المحرر موضوع: من الادب السرياني المعاصر (تبن قديم)  (زيارة 1380 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل مريم نزارحنا

  • عضو
  • *
  • مشاركة: 28
  • منتديات عنكاوا
    • مشاهدة الملف الشخصي


من الادب السرياني المعاصر
(تبن قديم)

القاص : يونان هوزايا
ترجمة: مريم نزار حنا



اللوحة الاولى

اسم قريتنا (اوريتا) ... منسوجة بالزرع... ملونة بالخضار... بوديانها... وسماواتها... اشجارها عملاقة، كرجالها... الدلب،الجوز،الرمان،البطم،التين،والصفصاف...تحيطها جبال عالية، غنية كغنى معلميها بالحكمة والمعرفة... اوريتا الغنية بالينابيع الصافية...
صفاء عينيك حبيبتي ... وعمق صمتهم ... ومروجها ممتدة وواسعة... سهول خضراء... مكسوة بالثلج ... او الوان والوان ... من ورود،شقائق ... حمرا،صفراء... اطفال بيوم (العنصرة) ...

اللوحة الثانية

كنت فلاحا ... وهذا يعني الكثير.... حب الارض ... تقديس التراب والثمار...وكنت عاشقا للجمال ... الفلاح والارض ... الام وابنائها ... الحب وبذل الذات والشوق... الغلات و الثمار..
كنت فلاحا حينما قدموا العجائز ليخرجوا اهل القرية... لجني العفص... جميعهم رجالا ونساءَ، شباباً وشابات جميعهم خرجوا للجبال ... أسراب نمل نشط يتسارع من شجرة لاخرى ... ومن مرتفع لأخر... وفي العصر... وفي وقت العودة... تراهم متعبين... منهكين... يحملون حقيبتهم... تتقدمهم بغالهم باحمالها الثقيلة.

اللوحة الثالثة

في ذلك الوادي الذي يسبق قريتي ... تلاقت أعيننا ...  فتسمرت رجلاي في الساقية ... وعندما شعرت بنفسي ...  كان البغل قد وصل القرية !...
(سهرا) اسرت قلبي وشغلت عقلي ... ومن ذاك اليوم تجسدت قامتها في فكري عشاً... حفرت اسمها في عمق وجداني .. . ومن ذاك اليوم ... تلازمني في اعمالي ... أحلامي ومنامي!... احببت سهرا واخترتها شتلة الزيتون التي تورق في وجودي...

اللوحة الرابعة

احببت سهرا ، الصبية من قرية كرما... تلك القرية المجاورة لقريتي اوريتا او لنقل كلاهما كانتا قرية واحدة... اوريتا تتربع على احدى زوايا المرج، من تحتها وادٍ عميق... وكرما تتربع فوق قمة عالية في الزاوية الاخرى من المرج، القريتان تتربعان على مرتفع كسنبلتين فوق غصني الحنطة، او لنقل تاج فوق راس الطيور... كرما واوريتا كلاهما ممطرتان ، كثيرة الثلوج، مليئة بالينابيع والمصايف، مليئة بالثمار والاشجار... شمس واحدة كانت تشرق على كرما واوريتا... عينان احداهما اليسرى وأخرى اليمنى...

اللوحة الخامسة

لعدة قرون ، ومنذ زمن قديم، عندما حدث تغير كبير استطاع ان يفصل قرية اوريتا عن كرما، حدود قسمت حقولهم وزرعهم، ودب الكره في قلوب البعض من اهلها...  كان ذلك قبل ازمان وقرون... لكن الازمان التي مرت محت كل شيء ... اولادهم واحفادهم جددوا كل شيء... بنوا علاقات انسانية لجيران خيرين، واهالي أتقياء... كل شيء اصبح منسيا للناس البسطاء... بأستثناء بعض الاثار، بعض الذكريات الصغيرة في اذهان بعض الباحثين والذين ينبشون في التاريخ ... أولئك الذين كانوا يتذكرون بمرارة برودة العلاقات التي كانت فيما بينهم يوم ما...

اللوحة السادسة

اقتربنا انا وسهرا... احببنا بعضنا من اعماقنا... جلسنا على حافة الينابيع، تحت ظلال الدلب... الجوز وعلى السواقي... حاورنا... كيف... لماذا... متى...سبحنا في عيني بعضنا الاخر... اكتمل حبنا... وحان الوقت ليذهب اهلي لخطبتها... وانا أنتظر... وأعزف الناي... ولم يكن في حسباني أن يرفض أهلها... لكوني فلاحا صافيا كهواء الصباح ... ولم اكن اعرف ان والدها كان من الذين يبحثون في الدفاتر القديمة و(يذرون التبن القديم)...