المحرر موضوع: اسماء الناس في المدلول القومي  (زيارة 2438 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل يونس كوكي

  • عضو فعال
  • **
  • مشاركة: 43
    • مشاهدة الملف الشخصي
يونس كوكي                      
اسماء الناس في المدلول القومي
                                                       

مرت تسميات الاشخاص في بلاد بيث نهرن بمؤثرات عديدة ، فكانت الفترة الفارسية  اخمينية فرثية ساسانية ، و الفترة الاغريقية ( الاسكندر المقدوني ) و المرحلة المسيحية و التاثير باسماء الانبياء في الكتاب المقدس و الاسماء الاوربية و قديسيهم و فترة العثمنة و اخيرا الموجة العربية ، حيث اجتاحت الاسماء العربية و لحد الان اسماء الاجيال بشكل كبير تحت مؤثرات و ضغوطا ت و مسايرة الوضع العام تارة اخرى لا بل لم يخلو التاثير الكردي ايضا خاصة في شمال بيث نهرن مثل شير كو ازاد هفال .              و في بعض الموروث الديني خلق الله ادم و جعله خليفة له في الارض و علمه الاسماء ، اي ان لكل شئ منظور و محسوس له اسم و دلالة و منها اسماء الانسان ، و قبل قصة الطوفان بالتاكيد كان للناس اسماء فما هي ؟  سفر التكوين لا يذكر ذلك فاذن هناك فجوة . و اسماء الطوفان كما الفناها مثل نوح و قايين و هاويل و شيت و يافث ..... وهلم جرا، و قد يتذكر معي العديد عندما نزحنا في بداية الستينات من القرن الماضي الى بيث كذاذ ( بغداد ) لاول مرة كان لاسماء بعضنا دلالات مسيحية في اسماء الاباء و الاجداد،و كثيرين تحاشوا ذكر اسمهم امام الاخرين من غير المسيحيين قدر الامكان ، خشية استهزاء البعض منها ،و جعلها مثالا للسخرية و التندر. فقد عانى منا من كان اسمه حزقيال و اسخريا دانيال ، متى  حنا  يوسب بولص  بطرس  و غيرها من الاسماء ذات الدلالات العبرية او الرومانية  و التي كانت غالبا اسماء انبياء فاستعارها المسيحيون في تسمية ابناءهم لا بل ان نظام صدام المقبور  اجبرهم على تغيير اسماءهم الى الاسماء العربية ، علاوة على ذلك كانت هناك معاناة اخرى في الدوائر الحكومية نفسها ليس في السخرية من تلك الاسماء و اصحابها فقط ، و انما في كتابتها ايضا ، لا بل في عمليات الاحصاء السكاني كان بعض الموظفين يعمد الى  تغيير  بعضها و جعل العديد منها تدل اسماء اسلامية و هم  مسيحيين .                     ما يعنينا الان نحن ابناء ( بيث نهرن ) و المهتمين بالشان القومي، فما يظهره علماء الاثار و المنقبون و العارفون بفك طلاسم اللغة المسمارية كما يقول الاستاذ ليون برخو ، يعددون اسماء قديمة ليس لها وجود الان ، الا القليل من الاسماء الاشورية ممن يطلقها على ابناءه و عن قناعة تامة ، في دلالة واضحة للتواصل مع تاريخنا القديم حتى الان  و بتسلسل الحضارات المتعاقبة  و يصحبها تاثيرات ثقافات مختلفة جيلا بعد جيل ، دخلت الينا ايضا اسماء فارسية مثل بهنام هرمزد قرداغ يزدان تيمنا ب يزداندوخت و يونانية رومانية مثل اسكندر بولس و غير ذلك ، ولكن بدخول اجدادنا الاؤائل الى المسيحية طغت موجة اخرى من الاسماء علينا  هي اسماء عبرية لانبياء بني اسرائيل  و لكن هذا لا يعني ان شعبنا ترك الاسماء القديمة كلها ، و انما بقي رواسب منها  ، فهناك من الاسماء سومرية و ارامية و اكدية و ( اشورية ) لا زالت موروثة و متاداولةالى حد اليوم ، مثل اسم  سمحيري ( سنحاريب ) ببي  ، انو ، سيا ،  اورو ، و لربما منها اوراهم  اي ابراهيم  الاكدية  او تصغيرا لاسم الاله السومري  اورورو و الاسم كلو مختصر الاسم الارامي كليانا  او السومري كاكامش  ، سعدو ، حمو اسماء ارامية ،وفي مرحلة انفتاح الحضارات على بعضها عند النهضة الاوربية تاثرنا بمميات الغرب ايضا فدخلت الينا اسماء غريبة ( ريتا ، تريزا ، جورج ، جاكلين ....) و كان بعضها اسماء قديسين من تاثيرات المبشرينالغربيين  ، و نرى قبل مائة و خمسون عاما مضت بدا المنقبون الاوربيون يستخرجون و يستكشفون   من باطن الارض خصوصا ارضنا بيث نهرن  يهللون لكل ما يجدوه تحت التلال و الاتربة ليظهروه للعلن و ينبهرون ما كان الاؤائل في ذلك الزمن السحيق ما بذلوه من جهود و مثابرة لتسجيل حولياتهم و حياتهم اليومية .و نجد الاوربيين لم يتخلوا عن موروثهم و اسماءهم القديمة و حتى الوثنية منها و لا زالوا يستخدمونها علاوة على الاسماء التي دخلت عليهم تحت تاثير المسيحية كشاننا نحن . ان شعوب العلم تتبادل في ثقافات بعضها ، و حتى في اسماءها . و ما نبغيه نحن ان من خلال هذا التبادل في الثقافات ان لا نمحي كل القديم من اسماءنا التي تسمى بها اجدادنا في بيث نهرن بلاد بابل و   اشور .                                                                    و ما دمنا في هذا الموضوع روى لي صديق ان احد معارفه سمى اولاده الثلاثة باسماء اصيلة    اكد    اشور ،   ادد   ونالت تلك الاسماء استحسان شريحة كبيرة من الناس ، و لكن لم يسلم من التندر من الجهلاء و الجاهلين بتاريخ الاجداد ، فقد كان ينتقد الاب ليقول له بعضهم  ، هاي شنو  عدنا متحف ؟         وما يجعلني متفاخرا ببعض الاصدقاء ممن سموا اولادهم باسماء اكدية اشورية بابلية  تحديا و ايمانا بالارتباط بالجذور ، فهناك احدهم سمى ابنته ( كي   شار ) والذي يعني بالاكدية ملكة الارض ، وهو اسم عمره الاف السنين لانثى عراقية  ورد في اسطورة الخلق البابلية المسماة ( اينوما  ايلش   اي عندما في الاعالي ) التي وجدت الاحها في مكتبة اشور بانيبال )   ناهيك عن تسمية بعضهم اولادهم تسميات بالسورث التي هي اكدية ارامية مثل اسم  ،  بيرا ، خاهت ، راوت ، شانا ،   شيينا ،سورث و غيرها .    ومن كتاب المسؤلية الجزائية في الاداب الاشورية البابلية لمؤلفه جورج بوييه  شمار  ترجمة سليم الصويص نقتبس للقارئ الكريم بعض الاسماء القديمة المذكرة و تليها اسماء مؤنثة ، و قبل ان ناتي الى الاسماء  القديمة   نقول :                                                                                                      عندما يذكر اسماء مثل  خالد ، او وليد او سعد   علوان مصطفى فهي تدل انها اسماء عربية او مثلا ازاد حمة مصطو نوزاد فهي كردية او شارل برنارد رينو دوفال، فهي تدل انها فرنسية او اريك باتريك هملر هانز فهي جرمانية ، فاين نحن من اسمائنا  ذات المدلول القومي ؟ فهل من الذين يصعون رؤؤسنا ليل نهار من سمى ابنه نبوخذنصر او نبو بولاصر ؟ و الاسماء المذكرة كما وردت في الكتاب المذكور هي :              انو   انليل   انكيدو   اوتو  حيكال    اوما    اوروك   ايسن  اورشنابي   انكي  ايل   ارام   بيل  اروكاجينا اكوش   انورتا   ادد    اشكور  اليسو   اهيل  اوتوكو   ايميدو   اشور   اسرحدون   اوبالط  ايا  ادابا   اولماش   اوليس    اليون   ايكيكالا    انتيما   اورلوما  اناتم   ابيو   اورنمو  ايشولانا    ايشا نونا  اي      (  عيسى نونا)  و اليهود  جعلوه  يشوع برنون   .  ايسمود    ايسو   سرجون   سنخيرو  سين    ساماس سيكالو  سوبريا  ابزوبندا  تجلاثبليزر شلمناصر  بلشاصر  كلكامش    لوكال  لارسا  لوانانا لكش     مردوخ   حمو رابي    بلادان   نبو    نركال    كوودو   نرام سين   نينورتا  نسكو   ندابا   نندالو   سين  اندام   ننالدو    نبو نئيد    تسبيرا  توكولتي    نينورتا  ننكال   بانيبال   ناصر بال     بورسين    شموكل    اشو ليلوم  ربيتو  شيدو  كوردو  ايناتم     ننكرسو   تيراش    نينوس  نداد  زوسدرا  اوجو    .  وهناك اسماء اخرى عديدة   و من  يريد  احياء  التراث فليتفضل .                                                             و هذه بعض الاسماء المؤنثة  كما وردت  ايضا :                                                                          انانا   ايتانا  اومثا  ارش    ارورو   انيجود  انوناكي  اريدو اور  اكد  اساكيلا اوروك    اشورينا   اني   شامورامات  شم  ايل    شلاما  سيدوري  كيكال  هيردولا  عشتار    زريفة  تسالبات     نانشة   لبت عشتار   شلموثا   ننليل   ماميتم  ريمات    بيليت   نني   باؤو  سيبار سومر    نيمو   ننبر    شجينو    نندادا     صربانيتم     وهي زوجة  مردوخ الاه   ننسون ام كلكامش   بابل  ننوي  نهرن      تشمتم  مردوثا    حيرتا   حيروثا   بهرا  كخوا  زهريرا  سهرا  .                                                              و لبعض  الاسماء  واردة  بين  البعض  حاليا  فلا باس بذلك                                                               عندما كانت ابنتي تدرس في الجامعة في مشيكان  حيث قالت في احدى اللقاءات مع زميلاتهالها و سالت احدى زميلاتها عن اسمها فتعجبت   لانه يوحي الى الاسماء الاجنبية، فقالت لابنتي اليس لكم اسمائكم الخاصة بكم ؟ لماذا تضيعون تراثكم و ثذوبون  نهائيا ؟                                                       و صدفة احرى لابتي ايضا و بدون موعد التقت مع عائلة وهم من الديوانية الرجل استاذ في التاريخ في احدى الجامعات وفجاة التفتت ابنتي الى مناداة زوجة الرجل  الى ابنتيها الصغيرتين باسميهمافدفعها الفضول لتسالها عن هذه الاسماء فقالت انه احتيار زوجي ل  ( انانا  و  ارشكيكال )                                                                    للباحثين  عن التراث وراء القصد
 يونس  كوكي                                                          مشيكان 

غير متصل san dave

  • عضو فعال
  • **
  • مشاركة: 71
  • منتديات عنكاوا
    • مشاهدة الملف الشخصي
الاستاذ يونس كوكي المحترم
تحية طيبة

    بدايةً شكراً جزيلاً لكم لطرحكم هكذا موضوع شيق ومهم خصوصاً لنا نحن كشعب نهريني مسيحي ارتبط اسمه بهذه الارض منذ القدم وشهد على تحولاتها السياسية والاثنية والدينية والعرقية والقومية عبر التاريخ وبهذا تكون الاسامي من اصدق المعبرات التي تعبر عن تلك المراحل التاريخية ومدى تاثيرها بمؤثرات عديدة هيمنت على كل مرحلة من تلك المراحل .
 غالباً ما تتأثر الاسماء بعدة مؤثرات منها ما ذكرته في مقال حضرتكم كالدين والقومية والثقافة والتاريخ والجغرافية وتيمن ( الاقتداء ) والمسايرة وغيرها من العوامل الذاتية متعلقة بشخصية الانسان كفرد يعيش ضمن محيطه الجغرافي والاجتماعي والثقافي ، و يعتبر شعبنا من ابرز الامثلة الذي تأثر بمحيطه وحضارته حيث تزامن وجوده مع كل هذه الحقب الزمنية التي مرت على هذه الارض مما يدل على تجذرنا في هذه الارض بالرغم من كل تحولات التي حصلت عبر التاريخ .
  ان رمزية الاسماء او الدلالة في وقتنا الحاضر قد اخذت بعداً اخر نظراً لتطور الحاصل في هذا الكون وانفتاح جميع الشعوب على شعوب اخرى من خلال تطور التكنلوجي الحاصل في شتى المجالات والهجرة لابناء شعبنا بكثافة الى بلدان الغرب ، وما يلفت الانتباه في وقتنا الحاضر (اي في العقود الاخيرة) ان تسمياتنا الحالية قد اخذت منحى او بعداً اخر ، اي معضمنا يسمي ياسماء انكليزية او لاتينية او غيرها من الثقافات خصوصاً الغربية منها وذلك لمسايرة الحداثة والتطور او مواكبة المجتمع الذي يعيش فيه الان بعد الهجرة الى الغرب ، وقد يكون لهذه الظاهرة رمزية دينية فقط وهذا ليس لكل هذه الاسماء الغربية الذي ناخذها لنا كاسماء مثل (بيتر ، جورج ، داني ، جوزيف ...الخ ) وانما لبعضها ليس لدينا اي ارتباط او صلة بها لا من قريب او بعيد( اي لا تمد لدينا باي صلة لا دينية ولا قومية ولا غيرها ) ، وان ما يدعوا للغرابة والعجب ان معضم هذه الاسماء مترجمة لاسماء كانت جزءاً من ارثنا الديني والثقافي اي ناخذ مثلاً (جوني/ حنا او يوخنا، لوكاس /لوقا ، جورج / كوركيس ، بيتر / بطرس) وغيرها من الاسماء التي كان مصدرها من هنا اي من الشرق ونحن نسميها الان كما سميناها في السابق ولكن بصيغتها المترجمة الى لغات ليس لنا اي صلة بها ، وهذا ما يجردها جانباً مهماَ من رمزيتها الا وهو الجانب الثقافي والحضاري ويبقى فقط على رمزيتها الدينية ، كما ان هذه الظاهرة ليست بجديدة على شعبنا، كانت قد سبقتها ظاهرة التعريب لبعض الاسماء التي هي جزء من تراثنا ( سواء كان ديني ام ثقافي ام قومي )وذلك بفعل التاثر بثقافة المحيط واتباع مفاهيم ذلك المحيط وناخذ مثالاً (داود /داوود، اوراهم / ابراهيم ،اسحق/ اسحاق، شليمون / سليمان، كيوركيس/ جرجيس ..الخ)اي ان هذه الظاهرة حديثة قديمة ولكنها هذه المرة بدلاً عن (العربية)اخذت بعداً ( انكليزياً لاتينياً ) الذي هو ابعد بكثير عن الاسامي بلغتها الاصلية من العربية وهذا بفارق البعد الجغرافي والثقافي وغيرها من الامور التي اتت مع التطور وهجرة ابناء شعبنا الى جميع اصقاع الارض اي على سبيل المثال قد نرى في عائلة قبل ثلاثين سنة كان لاحد افرادها اسم (يوسب)وبعد عقد من الزمن اصبح في نفس العائلة فرد باسم(يوسف) اما الان قد ترى في هذه العائلة السم (جوزيف) ومن هنا يمكننا ان نرى مدى تاثر هذا الاسم مثلاً بمؤثرات التي سبق وتكلمنا عنها في بداية هذه المداخلة.
 من خلال الاطلاع الى هذه الظاهرة يمكننا ان ان نستنج ان الاسماء المرتبطة بالحضارة والتراث والقومية هي اقل عرضةً للتغيير والترجمة من الاسماء الدينية وهذا بفعل ان الدين يحمل صبغة اممية ليس احتكاراً على ملة او قومية او شعب (هنا اخص الديانة المسيحية ) ، اما الاسماء القومية او التراثية حيث تكون الدلالة او الرمزية في الاسم كما هو ، اي الرمزية هي في الاسم بحد ذاته ، اي تغيير يحدث في الاسم القومي او التراثي قد يجرده من تلك الخصوصية التي  يحملها لذلك القوم او العرق ،مثلاً (كلكامش ، اشور ،اكد ، سومر، نينب، نينوي )وغيرها من الاسماء  هذه بحد ذاتها تدل على رمزية حضارات وشعوب نهرينية واي تغيير يطرأ عليها قد يفقدها هذا الصبغة الحضارية والتراثية والقومية لهذه الشعوب .
واخيراً علينا ان نحافظ على اسماء كما جاءت بنسختها الاصلية سواء كانت اسماءً دينية ام قومية لان من غير المنطقي والمعقول ان يكون المصدر عندنا وبين ايدينا نذهب ونبحث عنه عبر المحيطات!!  لان حتى الاسماء الدينية بمرور الزمن قد تحمل مدلولات ثقافية وتاريخية لشعب ما وتصبح جزءاً من هويته وثقافته وهكذا تعطي لهذه التسميات طابعها الثقافي والتراثي المشرقي بالاضافة الى طابعها الديني والايماني لكي نستطيع ان نحافظ على انفسنا من الذوبان في هذا العالم  ونحافظ ايضاً على ما تبقى لدينا من هذا الارث الثري بحضاراته وثقافته ولغته وايمانه ولو حتى ان كان (بالاسم ) فقط .

شكراً لكم
 

غير متصل كنعان شماس

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1136
  • منتديات عنكاوا
    • مشاهدة الملف الشخصي
تحية يا استاذ يونس كوكي  ... موضوع غزير بالدلالات الاجتماعية الفاقعــة . في بغداد الستينات في بار بشارع ابونواس بالغ ضابط باستفزاز العمال ممن يحملون اسماء ميخا بطرس شليمون الخ وعندما تجاوز كل الحدود انهالوا عليه بالضرب وقذفوه خارج البار. بعد قليل جلب الضابط شرذمة من الشرطة ومعهم ضابط مثله كان الضابط يسال عن اسم العامل وما ان يجاوب  ميخا اوبطرس  حتى يصفعه بقوة الى ان  وصل الى احدهم فتصادف ان اسمه الاول حميــــد فســـحبه الى  جانب  وقال له اخوي انت ليش تشار ك  هذوله النصارى الكواويد في ضرب اخوك المسلم  ؟؟؟

غير متصل نبيل دمان

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 895
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
                                               اختيار اسماء اولادنا

نبيل يونس دمان

    اجتاحت جاليتنا اسماء غريبة عن مجتمعنا ، تراثنا ، تاريخنا ، وأعرافنا القومية ... كانت هذه الظاهرة قد شاعت بين الناس في الوطن ، منذ اكثر من عشرين سنة ولانها اتسعت كثيرا ً، فمن الصعب ايقافها ولكن من الممكن الحد منها والتنبيه بها ، كذلك  تحليلها واعطاء الرأي فيها وإثارة المناقشة الهادفة التي تغني الموضوع وتترك اثرها في المستقبل ، ولكي لا نلام في آخر المطاف ممن سميناهم بتلك الاسماء الغريبة .

ماهو مدلول الاسماء ؟   
 
    حبذا لو تتوفر كتب تعطي معاني الاسماء الشائعة ، ليعرف كل واحد معنى الاسم الذي يختاره لاولاده ، ومن المتعارف عليه ان لكل شعب ومجتمع تقاليده المتوارثة في اطلاق الاسماء التي لها ارتباط بلغة ذلك الشعب وبأماكن تواجده ، وسيرة المشاهير من اجداده عبرالتاريخ . هناك اسماء لها علاقة بالطبيعة ، بسحرها ، محاكاتها ، رومانسيتها ، ما يكسوها من الورود والحشائش ، واخرى متعلقة بالجمال الروحي وفتنة اللغة في مدلول كلماتها ، وبالاسماء الدينية وتشعباتها .

تجنبوا التقليد

    كثير من الناس تنقاد بسهولة للتقليد ، فتطلق اسماء تطرق مسامعها في المحيط الذي تعيش فيه مما يسهل اندماجها بالبيئة ، ولكي لا يظهر دين او قومية المسمى . قد تكون الناس مجبرة على هذا النمط من الاسماء عند تعرضها للاضطهاد ، ولدينا الامثلة العديدة ، فمنذ ما يقرب من الخمسين عاما واسماءنا تخضع للتغيير لتتطابق مع الاسماء العربية او الكردية ، وقد كان السبب الرئيسي في ذلك تجنب تمييزهم في مجتمع متعدد الاعراق ، وانا هنا لا ابدي امتعاضا من الاسماء العربية او الكردية ذات المعاني الطبيعية والجمالية المعبرة ، لكني ابدي اسفي على ضياع اسمائنا التاريخية المتوارثة منذ آلاف السنين . في المهاجر لا تفرض التسمية بالاكراه ابدا بل للجميع الحرية التامة في ذلك ، ولكن بقدر اعتزاز الفرد بالتربة والوطن الذي قدم منه ، بذلك القدر يتوجب ان يعتز باسمه وباسماء ذلك البلد ، يتعمق في معانيها ، ويدخل في نقاش هادف لتوضيح وتبيان معنى اسمه لزميله او زميلته الاجنبية ، وبذلك يكون التعارف الانساني المتعدد الاجناس .

كيف نختار الاسماء ؟
   
عندما تطالع جدول اسماء اولادنا المتناولين القربان المقدس ، فربما لا تعثر على اسم من بلادنا  الا ما ندر والغالبة هي الاسماء الاجنبية مثل جيسن ، ستيف ، جنيفر ، كرستينا ، مايك ، ايمي ، ديفيد ، توني ، ايلين .. وغيرها كثير . وقد يصرخ احد قائلا ً : ما ضرر الاسم الاول ما زال الاسم الاخير محتفظا بالهوية ؟ اجيب هكذا : بعد فترة  من الزمن عندما تثقل الشجرة بالاغصان والفروع تنفصل بعضها ، وبذلك ابعدت فروع عن الشجرة الاصيلة ، الضاربة جذورها في تربة مجتمع ، ارسى اولى الحضارات في العالم.
    لتكن اسماءنا الجديدة منبثقة من حضارة وادي الرافدين ، من اسماء مملكتي بابل وآشور ومن المعاني الجميلة التي يزخر بها القاموس الارامي . لنسمي باسمائنا الدينية ولنتعتبرها صمام الامان لوضعنا الحالي ، وكذلك اسماء الجبال والانهر والوديان والمواقع المتميزة واسماء المشاهير من ابائنا واجدادنا في البطولة والنبوغ والفن ... لنطلق اسماء اولادنا بمن نتاثر بهم من شخصيات لها وقع في دواخلنا ومشاعرنا وتكون نموذجا ً لحياتنا المستقبلية .
تحدث هنا وهناك حيادية عن هذه الوجهة المبتغاة ، فيسمي احدهم باسم لمع او اشتهر في فترة زمنية معينة على المجال العالمي او المحلي ، وهذه المسالة لا باس بها ولا يمكن الغاءها لانها تتعلق بحرية ورغبة الفرد نفسه ، ولنضرب مثالا :
    معلم من تلكيف عمل في احد ارياف العراق في الاربعينات وهناك ارتبط بصداقة مع زميل له ، عربي مسلم من الموصل ، ولشدة علاقتهما ، اتفقا ان يسميا مولوديهما القادمين باسم دين صاحبه ، وفعلا ولد للمعلم التلكيفي ولد فسماه ( أحمد) ، والاخر ولد له ولد فسماه بإسم مسيحي . اتذكراحمد التلكيفي عندما كان طالبا في دار المعلمين بالموصل في عام 1969- 1970 ، و يعرف الكثير من اهالي تلكيف تلك القصة .
    في برنامج " حياتنا في ديترويت " الناجح ، قبل سنوات كانت تجرى مقابلة مع الشاعر العراقي مظفر النواب ، وظهر على الطرف الاخر من الهاتف مستمع اسمه ( مظفر ) من احدى البلدان العربية الشقيقة ، فقال انه من مواليد 1969 وقد سماه والده بمظفر تيمنا بشاعر العراق مظفر النواب واضاف قائلا ً " رغم ان والدي كان على اختلاف ايديولوجي كبير مع الشاعر " .
    في العهد الملكي كان عرض العضلات والبهلوانيات ولنقل بلهجتنا العراقية ( شقاوات ) شائعا ً في الشارع وفي المقاهي والملاهي ، وكان النظام نفسه مشجعا لتلك الاعمال . في تلك الفترة اشتهر ( فريد طوبيا ) الذي كان فيه عوق في احدى رجليه ، ورغم ذلك كان جسورا ً يهابه رواد المقاهي والبارات او كما يقول اخواننا اللبنانيين ( ابضاي ) ، تاثر والدي به وسمى اخي المولود عام 1962 على اسمه . وكثير من الناس سمت اولادها فريد على اسم فريد الاطرش ، او ( جبران ) على اسم جبران خليل جبران ، وبعض العراقيين سموا اولادهم ( غاندي ) على اسم زعيم الهند مهاتما غاندي في اعقاب مقتله عام 1949 . ان الحالات السالف ذكرها نادرة ولنركز على الحالة العامة التي هي انتقاء الاسماء من قيمنا التي نحافظ عليها وتميزنا بالوعي والعلم والادراك ، المرتبط بتاريخنا واسماء مفكرينا وتشعبات لغتنا الجميلة التي يجب احيائها لكي لا تندثر يوما .
    في العراق التقيت بالعديد من عرب الجنوب الذين اسماؤهم بابل مثلا لكني للاسف لم التق بموصليا عربيا اسمه آشور ... فاذا كان المسلم العربي يعتقد ان بابل منبع تاريخه فيتسمى بها او باحد ملوكها فكم بالاحرى نحن احفادهم الاصليين ، ولا زلنا نتكلم لغتهم الارامية التي ازدهرت قرونا لتشمل مناطق شاسعة حتى بعد سقوط بابل عام 539 ق.م. وفي عهد الدولة الفارسية مثلا كانت الارامية لغة الكتابة والدواوين .
    في الاتحاد السوفيتي السابق اجتاحته الاسماء ذات الدلالة الايديولوجية والسياسية البحتة ولعشرات السنين ، ثم بدأت تلك الموجة تنحسر واخذت الناس ترجع الى الاسماء الدينية وابتداءا من السبعينات حيث كان لا يزال الاتحاد السوفيتي بقوته . تصور ان (متي ) يرد اسمه ماتييف ، و ( لازار ) فيظهر اسمه لازيرف ،  ولاعب شطرنج معروف اسمه ( نجم الدين ) فيكتب نجم الدينوف ، والى اخره من اسماء مثل حيدر علييف ( من علي ) رئيس اذربيجان السابق ، او الشاعر الداغستناني المجيد رسول حمزاتوف ( من حمزة ) . كانت تلك محاولات قسرية لتغيير الاسم ، لكنها لم تفلح في النهاية .
    يفتخر الارمن بمحافظتهم على اسمائهم وهنا نلتقي بالارمن المولودين في اميركا ولاجيال متعددة واكثرهم لا يتكلم الارمنية لظروف خاصة بطبيعة الحياة هنا ، ولكن اسمائهم لا زالت ترن ارمنية وبالامكان تمييزها من انتهائها بالمقطع ( ان ) ومثال ذلك الدكتور الذي اشتهر في وسائل الاعلام قبل سنين كيفوركيان ، واخرى مثل تاجريان ، اوهانيسيان ، كاتنجيان ، كولبنكيان ، وغيرها .
    ختاما استطيع القول ان ما عبرت عنه هو وجهة نظر خاصة وهي بحاجة الى الاغناء ، مطروحة امامكم اعزائي القراء لمناقشتها .

غير متصل Ashur Rafidean

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1021
    • مشاهدة الملف الشخصي
موضوع رائع واجمل ما تحلى به الاستاذ  يونس كوكي صفة الصدق وتذكيره اسماء من تاريخ لحضارتنا العظيمة .طبعا كثير من الأسر تدخل بمرحلة صعبة للاختياء اسم للمولود الجديد و يختلف اطلاق الاسم تبعا لتوجه الوالدين او احدهما الديني والتاريخي والسياسي والاجتماعي وقد تكون التسمية تبعا للعادات والتقاليد كتسمية المولود  دائم باسما الجد والجدة والكثير من الناس يسمي الاسم يطلقه فقط تقليدا للغرب ولهذا نرى بان الاسر المسيحية في العراق مثلا كانت تسمي المولود الجديد باسماء تاريخية ودينية كالاخوة الاشوريين خاصة ولكن الان نرى الكثير في الغرب وحتى الاشوريين يسمون المولود الجديد باسماء غربية حتى البعض منهم لا يعرف معنى الاسم لذلك اختيار الاسم بالنسبة لنا يجب ان يكون اسم تاريخي وديني للحفاظ على وجودنا كامة وكاشعب .كل احترامي وتقديري للاستاذ يونس كوكي وموضوعه الرائع .تحياتي

غير متصل جلال برنو

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 327
  • منتديات عنكاوا
    • مشاهدة الملف الشخصي
شلاما وايقارا رابي يونس ، بسما كَيانوخ .
 لأنني ناقشت هذا الموضوع منذ أمد بعيد أود أن أعرض وجهة نظري كالآتي :
أنا أعزي اعطاءنا لأسماء غير قومية لأولادنا الى :
1- مسألة ضعف الوعي القومي وعدم الالمام التاريخ .
والدليل لم نسمع بأسماءنا القومية الا ما ندر كأسم سمو (سنحاريب ) و ( أنّو )وهي شائعة في القوش وأسماء مثل آشور و سركَون وشميرام ..
2- تقليد ما ذهب اليه دعاة الثقافة المزيفون ...
فعلى سبيل المثال لا الحصر ، مَن أسمى أبنهُ (خالد) تيمناً بالقائد العربي خالد ابن الوليد وليس من الخلود الذي بحث عنهُ كَلكَامش ، أكيد لا يعرف من هو خالد ابن الوليد ............
أما قول البعض بأننا ابتعدناعن أسماءنا الدينية والمتوارثة منذ أن اعتنق أسلافنا المسيحية تجنباً للسخرية والأستهزاء وتستراً من مضطهدينا ، فهذا ليس بعذر قوي وخير دليل هو حفاظ أبناء الأرمن على أسماءهم الدينية والقومية وكذلك معظم أتباع كنيسة المشرق الآشورية .