المحرر موضوع: قلم رئيس التحرير .. قلم المدير العام ..!  (زيارة 559 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل علي فهد ياسين

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 467
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
قلم رئيس التحرير .. قلم المدير العام ..!

في مقال الكاتب عبد الرحمن الراشد المنشور اليوم في جريدة الشرق الأوسط (الطبعة الدولية) تحت عنوان (العراق وسوريا دولة وحرب واحدة)،يعلن رفضه أعتبارهما دولتان قائمتان،  ومازالتا واقعاً معترفاً به قانوناً ، ويعتبر أن ( التقسيم مجرد خرائط ورقية قديمة !) ،ويضيف ( أن داعش هي السباقة والأكثر دقة عندماسمت نفسها بدولة العراق والشام الاسلامية !) ،ويؤكد (أن المرءيفقد قدرته على فهم عمق الأزمة عندمايسيروفق القواعد التقليدية مثل علامات الحدودوالأعلام والدول والأديان!)، ثم يرسم خارطة داعش (من باب الهوى الحدودي السوري مع تركيا الى أقصى جنوب العراق عند منفذ الجديدة السعودي ،وغرب العراق عند منفذ طريبيل الأردني !).
الكاتب (الراشد) يطلب تبني وجهة نظره هذه من قبل التحالف الدولي ضد داعش (اذا أرادت الدول المعنية مواجهة الكارثة المزدوجة، ووقف تمدد داعش، فعليها أن تتعامل مع العراق وسوريا كدولة واحدة !) ، ويذهب بعيداً في (اجتهاده) ، ليكتب ( ولم يعد يصلح تعريف هذه الدول ، وخصوصاُ الولايات المتحدة ، أن العراق دولة نفطية ستراتيجية !) ، ليختم مقاله بتقديم رؤيته (الراشدة) للحل ، ممهداً لها بعبارة( أن فكرة الاعتماد على حكومة بغداد الضعيفة لن تحقق الكثير)،وبأن (الخيار المعقول المتبقي، بعد فشل الحلول الاخرى،دعم القوى السنية المعارضة في سوريا ، ومثلها العشائر السنية لمقاتلة داعش،والتوقف عن استخدام الحشد الشعبي ومليشياته الشيعية في العراق تحت القيادة ادارة الايرانيين!) .
المواطن العربي ، والعراقي على وجه الخصوص،الذي يواجه القمع والارهاب ، لازال يعول على نخب (المثقفين) في نضاله ضد الدكتاتوريات المتسلطة على الحكم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية ،لكن ذاكرته لازالت تحتفظ بقوائم طويلة ومفتوحة لأسماء منهم ،هي في الواقع كانت أذرعاً للسلطات،وليس أدل على ذلك من فضيحة (كوبونات النفط) المهداة من النظام العراقي المقبور لعناويين اعلامية وثقافية (أفراداً ومؤسسات) معروفة على الساحة العربية ،كانت تروج لسياساته وتعتم على جرائمه على حساب دماء العراقيين ، ضاربةً بعرض الحائط  القيم الانسانية وقبلها القيم الصحفية .
على جانب مقال (الراشد) في الموقع الالكتروني لجريدة الشرق الاوسط ( الممولة سعودياً)، صورته الشخصية المدون تحتها (اعلامي ومثقف سعودي ،رئيس التحرير السابق لجريدة الشرق الاوسط ،والمدير العام السابق لقناة العربية )،هذه المناصب الكبيرة في اختصاصها ومعانيها ، يفترض ان يعبرالكاتب عن أغراضها ودلالاتها حين يتناول بقلمه واحدة من أخطر المشاكل التي تتعرض لها المنطقة العربية ، لكنه (في هذا المقال تحديداً) غرد خارج المتعارف والمفهوم، فقد تبنى مفهوم داعش الجغرافي والسياسي على حساب الواقع القانوني والدولي لدولتي العراق وسوريا ، وانكر على العراق تصنيفه النفطي المثبت علمياً واقتصادياً وسياسياً ، واقترح حلاً يعتمد تسليح العشيرة والطائفة لمقاتلة داعش التي قال انها ممتدة من الحدود التركية السورية الى الحدود العراقية السعودية ، بدلاً من مطالبته بدعم الشرعية العراقية ، وهو (المثقف!) على وجه التحديد ، ناهيك عن تسميته لافراد داعش بـ ( المقاتلين) ، الذي تساويهم تسميته هذه بالمفهوم العام لحملة السلاح في الجيوش النظامية ، وحركات المقاومة التي تدافع عن حرية شعوبها، وعدم تعرضه لأي تفصيل لجرائمهم التي أجمع العالم على بربريتها ومعاداتها للمفاهيم الانسانية .
هذا المقال نموذج عن واقع الحال العربي المتردي ، الذي يصطف فيه (المثقف والمسؤول) جنباً الى جنب خدمةً لمصالحهم على حساب مصالح الشعوب ، حتى لو كان هذا الاصطفاف مع الارهاب والقتل التي تمارسه داعش واخواتها من عصابات الاجرام التي أنشأتها ودربتها وسلحتها أطرف معروفه ، تحت رعاية امريكية وغربية باتت علنية وعلى رؤوس الاشهاد ، تروج لها وتبررها وتجمل مقاصدها مؤسسات اعلامية محلية وعالمية ، وتمولها حكومات المنطقة من أموال شعوبها .
الكاتب (أي كاتب) ، لابد أن يخط بقلمه مايمليه عليه ضميره ، لذلك تبقى خسارات الشعوب في أبنائها وثرواتها وتأريخها ، تتحملها ضمائر قادتها وأذنابهم قبل أعدائها ، وهوواقع يؤكده التأريخ وتستدل عليه البشرية من الوثائق الدامغة التي فضحت هؤلاء ، وستفضح غيرهم من العابثين بحياة الابرياء .
علي فهد ياسين