المحرر موضوع: الانتهاكات اليومية للمكونات في العراق .. المسيحيون نموذجا ً  (زيارة 3876 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل حـميد مراد

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 764
    • مشاهدة الملف الشخصي
الانتهاكات اليومية للمكونات في العراق .. المسيحيون نموذجا ً

حميد مراد
Hamid_murad@yahoo.com

  يمر ابناء المكونات الاصيلة في العراق بأسوأ المراحل في تاريخهم الحديث، في بلد عرف بتنوعه الديني والقومي والاثني وهوياته المتعددة والمتعايشة منذ الاف السنين، حيث يوجد في هذه الارض الى جانب ابناء الاغلبية من " العرب والكرد " مواطنون من ( المسيحيين والايزيدين، والصابئة المندائيين، والكاكائية، والشبك، والتركمان، والاكراد الفيلية، والبهائية، والشركسية، والزرادشتية) وغيرهم من المذاهب والطوائف الاخرى التي ساهمت في بناء مجد وتاريخ وحضارة العراق.
 
  وبعد الاطاحة بالنظام البائد عام 2003 شهد العراق تحولات في العديد من المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والامنية في الدولة، وكانت ابرز هذه المجالات هي بناء النظام السياسي الطائفي، والمؤسسة الامنية غير العقائدية التي فضلت المذهب والحزب على الولاء للوطن، فكانت غير مهنية والاداء رديء الى جانب انتشار الرشوة والفساد فيها، فأتاحت الفرصة لانتشار الجريمة والفوضى، والقتل على الهوية، والتهجير القسري في اغلب المدن العراقية، فكان اول المتضررين من هذه الفوضى هم ابناء المكونات الذين يعتبرون من اكثر المواطنين سلماً ونبذا ً للعنف.
 
  ونتيجة انهيار هذه المؤسسة المهمة لحفظ الامن في البلد، انتشرت اعمال الغدر من قبل عناصر الميليشيات الطائفية المقيتة والمجاميع الاجرامية الاخرى ضد اخوانهم في الوطن، وهذه الجهات متنفذة ومطمئنة من الحكومة، حيث انطلقت اعمالهم من مدن " البصرة والعمارة والناصرية وبغداد والموصل وكركوك "، وفق خطة محكمة وسهلة، فنفذوا عمليات " الخطف، والابتزاز، والقتل، والتهجير، والمعاملة غير الانسانية بحق ابناء المكونات، الى جانب الترهيب وإخافتهم من اجل الرحيل عن الوطن " كل هذه الجرائم حدثت والحكومة تتفرج .. والمثل المعروف او المتداول يقول ان السكوت تعني علامة الرضى او الموافقة او الارتياح لما يجري لهؤلاء المواطنين !! .. فكانت المعاناة كبيرة والظروف قاهرة خاصة ً للمسيحيين والصابئة المندائيين والايزيديين، مما اعطى المبررات الكافية لتشكيل الميليشيات المسلحة والعصابات الخارجة عن القانون حتى وصل عددهم الى ( 73 ) فصيلا ً مدمرا ً ادى الى اضعاف الحكومة وزعزعة امن المواطنين واستقرار البلد، وهذه الجماعات تقوم بتجاوزات صارخة لسيادة القانون وفي وضح النهار، وبتحدي كبير لكل القوى الاخرى العاملة في اجهزة آمن الدولة، وتعتبر هذه المليشيات من اكثر القوى العراقية اخترقا ً للقانون الدولي، والقانون الدولي الانساني، لقيامهم بانتهاكات خطيرة يومية وعلى نطاق واسع في مجال حقوق الانسان.
 
   اليوم كل المؤشرات تدل على ان ابناء المكونات من اتباع الاديان والمذاهب في العراق يمرون بمرحلة الاندثار، والتآمر وان العنف والاستهداف مستمر ضدهم، ويأتي بسبب غياب القانون، وعدم جدية الاشخاص العاملين في الحكومة من وضع الخطط المناسبة لاستتباب الامن وعودة الحياة الطبيعة للبلد من جهة، وحماية ابناء المكونات من جهة اخرى، وهذا لا يمكن ان يتحقق ما دام هناك ميليشيات، ومنابر للخطاب الديني التحريضي الذي يفضل دين الاغلبية على بقية الاديان والمذاهب الموجودة في البلد.
 
  وان هذه الميليشيات والعصابات المتحالفة معها في الاعمال الاجرامية ..
ملاحظة : لا بد من الاشارة لها " ( ان هذه الجماعات المسلحة المنفلتة يجب ان لا تحسب على الفصائل الحشد الشعبي الباسلة التي تقدم قوافلا ً من الشهداء كل يوم من اجل تحرير الاراضي العراقية من دنس عناصر تنظيم داعش الارهابي ) ..
  كان هدف هذه المجاميع اغتيال القانون في الدولة وزرع الرعب في صفوف الشعب، ومن ثم التفرغ لتصفية المكونات من العراق، وفق اجندة خارجية، وانطلقت اول شرارة من محافظة البصرة، ثم بغداد وصولا ً الى محافظة نينوى، وكان المجتمع المسيحي اول من استهدف لإنهاء وجوده من خلال قيامهم بعمليات " الخطف والابتزاز ومن ثم القتل، وارسال التهديدات لترك وظائفهم وممتلكات ودورهم " فأنتشر الخوف في صفوفهم، واصبحت حياتهم في خطر، فامتنع الكثير منهم من الالتحاق بوظائفهم واعمالهم او الذهاب الى المدراس والجامعات، وختمت هذه الاعمال الدنيئة بالاعتداء على كنائس ودور العبادة وقتل الرجال الدين .. حتى وصل عدد ضحاياهم الى (1131) شخصا ً منهم النساء والاطفال .. و (126) اعتداء على كنيسة ودير ومزار خاص بهم .. وكانت هذه التجاوزات كافية لنزوح ربع مليون انسان قسريا ً من مناطقهم الى اخرى اكثر امناً، ومغادرة اكثر من (700) الف شخص الى خارج العراق !! ، ناهيك عن قيام العصابات المنظمة بتزوير سندات العقارات وبيع ممتلكاتهم !! والحكومة تتفرج ولم يكن لها اي موقف او معالجة ان كانت قانونية او اخلاقية بل كانت معيبة ومخزية لا تستحق الذكر.
 
  وفي الايام القليلة الماضية عاودت اوكار الرذيلة من جديد في العاصمة بغداد بعمليات الخطف والقتل حيث تم خطف وقتل المواطن ( قيس عبد شعيا ) والمواطن ( ساهر حنا سوني ) !! فماذا ستقول الحكومة، ورجال الدين، والاخرين من رؤساء الاحزاب الذين يمتلكون هذه القوى، ومن يدعي الوطنية والمصير المشترك والحريص على التنوع .. ماذا سيقولون لذوي الضحايا من ابناء المكون المسيحي المبتلى في هذا الوطن ؟ .. هل ستستمرون بتصريحاتكم الرنانة، وتقولون  لهم " ان العراق عراقكم .. انتم الاصل .. اصمدوا.. العراق من دونكم لا يوجد عراق .. لا تتركوا بلدكم .. الاعداء يريدون انهاءكم لا تعطوهم هذه الفرصة .. هل سوف تستمرون بهذا التطيب للخواطر، والضحك على الذقون، والمجاملات والخداع المبطن .. هؤلاء المتحدثون انفسهم هم من يقودون هذه الميليشيات، وينفذون الجرائم والاجندات الخارجية لضرب السكان الاصليين وانهاء، وجودهم في الوطن.
 
  وعلى ادارة الدولة العراقية في حال لديها الصدق والارادة، التصدي لمن يحاول القيام بالتطهير العرقي والتمييز المجتمعي، ونشر الكراهية والتعصب المذهبي، كما من الضروري عدم السماح لأي طرف يحاول تفضيل الدين او الجنس او العرق، او شيوع ثقافة الاقصاء، او الغاء الاخر، ويجب تفعيل كافة القوانين التي تحد من هذه التجاوزات والتهديدات، وان تستخدم القوة اذا دعت الحاجة من اجل احلال السلام وإيقاف كافة الانتهاكات، واعادة البلد الى وضعه الطبيعي.