المحرر موضوع: المجلس الأعلى لبطاركة كنائس المشرق في العراق... أمل ورجاء  (زيارة 1364 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل أبرم شبيرا

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 395
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
المجلس الأعلى لبطاركة كنائس المشرق في العراق... أمل ورجاء
=========================================
أبرم شبيرا

في عام 1915 وبينما كانت سيوف جنود العثمانيين تفعل فعلها في رقاب جميع المسيحيين في الولايات العثمانية، سأل أحد المبشرين الغربيين الضابط العثماني وقال له "لماذا تذبح الآشوريين أيضا في حين أن فرمان السلطان هو ضد الأرمن؟" فرد عليه الضابط العثماني وقال له "أنا لا أفرق بين الروث الجاف والروث اللين فكلاهما روث قذر ورائحتهما كريه" هكهذا جاءت مذابح سيفو ضد جميع المسيحيين من دون أن تفرق بين أرمني أو سرياني أو آشوري أو كلداني، فالوحدة المسيحية الصلدة كانت قائمة وراسخة في الفكر الإسلامي العثماني المتطرف ومن دون أي تمييز بين هذه الكنيسة وتلك، فالكل سواسية عنده طالما الإختلاف هو سداً عاليا ومنيعاً يمنعه من فهم الإختلاف الطبيعي للإنسان لكون مثل هذا الفكر خارج أطار الإنسانية لا يعترف بالآخر المختلف. والسلسلة  أستمر عبر مراحل طويلة ومأساوية ... سميل... صورية ... أنفال... داعش.. اليوم عندما إجتاحت قوى داعش الظلامية الموصل وسهل نينوى وقرى الخابور في سوريا لم يكن في أعتبارها أي تميز طائفي أو كنسي،  فالكل عندهم "روث قذر وذو رائحة كريهه" كما قال جدهم العثماني المستبد قبل قرن من الزمن عندما كان يذبح المسيحيين من دون تفرق طائفية أو كنسية. التساؤل المثير للذهن والعقل البشري هو إذا كان الآخر الغريب يرى في كل المسيحيين وحدة واحدة لا فرق بينهما فلماذا نحن بعقولنا نرى بأننا مختلفين بعضنا عن البعض؟؟؟.. لماذا لا يشكل العامل الوحدوي عند الآخر تجاه المسيحيين رد فعل وحدوي عند قبل المسيحيين.؟؟؟

في الأسابيع القليلة الماضية، أحتفلنا نحن الذين ذُبح أجدادنا في أرضهم التاريخية بالذكرى المئوية لمذابح سيفو.. ومن المؤسف له أن تنقضي هذه الإحتفالات بعد أن أكتفينا ببعض التجمعات والمحاضرات والندوات والقصائد والصور والقصص ورويات مأساوية عن هذه المذابح... وهكذا ... والسلام عليكم... والى اللقاء في العام القادم مع سيفو آخر... يقول الأستاذ ميشال أده، وزير لبناني سابق ورئيس الرابطة المارونية للإنتشار ورئيس سابق للرابطة المارونية ولإتحادات الرابطات اللبنانية المسيحية، بمناسبة المذابح والمأساة التي ألمت مسيحيو الشرق خلال القرون الماضية يقول "أما الذاكرة فليس من أجل أن لا ننسى وحسب، بل من أجل ألا تعاد مآسيه – أورده الملفونو أفرام حبيب في كتابه المعنون (مسيحيو الشرق: خيار البقاء وإرادة الرجاء) المذكور في أدناه. ولكن يظهر بأن ذاكرتنا قوية بخصوص مأساتنا، لا بل كانت أكثر قوة ووقعاً ونحن نتذكر مأساة القرن لمذابح سيفو. ولكن من المؤسف أن تعاد خلال قرن من الزمن هذه المأساة وتستمر، وواقع الحال يؤكد بأن إستمرارها على نهج الذبح والتشريد والإقتلاع من الأوطان وتجريد الشرق من مسيحييه سائر وبوتيرة أكثر مأساوية مما مضى ويهدد تهديداً خطير الوجود المسيحي في الشرق، بدءاً بالعراق ثم سوريا ومن يدري قد يكون في الغد لبنان والأردن وربما مصر. أن الوهن الذي أصاب الكنائس المشرقية جميعاً  وعدم قدرتها على مواجهة التحديات المستمية هي أنها تعمل هنا وهناك من أجل بقاءها ككنيسة لوحدها، أي أن كل فرع من فروع كنيسة المشرق يعمل لوحده من دون وجود قاعدة أو هيكلية مشتركة لجميع فروع كنيسة المشرق وتحديداً التي تجمعهم طقوس من التقليد السرياني المشرقي لتكون ولو في حدها الأدنى محاولة من الجميع في مواجهة التحديات المستمية التي تفعل فعلها من دوت تمييز او تفرقة كنسية أو طائفية.

مما لا شك فيه أن إستمرار هذه المأساة لفترة طويلة تُرجع أسبابها إلى عدة عوامل خارجية وداخلية وهي عوامل ليس أمر تشخيصها ومعرفتها بالأمر الصعب بل الصعوبة الكبرى التي تحوم حول هذه المأساة الكبرى هي في التعامل معها والحيلولة دون وقوعها أو التخفيف منها. فإذا كانت العوامل الخارجية من القوة بحيث يصبح أمر التعامل معها خارج إرادة جميع مسيحيي الشرق وتحديداً مسيحيي العراق، طالما بقينا مؤمنين ومخلصين لمقولة "هذا العالم ليس من مملكتي، والآخر المستبد والسارق يستمر في سرقة عالمنا ونهبه وتستمر المأساة والنكبات تلاحق المسيحيين في الشرق لحين إقتلاعهم من جذورهم وتشتتهم في زوايا العالم. أما بالنسبة للعوامل الداخلية فأمر التعامل معها مأساوي أكثر ولكن التعامل معها وخلق قواعد مشتركة لجميع فروع كنيسة المشرق تمتلك إحتمالات وإمكانيات معقولة لمواجهة التحديات والتخفيف منها وذلك لكونها مرتبطة بالإرادة الداخلية وبالقرارات القيادية المتجاوزة لكل الخصوصيات والثوابت التي جعلت من كل فرع لكنيسة المشرق كنسية مستقلة بذاتها وغير قادرة على مواجهة تحديات العصر وهو الأمر الذي يؤكده الواقع الحالي للمسيحيين في المشرق.

 من المؤسف حقاً، ونحن نتذكر محاولات رجال الكنيسة في جهودهم ومباحثاتهم  نحو وحدة فروع كنيسة المشرق أن نقول بأنهم ضيعوا الممكن من أجل غير الممكن، وبالتالي وصلوا إلى طريق مسدود وذلك بسبب تمسكهم المشدد بالثوابت المبدئية التي تحدد وجود كل فرع من فروع كنيسة المشرق، وهو أمر معقول إلى حد ما. ولكن غير المعقول هو أن يضيع الممكن بين طيات غير الممكن وبالتالي تذهب جميع محاولاتهم وإجتماعاتهم المشتركة نحو أدراج الرياح وهو الأمر الذي يزيد من إحباط وتشاؤم أبناء فروع كنيسة المشرق ويمحو أي أمل نحو الوحدة والتقارب وبالتالي فقدان أو تناقص مصداقية المؤمنين بكل ما تجهد به الكنيسة من أجل ترسيخ الإيمان بالكنيسة وبالوطن والحيلولة دون تركه والهجرة إلى الخارج. لننزل كلنا، نحن العلمانيين والأكليريين، إلى الأرض والواقع ونمعن جيداً وبنظرة موضوعية على واقع الكنيسة وإنشقاقاتها فسوف نجد وبسهولة بأن إنقسام كنيسة المشرق إلى فروع لا وجود له بين المؤمنين أو الإهتمام به قليل، فهناك زيجات وعائلات وصداقات وجيرة وأمنيات مشتركة لا بل ومآسي مشتركة ...و ... و، بين السرياني الآرثوذكسي والكاثوليكي وبين الكلداني والآشوري وهكذا بحيث نصل في بعض الأحيان إلى صعوبة معرفة الإنتماء الكنيسي أو الطائفي لكل واحد منهم إذا نظرنا للأمر بنظرة إيمانية مسيحية بعيدين عن التعصب الطائفي والمصلحي. فالواقع الموضوعي يقول بأن الإنقسام موجود في هيكلية وأكليرية كل فرع من فروع كنيسة المشرق وليس في أبناء هذه الفروع، ومن المؤسف القول بأن مثل هذا الوضع يضعف موقف الكنيسة بشكل عام بعد أن يبدأ إيمان المؤمنين بها وبرجالاتها يضعف ويتقلص وهو الأمر الذي نلاحظه جميعاً وفي مقدمتهم رجال الكنيسة نفسهم، فهذا هو السبب الذي يجعل كل دعوات رجال الكنيسة للمؤمنين بالتمسك بأرض الوطن وعدم هجره تذهب أدراج الرياح.

معادلة بسيطة نستمد منها ونقول بأنه يجب أن لا نضيع الممكن من أجل غير الممكن. فإذا كان أمر وحدة فروع كنيسة المشرق غير ممكنة في العصر الراهن فأن هناك الكثير من الممكنات التي يمكن تحقيقها وبسهولة فيما إذا نظرنا للأمر بنظرة مسيحانيه حقيقية. يشبه أحد مفكري أمتنا ملكوت السموات بالقصر الذي ليس له إلا طريقاً واحدا وهو يسوع المسيح له المجد ولكن للقصر مداخل وأبواب متعددة يمكن الدخول إلى القصر من خلالها... يسأل هذا المفكر العظيم ويقول ... هل سيرفض الأب الخالق أو أبنه يسوع المسيح له المجد محاولة الأبناء دخول القصر من أي من أبوابه؟؟ فالجواب قطعاً هو كلا... فلا يمكن الإعتقاد عكس ذلك ... ولا يمكن تصور ذلك حتى بالنسبة للأب الدنيوي أن يفعل شيئاً من هذا القبيل تجاه أبناءه. ... وأذا حاولنا وضع النقاط على الحروف ونقول بأن الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية والكنيسة السريانية الأرثوذكسية وكنيسة المشرق الآشورية والكنيسة السريانية الكاثوليكية والكنيسة الشرقية القديمة جميعها تسير على طريق واحد، وهو ربنا يسوع المسيح له المجد، نحو القصر (ملكوت السموات) فمن المؤكد سوف تصل إلى القصر رغم دخولهم من أبوابه المتعددة ولكن من المؤسف القول بأن واقع الحالي يبين بأن كل فرع من فروع كنيسة المشرق تسير عىلى طريقها الخاص ومن المؤكد في هذه الحالة سوف لا تصل إلى القصر ما لم تجد الطريق الوحيد المؤدي إلى القصر. ولهذا الطريق محطات ليس السير عليه بالأمر السهل بل يتطلبه التضحيات والمشقة ونكران الذات. ونحن نرى بأن ضمن الممكنات يكون تأسيس مجلس أعلى لبطاركة كنيسة المشرق في العراق محطة أولى على هذا الطريق ليس للوصول إلى ملكوت السموات فحسب بل أيضا كمحطة أولى للسير على الطريق  للوصول إلى ملكوت الأرض التي يعيش عليها أبناء كنيستهم. أن تحقيق فكرة المجلس الأعلى لبطاركة كنيسة المشرق في العراق لا علاقة لها بمسألة تحقيق الوحدة بين هذه الفروع بل تقوم على أساس إحترام إستقلالية هذه الكنائس وعن طريق فهم وحدة صخرة بطرس وملكوت السماء ووحدة ربنا يسوع المسيح له المجد. ويمكن تشبيه هذا المجلس، كما شبهه مفكرنا العظيم ديفيد برصوم بيرلي، المتكون من الفروع الخمسة لكنيسة المشرق بأصابع الخمسة في اليد الواحدة التي تتصل براحة اليد وتعمل سوية. فلا يمكن إطلاقاً أن يعملوا ضد بعضهم البعض فذلك مخالف لطبيعة اليد ... فيناشد هذا المفكر الكبير ويقول أنه يجب أن تضم الأصابع الخمسة وبقوة في قبضة ونربطها بحزام الإبهام لنسدد للعالم ضربة دون أن نصيب أنفسنا برضة (أورده يوسف مالك في كتابه خيانة بريطانيا للأشوريين).

ومما تقد/ أرغب هنا في التأكيد على مايلي تجنباً لسؤ فهم هذا الموضوع:
1.   أن فكرة دعوة بطاركة فروع كنيسة المشرق الأجلاء إلى تأسيس مجلس أعلى لا يمس إطلاقاً إستقلالية كل فرع ولا علاقة له بموضوع وحدة الفروع التي هي من غير الممكنات في هذا العصر. والمجلس بمفهومه العلمي هو تنظيم هيكلي ونخبوي وليس جماهيري فهو الأطار الذي يتخذ فيه القرارات المهمة والحاسمة التي تخص المصير المشترك لأبناء هذه الفروع وتبقى مسألة تنفيذها مرتبطة بهيكلية أو تنظيم كل فرع من فروع كنيسة المشرق، أي المطارنة والأساقفة وبقية رجال الدين.
2.   بمجرد إنعقاد مثل هذا الإجتماع ولو بحده الأدنى، كما وصفناه في السابق ... على فنجان قهوة، أي ببساطة وبدون التطرق الى ما يفرقهم من ثوابت لاهوتية وكنسية، وأعلان مثل هذا الإجتماع والتأسيس على الملئ سوف يترك تأثيراً إيجابيا على أبناء فروع كنيسة المشرق ويعطي إنطباعاً عن مدى جدية رجال الكنيسة في مسألة التقارب والتفاهم من أجل توحيد الجهود للحفاظ على وجود الكنيسة في العراق خاصة إذا أكتسب مثل هذا الإجتماع البسيط صفة الديمومة والإستمرارية حيث نحن نعرف بأن تراكم المسائل البسيطة سوف تؤدي إلى تحقيق مسائل مهمة وتغييرات نوعية . فليس من المستبعد أن تتراكم هذه اللقاءات وتأسيس المجلس قد تؤدي إلى السير على الطريق الصحيح نحو وحدة فروع كنيسة المشرق ويتحول في المستقبل من أمر غير ممكن إلى ممكن.
3.   الجغرافية... عامل غائب في تعاملنا مع المسائل القومية وحتى الدينية وتأسيس مجلس أعلى للبطاركة في دولة العراق هو أخذ هذا العامل بنظر الإعتبار نظراً للظروف المأساوية التي يمر بها أبناء الكنيسة في العراق والتي تتشابه كثيراً ظروف أبناء الكنيسة في سورياً وهو الأمر الذي يجعل مسألة تأسيس مثل هذا المجلس للفروع الخمسة للكنيسة في سوريا أمراً وارداً أيضاً.
4.   هناك محاولات جادة في مثل هذا السياق نحو توحيد جهود كنائس المشرق، وفي مقدمتها (لقاء مسيحي الشرق) الذي تأسس في بيروت سنة 2010 كجمعية مسجلة ومعترف بها في لبنان من قبل مجموعة خيرة من المطارنة والكهنة ورجال العلم والمعرفة وبرئاسة نيافة المطران سمير مظلوم المعاون البطريركي لبطريرك الكنيسة المارونية مار بشارة الراعي. وتهدف هذه الجمعية على قيام التعاون بين جميع كنائس المشرق وإيجاد مساحة تعاون وتنسيق دائمة ليس فقط بين رجال الدين، بل أيضا مع العلمانيين والشخصيات المهتمة بمصير المسيحيين في منطقة الشرق الأوسط. ومن يرغب المزيد وبالتفصيل عن لقاء مسيحي الشرق عليه الدخول على الموقع الألكتروني (info@ecassembly.org). لقد تجلت أهتمام هذا التنظيم بالمسيحيين في العراق عندما قدم مقترحاً إلى رؤساء الكنائس في العراق حول تثتبيت الوجود المسيحي في العراق ووضع خطة لهذا الغرض وفصل فيها المتطلبات المطلوبة على مختلف الأصعدة وأليات تنفيذ هذه الخطة. غير أنه من المؤسف له يظهر بأنه لحد هذا اليوم لا نرى إستجابة إيجابية وواقعية من قبل رؤساء الكنائس في العراق والخشية هو أن يبقى هذا الطموح مجرد كلمات جميلة وتأملات على ورق.
5.   شرفني، وأنا في بيروت، أهداء الملفونو حبيب أفرام لي كتابه المعنون (مسيحيو الشرق: خيار البقاء وإرادة الرجاء – من مطبوعات دار سائر المشرق بالتعاون مع المركز الثقافي السرياني للنشر والتوزيع – الطبعة الثانية 2014) فوجدته يأتي ضمن سياق هذا الموضوع بما فيه من تفصيل لمعاناة شعبنا المسيحي في المشرق وتأملات ومشاعر وطموحات تخلق في القارئ نوع من الرجاء للبقاء في الوطن وعدم تركه... فقراءته مسألة مهمة في فهم الحاجة الملحة والمطلوبة لتعاون وتنسيق جميع فروع كنيسة المشرق من أجل البقاء في أرض الوطن. ونأمل أن تتاح لنا فرصة للتفصيل في هذا الكتاب القيم وتحليل محتوياته. ويمكن الحصول على نسخة من الكتاب من الموقع الألكتروني للناشر  www.entire-east.com.
6.   من المؤكد بأن طرح مثل هذا الموضوع الكنسي من قبل شخص علماني مثلي مهتم بالشؤون القومية وبالأحزاب السياسية يطرح تساؤل عن أسباب "دس أنفي" في هذه المسألة الكنسية ونحن نعرف بأن مسألة تثبيت الوجود المسيحي في أرض الوطن وضمان إستقراره وتقدمه قد يدخل في دائرة السياسة والجميع يدعو الكنيسة ورجالاتها إلى الإبتعاد وعدم التدخل في السياسة كما هو مطلوب من منًا نحن العلمانيين والسياسيين عدم التدخل في المسائل الدينية والكنسية... أن موضوع تدخل الكنيسة في السياسة أو العكس، تدخل العلمانيين في شؤون الكنيسة أمر يستوجبه الكثير من التفاصيل والتحليلات إلا أنني أقول هنا وبإختصار بأن معظم الأراء والأفكار الواردة في هذه العلاقة هي مقتبسة من المجتعات الغربية والتي لا يمكن تطبيقها في العصر الراهن على المجتمعات الشرقية وتحديدا مجتمعنا المسيحي. ففي هذا العصر عندما تكون مهمة الكنيسة تثبيت وجودها في أرض الوطن والحيلولة دون هجرة مؤمنيها إلى المهجر هي نفس مهمة السياسيين وأحزابنا وتنظيماتنا القومية. فتقاطع دوائر العمل الديني الكنسي والسياسي القومي ظاهرة طبيعية في بلداننا المشرقية خاصة عندما نعرف بأن المؤسسة الكنيسة كانت ولا زالت من أعرق وأقوى وأوسع وأكثر نشاطاً وجماهيرية من أي مؤسسة سياسية أو علمانية في مجتمعنا المسيحي المشرقي. ولما كانت تحديات العصر الحالية هي تحديات ذات طابع ديني مسعاها قلع المسيحيين جميعاً من وطنهم ومن دون تفرقة كنسية أو طائفية فأن الإستجابة لمثل هذه التحديات ومواجهتها يجب أن تتوافق مع طابعها الديني وهذا التوافق هو الذي يجعل أمر تأسيس المجلس الأعلى لبطاركة كنيسة المشرق في العراق أمراً ضرورياً. وهنا من الضروري أن نؤكد وبشكل مشدد بأن الطابع الديني الكنسي للإستجابة لهذه التحديات الدينية لا يعني إطلاقاً إلغاء دور أحزابنا السياسية وتنظيماتنا القومية من إداء دورها في مواجهة التحديات القومية التي تسعى أيضاً إلى إلغاء الوجود القومي التاريخي لشعبنا الكلداني السرياني الآشوري في وطن الأم، فكلا العالمين الديني الكنسي والقومي السياسي أن يعملا بوسائلهما وتنظيماتهما الخاصة بهما ولكن من أجل الهدف الكنسي والقومي المشترك.
7.   وأخيراً، قد يبدو طرح فكرة تأسيس مثل هذا المجلس مجرد فكرة وكلمات على ورق حلم شعبنا به منذ زمن بعيد أن يتحقق بشكل أو بآخر، ولكن نحن جميعنا نعرف بأن تحويل الفكرة إلى واقع والحلم إلى حقيقة يتطلبه زعماء وقادة حقيقيين يعرفون جيداً بأن مثل هذه الحلم والرجاء والأمل لا تتحقق بالحياة السهلة بل بالهمة وعزيمة وأصرار ومثابرة في مواجهة التحديات. أفهل نستطيع القول بأن مثل هذا الحلم والأمل لم يتحقق في الماضي بسبب إفتقارنا إلى زعماء وقادة حقيقيين لفروع كنائسنا المشرقية؟؟؟ أفهل سيظهر مثل هؤلاء القادة في عصرنا الحالي ويحولوا الحلم إلى حقيقة والأمل إلى واقع أم سيستمر التاريخ في تفتيت صخرة بطرس وتشريد شعبنا نحو المجهول؟؟؟