المحرر موضوع: • العــــراق الذي إنهــــارَ على مــراحـــل !!! •  (زيارة 2524 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل النوهدري

  • عضو مميز متقدم
  • *******
  • مشاركة: 24150
  • منتديات عنكاوا
    • مشاهدة الملف الشخصي
العراق الذي إنهار على مراحل !
 يختزل ماصدر عن محافظ بغداد علي التميمي الدرك
الذي بلغه الوضع العراقي ..
بقلم : خيرالله خيرالله :
ما حصل في العراق ، وصولا إلى ما نشهده اليوم من كوارث  كان إنهيارا على مراحل بدأ قبل سبعة وخمسين عاما . كانت نقطة البداية يوم الرابع عشر من تمّوز ـ يوليو 1958 ، تحديداً ، عندما وقع إنقلاب عسكري ، الجهلة تحدّثوا عن " ثورة " ، نعم ، حصلت ثورة ، كانت ثورة
إلى خلف ، ثورة قضت على كلّ القيم الحضارية التي كان يمكن أن تجعل من العراق بلدا متقدّما ، إرتكب الإنقلابيون مجزرة قصر الرحاب التي ذهب ضحيتها أفراد الأسرةالهاشمية المالكة ، على رأس هؤلاء كان الملك الشاب فيصل الثاني الذي أصرّ الإنقلابيون على سحله مع عدد من أفراد العائلة . كذلك أُعدم رجل إستثنائي هو نوري باشا السعيد الذي كان رئيسا للوزراء والذي أمكن التعرّف إليه ثم إعتقاله في أثناء محاولته الفرار ، ومنذ نصف قرن وسبع سنوات بالتمام والكمال ، بدأ الإنهيار العراقي الذي نشهد حاليا آخر فصوله المتمثّلة في حلول ميليشيات مذهبية مسمّاة " الحشد الشعبي " مكان الدولة العراقية .
تلك الدولة التي يُفترض نظريا أن تكون دولة جميع العراقيين ، لا تلام الأصوات الكردية التي تدعو إلى إنفصال ودّي عن الدولة المركزية في بغداد ، هذه الدولة إنتهت ، لماذا على الأكراد دفع ثمن الإنهيار ، في حين
أنّ في إستطاعتهم الإنصراف إلى بناء دولتهم المستقلّة
مع مراعاة الحدّ الأدنى من الشروط التي تؤمن السلم الإجتماعي والعيش الآمن ، هذا في حال إستطاع الأكراد تفادي أخطاء الماضي والإستفادة من التجارب المرّة
التي مرّوا فيها ، يوحي ما نشهده اليوم بأن المشهد العراقي بلغ القعر ، الدليل على ذلك أنّ هناك محافظ بغداد علي التميمي ، وهو من التيّار الصدري ، يقول في اثناء تفقده منطقة النعيرية في بغداد بعد سقوط قنبلة من الجوّ بالخطأ على أحد المنازل : " الأرواح تعوّض والمنازل تعوّض والطيّار سيّد من جماعتنا " ،  يصدر مثل هذا الكلام عن محافظ العاصمة العراقية بعد وقوع كارثة في منطقة سكنية نتيجة عطل طرأ على طائرة " سوخوي " كانت تغير على مواقع لـ " داعش " ، بقيت قنبلة لم تسقطها الطائرة في اثناء الغارة ، سقطت القنبلة
في المكان الخطأ في طريق العودة إلى قاعدة الإنطلاق .
لم يجد المحافظ ما يقوله سوى أن " الأرواح تعوّض " .
لم يوضح كيف يمكن لأرواح أن تُعوّض ، هل تصبح روح
العراقي لا قيمة لها لمجرّد أن الطيّار الذي سقطت
القنبلة من طائرته " سيّد من جماعتنا " ؟
 يختزل ما صدر عن علي التميمي الدرك الذي بلغه الوضع العراقي ، لا يمكن لوم المحافظ على العبارات التي استخدمها، على العكس من ذلك ، يبدو الرجل صادقا مع نفسه نظرا إلى أنّ كلامه يعبّر تماما عن واقع الحال . واقع الحال أن عقلا ميلشيويا مذهبيا بات يحكم العراق . هذا العقل ، الذي يشير إلى أيّ حد صار العراق مستعمرة ايرانية ،  يؤكّد أنّ البلد تفتّت وأنّ من حقّ الأكراد
البحث عن الإستقلال بطريقة حبّية على غرار ما حصل بين تشيكيا وسلوفاكيا بعد إنهيار الإتحاد السوفياتي في العام 1991 ، وقتذاك ، إنفصلت سلوفاكيا عن تشيكيا بعدما كانا يشكّلان بلدا واحدا هو تشيكوسلوفاكيا . البلدان يعيشان حاليا بأمان من دون مشاكل تذكر بينهما .
 طوال سبعة وخمسين عاما ، استمرّ التدهور في العراق وصولا إلى ما نشهده اليوم من حكم يجاهر صراحة بمذهبيته ، فيما تنظيم إرهابي مثل " داعش " يجد حاضنة له
في المناطق السنّية ، مضت سنة على استيلاء " داعش "
على الموصل ، المدينة العريقة التي كانت تلد رجال
دولة وسياسيين يمكن للعراق أن يفتخر بهم .
ماذا لو تحرّرت الموصل من " داعش " ؟ هل من يضمن أن يكون مصيرها أفضل من مصير تكريت التي لم يستطع أهلها العودة إليها بعد ؟ ، لم يقصّر أيّ من الذين حكموا العراق بعد إنقلاب صيف العام 1958 في القضاء على النسيج الإجتماعي للبلد ، لعب حزب البعث دوره في تدمير النسيج الإجتماعي ،  خصوصا بعد وصول صدّام حسين إلى الرئاسة
صيف العام 1979 وبدء عهده بتصفية بعض أقرب الناس
إليه ، اراد نشر الرعب في كلّ الأوساط. كان له ما اراد . استكمل مهمّته بادخال العراق في حرب مع إيران إستمرّت ثماني سنوات ثم بغزو الكويت ، جاء الإحتلال الأميركي إبتداء من العام 2003 ، ليستكمل ما بدأه البعث فسلّم العراق إلى الميليشيات المذهبية التابعة لأحزاب تتحكّم بها إيران ، تتحكّم ايران بهذه الأحزاب بقي نوري المالكي في رئاسة الوزراء أم حلّ مكانه حيدر العبادي .
يبدو واضحا أن الخطّ الذي سار عليه المالكي هو الخطّ ذاته الذي يسير عليه العبادي ، يتبيّن كلّ يوم
أنّ العبادي أسير طهران ، وأنّ لا فارق يذكر بينه وبين سلفه ، كان الهاشميون ، وهم من أهل البيت ، الضمانة الوحيدة لبقاء العراق موحّدا ، كانوا قادرين على إيجاد لحمة بين الشيعة والسنّة وبين العرب والأكراد والتركمان  كانوا ضمانة للأقلّيات أيضا ،  خصوصا للمسيحيين الذين تستهدفهم الميليشيات الشيعية مجددا هذه الأيّام، خصوصا في بغداد، ومن يتمعّن في كلام محافظ بغداد يتأكّد من
أن العراق لن تقوم له قيامة ، لا عراق موحّدا بعد الآن . الحرب بين الشيعة والسنّة طويلة في غياب المرجعية
التي تستطيع تشكيل مظلّة للعراقيين ، لجميع العراقيين .
 ليس في الإمكان توجيه أي لوم من أيّ نوع كان للمحافظ . كلامه يعبّر أفضل تعبير عن ذهنية سائدة في بغداد منعت أهل الرمادي ، الهاربين من " داعش " ،  من اللجوء إليها من دون كفيل ، صار على السنّي العراقي الخضوع لشروط معيّنة في حال اراد العيش في العاصمة أو اللجوء إليها هربا من الإرهاب ، لم تعد بغداد عاصمة كلّ العراقيين للأسف الشديد ، كان العراق في الماضي بلدا استثنائيا ، ثرواته كثيرة ، فيه الماء والنفط والأراضي الزراعية وفيه قبل كلّ شيء الإنسان ، كان طموح لبنانيين وسوريين كثيرين العمل في العراق ، صار طموح العراقيين في السنة 2015 الهرب من العراق ، هذا لا ينطبق بالطبع على زعماء الميليشيات أو زعماء المافيات المذهبية
في بلد تجاوز الفساد والهدر فيه كلّ حدود معروفة
أو متعارف عليها في العالم الثالث .
 من أضاع العراق ؟ السؤال من الماضي ، لكنّه لا يزال يطرح نفسه بقوّة ، الجواب بكل بساطة أنّ الموجة الناصرية التي رفعت شعارات العروبة أعطت إشارة بداية النهاية للعراق ، من تابع الإشراف على الإنهيار ، كان حزب
البعث ، الذي خلفته الأحزاب المذهبية التي تحظى بدعم ايراني والتي قبلت الدخول إلى بغداد على الدبابة الأميركية ، أمّا سؤال المستقبل ، هل ستتمكن ايران ، مستندة إلى حجج مرتبطة بتعويضات حرب السنوات الثماني ، من السيطرة مباشرة على جزء من العراق وعلى جزء
من ثروته النفطية بعدما أصبح تقسيم البلد أمرا واقعا ؟