ألاستاذ خوشابا سولاقا المحترم,
تحية للجميع,
اتفق معاك ان هناك رغبة شيعية وسنية على الاقل لدى بعض القادة السياسيين من الطائفتين في تقسيم العراق, ولكن لا اعتقد هناك رغبة شعبية قوية تصب في هذا الاتجاه. بينما في الحالة الكوردية العملية معكوسة تماما, حيث يوجد رغبة شعبية كوردية قوية ترغب في الانفصال عن العراق بينما القادة الكورد ليسوا جديين في هذا الانفصال ولاسباب اقتصادية بحتة. نحن نعلم ان دخل الاقليم الكوردي يصل الى اكثر من 20% من الدخل العراق الذي يعتمد شبه كليا على البترول اذا ما اضفنا مخصصات البيشمركة على 17% هي الحصة الرسمية. هذه الكمية الهائلة من الاموال هي التي حافظت الى حد كبير في وجود نوع من الاستقرار السياسي في الاقليم لانه كان في مصلحة السياسين الكورد جميعهم. اما اذا انفصل الاقليم عن العراق سيؤدي الى انخفاض حاد في الدخل القومي الذي هو الاخر سيعتمد على تصدير البترول كليا, حيث لم تستطيع سلطات الاقليم على مدى 12 سنة من بناء مشاريع زراعية او صناعية ضخمة مما يمكنها من تقليل الاعتماد على النفط. انتاج الاقليم من النفط لا يتجاوز 450 الف برميل يوميا ونصف هذه الكمية هي للاستهلاك الداخلي وهذا يعني لا يمكن تصدير اكثر 250 الف برميل يوميا.. من هنا نرى ان الدخل القومي بعد الاستقلال لن يكفي لدفع رواتب الموظفين في ظل الفساد الهائل المستشري في الاقليم. في ظل هذا النقص الهائل من السيولة المالية ستؤدي حتما الى مواجهات طاحنة بين الاحزاب الكوردية جميعها, خاصة بعد هيمنة الحزب البارتي على مقدرات الاقليم, تماما كما حدث في 1996. وهذا يعني بالتالي ان هذه الدولة لن تكون في وضع افضل مما كانت عليه جمهورية مهاباد التي لم تدوم سوى 11 شهرا. من هنا انا اعتقد ان الساسة الكورد ليسوا كما يدعون في الاعلام بان لهم رغبة في الاستقلال لانهم يعلمون تماما انها ستكون القشة التي ستقصم ظهر البعير.
من جهة اخرى ان الولايات المتحدة الامريكية ومعها الغرب عموما لا رغبة لهم بتقسيم المنطقة وفق اهواء شعوبها, لانها بالتالي ستؤدي الى وجود دول متجانسة اجتماعية مما يمكنها ان تكون دول قوية مستقبلا وقد تشكل خطرا اكبر على الوجود الاسرائيلي . لذا اعتقد ان الاجندة الامريكية هي ايصال المنطقة الى ما هي عليه الان وادامة الصراع الطائفي الى طول فترة ممكنة, ومشروع قرار الكونكرس الامريكي من تخصيص اموال لدعم قوات الحرس الوطني والقوات الكوردية يصب في هذا الاتجاه.. لان المبلغ المخصص المقدر ب 720 مليون يعتبر تافه لتسليح جيوش تمكنها من حسم اي معركة بينما يعتبر مبلغ مثالي لتغذية الصراعات الداخلية. من هنا اعتقد ان الوضع في كل من العراق وسوريا سيظل لمدة 20 سنة قادمة تعيش هذه الحالة المزرية وبالتالي ستؤدي الى ايجاد صيغة مقبولة للتعايش السلمي في داخل دولة منزوعة الانياب حيث تتحكم فيها جميع الاطراف بنسب شبه متساوية كما هو حاصل منذ زمن طويل في لبنان. وقد قالها بن غوريون اول رئيس وزراء اسرائيلي ان قوتنا لا تكمن في السلاح النووي وانما في تفتيت ثلاث دول كبيرة في المنطقة وهي العراق وسوريا ومصرالى دويلات متناحرة فيما بينها على اسس دينية وطائفية ونجاحنا لا يعتمد على ذكائنا وانما على غباء الطرف الاخر.
عصام المالح