المحرر موضوع: نيراريات – 41 -  (زيارة 782 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل نينوس نيـراري

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 127
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
نيراريات – 41 -
« في: 21:50 29/07/2015 »
نيراريات – 41 -   
                                                 

إذا رأيتَ أمةً في شقاق وخلافْ , فاعلم بأن قادتها مهزوزون كالخرافْ , وضربتْ عقولَ مفكّريها مواسمُ الجفافْ  .               

سألوا الزعيم المُقتدرْ , عن القرار الذي صدرْ , والدم الذي هدرْ , والشعب الذي أسقطهُ الكدرْ , فقال : " هذا قضاء وقدرْ " .

تبّاً للمؤرّخين المأجورين , يفتحون ملفّ السبي البابلي ويغلقون ملفّات السبي الداعشي .

أنتم تحاربونني لأنني أمشي عكس اتجاهكم , وأنا أسالمكم لأنكم تمشون بلا اتجاه .

اصابت السلطان حالة الهذيانْ , فدخل الحرب بعنفوانْ , وخالَ جيشه قوياً كالثيرانْ , وبعد الهزيمة ساقوه كالخرفانْ , وقرّر مصيرهُ سليل الجرذانْ , فأصبح الوطن في خبر كانْ .
 
لستُ الوحيد الذي تمنّى أن تكوني حبيبته , فالبحر تمنّى أن تكوني ماءه , والبدر تمنّى أن تكوني مرآته , والشمس تمنّتْ أن تكوني ضوءا لها , وتمنّى الشجر أن تكوني ثمرته , وتمنّى خالقكِ أن لا يخلق أجمل منكِ .

أنتِ أول امرأة في حياتي إذا غابتْ أرى في غيابها حضورا أكبر .

يا من ولدتِ في عائلة شجريهْ , ومارستِ عليّ سحركِ على طريقة غجريهْ , لماذا تقدّمين لي زهرة حجريهْ ! .

لا يهطل المطر إلا بأمر من رعود عينيكِ .
بعدما عشقتكِ , صرتُ أول جسد يتبع ظلّهُ .

كلّما لمستْ يدي خصركِ , إنشطر إلى نصفين وتبقى أصابعي ترقص في الهواء بصورة عشوائية كالنحل الذي فقد ذكريات العسل .

أدخلتكِ غرفتي في خفية بعيدا عن العيون , وحضنتكِ وقبّلتكِ خلف الباب بجنون , ثمّ نزعتُ عنكِ الثوب قطعة قطعة , حتّى أصبحتِ عارية مائة في المائة يا أيتها الحقيقة التي طالما بحثتُ عنها وأخيرا وجدتها .

أنا لا اُدخّن , ولكنّ الدخان يتصاعد مني وليس لي حيلة في ذلك , فأنا شاعر أولدُ كلّ لحظة في بطن الحرائق .

في دوراني أنا كالأرض , أدور حول نفسي وحول خصركِ , كما تدور الكرة الأرضية حول نفسها في 24 ساعة , وتدور حول الشمس في 365 يوما , أما انا فلا زلتُ أدور حولكِ منذ بداية الزمن الصفري للتاريخ وسأدور إلى الزمن اللا نهائي .

عندما يتحدثّون عن الغناء الوجداني والقيثارة الفضية , يقصدون بهما قرص القمر وأوتار شعركِ الاسود المشدودة به وأصابغ الآلهة تمرّ عليها لينطلق صوتكِ الذهبي إلى مداخل أحاسيسي .

اذا لم تهبط الشمس كل صباح لتصافحكِ ستفقد هيبتها , وإذا لم تصعدي كلّ مساء لتعانقي القمر سيفقد مجدهُ .

شخصيتكِ مزدوجة , فيها ضراوة وإلفة , عاصفة وسكون , جهل ومعرفة , سرّ وعلنٌ , جبل ووادٍ , خرافة وحقيقة , وستبقين هكذا ما دُمتُ قابعا فيكِ .

ربما كنتِ في الحبّ إنسانا بدائيا واحدا لا غير , ولكنكِ في تاريخي شعبٌ متحضّر وفي قمة الرومانسية .

الخطير هو أن أركب البحر ساعة هيجانه , والأخطر هو أن اُفكّر في الإبحار داخل عينيكِ ساعة هدوئهما .

لستُ متحركا , ولكنني كلّ يوم اصل إليكِ وعلى رأسي علامة السكون ولا أدري كيف !! .

لستِ جميلة , ولكنّ الحدائق استوطنتْ وجنتيكِ , واستعمرت النجوم عينيكِ , واحتلت الليالي خيوط شَعركِ , وانتحرت الثمار على شفتيكِ , وتسربت الأشعة الشمسية في مساماتك لتصبحي امرأة ضوئية , وترك البحر موقعه وانتقل إلى جفنيكِ , وهربت الأشجار الخضراء من غاباتها وسارت معكِ لتتباهى بنفسها , والتصقتُ بكِ انا من رأسي إلى قدميّ كمخلوق طفيليّ , والآن هل اقتنعتِ بأنكِ لستِ جميلة ؟ ولكنكِ الجمال كلّه .

بما أنني وُ لدتُ من الماء , وترعرعتُ في الماء , ومارستُ الحب في الماء , وسوف أُدفنُ في الماء , لا تتوقّعي أن أمرّ بوجهكِ بعد الآن , فالطبيعة المائية ترفض مواجهة الصجراء .

كوني جريئة واخرجي من أوراقي , ألا ترين السنابل الصفراء تتراقص على شفتيّ , إنه موسم الحصاد , شجّعي شفتيكِ المنجلتين أن تحصد السنابل من فمي .

تصرّفتُ معهم كمسيحيّ تعمّد بالماء , وسوف أعود وأتعمّد بالنار حتى أتصرّف كآشوري .

أسألك أيتها السمكة الداخلة حطأ إلى مياهي الطينية لأن تخرجي مني , أنا طين يجفّ رويدا , ومن حرصي عليكِ لا أريد أن أراكِ كالسمكة المجفّفة .

أنتِ العذراء الثانية التي بشّرها الملاك بحلول روح الحب فيها لكي أولد من رحمكِ شاعرا بلا قصيدة .

بعد كلّ لقاء لي معكِ , أنشطر إلى أجزاء صغيرة وتبقين أنتِ متّحدة في أجزائي .

بعدما حصلتُ على موافقة عينيكِ للجوء إليهما , أصبحتُ مواطنا ترك ماضيه إلى الأبد , وغيّرتُ إسمي من (نينوس) إلى (أحبكِ) .

آه من هذه الديموقراطية التي ظننا أنها تأتينا بالمنافع , فجاءتنا بالفواجع .

أتعب كثيرا في التفكير بالحرية , والحرية لا تحتاج إلى تفكير .

تسألينني دوما هل أحبكِ ؟ فأجيبكِ "نعم " من غير أن أسمع أو أن أفهم السؤال .

أحيانا أفكّر بأن أحارب الجهل والمعرفة معا , فالجهل يُبقيني أدور في إطاري الفارغ , والمعرفة تُخرجني من إطاري فأحترف الغطرسة .

كان قلبي صفحة بيضاء , وجاء حبك ليرسم عليه الكلمة , وفي البدء كانت الكلمة , وفي النهاية كنتِ أنتِ .

ندمتُ على جلجامش لأنه فقد نبتة الخلود , وفرح جلجامش لي لأنني اقتنيتُ منكِ قبلة الخلود .

لا تندمي يا حياتي على فقدانكِ للبصر , طالما تخيّلتِ أنني فيك فأنتِ بصيرة أكثر مني , فالبصر الأقوى والأوضح يأتي من التخيّل .

كيف تسرقين مني ليلتي لتكحّلي بها عينيكِ , وتستغلّين نزيفي لتلوّني به لوحتي خدّيكِ , وتجمعين دموعي قطرة قطرة لتسبحين فيها كالسمكة الفضية , وتأخذينني مني كي أبقى يتيما مُتيّما بكِ .

تتحدّث الدول العربية عن تلطيف الأجواء الديمقراطية , وتقرّ برأي الأغلبية , وفي حالة التنفيذ يتحكّم رأي الأقلية المتسلّطة ويرفس رأي الأغلبية .

للواعي عينان , ولكنه يرى بأربع .

تقول الوصية " لا تقتل " , إلتزمتُ بها ولم أقتل الوقت , ففاجئني الوقتُ بالقتل , وكم منا كان ضحية الوصايا .

قد لا يكون الآشوريّ اليوم قوياً , ولكنه بالتأكيد لن يكون في الغد ضعيفا .
.
يدخلون معرض الرسم ويقيّمون الرسمَ ويهملون الرسّام .

نصلّي إلى الله ليحقق مآربنا آجلا , ويصلّي رجال الدين على المحكوم بالإعدام ليحققوا مآرب السلطة عاجلا .
طردنا الربيع الأخضر من نفوسنا وسلّمنا أزهارنا للخريف الأصفر , وهاجمنا الشتاء القاحل بعدما هرب منا الصيف المثمر .

تحت ظلّ انكساراتنا بدأ تاريخنا يبحث عن تاريخه .

قد ينجحون زمنا في دفن صراخنا في القبر , ولكنهم يفشلون في قفله بالحجر .

عندما يتأمل الشاعر , فهو يمارس الحب العذري مع حبيبة ميتافيزيقية .

نحن أمة لا تستسلم , لأننا ندرك بأن الميلاد والموت كالنهار والليل يتعاقبان .

كانت أفكارنا في تواصلْ , وبعد أن رسموا بيننا فواصلْ , أتدري ما كان الحاصلْ ؟ رؤوسنا تحت المقاصلْ .

آه لو أسرعوا في تطوير عملية استنساخ البشر , أنا محتاج إليكِ في كل العصور .

عندما تعزف عيناكِ سمفونية الحنان , يتسارع بتهوفن وموزارت وباخ وغيرهم للحصول على المقاعد الأولى في قاعة الأوركسترا العالمية .

أنا محتار , من علّم شفتيكِ القفزعلى شفتيّ كالقراصنة ! .
             *                            *                           *

نينوس نيراري             تموز / 29 / 2015