المحرر موضوع: الارهاب عقيدة وليست صورة  (زيارة 700 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل جوتيار تمر

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 186
  • الجنس: ذكر
  • منتديات عنكاوا
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
الارهاب عقيدة وليست صورة
« في: 19:33 22/03/2016 »
الارهاب عقيدة وليست صورة
جوتيار تمر/ كوردستان
22/3/2016
ان الاستناد على المقولات الدينية باعتبارها مصدر مؤثث لقضايا الارهاب تكفي لابراز اهم المعالم العقائدية التي تستند عليها هذه التيارات الملتحفة بثوب الدين، وهي بالتالي الحجة التي تقام عليهم، وليس التي تقدم لهم، فالدين من خلال مصدره الاساس وتحولاته التي انتجتها العقول البشرية في كيفية تداول الامور الدينية نفسها، جعلت من التأويل والتحليل والتصدير، والاستيراد معاً اسلوبا عقائديا واضحا في غرفة عمليات التيارات المنتجة والمصدرة للارهاب عبر قنواتها الانتمائية ( العرقية- الاثنينة – المذهبية – العدائية للغير - )، فضلاً عن كونها المنبع لكل التصورات التي تتناسل منها الاراء التي تتناسب والقيام بهذه العمليات الارهابية.
فالمصدر  التشريعي الاساس الذي تتبعه هذه التيارات، فيه من الثغرات غير المكتملة فيما يخص الكثير من المقولات والتأويلات والمعاملات التي كان من المفروض ان يدركها العقل الديني من خلال فهم لصيرورة الحدث الديني المقرر من قبل حاملي رسالات الاديان..الامر الذي جعل من استغلالها امراً طبيعياً لاسيما نحن نعيش في ازمنة العقل الاستداركي لماهية الرغبة الانسانية في كل تمفصلاتها، مما يعني امكانية تزايد العقول التي تنادي بالغاء الغير، واحكام القضبة على مصادر الغير، بل محو هوية الغير من اجل اثبات وجهة نظره التي ينتمي اليها، وهذه العقول ليست وليدة اللحظة، انما هي نتاج طوعي للكثير من الامور والثغرات التي لم يتم سدها من خلال افعال ومقولات حاملي راية الدين في البدء، مما انتج ممرات وثغرات لايمكن لاي تشريعات او  اي تأويلات اخرى ان تسدها، وبالتالي فان العقائد نفسها تصبح عرضة للمس من قبل هولاء، الذين يبحثون في الاصل عن هكذا ممرات وثغرات كي يبيحوا لانفسهم ما يرونه هم بانه الانسب لهم من جهة، والانسب لعقيدتهم من جهة اخرى، وبهذا الشكل نلاحظ كيف ان المصدر الاساس العقائدي يتحول الى قضية يتاجر بها هولاء، ويصدرونها الى الاخرين من خلال التلاعب بالالفاظ والاحتكام الى تلك الثغرات، ومن ثم يحاولون استيراد النهج الارهابي من مخلفات الامم الاخرى، ويطورنها ذاتياً كي تصبح آلة فتاكة تهدد الوجود البشري بكل اطيافه ومذاهبه وافكاره واديانه.
ان البحث في ماهية الارهاب العقائدي امر قد يجلعنا بنظر الكثيرين مرتدين، او علمانيين بتصورهم، لكونهم ينظرون الى التشريع او المصدر الديني على انه متكامل، وغير ممكن المس به، او حتى المناقشة حول ادائه ، او المتحولات التي ساهمت في ابراز هذه التيارات الارهابية، ولكن حين نتأمل مقولات هولاء نجدهم بانهم ايضا من روافد هذا المد الارهابي الذي بات ينتشر بصورة غير متوقعة في بقاع الارض، ويهدد الامن والاستقرار والسلام في كل الامكنة دون استثناء، ودون فرز بين الجاني بنظرهم والمجنى عليه، لانهم ينظرون الى الكل طالما انهم ليسوا من زمرتهم على انهم سيان.. ولعل عقول الذين يرفضون الخوض في معطيات التشريعات الاساسية والتي قلنا بانها ترفد الارهاب بالكثير من المدد، امر يستحق المناقشة والنظر فيه بصورة اعمق، فحين يرفضون تداول هذه الثغرات والبحث عن مكامن ضعفها، لسدها او لوضع مايناسب ويتلائم مع باقي النصوص غير الداعية لهكذا مقولات وافعال.. بحجة ان التشريع متكامل وغير قابل للمس، فانهم يتركون الباب مفتوحا وقتها لتأويلات هولاء بالاخص انهم يستندون على مقولات اخرى نابعة من عمق التصور الديني وكذلك الحدث الديني ضمن المنظومة الشاملة للدين سواء التاريخية منها، ام العقائدية التي ايضا كالحدث التاريخي مر ت بالكثير من التغيرات والاستحداثات التي لم تنل رضى هولاء اصحاب الرأي التكاملي للتشريع، لكنهم في الوقت نفسه لايستطعيون رفضها، لكونها احداث ومواقف حدثت بالفعل وسجلها التاريخ.
اذا من الطبيعي ان نجد الارهاب يتناسل ويتصاعد وتيرته، طالما ان العقائدية الموجودة والتي يحتكم اليها هذه التيارات، غير قابلة ان تناقش نفسها ذاتياً ومن ثم تستخلص ما يجب فعله لتدارك اتساع الهوة  والفراغ الموروث جراء عدم المس في ما يسمى بالتكاملية العقائدية، على ان الامر لايعدو في نظري مجرد استحداث ديني نفسه يتناسب مع الواقع العياني، بحيث تصبح هذه المصادر التشريعية مناسبة لسد اي ثغرة يستغلها اصحاب الفكر الارهابي لتحقيق مصالهم باسم التشريع التكاملي نفسه، مما يخلق تنافرا واضحاً للغير وحتى للكثيرين ممن ينتمون الى هذه العقائدية ( الدين )، وكذلك يصبح التشريع الاساس غير قابل للهتك، والاستغلال الداخلي من قبل تلك العقول المنتجة للقتل والذبح والسبي وكافة ما يعتبر غير انساني في عصر يتجلى فيه الروح الانسانية بوضوح تام غير مناقض لذاته.
فحين تتحول المقولات الدينية الى اغراض ووسائل ذاتية من قبل البشر المدعين بفهمهم وادراكهم والمامهم الديني التكاملي، فانهم بذلك يحولون جوهر العقيدة التي تنامت في عقولهم وقلوبهم واصبحت غذاء روحهم الى اداة اجرامية تستخف بالدين نفسه، وتسحق الاخرين بغير مبرر مقنع، و  دون اية صلة بالحرب الادعائية التي يروجون لها من خلال قنواتهم الاعلامية، وعلى هذا الاساس تصبح العقائدية هي المنتجة الارهاب والمصدرة له في آن واحد. وبالتالي يتضح بان الارهاب نفسه هو العقيدة المنتجة له، وليس مجرد صورة تمنطق ملامح تلك العقيدة خارجياً دون المس في جوهر العقيدة نفسها.. بالصورة على الرغم من ان لها بعد ميتافيزيقي ماورائي، الا انها في الحقيقة تسجد ما هو ملموس وواضح  بشكل عياني، لان جوهر الصورة يبقى مرتبطاً بما تفرزه الرؤية الاولية والعميقة للصورة نفسها، بعكس العقائدية التي هي نتاج ديناميكي جوهري، تنقله العقول التي تؤمن بها من خلال مقولاتها التي يستندون اليها في رسم اية صورة يريدون من خلالها ان يعرفوا الاخرين بجوهر عقيدتهم.