شكرا لكل المداخلات والمساهمات.
حول مداخلتي الاولى اطرح سؤال ايضا للذين يتشبثون باستعمال مصطلح الوحدة وترك كل شئ الى ان تتحقق. سؤالي هو: اذا حدثت تغييرات معينة يراها المتشبثين بمصطلح الوحدة بانها ايجابية, فكيف سنعرف بان ابناء شعبنا امتلكوا الوحدة ام لا يزالوا لا يمتلكوها؟ ما هي المقايس لقياس الوحدة؟
الان انا ارغب بنقل مداخلة لي في شريط اخر لاضعها هنا لتكتمل الصورة حول النضوج.
ما معنى القبول بالاخر؟ وكيف علينا فهم ذلك؟
لاوجه السؤال لنفسي, هل انا اقبل بالاخر؟ بمعنى هل انا اقبل بقناعات الاخر؟
جوابي وبكل بساطة ووضوح هو : كلا ان لا اقبل. والدليل على ذلك عندما انا اكتب في المنبر الحر فهذا انا افعله لانني امتلك قناعاتي الشخصية الخاصة بي, وانا اكتب مواضيعي ومداخلاتي حسب قناعاتي الشخصية, وانا انشرها هنا متمنيا ان يتبناها الاخرين لانني اجدها مفيدة لي واراها مفيدة للاخرين. اي في الاخير فانني هكذا لا اقتنع بقناعات الاخرين, واتمنى ان يتخلوا عن قناعاتهم ويتبنوا قناعاتي الشخصية. وانا عندما افعل ذلك فانهم حتما يعتبرون ما اقوم به تدخل في شؤونهم الشخصية وبذلك يشعرون بانني اقوم بجرح مشاعرهم.
ما افعله انا يقوم به كل شخص. كل شخص يمتلك قناعاته ويحاول ان تنتشر ويتبناها الاخرين. بمعنى ان كل شخص لا يقتنع بقناعات الاخر ولا يقبل بها, ولهذا يحاول ان يغير قناعات الاخرين, وهكذا يعتبر الاخر بان هناك من تدخل في شؤونه الخاصة ويشعر بجرح مشاعره. اي ان هكذا شخص يشكو بان هناك من يتدخل في شؤونه ويحاول ان يغير قناعاته الشخصية لكون ان هناك من لا يعترف بها او لا يقبلها. ولكن نفس هذا الشخص يقوم بمحاولة تغيير قناعات الاخرين ويحكم عليها بانها غير جيدة وغير صالحة وبانها سيئة ينبغي التخلي عنها.
النتيجة اذن هي: كل شخص يشكو من تدخل الاخرين بشؤونه وعدم قبولهم بقناعاته ومن محاولتهم لتغيرها وعدم الاعتراف بها, وفي نفس الوقت يقوم نفس الشخص بالحكم على قناعات الاخرين ولا يقبل بها ويحاول تغييرها وبان يتبنى الاخرين قناعاته هو. اي ان كل شخص
يمارس دورين في نفس الوقت, فكل شخص
يشكو و
يحكم بنفس الوقت. هذه المشكلة الطبيعية هناك اغلبية لا تشعر بها. وبذلك شرحها يكون بمثابة نشر وعي. هي معقدة اذا تصورنا قاعة محكمة المشتكي والحاكم هم
نفس الشخص ويقوم بالدورين بنفس الوقت.
هذه القضية هي لا تنحصر في المسائل السياسية والقومية كما تطرح في هذا المنبر لوحدها, بل هي موجودة في كل مجالات الحياة. هي موجودة داخل البيت الواحد, عندما تمتلك الزوجة قناعات معينة بان التدخين والكحول مضر, او من الافضل الهجرة, او ان مرق البطاطس افضل من الفاصوليا وتحاول بان تقنع زوجها بذلك فهي بالضرورة غير مقنعة بقناعات زوجها اللذي قد يمتلك قناعات مختلفة, فهم بالتالي كل واحد منهم لا يقبل بالاخر. وهذه القضية موجودة بين الاصدقاء, اصدقائي مثلا يتدخلون كثيرا في شؤوني الخاصة ويمتلكون قناعات تختلف عن قناعاتي ويحاولون ان اتبنى قناعاتهم لكونهم لايقبلون بقناعاتي او يرونها خاطئة....الخ...
لماذا هناك مطالبات بالتحدث عن القبول بالاخر؟ السبب هو كما وضحت انها في النهاية تؤدي الى جرح مشاعر الاخر. وهذه العملية لا تتوقف لانها كما وضحت يقوم بها كل شخص , ويقوم كما وضحت بدور المشتكي والحاكم بنفس الوقت.
ما هو الحل اذن؟ هل هو المطالبة بالقبول بالاخر حتى لا يكون هناك جرح مشاعر؟
الجواب الاول: هكذا طلب بين العلاقات الاجتماعية في البيت والاقرباء والاصدقاء سيقود بان تكون العلاقات سطحية جدا, لان كل شخص سيحاول ان لا يجرح مشاعر الاخر, بمعنى يتجنب التدخل بشكل مطلق, وهكذا علاقة سطحية غير عميقة هي غير مفيدة, وهكذا علاقة ستكون علاقة تفتقر الى النضوج.
الجواب الثاني: تحقيق هكذا طلب مستحيل, لانها طبيعة الانسان نفسها في انه يمتلك قناعات بناها منطلقا من فرضيات اساسية هو يراها حقائق ولا يريد التخلي عنها. ولان الانسان كائن ثقافي , بمعنى يعيش مع الاخرين فانه يحاول ان ينشر قناعاته وحقائقه لكي يتبناها الاخرين.
اذن يبقى السؤال: ما هو الحل؟
الجواب هو:
من حق كل انسان ان لا يقبل بالاخر.
من حق كل انسان ان يجرح مشاعر الاخر.
طبعا بشرط ان لا يكون ذلك بقصد بغيض وكريه. وانما بقصد بان ذلك يراه مفيد له ويتمناه للاخرين.وهذا هو بالفعل الحل الحقيقي والطبيعي, في ان يتعلم كل شخص التعايش مع الاجوبة التي قدمتها.
............ انتهت المقدمة الاولى.......
القبول بالاخر بمعنى اخر.
القبول بالاخر بمعنى عدم ايذاء الاخر والاعتداء عليه جسديا او قتله مثل ما يقوم به المسلمين تجاه غير المسلمين فهذا موضوع اخر يختلف, فهكذا قبول بالاخر يدخل ضمن توفير الحريات الفردية. ومن هذه الناحية انا اود ان اشرح جملة يتخذها الكثيرين كحكمة ولكنها خاطئة تماما ولهذا فهي يتم استخدامها بشكل مضحك حتى من قبل المنظمات الارهابية والاسلام السياسي.
هذه الجملة هي: حريتك تتوقف عندما تبدأ حرية الاخر.
هذه ما تسمى بالحكمة هي بالطبع مجرد هراء .
فالحرية لا تتوقف عندما تبدا حرية الاخر, وانما الحرية تبدأ عندما تبدأ حرية الاخر.
مثال: لنفترض بانني اعيش مع اخرين في مجتمع معين, لاسمي الاخرين هاني وشوقي ومحمود وهيرش. طيب كيف يمكن لي ان امتلك حرية اذا لم يمتلكها الاخر مثل هاني وشوقي ومحمود وهيرش؟ فاما مجتمعنا يمتلك حرية ويوفر حرية للافراد وبالتالي كلنا نملكها او لا يملكها احد. يعني اما الاخر يمتلك حرية اذن انا امتلكها ايضا, او اننا كلنا لا نمتلكها.
النتيجة: حرية الاخر لا تتعارض مع حريتي, وحريتي لا تتوقف عند بدء حرية الاخر, بل العكس
حرية الاخر هي شرط بان امتلك انا ايضا حريتي كما وضحت اعلاه. حريتي اذن تبدا عندما تبدا حرية الاخر.لهذا فان الدفاع عن حرية الاخر هو شرط بان يمتلك اي فرد حريته ايضا.
المسلمين يعترفون بانفسهم بان ليست الاقليات لوحدها من تعاني في هذه المجتمعات وانما المسليمن يعانون ايضا, وبالفعل فان اعداد القتلى ومن يتعرضون للتعذيب والتفجيرات من المسلمين على ايدي المسلمين انفسهم اصبح يفوق المليون.
لذلك فان المسلمين سينجبرون غضبا عن دينهم بان يعترفوا بحرية الفرد والا فانه سيكون هناك دائما مسلمين يقتلون مسلمين, وما اقوله يمكن توضيحه طبعها بعلاقات رياضية قاطعة.
........انتهت المقدمة الثانية........
بعد المقدمة الاولى والثانية نرجع الى موضوع ابناء شعبنا والقضايا القومية.
من المقدمتين اعلاه فانا اقول بان ادعاء بعض القوميين الكلدان بان هناك قوميين اشورين لا يعترفون بالاخر هو ناضج من قلة نضوج القوميين الكلدان. اي ان الموضوع يتعلق بالنضوج وليس في موقف القوميين الاشوريين. والقوميين الاشوريين انا لا اراهم يمتلكون قصد بغيض او كريه , وانما هم يرون قناعاتهم مفيدة ويتمنوها للكل والجميع.
واذا كان هناك شخص يرفض المقدمات التي طرحتها ولا يستطيع ان يفندها ويفند صحتها واذا كان هكذا شخص لا يستطيع القبول بطبيعة الانسان , فان هكذا شخص يمتلك طريق واحد وهو الانتحار والتخلص من هذه الحياة.
.............
اعيد: انا بنفسي لا اقبل ولا اعترف بكل قناعات الاخرين. وفي المجتمع الغربي ليس هناك شخص يقبل ويعترف بكل قناعات الاخرين, ولهذا نرى دائما جدل وتظاهرات ومناقشات وتغيرات مستمرة....الخ. هم فقط تعلموا التعايش مع هذه الحقيقة, وايضا تعلموا بان يتخلوا عن فرض قناعاتهم بالقوة والعنف والقتل. لان نشر العنف والقتل واستعمال القوة ضد الاخر سيعني انه بالنهاية سيشمل الجميع. هذه هي العلاقة بين انا والاخر والجميع. واعتقد بانني شرحتها بطريقة جيدة.
رياضيات: كل شخص ينتمي الى "انا" , وكل شخص يمثل الاخر بمعنى ينتمي الى "الاخر", والكل بما فيهم انا والاخر ننتمي الى "الجميع".
قبولي بكل قناعات الاخرين سيعني ان احبس نفسي بين اربعة جدران مدى الحياة وان لا اتحدث مع احد. او ان اتخلى عن كل ما اؤمن به واتخلى عن كل قناعاتي.
.............