المحرر موضوع: استلمنا المسودة ..لكن !  (زيارة 1164 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Hadi Altkriti

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 145
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
استلمنا المسودة ..لكن !
« في: 02:16 25/08/2005 »
استلمنا المسودة ..لكن !

هادي فريد التكريتي

"استلمنا مسودة الدستور ولكن ...هناك بعض النقاط العالقة ، ولا بد أن تعالج خلال الثلاثة أيام القادمة .." بهذه العبارة افتتح السيد حاجم الحسني رئيس الجمعية الوطنية حديثه مخاطبا أعضاء الجمعية وكبار رجال الدولة والحكومة ، ليرفع الجلسة على أمل أن تجتمع الجمعية الوطنية ، بعد ثلاثة أيام ، لمعالجة نقاط الخلاف التي لازالت عالقة ، إلا انه لم يعلن ماهية هذه النقاط التي مازالت تحول دون الاتفاق على إقرار المسودة ، رغم أن الكثيرين من أعضاء الجمعية ومن أعضاء صياغة المسودة قد أدلوا بتصريحات متناقضة ومتباينة حول ماهية هذه الخلافات.، وهذا يعني أن المسودة تصاغ بعيدا عنهم جميعا ، . ومن خلال قراءة آخر مسودة نشرت على بعض المواقع الالكترونية ، لم نقرأ ما كان يطالب به الكورد من مطالب ، وهذه كانت تعتبر من الخطوط الحمراء التي لا يمكن تجاوزها وأخرى لا يمكن التفريط بها ،فليس أول هذه الخطوط " الإسلام مصدر أساسي للتشريع " وليس آخرها " إقليم كوردستان وحق تقرير المصير وتقاسم الثروة والبيشمركة  " التي غيبت ، ولا ندري ما ثمن هذا التنازل ؟
البعض يقول أن دخول الأمريكان ضاغطين ومطالبين إبداء التساهل أزاء المطالب الطائفية ، بموقع الإسلام المتميز في التشريع ، ولا ندري لم هذا الكرم الأمريكي والغزل مع الطائفية ، وهم يعلمون النتائج الخطيرة التي يؤدي إليه مثل هذا الموقف ، لما له من انعكاسات تؤثر على الموقف الإيراني والصراع الدائر بينهما في المنطقة ، كما أن المواقف الكوردية من مجمل قضايا تخصهم كانوا متمسكين بها ، قد أغفلت وتم تجاهلها في الظرف الراهن ، ولم يتضمنها الدستور في مسودته الراهنة .
هذا كله يدعونا للتساؤل هل وراء كل هذه المواقف مجتمعة طبخة مساومة تعد من وراء ظهر الشعب العراقي ؟ بيع وشراء للعراق وشعبه بين هذه القوى مجتمعة ، القومية الكوردية والطائفية وقوى الاحتلال الممثلة بالسفير الأمريكي خليل زاد ؟
لا شك ستظهر الأيام القادمة ما هو مخفي من الأمور والذي أدى لأن ينفرد "الائتلاف الشيعي " ويحقق كل ما رغبوا به في هذه المسودة ، والتي اكتنفها غموض بحقوق المواطن الديموقراطية ، وأنكروا فيها حقوقا أساسية لنصف المجتمع العراقي ، ولم يسلموا لها ، للمرأة ، بحق مساواتها مع الرجل ، في الكثير من حقوقها التي تقرها المواثيق الدولية ومبادئ حقوق الإنسان ، فهل سيشرع الكورد في إقليمهم قوانين تخالف الدستور ، والقوانين والمواثيق الدولية ، الذي هم موافقون عليه .؟
 مسودة الدستور ، ولكن ...المؤجل إقرارها ثلاثة أيام ، مهدت الطريق لتفكيك العراق وتجزئته على أساس طائفي بحت ، بحجة عدم الموافقة على المركزية التي من شأنها إنتاج الديكتاتورية ، وهذا إلى حد ما صحيح ، ولكن هل الإسلام بكل طوائفه ومذاهبه ، المتنوعة والمتعددة ، قادر على إنتاج "مفاهيم ديموقراطية " وهل ما هو قائم في بعض دول الإسلام ! له علاقة بالمفاهيم أو الحقوق الديموقراطية أو حتى الإسلامية ؟ وهل تحظى بإجماع المسلمين ؟
التناقض في الدستور خطرة عواقبه ، ولا يجوز أن تثبت مادة أو فقرة غير واضحة أو ملتبس فهمها ، فقد نصت المادة الثانية أولاـ "الإسلام  دين الدولة الرسمي ، وهو مصدر أساسي للتشريع ، ولا يجوز سن قانون يتعارض مع ثوابته وأحكامه ." ثانيا ـ " لا يجوز سن قانون يتعارض مع مبادئ الديموقراطية ولا مع الحريات الأساسية الواردة في الدستور " من يستطيع أن يوضح ويفسر هذه المادة ؟ كيف لا يجوز سن قانون يتعارض مع ثوابته وأحكامه " الإسلامية ، وثانيا المارة الذكر التي تنص على عدم سن قانون يتعارض مع مبادئ الديموقراطية ؟
فكل حكم ديني وطائفي تعارض مبادئه المبادئ الديموقراطية ، وكل المبادئ الديموقراطية معارضة لتعاليم كل دين ، ولا جامع يجمع الإثنين في مكان ما ! لفك هذا اللغز نحن بحاجة لمن يوضح لنا كل الثوابت والأحكام الإسلامية التي تنص عليها هذه الفقرة ، منعا لتأويل المتزمتين من الفقهاء ، الذين سيضمن لهم الدستور الجديد موقعا في المحكمة الدستورية ، ويمنحهم حق تفسير القوانين وما استعصى فهمه ! كما الحاجة تقتضي أن تسطر المبادئ الديموقراطية ، والحقوق والحريات الأساسية التي يرغب الدستور في صيانتها للمواطن ،منعا لتجاوز وتعدي المنكرين لحقوق الغير عليها ، ولا يجوز أن تعهد لقانون سيشرعه مشرع طائفي أو عنصري وفق هواه ، كما هو حاصل في المحافظات التي يحكمها الإسلامويون الجدد ! فإذا كان الدستور إسلاميا ، والإسلام شيعا وطوائف ، فمن يا ترى سيكون له السبق في التشريع وتحديد ما هو إسلامي من غيره وفي النهاية ليس لنا سوى ، طاعة أولي الأمر منكم !
أما ما يخص الفدرالية ، فالطائفيون ، يعتقدون بل يصرون على أن الجنوب له خصوصيته ، في مظلوميته ، وسبب مظلوميته هو وقوف الشيعة إلى جانب أهل البيت ، علي بن أبي طالب وأولاده وذريتهما من بعدهما وحتى اللحظة مدافعين عن حق تاريخي ، وهذا الحق هو حكم مسلوب منذ مئات السنين ، والذي يطالب به ورثة يقولون انهم الوارثون ! ولكن لم يخبرنا أحد هل أن الإسلام كان هو السبب في تجريد علي وأهل بيته من الحكم أم لا ؟
إذن فمنذ أكثر من 1400عام ، أي من بعد موت النبي محمد ، وعدم تشخيصه الصريح ، وغير المتفق عليه ، لمن يتولى الأمر من بعده ، وحتى اللحظة لم يطبق الإسلام ، وكل خليفة عادل أم جائر ، طبقه وفق رؤاه وتصوره ، حتى وإن تعارض مع نص الآيات الصريحة ، ومن تعاقب على حكم العراق باسم الإسلام اضطهد كل الشعب العراقي ، بكل طوائفه وقومياته وليس الشيعة وحدهم ، فلم هذا الحق  والخصوصية والمظلومية التي يطالب بها الطائفيون ؟
هذا أولا ، وثانيا هل يعتقد أتباع الإمام علي ، لو افترضنا أنهم موحدون فيما يذهبون إليه ، وهذا افتراض باطل ، هل بعد كل هذا التاريخ هم قادرون لأن يعيدوا للإسلام روحه ورونقه بعد أن أسس أمثال لهم حكما أغرق البلاد في مشاكل لها أول وليس آخر ، ليس أولها إنكار حقوق القوميات ولا آخرها طمس الحريات ؟  فإن كان نموذجهم إيران ، فمشروعهم في العراق فاشل وعليهم أن يفتشوا عن طريق آخر ! قائمة الائتلاف الشيعي ، الطائفية ، لو طرحت مشروع الفدرالية في العراق على أساس تاريخي ، جغرافي وحتى قومي ، أسوة بفدرالية كوردية ، لكل العراق العربي ، لظهرت بمظهر أكثر وطنية وحرصا على العراق من غيرهم ، ولسحبت البساط من القوى المناوئة لها ، ولقلنا ولقال غيرنا ، إنها من يسعى لوحدة عراقية حقيقة .
   
أما وقد تبنى قادتهم ، سلخ الجنوب لإقامة فدراليات بحجة عدم عودة الدكتاتورية ، وهي حجة باطلة تفوح منها رائحة النفط ، فهم سيقيمون دكتاتورية أدهى وأمر ، ولظهروا ، كما هو الواقع اليوم ، أنهم غير معنيين بالعراق وبشعبه ، وسيزيدون من معاناته ومأساته ، فصدام لم يكن قد اضطهد الشيعة ولا الكورد ـ الكثير من هؤلاء دعموه وآزروه ـ بل اضطهد كل الوطنيين العراقيين الذين وقفوا ضد عنصريته وطموحه غير المشروع ، من السنة والشيعة والكورد وغيرهم من الطوائف والقوميات ، فبسبب وطنيتهم تم الاضطهاد والقتل والظلم ، وليس بسبب طائفي أو قومي كما يريد أن تصوره لنا الطائفية ، وفي هذه اللحظة يتم تهجير الشيعة من تلعفر إلى مناطق أخرى من بغداد وغيرها ، فهل هذا هو الحل الطائفي ـ القومي لمشاكل العراق ؟
 
أن المشاكل ستتعدد وتظهر تباعا ، فكما ظهرت مسألة تقاسم الثروة ، التي يعتبرها الطائفيون ملكا لهم لأنها في  جنوب بلد يسمى العراق ! تظهر حاليا مقاسمة المياه ، فإن سيطر العرب السنة والكورد على مياه العراق ، وحجبوها عن الجنوب فما العمل ؟ هل سيبادلون النفط بالماء ؟
وسيزول آنذاك شط العرب وتصبح الحدود واحدة مع الجار والشقيق الطائفي ، وسيتحقق آنذاك مشروعهم الوحدوي الساعون له والذي تتضمنه أجندتهم الطائفية ، التي بدأ الاعلان عنها شيئا فشيئا ! أليس كذلك ؟ لا ، هذا لن يكون ، فثروات العراق ، يا سادة العراق الجدد ، من نفط وغاز وماء وكبريت وغيرها من الثروات التي لا تحصى ولا تعد ، هي ملك للعراق ، وبالتالي كل مواطن عراقي في الشمال أو الجنوب ، وفي أي مكان كان من العراق له حصة فيها ، وهي ملكه ، وسيدافع عنها ، ولا يمكن لأحد كان من كان وبأي شكل كان ووفق أية ذريعة أن يجرد العراقي من حقوقه ، ويوزعها حصصا وفق نظرية آخر زمان :ـ "برميل إلك برميل إلي " إنها أحلام قصيرة الأجل ، فإن تحققت بعضها نتيجة لظروف أوجدتها الدكتاتورية العنصرية ، ولما أضافت عليها قوات الاحتلال ، وللإرهاب الذي نتج عن المشروع الأمريكي ، الداعي لنقل مقاومة الإرهاب بعيدا عن الساحة الأمريكية ، والطائفية التي ذر قرنها وبدأت بطرح شعاراتها المظللة مستغلة الواقع المزري للمواطن العراقي ، الذي هو جزء من واقع أوجدته وهي في السلطة، فهذا كله أمر لن يطول ، قصر أو طال ، وستعود الحياة لمجاريها ، ولم يبق في الوادي إلا الحجر الوطني المقاوم لكل المشاريع المشبوهة ، عربية كانت أم طائفية ، فارسية أم أمريكية ، فالعراق لكل العراقيين وستفشل كل مشاريع التجزئة كائنا من كان وراءها ! وسيسن دستور عراقي على أسس وطنية خال من كلمة لكن ..!
23 آب 2005
hadifarid@maktob.com[/size]