المحرر موضوع: قلق إيراني من انفراط عقد الأحزاب الشيعية الحاكمة في العراق  (زيارة 2619 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

متصل Janan Kawaja

  • اداري
  • عضو مميز متقدم
  • ***
  • مشاركة: 31477
    • مشاهدة الملف الشخصي
قلق إيراني من انفراط عقد الأحزاب الشيعية الحاكمة في العراق   
اشتداد الجدل حول قضية الإصلاح، وحركة رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر في الشارع وعلى منابر الإعلام والسياسة أربكا الأحزاب الشيعية في العراق وزرعا الشقاق بين زعمائها، الأمر الذي يسبب انشغالا بالغا لطهران التي تخشى خروج السلطة من يد تلك الأحزاب الساهرة على تأمين نفوذ إيران في العراق.
العرب  [نُشر في 09/03/2016، ]


الخط مقطوع مع طهران

بغداد - أكّدت مصادر نيابية عراقية تلقي كبار قادة الأحزاب والميليشيات الشيعية العراقية إنذارا شديد اللهجة من إيران، بشأن وجوب تطويق خلافاتها والإنهاء الفوري لصراعاتها حول قضية الإصلاح ومسألة التعديل الوزاري والتي بدأت تخرج إلى العلن من خلال التراشق بين شخصيات من داخل التحالف الشيعي الحاكم.
وقالت ذات المصادر إن إيران أبلغت القيادات الشيعية، عبر وفد زار بغداد خصيصا للغرض، تحذيرها من أنّ تلك الخلافات تهدّد بخروج زمام السلطة من أيديها.

وذهبت بعض المصادر حدّ القول إنّ “فزع طهران مما يجري داخل البيت السياسي الشيعي دفعها إلى إيفاد الجنرال قاسم سليماني قائد فيلق القدس ضمن الحرس الثوري الإيراني إلى بغداد نظرا لتأثيره القوي على قادة الأحزاب والميليشيات في العراق وقدرته على ضبط الخلافات بينهم”.

وشرحت المصادر ذاتها أنّ مهمة سليماني تمثّلت أساسا في محاولة وقف جموح واندفاع رجل الدين مقتدى الصدر وتخفيف ضغوطه على حكومة حيدر العبادي، والكفّ عن استخدام الشارع مخافة خروج المظاهرات الحاشدة التي يقودها في بغداد عن السيطرة وتحوّلها إلى ثورة شعبية جامحة ضدّ حكم الأحزاب الدينية، خصوصا في ظلّ تصاعد نقمة العراقيين على ذلك الحكم ارتباطا بتردي الأوضاع وتدهورها على كافة المستويات.

وعلّق ناشط سياسي عراقي معارض لحكم الأحزاب الدينية، على زيارة سليماني قائلا “مهمته هذه المرة قتالية، لكن من نوع خاص. فهو موجود من أجل الحفاظ على المصالح الإيرانية في إطار إعادة نظر متوقعة من النظام الإيراني بتراتبية الأطراف الشيعية العراقية التي توالي طهران”.

وعبّر في تصريح لـ”العرب” عن عدم استغرابه من أن ترفع إيران يدها عن عدد من السياسيين الذين تورطوا في عمليات فساد، مستدركا بالقول “غير أن المشكلة التي سيواجهها سليماني تكمن في أن الصدر لا يثق به. لذلك ليس من المتوقع أن يسعى قائد فيلق القدس إلى التقريب بين الصدر وباقي الطاقم السياسي الشيعي”. وأضاف “قد يفعل سليماني الأسوأ إذا ما لجأ إلى تهديد الصدر الذي بدأ يستشعر قوّته مع تجاوب جزء هام من الشارع مع دعواته إلى التظاهر”.

ورغم أنّ مقتدى الصدر من المحسوبين على العائلة الدينية والسياسية الشيعية الحاكمة في العراق، إلاّ أنّ علاقته بإيران ليست في مستوى علاقة باقي كبار القادة الشيعة، حيث يُظهر الرجل طموحات تصل حدّ الاستقلال دينيا وسياسيا عن طهران، وهو ما يفسّر دخوله في صراعات مع هؤلاء القادة وعلى رأسهم رئيس الوزراء السابق نوري المالكي.

وساهمت ضغوط الصدر عبر استخدام الشارع والتصريحات النارية المتهمة لأطراف مشاركة في الحكم بالوقوف في وجه الإصلاح في زرع الفوضى والخلافات داخل الأوساط السياسية الشيعية ما أثار مخاوف من ضياع السلطة من أيدي الأحزاب الدينية الحاكمة في العراق منذ سنة 2003.

جموح مقتدى الصدر بدأ يمثل مشكلة لإيران بعد أن تبينت قوته الجماهيرية من خلال استجابة الشارع لدعواته إلى التظاهر
وعبّر عن تلك المخاوف النائب عن التحالف الوطني عباس البياتي بالقول إن “معنى انفراط عقد التحالف الوطني –المكون من أحزاب شيعية- ضياع رئاسة الوزراء وجعل العملية السياسية في مهب الريح”.

ونقل موقع السومرية الإخباري عن البياتي قوله إنّ “التحالف الوطني قطب الرحى في العملية السياسية”، متسائلا “هل تجرؤ أطراف التحالف الوطني على أن تفرّط في رئاسة الوزراء وبماذا ستجيب التاريخ والناسر”، ومؤكدا أن “هناك إصرارا على بقاء التحالف رغم وجود الخلافات فيه لأن إنهاءه يعني أن العملية السياسية في مهب الريح”.

ويلخّص التراشق العلني بين حزب الدعوة الإسلامية، أكبر أحزاب التحالف الوطني والذي يقوده نوري المالكي، والمجلس الأعلى الإسلامي بقيادة عمار الحكومي الذي مال للتحالف مع مقتدى الصدر، حجم الخلافات داخل العائلة السياسية الشيعية.

وحمّل النائب عن كتلة المواطن البرلمانية محمد اللكاش، حزب الدعوة مسؤولية إفشال “مشروع الشيعة في بناء دولة عصرية”.

وقال اللكاش في حديث تلفزيوني إن “حزب الدعوة يتحمل المسؤولية الشرعية والأخلاقية والتاريخية في فشل مشروع اتباع أهل البيت في بناء دولة عصرية وحضارية”، متهما رئيس الوزراء حيدر العبادي بـ”محاولة إشغال الشارع لكسب الوقت إلى حين انتهاء دورته الحالية”.

وأضاف اللكاش، أن “هناك 712 منصب وكيل وزارة يشغل حزب الدعوة 90 بالمئة منها، وهناك 4450 منصب مدير عام يستحوذ الحزب على نسبة أكثر من 90 بالمئة منها”، مشيرا إلى أن “لدى حزب الدعوة 29 مفتشا عاما من أصل 34 و23 هيئة مستقلة من أصل 30”.

وردّ حزب الدعوة، الثلاثاء، بشدّة على تصريحات اللكاش، معتبرا على لسان عبدالإله النائلي أنها تمثل “نهج حزب البعث المنحل في إجهاض وقتل حزب الدعوة”، مؤكدا أن الحزب سيقاضي اللكاش وداعيا كتلة المواطن البرلمانية إلى محاسبته وإيقافه عند حده.

ونقل عن النائلي قوله إنّ “التسقيط الذي تمارسه أي كتلة سياسية وأي نائب تجاه حزب الدعوة لا يختلف عن النهج الذي يستخدمه البعث الصدّامي في إجهاض وقتل وتضييع حزب الدعوة”، مشيرا إلى أنه “يستخدم القاعدة المشهورة؛ اكذب اكذب حتى يصدقوك”.

وإلصاق “تهمة” الارتباط بحزب البعث واتباع نهجه يعتبر من “أفضع التهم” التي يمكن أن يوجّهها فرقاء العملية السياسية في العراق، الأمر الذي يكشف عن حجم العداء الذي بات قائما بين تيار نوري المالكي وتيار عمار الحكيم على خلفية التنافس الشديد على المناصب والمواقع القيادية في الدولة العراقية.

وتمثّل الخلافات بين أبناء العائلة السياسية الشيعية العراقية، تحدّيا كبيرا لإيران حيث تهدّد بخروج السلطة من أيدي أتباعها وضياع ما بذلته من جهود على مدى سنوات طويلة للتمكين لهم في حكم البلد ومن ثم الحفاظ على نفوذها داخله والحدّ من نفوذ خصومها ومنافسيها الإقليميين والدوليين.