المحرر موضوع: الحاله العراقيه...مسؤولية من؟  (زيارة 1035 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Janan Kawaja

  • اداري منتديات
  • عضو مميز متقدم
  • *
  • مشاركة: 31477
    • مشاهدة الملف الشخصي
 
الحاله العراقيه...مسؤولية من؟[/size]
جنان خواجا
[/size] [/color] لم تكن الحاله العراقيه امرا يمكن اعتباره اعتياديا كونه كان انحدارا شديد السقوط وكثير التغيرات.
كانت قضية نصر واندحار، فوز وانكسار اتحدت كل مداخلاتها بشكل ضاعت فيه البدايات وامتزجت بنهايات يصعب التكهن بصبغتها.
لم تكن الحاله العراقيه فنجانا مكشوف او برجا مقرؤ ، كانت لغزا غريبا سرق من الجميع كل التوقعات واضاعهم في دهليز التخمينات التي اختلفت كل اشكالها عن الحقيقه حين بدأت تظهر.

فالنظام السابق كما لا يخفى على احد كان السبب وراء كل ذلك التعقيد الذي اربك العراق شعبا وارضا حتى ضاعت اصالة هذا العريق بكل ماهو مرفوض ادبيا واخلاقيا وانسانيا و بات ابن العراق منبوذا مكروها ينفر منه الاخرون.

النظام السابق تدخل في كل الصغائر ضمن شخصية الانسان العراقي وبكل اطيافه وشرائحه فعمد لصهر العراق كل العراق بشرا وطبيعه في بودقه كبيرة اذابت كل معاني الانسانيه والطيبه والاصاله التي كان يتمتع بها هذا الشعب وارضه العريقه.

ولم يكتف النظام بأهانه العراقي في انسانيته بل تعدى ذلك استخفافه بأرضه وطبيعته وثرواته واثاره.

ان الحاله الغير طبيعيه التي كان يعاني منها رأس النظام السابق وطغيانه وتسلطه الممتد بلا حدود جعل حتما ان يكون كل ازلامه ومساعديه على شاكلته وبنسب تتفاوت ومدى القابليه على التأقلم مع نهج الشر الذي كان من سمات شخصيته الشريرة المليئه بكل اشكال الحقد الموروث.

ان الفترات المتعاقبه خلال حكم هذا النظام الشمولي الذى كان اداة قاطعه لاي حريه تتعارض وتوجهات فكره الديكتاتوري الذي لم يكن يفرق بين كبير وصغير، فهو لم يكن ذا توجه واضح معلن حيث كانت تحكمه الامزجه والاهواء مدفوعه من خلف إظهار حب الذات والتبجح والافتخار خاليه من اقل شروط الانسانيه المحددة بقانون، فالشعب يتوسل لطحين الحصة وهو يتفاخرببناء القصور وتكديس السلاح ومعاداة الاخرين، يدعي العروبه ويعادي العرب يتباها بتكريم الشعراء والمطربين والكثير من المنافقين من دول العروبه الذين كانوا ينعمون بثرواتنا ونحن ُنسرق وُنستغل .

ان الوضع العراقي السابق الذي امتد لاكثر من ثلاث عقود ونصف كان كافيا بسبب هذا النظام القمعي الدكتاتوري ان يخلق شريحة واسعه من هذا الشعب ويحولها الى فئه غير متجانسه وغير سليمه فأن لم تكن اسباب كل تلك الانحرافات هو النظام لكن القسم الاكبر منها يتحمله وما تبقى هو بسبب ما سببه النظام من صعوبات حياتيه او اجتماعيه دفعت الكثير لقبول مبدء الخطأ بسبب الحاجه اولا وبسبب التأثر بالوضع العام الذي بدء يستوعب الخطأ بارتياح.

هناك الكثير من الدول المتحضرة التي تضع الانسان في اول مرتباتها بدءا من الطفل وانتهاءا بالكهل، بدأت تلغي من لعب اطفالها تلك اللعب التي تعتمد على الوحشيه والعنف والقتل واستبدلتها بتلك التي تدفع الطفل للتفكير واستخدام العقل، لكن الجيل الذي تربى في عهد النظام السابق تربى على ان يرى الدم والقتل والجثث والشهداء وصارت الجثه منظرا لايخيف الطفل الذي اعتاد على رؤيتها ان لم يكن في بيته ففي بيت الجيران، كان العسكري المراسل المكلف بنقل شهيد من البصرة ايام الحرب مع ايران الى اهله في احدى المحافظات يضطر للتوقف للراحه عند منتصف الطريق لياكل وجبته قرب تابوت الشهيد الموضوع بالسيارة وكثيرا ما كان ناقل الشهيد هو احد اصدقائه ويعرف مسكنه لذا يكلف بهذا الواجب، هذا نموذج لمئات النماذج التي كانت كافيه لتنشئة جيل كبير تدرب على العنف والقتل والموت.

ولم يكتف ذلك النظام بالمساهمه بقتل الانسانيه بداخل الانسان العراقي لكنه تعدى ذلك لقتل الطبيعة وابادة الثروات فقام بتجفيف الاهوار مما تسبب في القضاء على الثروة الحيوانيه من اسماك وطيور وحيوانات كانت تعيش في تلك الاماكن الزراعيه ،فحين جف الماء مات كل شئ وانقلبت حياة سكان تلك المناطق من الرخاء الى الفقر والعوز، وفي البصرة جنوب العراق الغني بالنخيل واثناء الحرب مع ايران تم قطع ما لايقل عن ربع مليون نخلة كانت مصدر رزق لاصحابها وثروة لكل العراق.

حتى الاثار لم تسلم من تجاوزات النظام السابق ومن فكر ان يزور بابل سيرى كيف تم حفر اسم صدام اوحرف ص  احيانا على اغلب جدران منشات بابل الاثريه بدءا من بوابة عشتار الاثريه طابوقة بعد الاخرى..كان يتفاخر بتأريخ العراق كان من المفروض ان يحفر اسمه على قبر كل شهيد على كل دمار على التخلف الذي سببه للعراق ولامجال لعد الاهانات والظلم الذي تعرض له كل العراق بكل ارضه وشعبه بكل مسمياته واطيافه، يكفي ان نقول بأن فترة من الظلام اعادت العراق الى الخلف والمؤلم الان هناك من يريد ابقاءه في هذا المكان.

ان السلوك الغير طبيعي لذلك النظام كان السبب وراء نمو قاعدة من العداء والحقد داخل نفسية الانسان العراقي المحروم والمشرد من جانب فئه تصلي وتتمنى الخلاص وفئه مقربه مترفه لاتملك من المؤهلات سوى الاقتتال لبقاءها.

كان لابد لهذا الشكل المبعثر والمزدوج في كل شئ ان يترك اثارا سلبيه في نفسية الانسان الذي تربى على الجهل والفقر والحرمان في بلد غني بكل شئ، كان لابد من اي تغير مفاجئ ان يفجر بركانا هائلا من السلوكيات وبكل الاشكال وماهو سلبي سيكون من النصيب الاكبر حتما لان حالة الاعداله والاانسانيه كانت السلوك السائد وبالتقادم زالت الخصال الصالحه لتحل محلها السيئات كعادات لم يعد لجيلنا الجديد ان يميزها عن الجيد طالما لم يذقها ولم يعرفها من قبل، حتى ان من لايعرف العراق وشعب العراق او اراد التجاهل بدء يستخف بنا لان الوجه الذى بدى للجميع بعد سقوط النظام لم يكن مشرفا، فكنا ملطشه ايام حكمه وصرنا مهانين بعد سقوطه.

ولما كان العراق لقمه شهيه للجميع ولما كنا في حال من الجهل والتخلف المتراكم ولما كان للجميع من الاخوة والاحبه ديون علينا لم يتم تسويتها بأفضالنا السابقه عليهم صار من المؤكد هناك من يساهم في صب الزيت وهناك من ينفخ النار... وفي الاخر لم يكن الخاسر الا نحن والمحترق نحن.


070223[/b]