تمهيد
الوضع والفُرصة المُتاحَة:
يبرز للمرة الاولى منذ إنتشار المسيحيّة في العراق خطر زوال هذا الوجود. لكن وبالرغم من هذا الوضع المأساوي، تتوفّر فرصة إستثنائية لمسيحيّي العراق لإرساء وجودهم من الآن فصاعداً على أسس متينة بناءً للمعطيات التالية:
1- بلوغ الصراع ذروته ما بين المكوّنات المسلمة على خلفيات مذهبيّة وقوميّة مما يجعلها كلّها أكثر قبولاً لطروحات تُراعي التنوّع.
2- إحتواء الدساتير الحالية (الحكومة المركزية وإقليم كردستان) على مواد تلحظ حقوق كافة المكوّنات في ممارسة خصوصيّاتها عبر تقسيمات إدارية (أقاليم) تُديرها ذاتيّاً.
3- إعتراف المجتمع الدولي بحقوق كافّة مكوّنات العراق، وحثُّه الحكومة المركزية لمراعاة خصوصيّاتها وحماية تلك المهدّدة من بينها. وذهب التحالف الدولي الى حدّ التدخل عسكرياً لمنع إقتلاع الأقليات من المنطقة. (كوباني – سنجار ...)
التحرّك المنشود – دور لرؤساء الكنائس:
نظراً للفرصة المتاحة تبرز الحاجة لموقف موحّد تاريخي للمسيحيّين، عبر بلورة رؤيا لبقائهم في العراق.
وفي ظل غياب أيّ مبادرة جديّة لغاية الآن، على مستوى فظاعة وخطورة الأحداث، ومنعاً لتشتّت الجهود التي تبذلُها بعض المجموعات المسيحيّة المتبقّية في العراق بشكل غير مُنسّق...
فإن رؤساء الكنائس المسيحيّة المعنيّة مدعوّون لإطلاق مبادرة ضمن مشروع موحّد، على أن يُعهَد في مرحلة لاحقة إلى هيئة من الفعَاليّات المسيحيّة المدنيّة العراقية متابعة تطبيق المشروع، وضمان تحقيق أهدافه.
فهم مدعوون الى توحيد الرؤية وخلق "قضيّة" تكون مصدر إلهام لتعبئة المجتمع المسيحي العراقي بغية التوصل الى وضع إستراتيجيّة واضحة للعودة وإنشاء إقليم تعيش فيه الأقليات العراقيّة "بحريّة وأمان وكرامة ومساواة" مع المسلم العراقي.
خطّة تثبيت وحماية مسيحيّي العراق
1- محوَر الخطّة: أرض وحقوق
إن العراقيّين المسيحيّين الحريصين على منعة ووحدة وطنهم، والمتمسّكين بالعيش بسلام مع شركائهم فيه، يُنبّهون حكومتهم المركزيّة والمجتمع الدولي إلى الخطر الحقيقي الذي يتهدَّد وجودهم كأقليّة مسيحيّة، ويطالبون ب:
أولاً: تأمين عودة المهجّرين المسيحيّين بعد تحرير قُراهم وأراضيهم، والتعويض عن الأضرار التي لحقت بهم، وحماية وجودهم عبر تخصيص منطقة بحدود واضحة في سهل نينوى يتمّ الإعتراف بها، يقومون بإدارتها ويؤمّنون حمايتها بقوى ذاتيّة، وبضمانات إقليمية ودوليّة.
ثانياً: الإعتراف بالحقوق الإقتصادية والمالية التي تترتّب لهم في تلك المنطقة، بحسب القوانين المعمول بها في العراق.
2- متطلبات الخطة محليّاً، إقليمياً و دوليّاً:
أولاً: الحكومة العراقيّة، حكومة إقليم كردستان، الإيزيديّين:
طرح مشروع إقليم خاص يضمّ كافة الأقليات، من بينها المسيحيّين الإيزيديّين الشبك وسواهم، لإقراره من الحكومة العراقيّة وذلك إستناداً الى المواد المناسبة في الدستور. (خارطة الإقليم في ملحق ربطاً)
ملاحظة: يمكن ان ترتبط هذه المنطقة إداريّاً بالحكومة المركزية في بغداد على أن تكون لها علاقات خاصّة بإقليم كردستان عبر بروتوكول يوضع لهذه الغاية. (فلا يأخذ الإقليم الجديد طرفاً في الصراع الداخلي القائم، بل يُشكّل نقطة تلاقي للمكوّنات الرئيسيّة المختلفة في العراق).
ثانياً: المطلوب على الصعيد الإقليمي والدولي:
- العمل لإستصدار قرار دُوَلي يطالب الحكومة العراقيّة والأطراف المتنازعة في العراق بحماية الأقليات الصغرى المُهَدَّدَة. حيث يمكن الإستناد في تحضير القرار الى الوقائع على الأرض والتقارير الصادرة بشأنها عن منظّمات دولية.
- السعي مع الدول الغربيّة وبعض الدول الإقليميّة لدعم فكرة الإقليم الخاص بالأقليات في العراق، حيث تبرز في هذا السياق أهميّة التنسيق مع دول مثل إيران، سوريا، قطر، السعودية وتركيا المعنيّين المباشرين بالصراع في العراق، وأخرى غربيّة من بين الدول المشاركة في التحالف الدولي ضد الإرهاب، علاوةً على الإتصال بدولة روسيا والفاتيكان.
3- آليات تنفيذ الخطّة على الأرض
أولاً: العنصر البشري
- تعيين لجنة مُصغّرة متخصّصة من عراقيّين مسيحيّين، من قِبَل رؤساء الكنائس مثابة خليّة أزمة ( Task force) تعاون البطاركة في إطلاق الخطة في مرحلة أوليّة.
- تنبثق عن خليّة الأزمة، بُعَيد إطلاق الخطّة، هيئات تُمثِّل الشعب العراقي المسيحي، أحزابه وفعالياته. (مجلس قومي مسيحي، حكومة ظلّ وهيئة عامة إستشاريّة)، تحضيراً لمرحلة التحرير، إعادة المهجّرين، إدارة وإنماء الإقليم المسيحي والدفاع عنه. (هيكلية مقترحة للهيئات المذكورة في ملحق ربطاً)
- البدء فوراً بتحضير متطوّعين، مع تفعيل المجموعات المسيحيّة المقاتلة على الأرض (يُقدَّرون حالياً بألف عنصر)، ليُشكّلوا مجتمعين نواة القوة المولج بها الدفاع عن الإقليم المسيحي وحفظ الأمن فيه (عديد إجمالي مطلوب خمسة آلاف عنصر).
بعد تجهيزها بالسلاح، إخضاع هذه القوى لدورات تدريبيّة، وتحديد إرتباطها بالدولة العراقيّة، بغية تأمين رواتب وحاجات عناصرها.
ثانياً: الإعتبارات الماديّة
- تحديد ورصد المبالغ اللازمة لترميم ما تهدّم في سهل نينوى ولإقامة المنشآت والتحصينات اللازمة في محيط القرى المذكورة فور تحريرها، لتسهيل حمايتها عسكريّاً ضمن خطة دفاعيّة متكاملة.
- إطلاق حملة جمع تبرّعات لتوظيفها في مشاريع إنمائيّة مُحدَّدَة في القرى المحرَّرة أولاً، وبعض قرى إقليم كردستان حيث يقيم مسيحيّون، مما يخلق فُرَص عمل ويُحفِّذ السكّان على البقاء والمقاومة. (إمكانية إعتماد آلية Crowd Funding على الإنترنت)
- التحضير لتأمين مقوّمات الصمود مالياً واقتصادياً، في المرحلة اللاحقة، عبر إجراء دراسات للطاقات والثروات المتوفّرة في إقليم سهل نينوى (بينها النفط)، مُستَعينين بخبراء وشركات إستشاريّة أجنبيّة، تمهيداً لخلق دورة إقتصاديّة وماليّة متكاملة.
أخيراً من الضروري مواكبة الخطوات السياسية، الإقتصادية والأمنيّة بسلسلة تدابير هدفها التعبئة الشعبيّة والإعلاميّة. (ملحق ربطاً)
ملحق
التعبئة الشعبيّة والإعلاميّة
أولاً: الترويج لمشروع إقليم الأقليات عبر حملة إعلاميّة موجّهة الى مسيحيّي العراق ممّن هاجروا أو هُجِّروا، لجعل المشروع قضيّتهم، وزرع الأمل فيهم لجهة العودة والإستقرار في أرضهم وأرض أجدادهم، بعد إقناعهم بالضمانات المحليّة والدوليّة، وبوجود فُرص جيّدة للعَمَل والإستثمار.
(من عناصر الحملة الإعلاميّة: خلق موقع إلكتروني خاص MAR TOUMA وإستعمال كافة وسائل التواصل الإجتماعي لإنجاح الحملة – تصوير فيلم "العودة" يُلخِّص القضيّة ويثير الحماس – أخيراً تنظيم مؤتمر خاص في أقرب فرصة لتسويق الخطّة وتأمين الدفع اللازم لانطلاقتها.)
ثانياً: التعبئة العامة في صفوف اللاجئين داخل العراق وفي بلدان الجوار والإغتراب وذلك من خلال مواكبتهم معنويّاً وروحيّاً في أماكن تواجدهم. ويُستحسَن لهذه الغاية خلق شبكات متطوّعين من رجال دين وعلمانيّين، لإستمالة أكبر عدد ممكن من النازحين لهذه القضيّة. حيث تعمد الكنائس الى إعادة إنتشار للكهنة التابعين لها، بحسب المعطيات الديمغرافيّة الجديدة التي تلت التهجير من سهل نينوى والنزوح الى خارج العراق.
ثالثاً: تشجيع النازحين في بلدان الجوار على الإنتظار فيها وعدم الهجرة، حيث يتمّ التنسيق مع الكنائس والفعاليّات المسيحيّة في هذه البلدان لتأمين الظروف المعيشيّة اللائقة للنازحين العراقيين المسيحيّين فيها، لحملهم على الإنتظار والعمل في هذه البلدان الى حين توفّر شروط العودة. كما يمكن إستعمال وسائل ترغيب لهذه الغاية عبر برامج خاصّة ومساعدات إضافيّة للذين يُبدون رغبة في ذلك من بين النازحين.
ملاحظة: يجب البدء فوراً بإجراء مسح شامل للاجئين العراقيّين المسيحيّين في العراق وخارجه، أعدادهم وحاجاتهم، وتنظيم مؤتمر خاص هدفه تحديد سياسة إغاثة موحّدة لكل الكنائس، تحول دون فقدان أمل النازحين بمراجعهم، وبالتالي دون إنسلاخهم نهائيّاً عن القضيّة.
رابط الموضوع
http://saint-adday.com/permalink/7379.html