المحرر موضوع: القضية الكردية و العراق المستقر  (زيارة 944 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل مهند البراك

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 521
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
القضية الكردية و العراق المستقر
                                      
د. مهندالبراك
ahmedlada@gmx.net

و المقصود بالعراق المستقر هنا ، عراق فدرالي او عراق كونفدرالي من اتحاد مكوّنات شبه مستقلة على اساس عهود و مواثيق قابلة للتغيير وفق مصالح و آفاق مكوّناته، بأساليب و طرق سلمية و على اساس التفاهم، بعيداً عن لغة القوة و التهديد و التمييز و الحقد القومي .  . مكوّنات تتفق على تنسيق و توحيد مواقفها المتنوعة في كيان موحد امام الدول و الاحتكارات و القوى الكبرى في العالم على اساس المنافع المتبادلة من جهة، و من اجل الرخاء و التقدم الاجتماعي لمكوناته كلّها، وفق دستور مشترك، برأي اوساط واسعة من سياسيين و متخصصين.
و فيما يتّفق ابرز المحللين بأن القضية الكردية و الحركة القومية التحررية الكردية لعبت على اختلاف مشاربها الفكرية و السياسية، و اختلاف انماط العلاقات الاجتماعية، و بالثروات الطبيعية في كردستان و لكونها موطن قوميات و اطياف متنوعة متعايشة، و غيرها من المكوّنات و العوامل  .  .  لعبت في العراق دوراً هاماً في تقرير ماهية السياسة المركزية للدولة العراقية، منذ نشوئها.
فإنها لم تنفصل عن الحركات الكردية في البلدان المجاورة، حيث كوّنت و تكوّن بمجموعها عوامل فاعلة في سياسات و مواقف و بالتالي في بناء دول هامة في الشرق الاوسط  من جهة، و من جهة اخرى سعت انظمة المنطقة الى توظيف ذلك الترابط كوسيلة للضغط و لإضعاف الحقوق المشروعة و اضعاف و حرف اهداف الحركة الكردية ذاتها، بسعيها الى شقّها ـ شقّ الحركات الكردية في المنطقة ـ و ضرب احداها بالأخرى، مستغلة كل خطأ او ثغرة قد تنشأ من احد اطرافها .  .
    و يرى سياسيون انه بالرغم من كل التعقيدات و المعوقات، لعبت الحركة الكردية في العراق دورا كبيرا في اسقاط الدكتاتورية، الأمر الذي اكسبها موقعاً بارزاً بعد سقوط الدكتاتورية و في السعي لبناء دولة دستورية فدرالية .  . اضافة الى   الدور البارز للبيشمركة في حماية التغيير الكبير اثر اسقاط الدكتاتورية، سواءً في كردستان او في المناطق المختلطة و في كركوك رغم التسويف في تطبيق المادة 140 من الدستور بخصوص كركوك و المناطق المختلطة .  .  حتى صارت منطقة اقليم كردستان الفدرالي اكثر مناطق العراق استقراراً و ازدهاراً، رغم نواقص و ثغرات .  .
في وقت تطورت فيه نجاحات القوى الكردستانية في كردستان تركيا و ادّت الى نوع من الهدنة اعترفت فيها حكومة اردوغان بوجود الشعب الكردي هناك كواقع و ان له حقوق .  . ثم لتتطور نجاحات الكرد في المنطقة بعد الإعلان عن القيام المشين لداعش و احتلال الموصل، بسبب المقاومة العنيدة للاحزاب و القوى و الجماهير الكردستانية ضد داعش و التي تكللت بانتصارات متنوعة مع القوات العراقية المشتركة بدعم التحالف الدولي في مناطق ديالى و كركوك و اربيل .  .
و كان ابرز الانتصارات الكردية في حينها، انتصار كوباني في سوريا بتكاتف القوى الكردية المتنوعة في المنطقة، الانتصار الذي فتح عهداً جديداً للاعتراف الدولي بأهمية قوات البيشمركة الكردية في مواجهة داعش في المنطقة، و للوقوف بوجه الارهاب المتأسلم المنفلت اقليمياً و دولياً. اضافة الى بروز دور المرأة الكردستانية و خاصة في كوباني و كردستان تركيا اضافة الى كردستان العراق، الذي اعطى زخماً كبيراً لقضية تحرر المرأة اقليمياً .  .
و يرى مراقبون ان تلك النجاحات لم تأت دون بروز تعقيدات جديدة داخل حركة التحرر الكردية في المنطقة، بسبب واقعها الجديد حيث وجدت نفسها تواجه مسؤولية حكم مناطقها، اضافة الى تبلور الطموح على طريق تحقيق واقع جديد للمكونات الكردستانية في بلدان تواجدها، بما فيها سعيها لتثبيت حقوقها في حكم نفسها بالطرق و الأساليب المناسبة للتطورات التي تشهدها دول المنطقة، و  ظهور مشكلة الزعامات التي يرى خبيرون و مجربون بأنه يمكن للحركات الكردية و خاصة ذات الخبرالسياسية و العسكرية و الاجتماعية العتيدة، ان تجد حلولاً لها كما وجدت حلولاً لعديد من الامور المستعصية حتى الآن، امام جسامة التحديات .  .   
و يرون بأن افضل الحلول يبدأ بوحدة مواقف الحركات الكردية باحزابها و قواها في كل بلد من بلدان المنطقة .  .  و الاّ فإنها و رغم ماتحققه الى الآن ، ستتعرض لأنواع المشكلات و المطبّات و بالتالي الى تواصل عدم الاستقرار و النزاعات و الاحقاد القومية و نزيف الدم و الحرائق و التدمير .  . بلا نتائج مفيدة لكل الأطراف . 
   في وقت لاتنظر القوى الحاكمة في المنطقة الآن بارتياح الى انتصارات الكرد، و تعمل بشكل محموم على ترسيخ الخلافات و الفتن و تعميقها، و تراهن على قطع الطريق على الكرد في تحقيق اهدافهم، بتشجيع من جهات اقليمية و دولية ساعية لتحقيق اعلى الارباح الأنانية من تجارة و مضاربات الحروب.
و على ذلك يرى كثيرون، إن وحدة البيت الكردستاني في العراق سيكون اساساً هاماً لبناء اتحاد او فدرالية او دولة من طراز جديد في العراق بظروفه المفتوحة على كل الإحتمالات ـ لأسباب لايتسع لها المقال ـ ، عراق يستطيع الاستقرار و المواصلة على اساس تكريس الاعتراف بحقوق المكونات العراقية و تطويره من اجل السلم و الاستقرار و السير نحو الرفاه، رغم انواع المحن و الصعوبات و العوائق و النواقص القائمة التي قد لا يستعصي ايجاد حلول لها، رغم كل الصعوبات .

4 / 1 / 2016 ، مهند البراك