المحرر موضوع: ثورة 14 تموز وما بعدها  (زيارة 2434 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل متي اسو

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 926
  • منتديات عنكاوا
    • مشاهدة الملف الشخصي
ثورة 14 تموز وما بعدها
« في: 21:09 15/07/2015 »
ثورة 14 تموز وما بعدها
لا نستطيع ان نقول ان ثورة تموز كانت نعمة
ولكننا نستطيع ان نقول بكل ثقة انها لم تكن نقمة
لو حكمت ثورة تموز وزعيمها عبد الكريم قاسم العراق لأكثر من ثلاثين سنة ( مثل صدام حسين ، جمال عبد الناصر ، معمر القذافي ، حافظ الاسد ، والى حد ما الثورة الجزائرية وحكومة سياد بري في الصومال ) ، أقول ، لو طال حكم ثورة تموز وآل العراق الى ما آل اليه من خراب نتيجة ذلك الحكم لما ترددنا في القول ان " ثورة تموز كانت نقمة " ... لكن العراق أخذ ينحدر نحو الخراب بعد الاجهاز على ثورة تموز ( وليس بعد قيام ثورة تموز ).
كانت تلك الفترة تمثل فترة الحركات التحررية في العالم ، في شرق أسيا ، في الشرق الاوسط ، في افريقيا ، وفي امريكا اللاتينية ... وكان من الطبيعي ان تحدث ثورة في العراق ، إن لم يكن في تموز ففي شهر آخر ، بزعامة عبد الكريم قاسم  ام بدونه ... خاصة إن علمنا ان عبد الكريم قاسم لم يؤسس حركة الضباط الاحرار للاطاحة بالملكية ، لكنه إنظمّ اليها .
الثورات المضادّة التي قادتها الرجعية ( دينية او قومية ) نجحت في الاجهاض على الثورات التحررية ... لكن النتيجة تباينت من دول الى اخرى ، ففي الدول العربية والاسلامية جاء الخطر الكبير من " أسلمة المجتمع " في ظل حكومات بعضها يوصف زورا بالعلمانية ، ان " أسلمة المجتمع " كان أخطر بكثير من الحكام الطغاة أنفسهم ، وما نراه يحصل الآن لهذه المجتمعات هي نتيجة حتمية لشعوب تشبعت حد التخمة بالأفكار الدينية التكفيرية المتطرفة ... في دول امريكا اللاتينية حدث العكس ... أستعادت الثورات وجهها الاصلي بكل يسر لأن التطرف الديني ( الاسلامي تحديدا ) لا وجود له في المنطقة . الجيش وحده إستطاع إنقاذ الجزائر ومصر ... لا نعلم ... ربما الى حين ....
في السنوات الاخيرة كثر الحديث عن إلقاء اللوم على ثورة تموز ( لأنها كانت فاتحة ... وفتحت الباب ...) ، والغاية من كل ذلك هو تحويل الأنظار عن المسبب الرئيسي في خراب العراق ، ذلك الذي أجهز على ثورة تموز..... واعتبار كل ما حدث  نتيجة حتمية لثورة تموز!!!!.. يا له من إعلام !!! ولا غوبلز...
لا شك ان الناس البسطاء واولئك المحبطين يلومون ثورة تموز نظرا للاوضاع المزرية التي جرفتهم وأحاطت بهم ... لا يستطيع احد ان يلومهم رغم ان الأمر ليس كذلك .
ان الصفات التي تميّز الراحل عبد الكريم قاسم هي الوطنية والنزاهة وحبه للعراقيين وخاصة الطبقات الفقيرة ( كانوا يدعونه ابو الفقراء ) تجعل من الرجل قائدا أمينا لتلك الفترة ... لم يستطع حتى اعدائه من النيل من صفاته تلك .
ربما أخطأ في " عفا الله عما سلف " ، لكننا لا نستطيع ان نلقي كل اللوم عليه في هذه المسألة ... فهل جاءت الثورة للقضاء على عهد يصادر الحريات ليقوم هو بنفس بمصادرتها ؟ .. اراد من الاحزاب السياسية ان تنضبط في ممارساتها السياسية ، لكن الحركات الرجعية والدينية والقومية أبت ... كانت مؤامرات تلو مؤامرات ، واليسار نفسه سقط في هفوات ....كان عهد جديد من ممارسة الحريات العامة ، ويبدو ان السياسيين كانت تنقصهم الخبرة ... رافق ذلك " إعلام غوبلز " : ان الزعيم يضرب الاحزاب ببعضها !!! دكتاتور يضرب الجميع !!! .... الغرب ساند هذه المؤامرات ... هنا أختلف جدا عن " اصحاب نظرية المؤامرة " ... المؤامرات كانت تُحاك من الداخل وتلقي تأييدا من الخارج وليس العكس .... لكن " إعلام غوبلز" يريدنا ان  نتغاضي عن الداخل وألقاء اللوم على الخارج فقط . وكما أسلفتُ سابقا وهي ان عبد الناصر الوطني ساهم هو الاخر في تأييد تلك التحركات التآمرية .
لا العراق ولا غيره من دول المنطقة يستطيع ان ينعم بالأستقرار والتنمية  إلا بعد يصحى الناس مجددا لقبر الايدولوجيات الدينية والقومية ويتجه نحو الدمقراطيات الحقة .....  وإن كان هذا لا يحتاج  الا على معجزة لن تحدث ، فإنه يحتاج الى وقت ليس بالقصير ...