المحرر موضوع: بين شباط 2011 وتموز2015  (زيارة 640 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل تحسين المنذري

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 141
    • مشاهدة الملف الشخصي
بين شباط 2011 وتموز2015
« في: 21:24 04/08/2015 »


بين شباط 2011 وتموز2015
تحسين المنذري
لم يكن إنطلاق الاحتجاجات الاخيرة في آخر تموز المنصرم مفاجئا لكل متابع للشأن العراقي من بعيد أو قريب،إلا إنها في هذه المرة إتسعت بشكل أكبر وأسرع لتشمل محافظات ومدن أخرى في الوسط والجنوب ،ورغم إن الاحتجاجات هذه المرة كانت مرحب بها من قبل السلطة التنفيذية على عكس مظاهرات 2011 التي كانت محط إنتقاد ومحاربة من قبل الحكومة وبشخص رئيسها أيضا الذي إتهم المحتجين  بصفات رذيلة ماكانت تليق بهم أو حتى بالمنصب الذي يشغله هو، ويبدو إن الحكومة هذه المرة إستفادت من أخطاء سابقتهاــ أو هكذا تبدو الى الان ــ وحاولت أو إنها تريد إحتواء تلك الاحتجاجات بعيدا عن الضجيج الذي أثارته سابقتها عام 2011،ومهما تكن نوايا الحكومة ومسؤولي الاجهزة الامنية فإن المتظاهرين عليهم الاستفادة من تلك الفسحة التي تريد أن تظهر الحكومة نفسها من خلالها على إنها ملتزمة بالدستور وتعطي الحريات المقرة وترعى أبناءها المتظاهرين وغير ذلك من محاولات تبييض الوجه،ما يهمني هنا هو الاشارة الى ملاحظتين هامتين تترافق مع هذه الاحتجاجات كما كانت في عام 2011 وتتلخصان بما يلي:
الملاحظة الاولى:  وتتعلق بهوية القائمين على الاحتجاجات والمظاهرات، وهذه مهمة للغاية ومن عدة نواحي،منها عدم فسح المجال أمام من يريد تشويه سمعة المتظاهرين كما حدث في المرة الاولى،بل وحتى الان فهناك من يحاول نسبها الى محور (سعد البزاز ــ الكربولي) لوجود خلافات بينهما ووزير الكهرباء ، أو من يريد إلصاقها برئيس الوزراء السابق وكتلته البرلمانية،على إنها محاولة خلق متاعب للحكومة الحالية ورئيسها، وأيضا من يريد نسبها الى المرجعية الدينية العليا ويضع شعار المرجعية ومطاليبها سقفهم الاعلى ،وبعض الوجوه التي برزت في الاعلام تبرئ نفسها من كل تلك التهم لكنها لم تعلن عن هويتها هي !! فما السبب؟ أعتقد إن الاعلان عن هوية وإنتماء ( حتى لو كانوا مستقلين، فهو إنتماء أيضا) القائمين عليها والمتصدين لقيادتها يقطع الشك باليقين ويتضح لمن يريدالاشتراك او يمتنع عنه في أي إتجاه يسير،ويسكت المدعين بتبنيها وقيادتها إن لم يكونوا هم بحق هكذا، وحتى لو كانت على أرض الواقع أكثر من جهة تقوم بالتحشيد والتحضير فلا بأس أن تعلن جميعها عن نفسها ويجلسون جميعا لتوحيد الجهود والنشاطات والاتفاق على آليات تحرك تخدم الاهداف التي من أجلها يعملون . وأخيرا كي لايأتي لاحقا من يدعي قيادتها ويصادر جهد المنظمين الحقيقيين.
الملاحظة الثانية:  تتعلق بالشعارات التي يرفعها المتظاهرون وأهدافهم ،وتأتي أهمية الشعارات في كل عمل إحتجاجي لانها هي من تحدد الاهداف المرتجاة من تنظيم تلك الاحتجاجات،وعدم ترك الامر للمصادفة أو المبادرة الانية،فمن شأن ذلك أن يفسح المجال لمندسين مثلا يحاولون تشويه المظاهرة عن طريق رفع شعار لايتلاءم مع أهداف الاحتجاج أو إنه يثير الفرقة على اسس مرفوضة، أو يعطي مبررا للجهات الامنية بقمع المظاهرة وما شابه ذلك. كما من الضروري أن تكون الشعارات مبتعدة عن مداعبة هذه الجهة على حساب تلك، حتى وإن كانت المرجعية العليا في النجف،لان هذا أيضا هو شعار طائفي بحد ذاته ويضع العمل الاحتجاجي في زاوية محدودة ، وقد يعمق من الشرخ الطائفي القائم أساسا، لذلك فإن شعارات الدولة المدنية هي الاقرب والانسب لمثل هكذا إحتجاجات . كما إن توحيد الشعارات يعطي للمظاهرة هيبة أكبر ووقع أعلى، مما يجعل السلطات أو حتى من يقف متفرجا أن ينظر للاحتجاج بنظرة جدية أكبر،مع ملاحظة ضرورة مراجعة الشعارات بعد كل مرة،فذلك ما يطور الفعاليات ويجعلها منسجمة مع واقعها وتطوره بشكل أفضل، وهنا تجدر الاشارة الى ضرورة ألا تقتصر الشعارات على قضايا مطلبية فحسب،فرغم أهمية ذلك،إلا إن تطوير الشعارات كي تناهض الاسس التي عليها قامت وبسببها تلك الاخفاقات الخدمية يعطي جذرية أكبر لروح الاحتجاج ،وبالتالي فإن الاحتجاجات لابد لها أن تتطور سياسيا كي تستطيع فرض أجندتها على الحكومة أو في الاقل جعلها تستجيب بشكل اكبر وأسرع لتلك المطاليب،وبدون الشعارات والاهداف السياسية،فإن المظاهرات هذه سيجري إحتوائها أو تحريفها أو نسبها الى جهات من داخل السلطة السياسية نفسها وهنا ينطبق عليها المثل الشامي ( يا أبو زيد كنك ماغزيت) فلماذا يضيع كل هذا الجهد الكبير؟ومن مظاهرات عام 2011 عندما لم يكن هناك تنسيق أو سمّه ما شئت فإن الاحتجاجات في كل جمعة تحولت الى تجمعات لكتل بشرية لا رابط بينها وكل كتلة لها أهداف وشعارات تختلف عن الاخرى ، بحيث وصل الحال الى مجموعة صغيرة جدا من الطلبة تعترض على مدرس لديها فتتجمع لوحدها دون إعتبار لبقية الكتل،وهكذا، وكي لا تتكرر التجربة تلك لابد من بروز هويات وإنتماءات القائمين على الاحتجاج ومنهم فقط يؤخذ الشعار أو الهتاف ومن غيرهم لا، حتى وإن كان منسجما مع أهداف الاحتجاج لان في ذلك فسح المجال لشعار آخر بالبروز وقد لايخدم المظاهرة.
ستكون الجمعة القادمة في بغداد محطة الاختبار الابرز لهذه الاحتجاجات ومدى إمكانية إستمرارها أو توقفها ومدى إستجابة السلطات للمطاليب وكيفية تعاملهم مع المحتجين وغير ذلك من الامور التي تستجد وقد تحدد إمكانية الاستمرار في التظاهر أم لا .