الى الأخ العزيز الشماس جورج إيشو المحترم
تقبلوا خالص تحياتنا ومحبتنا
قرأنا مقالكم الرائع والذي نعتبره من الناحية النظرية صحيحاً مئة في المئة ، ولكنه ليس كذلك من الناحية العملية والتاريخية . كانت كنيسة المشرق هي الوسيلة التي حافظت على هويتنا القومية بكل فروعها الآشورية والكلدانية والسريانية من خلال محافظتها على لغتنا القومية " السورث " التي مارست بها كل طقوسها الدينية منذ النصف الأول للقرن الأول الميلادي لغاية اليوم ، ولذلك عملياً وواقعياً وتاريخياً تطبعت هوية الكنيسة الروحية بالهوية القومية بمختلف تسمياتها المتداولة بين مكونات امتنا اليوم . هكذا أصبحت هوية الكنيسة معروفة للغريب من خلال لغتها القومية وبالتالي من هويتها القومية ، وهذا بات واقع حال لا نستطيع تجاوزه ونكرانه ، ولكن يمكن تقويم طريقة التعامل والتبادل بين القومية والكنيسة بأساليب كثيرة بحيث لا يحصل أية تجاوزات مسيئة من طرف على الطرف الآخر ، وذلك من خلال الفصل التام بين السياسة والكنيسة ومنع تدخل رجال الكنيسة في الشؤون السياسية للأمة ، ومنع تدخل رجال السياسة ( الأحزاب ) في الشؤون الدينية الكنسية بغرض استثمارها وتجنيدها لخدمة أجنداتهم السياسية كما هو الحال اليوم في بعض أحزابنا السياسية وكنائسنا .
صديقنا العزيز إن قومنة الكنيسة ليست ظاهرة آشورية حصراً ينفرد بها الآشوريين فقط بل هي كذلك ظاهرة عامة مع الأخوة الكلدان والسريان والأرمن وغيرهم . إن جميع هذه الكنائس يتم اختيار اكليروساتها من القومية ذاتها التي تعتمد لغتها في أداء طقوس الكنيسة حتى وإن تواجد بين أتباع هذه الكنيسة من قوميات اخرى لحد هذا اليوم ، وهو كذلك مع الكنيسة القبطية واليونانية والروسية ، وكان الكرسي البابوي حصراً بالقومية الأيطالية منذ تأسيس الكرسي الرسولي لروما لغاية انتخاب البابا يوحنا بولس الثاني البولندي القومية عام 1978 م حيث تم تجاوز هذا التقليد وتغييره الى ما هو أشمل وبات يختار البابا من قوميات غير الأيطالية ، لأن الكثلكة عملياً هي مذهب أممي على مستوى العالم وتضم في صفوفها كاثوليك من كل القوميات في العالم ، ولكن على مستوى الدول التي يتواجد فيها الكاثوليك يتم اختيار البطريرك من القومية التي تستعمل الكنيسة لغتها في ممارسة طقوسها كما هو حال الكاثوليك الكلدان والسريان والأرمن والأقباط ، يا صديقنا العزيز هذا الشيء بات تقليداً وعرفاً اجتماعياً وكنسياً بمثابة قانون لا يفضي الى عنصرية قومية كما تتصورون ، وأتباع كنيستنا من الهنود لا اعتراض لهم على هذا الثقليد الراسخ في تربية وثقافة كنيستنا المشرقية بكل فروعها في الهند وهم يستعملون لغتنا في طقوسهم الكنسية وبالأخص الرئيسية منها ، ويطبعون لنا كل كُتبا في مطابعهم ، وكان مطربوليط ماليبار الهندية آشوري القومية يرسل لهم من العراق لغاية عام 1964 م حيث تم تجاوز هذا التقليد ورسم لهم مطربوليط من القومية الهندية الذي هو على ما أعتقد غبطة مار أبرم الحالي . لقد تجسدت فعلاً من الناحية العملية الهوية القومية والهوية الكنسية في جسد واحد لا غبار عليه . لا نفهم ما الغاية من إثارة هكذا مواضيع التي تجد طريقها الى الحل ذاتياً وزمنياً لضرورات الحاجة كما حصل مع نهاية تقليد التوريث للكرسي البطريركي في كنيسة المشرق الآشورية وغيرها من الأمور . ونحن في الغالب على يقين من أن بطاركة الكنائس الكاثوليكية في دول العالم كافة يتم اختيارهم من القومية التي تمثل هوية الدولة القومية . ما المشكلة في ذلك يا شماسنا العزيز ؟؟ ، وعليه لا نرى ضرورة لأثارة هكذا سجالات لأن مشاكلنا ليست بقليلة لنضيف عليها المزيد ، ودمتم والعائلة الكريمة بخير وسلام .
محبكم من القلب أخوكم : المهندس خوشابا سولاقا - بغداد