أشكالية التسمية بعد تحول الاشورية الى خط أحمر!!
أوشـــانا نيســـانقد يستغرب المتابع كثيرا خلال متابعته لنهج "نخبة" من كتاب ومثقفي هذا الشعب المغضوب عليه وجوهر الطروحات أوالحوارات غير المتمدنة التي تنشرها على صدر صفحاتنا الالكترونية حول البدعة القومية الاخيرة تحت عنوان "المسيحية"، باعتبارها حل وسط والاشورية خط أحمر. في وقت يجب أن يعرف"الكل" أن الخاسر الوحيد وراء كل هذه السجالات العقيمة التي يتبناها بعض رجال الدين والقوى السياسية الصاعدة هو شعبنا بجميع تسمياته ومكوناته العرقية والمذهبية. وفي هذه الحالة يصعب علينا أن نعاتب الاكثرية الكوردية في الاقليم أو نلوم الاكثرية العربية في بغداد وهي تسمي جميع الشعوب العراقية بمسمياتها الصحيحة باستثناء شعبنا الذي صبأ اليوم فجأة الى المسيحية في الاقليم الكوردستاني رغم مرور أكثر من ألفي سنة على مسيحيته، والى مجرد جالية مسيحية في قلب العاصمة بغداد!!
من خلال متابعتي المنتظمة للمناقشات الدستورية التي تجري تحت قبة البرلمان الكوردستاني في أربيل وأخرها المصادقة على أعضاء لجنة اعداد مشروع دستور كوردستان – العراق بتاريخ 20/5/2015، تم انتخاب اعضاء اللجنة التي تتكون من 21 عضوا بالشكل الاتي:
" الحزب الديمقراطي الكوردستاني 7 / الاتحاد الوطني الكوردستاني 4 / كوران4 / يه ككرتوو2 / كومه لى ئيسلامى كرسي واحد/ التركمان كرسي واحد/ المسيحيون كرسي واحد/ واخيرا لم يتم تقديم اسم المرشح التابع للاحزاب الاربعة وهي الحزب الشيوعي والحركة الاسلامية والحزب الاشتراكي والاتجاه الثالث". علما أن الحقيقة هذه يمكن أعتبارها بكل صراحة تحصيل حاصل لما يجري من معارك الزعامة والمصالح الحزبية الضيقة من وراء الكواليس.
كيف تحولنا الى حفنة من المسيحين؟قبل الولوج في صلب هذا الموضوع الشائك أقر بانني كلداني مثل جميع أشقائي الكلدانيين واشوري كغيري من الاشوريين وسرياني الى حد النخاع. فلماذا يجب أن ننكر هذه الحقيقة ولا نعترف بالاخر؟
حيث المتابع للاقتراحات التي تطرح بين الحين والاخر وأخرها المقترح الذي تبناه غبطة البطريرك مار لويس روفائيل الاول ساكو مع كل احترامي وتقديري لهذا البطريرك القدير والمثقف الذي حمّل في الاونة الاخيرة أكثر من طاقاته بكثير، يندهش المتابع عن مدى استعداد "الكثير" من أخواننا الكلدان في تعميق الشرخ الذي أوجدته كنيسة روما قبل 462 عام في سبيل تمزيق صفوف هذا الشعب الذي صبأ الى المسيحية قبل جميع شعوب وأمم العالم قاطبة. بالاضافة الى استعداد هذه"المجموعة" الى فتح جميع قنوات الحوار وتبادل الأفكاروالتفاهم مع جميع العراقيين العرب والاكراد وحتى البدو، بأستثناء الحوار مع اشقائهم الاشورين باعتبارهم مصدر شقائهم وتعاستهم في العراق وليست الانظمة المركزية الشمولية.
حيث يفترض بالكلداني الذي يستقوي على الاشوري بجذوره وانتماءاته التاريخية في الوسط والجنوب العراقي أوحتى الاشوري الحريص على تهميش الكلداني أواقصاءه في الاقليم أن يعرفا جيدا، أننا نعيش في زمن العهر السياسي وفي بلد أصبح ثلثه أمام قعقعة سيوف وصهيل خيول الخلفاء الجدد لما يسمى بالدولة الاسلامية"داعش" بعدما تحررنا للتو من ظلم أكبر واتعس نظام سياسي"مركزي" استمر لاكثر
من 82 عاما.
فلماذا يجب أن نرجع ألاف السنين الى الوراء لنعثر صدفة على حجة بغيضة تفرقنا. نعم مجرد حجة واهية تفلح في تمزيق وحدة شعبنا ولا نصدق جوهر الرسالة المسيحية التي وحدتنا قبل الفي عام، ثم نتنكر كالاغبياء لخطورة الاوضاع السياسية الانية وسيوف الارهاب أوشبه الانقراض يتسلط كل لحظة على رقاب جميع أبناء شعبنا من دون تمييز، ابتداء بهذه الهجرة التي باتت تنخر في جسد شعبنا بعد اشتداد ظاهرة الخطف وخطف المطران فرج رحّو وتصفيّته غدرا ثم مرورا بالمطرانين السريانين المخطوفين المطران بولس اليازجي والمتروبوليت يوحنا ابراهيم قبل أكثر من عامين واخير وليس اخرا اختطاف أكثر من 220 أشوري واشورية في سوريا، بعدما تحولت المسيحية في "الدولة الاسلامية في العراق والشام" الى تهمة جزاؤها حزّ رؤوس من يختلفون عن شريعتهم.
لماذا تحولت الاشورية الى تهمة؟أكثر ما يحزنني في ملف الطروحات أو مقترحات ما بعد سقوط الصنم عام 2003، هو الازدواجية الزائدة في المعاييرالمتبعة بدقة في سبيل تمزيق شملنا القومي والوطني على حد سواء. ذلك طبقا لنهج حفنة من الرفاق "العائدين" توا الى صفوفنا القومية. هؤلاء الذين يحملون اليوم معاول الهدم ويسعون بإدراك منهم أوبجهل إلى تمزيق وحدة شعبنا والزج به نحو مصير مجهول لعل المهمة هذه تعوض فشل ايديولوجيتهم.
حيث يعرف المطلع على ملف المعارضة العراقية وخطابها السياسي- الوطني خلال ما يقارب من مائة عام خلت، أن النضال "الوطني المشّرف" لمجموعة من "الشيوعين" والذي انطلق عام 31 أذار 1934 ولحد انهيار الشيوعية رسميا عام 1991، كان مقرونا بيوتوبيا اممية تسمو فوق تخوم القومية باعتبار"القومية في جوهرها مجرد حركات رجعية من طينة الحركات الفاشية"، يكتب الدكتور هشام غصيب في صوت اليسار العراقي تحت عنوان"الماركسية والفاشية". في وقت ينسى أو يتناسى "الرفاق" أن الاشورين أجتمعوا في سر عمادية تحت زعامة البطريرك مارايشاي شمعون وطالبوا بالحكم الذاتي لشعبنا الاشوري في محافظة دهوك الحالية ثم ثاروا قبل تاسيس الحزب الشيوعي في العراق. حيث كان جواب النظام المركزي في بغداد كالعادة ابادة جماعية في سميل عام 1933 قبل دخول المصطلح ضمن قاموس الجرائم الدولية عام 1944.
في وقت كان يفترض بالمطلع على مسيرة النضال الوطني العراقي أن يعرف جيدا، أن خطابات المعارضة العراقية وفي أصعب مراحلها التاريخية خلت تماما من أي اشارة للتسمية الكلدانية أو السريانية أو حتى الارامية باستثناء النضال الوطني المشروع للشعب الاشوري وحقوقه القومية على الاقل في الاقليم الكوردستاني باعتبارالاقليم معقلا لجميع فصائل المعارضة العراقية بجميع مشاربها السياسية والحزبية وخندقا لمحبي السلام والعراق الجديد.
حيث لم يأت ذكر تسمية أي شعب"مسيحي " ثائر في العراق باستثناء الشعب الاشوري والاعتراف بحقوقه القومية والثقافية والادارية في جميع مؤتمرات المعارضة العراقية التي عقدت بالشكل الاتي:
1- نضال أبناء شعبنا الاشوري ضمن ثورة ايلول 1961 الثورة التي قادها المناضل مصطفى البارزاني وحتى انهيارها عام 1975.
2- المؤتمرالوطني العراقي الذي عقد في فينا 1992 يقر بحقوق وهوية الشعب الاشوري فقط
3- المؤتمر الوطني العراقي الموحد/ في صلاح الدين كوردستان العراق تشرين الاول 1992 أقر بشرعية حقوق الشعب الاشوري في عراق ما بعد الطاغية
4- المؤتمر الاخير للمعارضة العراقية في لندن كانون الاول عام 2002 يذكر حقوق الشعب الاشوري
5- الجلسة الاولى للبرلمان الكوردستاني عام 1992والتي عقدت بهدف تحديد نوعية العلاقة بين الاقليم الكوردستاني وبغداد ورد فيها" هذا ولم ينج من القمع والابادة ابناء الاقليات العرقية كالتركمان والاشوريين وغيرهم وهي جرائم حرب او جرائم ضد الانسانية وفقا لقواعد القانون الدولي".
علما أن البيانات هذه كلها مدونة ومحفوظة ضمن أرشيف المعارضة العراقية وحكومة الاقليم، ولكن من الجائز أن يقول قائل، أن القيادات السياسية الاشورية لم تنصف أشقاءها "الكلدان" ضمن مفاصل العراق الجديد، لذلك يفترض بنا جميعا خلق استراتيجية تصغير المشكلات مع اعادة توزيع الادواربالشكل الذي يحقق الوحدة والانصاف بين جميع شرائح شعبنا الاشوري على الاقل خلال هذه المرحلة الانتقالية من تاريخ العراق الجديد. وعدم اللجوء الى خيار التشكيك بالاصل التاريخي لشعبنا الاشوري. وفي الحالة هذه يمكن لنا تسهيل مهمة نوابنا في الدفاع عن حقوقنا كشعب اشوري موحد تحت قبة البرلمانين الكوردستاني والاتحادي، وسحب البساط من تحت أقدام الحركات العنصرية"الاجنبية" التي تحاول التشكك في انتماءنا القومي الاشوري وتحاول بطريقة او باخرى تمزيق وحدتنا القومية ضمن عراق فيدرالي وديمقراطي.
أما المقترح الاخر باعتقادي، هو "الكلدوأشور". هذه التسمية التي جاء بها رئيس اساقفة سعرد للكلدان الكاثوليك المطران "ادي شير"، ابان سقوط الدولة العثمانية واشتراك وفود شعبنا في مؤتمر فرساي في باريس عام 1919. ثم تبنى هذه التسمية المؤتمر الذي عقدته قيادة الحركة الديمقراطية الاشورية في بغداد عام 2003.
وفي الختام علينا جميعا أن نكون صرحاء مع بعضنا البعض لكي نفلح في تبني نهج الوسطية والاعتدال وقبول الاخر رحمة بوجود وحقوق ابناء شعبنا داخل الوطن. صحيح ومن خلال متابعتي للسجالات التي تجري تحت قبة البرلمان الكوردستاني عن قرب، أن عددا من البرلمانيين"الاكراد" يشكون من التسمية المركبة ويفضلون التسمية"المسيحية" بدلا عنها. أذ لو أستصعب على غبطة البطريرك أو حتى عليّ أو أي شخص اخر أن يقول، انني كلداني سرياني أشوري، بأي حق نستطيع أن نلوم البرلماني الكوردي أو العربي الذي ينعتنا بالمسيحي بدلا من الكلداني السرياني الاشوري يا ترى؟ هذا من جهة ومن الجهة الثانية، فلو كانت التسمية المركبة صعبة ومملة أساسا، كيف يمكن القبول بالمقترح الذي يقضي باضافة التسمية الارامية على التسمية نفسها والقول، أنني أرامي من الكلدان والسريان والاشوريين؟