المحرر موضوع: غزوة هلسنكي ـ مشهد من رواية  (زيارة 917 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل يوسف أبو الفوز

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 680
    • مشاهدة الملف الشخصي
غزوة هلسنكي ـ مشهد من رواية
يوسف أبو الفوز

عام 2008  انهيت كتابة رواية ” كوابيس هلسنكي ”، وفي عام 2011 نشرتها ”دار المدى“ وكتب عنها الناقد علاء المفرجي في صحيفة المدى العدد (2372) الاثنين 23 / 1/ 2012 : (والرواية إلى حد ما حاولت أن تكون أمينة لإحدى مهام الادب في استقراء المستقبل ونتائج بروز التشدد والتطرف السياسي والديني في أوربا، فهي تطلق صرخة تحذير من أن أسباب العنف والإرهاب اجتماعية واقتصادية قبل أن تكون دينية، وهي كامنة ويمكن أن تنفجر في أي حين عند توفر الظروف المناسبة، وهكذا فالرواية تحدثت عن أعمال عنف سبق وحصلت في فرنسا وحذرت من احتمال تجددها في أي مكان من أوربا، وحصل ذلك في لندن والنرويج مؤخرا، والرواية أيضا تربط بشكل مباشر الأحداث بما يحصل في العراق، ونشاط المنظمات التكفيرية في التجنيد والتمويل والتدريب والإسناد.) هنا مشهد ورد في الرواية  في الصفحات 228 ـــ 230 :

*****************
اقلب أوراقا وكتبا وملفات انيقة. هذا مكان خرافي لا يخطر على البال لادارة كل ما هو غير قانوني . جداول باستلامات مالية وحوالات . ملف يحمل عنوان  " بيروت 4 " . افتحُ كراسات مطبوعة بشكل انيق واقرأ العنوان "  دورة خاصة في تصنيع المتفجرات خاصة للطائفة المقاتلة الظاهرة على الحق حتى يأتي أمر الله ". واجد خرائط ومخططات. كراس اخر " تجارب حية... مجاهدون في مواجهة التحقيق ... تجارب في الحفاظ على اسرار الجماعة ". فأجد انفاسي تضيق. التهم الحروف غير متفاجأ بما اقرأ من رسائل وخطب ووصايا وخطط  تضمها محتويات تلك الغرفة اللعينة . مطبخ الموت :
ــ يا اخوتي في الايمان ليكن معلوما لكم ان الامة التي تحسن صياغة الموت وتعرف كيف تموت الميتة الشريفة يهب لها الله عز وجل الحياة العزيزة في الدنيا والنعيم الخالد في الجنة وما الوهن والضعف الذي اصاب امتنا الا من حبنا وتعلقنا بالحياة وكرهنا للموت فأعدوا انفسكم لعمل عظيم، واحرصوا على الموت الكريم توهب لكم الحياة الخالدة ، والله سبحانه وتعالى يقول في كتابه العزيز. بسم الله الرحمن الرحيم" ان الله اشترى من المؤمنين اموالهم وانفسهم " صدق الله العلي العظيم . ومثلما كان لاخوتكم في الايمان صولات مع قوى الكفر، وكان لهم غزواتهم في بلاد الكفر  يجب ان تكون لنا غزوتنا ...
وكاد قلبي ان ينفطر. صرت اسمع صوت دكتور الرياضيات ينبعث من حروف الرسالة او المحاضرة التي تحويها تلك الاوراق المركونة في زاوية الغرفة في مغلف انيق اخفي بمهارة :
ـ انتم تلاحظون يا اخوتي في الايمان ، كيف ان هذه البلدان الصليبية صارت تتضامن فيما بينها في الاساءة الى الاسلام ومقدساتنا الاسلامية . بدأو بالرسوم الكاريكاتيرية والاستهانة بشخصية الرسول الكريم ولا ندري ماذا سيفعلون بعد ذلك . وعلينا ان نكون متهيئين لكل شئ ، ولدينا خططنا الجاهزة للرد في اي وقت . ان  فنلندا ايها الاخوة المجاهدين ليس لديها قوات عسكرية في العراق وموقفها متوازن من القضية الفلسطينية، وفي افغانستان تشارك بقوة رمزية، وهي غير متورطة بشكل كبير في الاعمال العسكرية ضد الامة الاسلامية ولكن السياسة كما شرحنا لكم ليس فيها  ثوابت ، فعلينا ان نكون جاهزين للتعامل والرد في اي لحظة. ومثلما نفذ اخواننا المجاهدون في مانهاتن غزوتهم المباركة الكبرى التي هزت الدنيا يجب ان تكون لنا غزوتنا في هلسنكي عند الضرورة ولهذا الامر نهيئكم وندربكم حتى تكونوا جاهزين للمستقبل ونضرب حين تأتي ساعة الصفر. ونحن من نختارها .
واقلب الخرائط والاوراق فأرى مخططات لمحطات المترو في هلسنكي . مخططات مجمعات التسوق الكبيرة، في شرق هلسنكي وفي غربها وفي مركزها. ارى خارطة لمحطة القطار الرئيسى في هلسنكي وصورها من اكثر من جانب وزاوية وثمة دوائر حمراء وسوداء تنتشر هنا وهناك . ارى صور لمبنى البرلمان ومبنى رئاسة الجمهورية وموانئ السفن ومحطة البريد المركزية ودار الاوبرا. صور متعددة الزوايا لسفارات دول معتمدة في هلسنكي. صور بالالوان والاسود والابيض لاماكن لم تخطر ببالي حتى زيارتها واكتفي برؤيتها في التلفزيون او في المجلات المصورة . خلف كل صورة او معها مرفق تقرير قصير او موسع بالمعلومات عن سنة انشاء البناء والمواد المستخدمة في بنائه وتقدير قوة المقاومة ونوع المتفجرات المناسبة وجداول ساعات العمل الرسمي. وارى البوم صور لاشخاص. اعرف بعضهم .اراهم في الصحف والتلفزيون. سياسيون في البلد ومسؤولون كبار. خلف كل صورة اسم وعنوان ومعلومات . ما هذا ؟ هذا ليس بالعمل المرتجل، وليس من فعل شخص واحد او عدة اشخاص. اتكون التقارير التي تنشرها وسائل الاعلام عن تنظيمات ونشاط الجماعات الارهابية في اوربا تعني هذا ؟ ما الذي يريده هؤلاء المجانين من بلد مسالم صغير مثل فنلندا ، آواهم واحتضنهم مع عوائلهم بعد ان راحت تطاردهم حكومات بلدانهم ؟ لم اعد احتمل . ضاق تنفسي وشعرت كأني اهبط من الحلم في هوة عميقة لا قرار لها.  قفزت من نومي وانا اصرخ فزعا.