى حد كبير ، وفي الأخير فإن إعلان الدولة الكوردية هو قرار " أمريكي - اوروبي - عالمي " مرتبط بالمصالح الأستراتيجية لأهل القرار العالمي وليس قرار كوردي حر كما يعتقد البعض من السُذج وقصيري النظر ، أمريكا تريد أن تصنع من القضية الكوردية ودولتها سكينة خاصر في خاصرة العرب والترك والفرس كما هو حال دولة اسرائيل عندما تحتاج ذلك ، لا دولة كوردية على المدى المنظور لأن ذلك يتعارض مع رغبات العرب والترك والفرس وأمريكا ، ولأن أمريكا في ذات الوقت غير مستعدة أن تضحي بمصالحها الحيوية والكبيرة مع هؤلاء من أجل لا شيء.
             ودمتم والعائلة الكريمة بخير وسلام

               محبكم من القلب أخوكم وصديقكم : خوشابا سولاقا - بغداد