المحرر موضوع: هل اصلحتم العراق ؟  (زيارة 3239 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل حـميد مراد

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 764
    • مشاهدة الملف الشخصي
هل اصلحتم العراق ؟
« في: 06:35 25/10/2015 »

هل اصلحتم العراق ؟


  عند عودتي الى الولايات المتحدة الامريكية زارني عدد من الاهل والاقارب والاصدقاء للترحيب، وفي اليوم الثالث جاءني صديق معه ابنته ذات التسعة اعوام .. بعد السلام والحوار حول الشأن العراقي والذكريات والايام الجميلة التي عشناها في احياء بغداد العريقة، بادرتني ابنته " هلين " بسؤال من غير مقدمات " هل اصلحتم العراق " !! .. نظرت لها بتعجب .. فقلت لها ماذا تعرفين عن العراق .. اجابت بكل ثقة بان هناك حرب مع داعش .. وان هناك مرض الكوليرا منتشر في بعض المدن .. وهناك نازحين ولاجئين، مع وجود تظاهرات مستمرة، معناها الناس متذمرين وغير راضين ويطالبون بالإصلاحات !! فقلت لها من قال هذا .. قالت اسمع الاخبار عن طريق التلفزيون .. فضلا ً عن متابعة حديث ابي وامي والضيوف الذين يأتون عندنا، حيث يتكلمون بحسرة عن هذا البلد الذي انا لم اولد فيه .. عجبني كلامها .. وبحزن اجبتها " من جانبنا نحن كمنظمات مجتمع مدني نساهم في رصد وتوثيق الانتهاكات ونقدمها الى السلطات التنفيذية في الحكومة ليتم معالجتها، لكون المنظمات المدنية ليست لها سلطة او قوة لإصلاح الامور في البلاد، بل نضغط ونسعى الى مناهضة العنف والاستبداد والاضطهاد والتمييز المجتمعي، للوصول الى السلام وتحقيق العدالة، كما ندعم الإصلاحات والتنمية .. والمشكلة في بلدنا هي انه من حكم سرق احلام الشعب، لدرجة اصبح من في السلطة متهم ولص، وحكموا باسم الدين والمذهب، مما ادى الى انحراف نظام العملية السياسية من قبل تجار القضية، واقنعوا الشعب لا سيما غير المتعلم من ان المذهب في خطر لهذا يجب ان تنصرونا والا اصبحنا عبيدا ً !! .. اقتنعوا ابناء العامة وساندوهم، فعملوا على تغذية الحرب على الهوية فقتل (60) الف عراقي خلال عامين فقط من (2006 لغاية 2008 ) من هذا التاريخ فقدوا القدرة على قيادة المجتمع، وتوسعة الفجوة بين الطرفين .. بعدها ثبتوا النهج الطائفي والمحاصصة المقيتة في مؤسسات الدولة، ثم قاموا بسرقة ممتلكات العراق، وسيطرت المليشيات والمجاميع المسلحة على الوضع العام، وانتشرت الفوضى والجريمة المنظمة، فضاع الوئام وانتهت الثقة التي كانت موجودة في كل ركن من اركان مناطق العراق، وحطموا التاريخ والتراث والقيم واصالة المجتمع العراقي.

  اما موضوع مرض الكوليرا فقد جاءت واقتحمت مناطق متعددة من العراق وتجاوزت من ما يقارب (1800) حالة لحد الان بسبب الجراثيم الملوثة في الماء والاطعمة، فضلا ً عن ذلك تدهور البنية التحتية للمؤسسات الصحية .. اما حول التظاهرات .. المواطنون لم يسكتوا على تصرفات المسؤولين السلبية، وعلى الاداء غير الجيد لإدارة حكم البلاد، رغم قيام السلطات الامنية وفصائل المليشيات والمجاميع المسلحة الاخرى باستعمال القوة واعتقال الناشطين واستشهاد اكثر من متظاهر في ساحات الاعتصامات والتظاهرات، فخرجت (423) تظاهرة هذا العام في عموم مدن العراق تطالب بتحسين الخدمات، ومعاقبة الفاسدين، وتحرير سلك القضاء من القيادات السياسية التي تحاول تسيس العدالة، واعادة تأهيل المؤسسات الامنية والاقتصادية والتعليمية والصحية والخدمية.
 
  وقالت لكن عليهم ان يدركوا حجم معاناة الناس، وان يعتذروا  للشعب ويتركوا مناصبهم.
 
  قلت لها هذا مستحيل لانهم ليسوا وطنيين، واهم شيء عندهم مصلحتهم الشخصية، وهم مجموعة من الانتهازين ولصوص بامتياز، وعملوا على اضعاف القانون لتحقيق ماربهم الدنيئة، فضلا ً عن ذلك من هو متهم بجرائم القتل والخطف والابتزاز وهدر المال العام بطرق غير شرعية.
 
  قالت: اذن على الشعب ان لا ينتخبهم في المرحلة المقبلة للانتخابات.
اجبتها لا تتصورين ان الانتخابات في مثل هذه البلدان كالانتخابات في العراق .. فهناك في العراق ايام الانتخابات ينحني المصوتون امام الفتاوي الدينية والحزبية والعشائرية، وينزلق الجهلاء وغير المتعلمين من الذين لديهم طاعة عمياء لرؤساء الجهات التي ذكرتها فينتخبون اشخاصا ً فاشلين وسراق ذو مستوى عالي من المهنية في مجال السلب والاحتيال، وضعفاء لا يقدمون للشعب شيء، الى جانب تدخل القوى الحاكمة والمؤثرة في عمليات التزوير والتلاعب في صناديق الاقتراع.
 
لهذا لا يمكن اصلاح البلد مالم ينهض الشعب ويطرد الفاسدين، ويقدمهم الى القضاء وينهون معاناة الوطن .. وتجارب البلدان عبر التاريخ تثبت ان ارادة الشعوب اقوى من الطغاة.
عند الانتهاء من النقاش طلب والدها الذهاب، ونحن امام الباب لتوديعهم قالت: اذن الكرة في ملعب الاحرار لتخليص الشعب من هؤلاء ال ....!!.

حميد مراد
الولايات المتحدة الامريكية
Hamid_murad@yahoo.com