المحرر موضوع: رجَعتُ الى مدينتي خانقين  (زيارة 1183 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل صباح كاكه يى

  • عضو
  • *
  • مشاركة: 9
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
رجَعتُ الى مدينتي خانقين
« في: 13:31 19/09/2015 »


رجَعتُ الى مدينتي خانقين



صباح كاكه يى


بعد غياب سنوات طويلة
في مجاهل الغربة
اتّقدَتْ فيَّ رغبة التيمُّن بزيارة مدينتي
لأنتعش فيها نفسي
وأبلسم جروح ضنى البعاد

أخيراً تحققت رغبتي
أحزمت أمتعتي...
غداً سأعود الى كنف مدينتي
سأقفز كالأيّل
وأشحن روحي بحفيف النخيل

قلبي بدأ يضرب بقوة
كأني أستعد للبحث عن النفائس
نعم، أهل مدينتي هم حقاً نفائس
ويمسّون قلبي...
 
يا لهفتي...

وهكذا رجعتُ الى خانقين
الدرة الخضراء
بوتقة الإرث الحضاري والثقافي
التي صمدتْ في وجه الزمن

ــ يا للغرابة والعجب !
رأيتُ ما لم أكن أحتسب له
رأيتُ سوق المدينة 
وقد توارتْ عنه سينما المبدعات
فصارتْ أثراً بعد عين

واحسرتاه...

نهر الوند الذي يتوج خانقين بالبركات 
ويسبغ عليها جمالاً
الذي نحبه ونلتصق به
وخريره مستقر في نفوسنا
صار قفاراً ــ
لا يتلألأ في ضوء القمر
تحوم حوله البلابل على غير هدى
وجسرها العتيق صار عليلاً
لم يجد من يصغي الى أنينه

وا حسرتاه...

ــ وقفتُ على شفا حفرة باوه كه زى 
رأيت الخوف في كومة نفايات
ــ العشب الأخضر يبس
ــ والزهر ذبل
ــ النخيل تناقصَتْ وحلّتْ روحها
في جسد شجيرات الصنوبر القزم
وتراصفتْ في شارع الخضراء

آه يا ويلاه...

خضراء يا خضراء
يا شارع الأطباء
أما زلتَ تذكرُ ...
ــ كمال حسين
ــ والبرنوطي
ــ وابراهيم النائب
ــ وعلي الكوره جي ؟

آه يا ويلاه...

ــ في لحظة مروري
بشارع رشيد باجلان
خِلتُ أن صوت مطرقته
سيغزو مسامعي !

آه يا ويلاه...

يا لغرابة الأسماء
السائدة في مدينتي
ــ شارع الجودلية !
لم أسمع به من قبل...
سألت عن معناه ؟
قالوا: نحن نفصِّل الأسماء على المقاس

 يا للسخرية...

انقضَتْ سفرتي كلمح البصر
وها أنا أحزمُ حقائبي ــ
لأعود أدراجي
نحو شجون الغربة

يا لوعتي...

في طريق رجوعي ــ
مررت بالمدينة الجارة
نظرتُ اليها نظرة مكرَّمة
ملؤها الذهول والإعجاب
فمنحني مثالها الرغبة
في أن تكون مدينتي مثلها
فرسَّختْ في القلب رِضاً ــ
وحرقة لا تنطفىء !

آه يا ويلاه...

رغم هذه التحديات
لا تزال مدينتي تتمتع بسحرها الخاص
مدينة قلَّ مثيلها...
مدينة تتخبط في المصاعب !

رجعت للغربة دامع العين
زيارتي لخانقين
غُصَصَ اللوعة والحزن.

ملاحظة: القصيدة مقتبسة فكرتها من قصيدة للشاعر البولندي زبجنيف هيربيرت .
ملاحظة: حفرة باوه كه زى هي اسطورة قديمة تداولها الأجيال في خانقين
غرق فيها كثر من شباب خانقين فأفزعت الناس ولم يجرؤ أحد على التقرب اليها.