المحرر موضوع: عجوز فرنسي يبوح ببعض معاناته  (زيارة 1617 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل شمعون كوسا

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 201
    • مشاهدة الملف الشخصي
عجوز فرنسي يبوح ببعض معاناته
شمعون كوسا

جلست صباحا اتصفح كتابا جديدا لكاتب فرنسي ، كانت الساعة قد قاربت العاشرة عندما فاجأتني حمامة حطّت عند عتبة  الباب ، حاملة  قطعة ورق مربوطة على احدى رجليها . دخلتِ الحمامة ببُطء ، توجهت نحوي ومدّت رجلها كي افكّ قيدها . من هديلها الذي تواصل لعشر ثوانٍ وبعض حركات رأسها ، فهمت بانها تحمل رسالة من صديق لي في مدينة مجاورة . تناولت الورقة التي كان يقول فيها صديقي : لقد أحسستُ بدنوّ ايامك لتلد موضوعا ، فاردت أن ابدد حيرتك الاعتيادية . بوسعك نشر هذا الحديث ، انه لعجوز فرنسي التقيته  قبل ايام ، لقد افرغ جعبته على مسامعي ، وأزاح طبقات هموم كانت تثقل صدره منذ سنوات بعيدة ، لقد تأثرت لكلامه واحببت  أن اطلعك عليه . فلنسمع اذن ما يقوله العجوز الفرنسي :
لقد بلغتُ الحادية والثمانين من عمري، وأحسّ الان بتعب شديد . أنا فعلا متعب جدا .  لقد ترعرعت وتابعت دراستي بجد ونشاط .  كان ابي عاملا بسيطا ،  ولقد حققت مستقبلي دون مساعدته. عند بلوغي السادسة عشرة من عمري سنة 1948 ، انخرطت في دورة تدريبية ، كنت اعمل فيها  52 ساعة في الاسبوع ، بعيدا جدا عن نظام الـ 35 ساعة  الحالي .
عملت في مجال الاشغال العامة ، حيث كان دوامي 14 ساعة يوميا ،  كنا نتنقل من موقع لآخر بين الجبال . كانت اسابيع عملنا طويلة غير أننا لم نتشكّى يوما .
لم أرثْ شيئا من والديّ،  كما إن ما حققته في حياتي المهنية هو انجازي انا   ولم يمنحه لي احد . الان وقد دنوت من غروب حياتي ، احسّ بتعب كبير . اذا سألتموني ، لماذا انا متعب بهذا الشكل ، اقول : أنا متعب لأني اسمعهم يقولون بانه عليّ ان اقاسم غيري ما كسبته أنا بعرق جبيني . عليّ أن اشارك مكسبي اناسا ليسوا بنزاهتي ، والحكومات، من أي اتجاه أتت،  تأخذ منّا   لتعطيه لأناس لا يعملون بسبب كسلهم.
انا لست ممّن يرفضون مساعدة الغير ، لا سيما بالنسبة لمن  تعرضوا الى ظروف خارج نطاق ارادتهم ، فافقدتهم عملهم او أوقعتهم فريسة مرض مفاجئ ، وهؤلاء ليسوا الاغلبية .  ان ما يجعلني احس بتعب شديد هو رؤية فرنسا في وضع سيء ، جراء سياسات اليسار وذيوله ،  وايضا اليمين وأثريائه .
أزدادُ تعباً عندما اسمع نفس هؤلاء  يصرحون  بان فرنسا مفتوحة للجميع ، في الوقت الذي يقيمون هم في الخارج هربا من الضرائب ، ومن بين هؤلاء    رجالات معروفة من مختلف الاوساط ، الفنّية والصناعية او حتى الرياضية ، وهؤلاء الاخيرين  يجنون الملايين بواسطة كرة يركلونها كما يفعل الاطفال  ، وليس باي جهد عقلي ، لان اغلبيتهم فاشلون في الدراسة  !!
 اذا استمرّت حالتنا على هذا المنوال ،  فأننا بعد عشرين او ثلاثين سنة سوف نتضاءل حجما ونصبح  بمستوى بلد نامٍ ، وحرية صحافتنا ستقارن بما يجري  في الصين ، وسيكثر العنف  كما هو الحال في المكسيك ، ويعمّ جوّ من عدم التسامح على شاكلة ما يجري في غالبية بلدان الشرق الاوسط .
لقد مللتُ من تصرفات نقاباتنا الاستغلالية، انها اصلا لا تمثل جمهورا كبيرا ، غير انها لا تتردد في تعطيل الدولة بمظاهراتها واضراباتها التي لا تنتهي من اجل تحقيق مآربها . انها خالية تماما من روح المصلحة العامة والحرص على صورة فرنسا التي تعاني اليوم من الكثير من المشاكل .
انا تعبان لمواقف تسامحنا المبالغ به  تجاه الحضارات الاخرى .اننا نعتبر أمرا طبيعيا ان تقوم العربية السعودية بتمويل الجوامع عندنا ، جوامع  لا نسمع من خطبائها الا التحريض على الحقد والكراهية تجاه الغرب ، وهذه الدولة السخية بواسطة  نفط  لم يكلفها شيئا ، إذا تجرّأنا وفاتحناها بإمكانية بناء كنيسة واحدة فقط على اراضيها ، فأنها ستعوذ بالله وتنظر الينا شزرا وتقول : لا شك انكم تمزحون ، أَوَفقدتم عقلكم ؟ ألا تعرفون إن هذا يعتبر كفراً ؟  !!!
انهم هنا يردّدون  ليل نهار على اسماعنا بانه يتوجب علينا خفض نسبة ثاني اوكسيد الكربون لأنه يضر بكوكبنا  ، في الوقت الذي تفتتح الصين اسبوعيا اثنتين او ثلاث محطات حرارية .
لقد تعبت من السماع بان التقاليد التي اعتدنا عليها في قبول اللاجئين، تحتّم علينا احتضان بؤس العالم كله. يجب ان ندفع لهم ،  حتى اذا كانوا قد دخلوا البلد بصورة غير شرعية ، اشخاص  لم يعملوا هنا ولم يدفعوا قرشا او اشتراكا لدينا . تعبتُ أكثر عندما شاهدت بان سياسيينا من كافة الاتجاهات يرون هذا عاديا و لا يبذلون ايّ جهد عند وصولهم للحكم . ان السياسيين لا يمكنهم ان يقدموا حلاّ ، لانهم هم المشكلة الحقيقية في هذا البلد .
ومن جهة اخرى ، لقد اتعبتني  ضريبة العقار التي تتضاعف سنويا . عملنا لسنوات،  ومارسنا ضغوطاً على انفسنا  من أجل  تشييد مساكن تنقذنا من الايجارات ، والآن بعد ان بنينا  دوراً خاصة بنا ، يجب علينا ان ندفع ايجاراً للدولة .
انا سعيد لبلوغي هذا العمر  ، لاني سوف لن اشاهد المستقبل المظلم  الذي هيأناه بيدينا لأولادنا  بكل جبن وخنوع  . انا ارثي حال اجيالنا القادمة .
عندما انهيت قراءة الرسالة ، شكرت الحمامة وقلت لها : بلّغي صديقي بان كل ما هو مكتوب هنا واقعي وصحيح ، وعجوزنا الفرنسي يفصح بصوت عال ما تفكر به الاغلبية في هذا البلد..


غير متصل بطرس هرمز نباتي

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 440
    • مشاهدة الملف الشخصي
رد: عجوز فرنسي يبوح ببعض معاناته
« رد #1 في: 10:04 22/07/2015 »
اخي شمعون ان ما يذكره هذا العجوز الفرنسي هو الواقع وهو غزو فكري  يحدث لمنظومة حضارية بنيت بتعب وجهود جبارة بذلها مفكريها وعلماءها هذه المنظومة سقطت للاسف بيد حكومات لا تعرف المباديء ولا يهمها سوى المال التي يغدق عليها من شيوخ البترول من السعودية والخليج. انني زرت روما قلعة الفنون والإيمان وغيرها من القيم. روما ستتلاشى او ستندثر اذا ما تحقق ما يرمي اليه عجوزنا هذا روما جدران القريبة او المتلاصقة مع الفاتيكان كلها شخابيط بالاسود أحبار سوداء تحيط بها وباساورها وبوابات محلاتها. تنذر بان الشوم لا محال ات.  والأوساخ والنفايات وحتى القاذورات تملا ارصفتها وحتى أطراف نهرها العظيم. مليء بالقاذورات ما وجدته يشبه جدا ما قصده عجووزنا الحكيم 
انا اليوم في باريس تحت برج ايفل شاهدت البارحة وفي ساعة متاخرة من الليل غزوا اخر للجهل لحضارة الأسود لحضارة العطور والرقي. كان الله في عونكم اخي وفي عون أمثال عجوزنا الحكيم هذا دمتم
بطرس نباتي

غير متصل Sherzad Sher

  • اداري منتديات
  • عضو فعال جدا
  • *
  • مشاركة: 333
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
رد: عجوز فرنسي يبوح ببعض معاناته
« رد #2 في: 02:29 23/07/2015 »
شكرا جزيلا على هذا المادة الغنية بالأفكار والأراء التي ينبغي علينا "نحن المهاجرين" الوقوف عندها!
ان ما يقوله العجوز الفرنسي صحيح 100% ونحن المهاجرين نشعر به ونتلمسه يوميا، فبات ذلك جزءاً لا يتجزأ من حياتنا وواقعنا الجديد!
انا اعتقد بأن المشكلة تكمن فينا نحن المهاجرين اولا، ومن ثم في قصر نظر قادة وسياسيي البلدان التي فتحت ابوابها امام الجميع، غير ابهة بما ينتظرها من التناقضات الكثيرة والمشاكل الكبيرة خلال العقود القليلة القادمة...
فالأحصائيات الكثيرة حول المهاجرين بشكل عام، وما يخص تمسكهم بكل ما جلبوه معهم من اصولهم من القيود والتقاليد والعادات البالية، التي يسمونها الأوروبيون الكرماء الى ابعد الحدود "الثقافات" تؤكد، بما لا يقبل الشك، حصول اصطدام خطير وغير طبيعي بين قسم من هؤلاء المهاجرين، الذين لا يريدون، بل ويبقون مصرّين على ممارستها وبشكل ملفت للنظر، ضاربين عرض الحائط ثقافة واراء ومواقف الرأي العام السائد في هذه البلدان!
بالاضافة الى تحول شريحة غير قليلة منهم الى طفيليين، ممن يشكلون عبئا اضافيا على المجتمع، ولا يهمهم شيء اخر سوى البحث عن سبل وطرق ملتوية جديدة للتحايل على اجهزة و مؤسسات الدولة للتمتع بكافة الامتيازات، التي يسعى المواطن العادي بعمله وكدحه خلال كل حياته، للحصول عليها!!!
اننا مقبلون على مرحلة حرجة في "تطور هذه البلدان" قد تخلق البلبلة فيها وتعرض امنها واستقرارها الى خطر جسيم، انا شخصيا متخوف منه كثيرا!
ولذا اقول، انا افهم جيدا ما يقوله عجوزنا الفرنسي، وتزايد نفوذ القوى العنصرية والمعادية للأجانب في معظم دول اوروبا هو خير دليل على ذلك!


غير متصل شمعون كوسـا

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 219
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
رد: عجوز فرنسي يبوح ببعض معاناته
« رد #3 في: 18:20 23/07/2015 »
اخي بطرس

لقد رأيت بام عينك بعض الأمور ولمست بعض الشي ما تعانيه هذه البلدان التي.  حققت تقدمها تكنولوجيا واخلاقيا بجهود وبحوث وعمل دؤوب يرقى الى مئات من  السنين،  انهم ينذهلون امام قله الاحترام او انعدامه الذي يذهب حد الاهانه ويبلغ درجه الاعتداء من قبل من احتاجوا ألمساعده وتم احتضانهم لكي لا يهلكوا  ، هذا يؤلمنا حتى نحن الذين دخلنا ضيوفا،
أنا اسمع نفس الحديث من بعض أصدقائنا الفرنسيين ،
انهم لا يطلبون الا الاحترام والتصرف بما تقتضيه الآداب  ،
أشكرك لقراءتك ومداخلتك البناءه

غير متصل شمعون كوسـا

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 219
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
رد: عجوز فرنسي يبوح ببعض معاناته
« رد #4 في: 18:41 23/07/2015 »
اخي شيرزاد

انت الذي تعايش منذ زمن طويل أمثال عجوزنا الفرنسي ، انك واع لهذا الموضوع لأنك صاحب شعور انساني وهذا الحد الأدنى هو كاف لملاحظة هذه الأمور
أنا لا اعرف لماذا يتمسك البعض بممارسه ما كان سلبيا في بلده ، أنا أقول وانت تقول معي بان كل من دخل بيتا يجب ان يحترم من استضافه ويطبق نظامه
مما يؤسف له ان ان سياسات بعض البلدان هنا تغض النظر عن التجاوزات لان لها مصلحه مع البلد الفلاني لما يملكه من مال ويجود به وايضاً داخليا لكسب أصوات تبلغ الملايين احيانا
تصرف من انزعج منهم عجوزنا يعم حتى على من يسعون للاندماج. بجد وصدق  ويعترفون  بالجميل
حديث ذو شجون ، اشكر تعليقاتك القائمه دوما