المحرر موضوع: ▀ حــول مفهـوم حكومــة التّكنوقــــراط ... !!! ▀  (زيارة 3442 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل النوهدري

  • عضو مميز متقدم
  • *******
  • مشاركة: 24150
  • منتديات عنكاوا
    • مشاهدة الملف الشخصي
حول مفهوم حكومة التكنوقراط :
الخميس 24 ـ 03 ـ 2016
موقع عبدالخالق حسين :
لا شك أنّ ممارسة الديمقراطية عملية جديدة على العراقيين ، وكل جديد مصحوب بالمصاعب والمشاكل ،
لذلك فبعد كل جولة انتخابية تبدأ صراعات بين قادة الكتل السياسية حول تشكيل الحكومة الجديدة .
وانفجر الصراع على أشده بعد الانتخابات الأخيرة وفوز كتلة السيد نوري المالكي ( دولة القانون التي هي ضمن التحالف الوطني)، كأكبر كتلة انتخابية ، وبرلمانية .
و وفق الدستور ،  فالمالكي هو أول من يجب أنْ يُكلَّف
من قبل رئيس الجمهورية لتشكيل الحكومة ، وبما
إنّ رؤساء عدد من الكتل السياسية في خصام شديد
مع السيد المالكي ، وهددوا بالحرب الأهلية وتقسيم العراق إذا ما فاز المالكي في الانتخابات ودُعي لتشكيل الحكومة للمرة الثالثة ، وبلغ بهم الأمر إلى أنْ دعوا داعش الإرهابية ، وتواطئوا معها لاحتلال محافظة نينوى وصلاح الدين ، وإعلان دولة الخلافة الإسلامية فيها ، وتنصيب أبو بكر البغدادي خليفة فيها ، وما نتج
عن ذلك من مجازر ضد الأقليات الدينية في المنطقة .
كل ذلك من أجل التخلص من المالكي .
وفي خضم هذه الأزمة طلعت علينا جماعات تطالب بتشكيل حكومة التكنوقراط  كـ " حل وسط " من أصحاب الكفاءات والنزاهة الوطنية وفوق الطائفية ، للحفاظ على الوحدة الوطنية ... الخ ، بدلاً من الاستحقاق الانتخابي .
وبما أنّ الكتل السياسية هي منقسمة على نفسها ، ومتخندقة وفق الانقسام الديني والقومي ،  لذا
فالمطالبة بتشكيل حكومة التكنوقراط ، وفق المواصفات أعلاه ،  يعني تشكيل الحكومة من خارج هذه الكتل السياسية التي خاضت الانتخابات الأخيرة ، وهذا يعني
أيضاً إلغاء الاستحقاق الانتخابي وخارج السياقات الدستورية ، وبعد نشر مقالي الأخير الموسوم :
( لا بديل عن صناديق الاقتراع ) ، آستلمت رسائل من عدد من الأصدقاء ، عرفت من خلالها أنّ هناك إختلاف وإلتباس حول مفهوم حكومة التكنوقراط ، لذلك رأيت من المفيد طرح هذه المسألة للنقاش كمساهمة في توضيح هذا الأمر ، وإزاحة سوء الفهم ، أورد هنا مثالاً واحداً من هذه الرسائل ، وهي رسالة صديق من صلب العملية السياسية وحريص عليها ، كتب لي قائلاً : " أعتقد أنّ هنالك إلتباس في فهم حكومة التكنوقراط ، حكومة التكنوقراط
لا تعني إلغاء الديمقراطية كما تفضلتَ ، بل هي فلتر لتصفية المرشحين للوزارات من المجاميع السياسية المشاركة في الحكومة ، يعني بدلا من أنْ يكون وزير السياحة طبيب أسنان ، ووزير الصحة محامي ، أو وزير الثقافة ضابط سابق أو شرطي سابق ، ووزير النقل نائب ضابط سابق ، يطلب من أيّ حزب مشارك أو تحالف أو مجموعة سياسية في الحكومة أنْ ترشح ثلاثة مرشحين ( من حملة الشهادات العليا وذوي الإختصاص والتجربة والمشهود لهم بالنزاهة والعفة ) ، ورئيس الوزراء وفريقه يختارون أحدهم ليكون الوزير للوزارة التي أصبحت من حق ذلك الحزب أو المجموعة السياسية التي باستحقاقها الانتخابي أصبحت تلك الوزارة من نصيبها " . آنتهى .
لا شك أنّ هذا الحل هو أفضل الحلول ، وأنا أتّفق
مع الصديق كلياً ،  بل ونشرتُ مقالاً قبل سنوات حول
هذا الموضوع آقترحتُ فيه نفس الشروط في آختيار
الوزراء ، بأنْ يرشح كل كيان سياسي مشارك في تشكيل الحكومة أفضل ما عنده من أصحاب النزاهة الوطنية والاختصاصات والكفاءات والأكاديميين من حملة الشهادات الجامعية العالية ، كأنْ يتمّ إسناد كل منصب وزاري
إلى شخص مختص في شؤون تلك الوزارة ، مثلاً :
يتم تعيين طبيب وزيراً للصحة ، ومهندس كهربائي وزيراً لوزارة الكهرباء ، وخبير نفطي وزيراً للنفط .
وضابط عسكري ذي رتبة عالية متقاعد وزيراً للدفاع . وهكذا بقية الوزارات ، وبذلك يتم الجمع في تشكيل الحكومة بين الاستحقاق الانتخابي وأصحاب الكفاءة
من التكنوقراط ، ، ولكن، ما يقصده دعاة حكومة التكنوقراط هو ليس هذا النوع من الحكومة التي فهمها الصديق ، وإنّما يطالبون بحكومة من أصحاب الكفاءات والاختصاص من غير الحزبيين ، بل وحتى من لا إهتمام
له بالسياسة ، وللتأكيد على هذا المفهوم لحكومة التكنوقراط ،  راجعتُ موسوعة الويكيبيديا ، فحصلت
على التعريف التالي :   
" التقنوقراط هم النخب المثقفة الأكثر علما وتخصصا
في مجال المهام المنوطه بهم ، وهم غالباً غير منتمين للأحزاب ، والتقنوقراط كلمة مشتقة من كلمتين
يونانيتين : التقانة ( التكنولوجيا ) ، وتعني المعرفة أو العلم ، وقراطية ( كراتس ) وهي كلمة اغريقية معناها الحكم ، وبذلك يكون معنى تقنوقراط حكم
الطبقة العلمية الفنية المتخصصة المثقفة .
والحكومة التقنوقراطية هي الحكومة المتخصصة
في الاقتصاد والصناعة والتجارة ، غالبا تكون غير
حزبية فهي لا تهتم كثيراً بالفكر الحزبي والحوار السياسي ، " ،  والجدير بالذكر ، أنّ الوزارات هي مناصب سياسية ، لا تتطلب الخبرة والتخصصات التكنوقراطية
في وزارة ما ،  وإن وجدت فهي نقاط إضافية لصالحه وصالح المجتمع ، بل كلما هو مطلوب من المرشح لمنصب الوزارة أو أنْ يتمتع بالعفة والنزاهة الوطنية ، وتاريخ مشرف ، وخبرة إدارية والقدرة على العمل
ضمن فريق ، وعادة يكون من منتمي إلى حزب فائز
أو مشارك مشارك في تشكيل حكومة إئتلافية ، وهو
في رأيي أفضل من المستقل ، لأن الحزب يقدم برنامج انتخابي متكامل لإدارة الدولة وخدمة الشعب .
لذلك فالناس عادة يصوتون للمرشح الحزبي بدلاً من
المستقل ، ومهما كان الأخير صاحب معرفة وخبرة وشهادات جامعية عالية ، إلا نادراً وفي حالات آستثنائية .
فالحزب هو مظهر حضاري بديل عن القبيلة والعشيرة
في المجتمعات المتخلفة ، يجتذب إليه ناشطين سياسيين وقياديين، لهم آهتمام كبير بالشأن العام وخدمة
الشعب والمصلحة العامة ، ويتطلب من القياديين السياسيي النزاهة والحماسة لخدمة المجتمع ، والاستعداد للتضحية بالمصلحة الخاصة ، والقدرة على التفاهم والتواصل والاقناع ، والتمتع بقدر كبير من المعرفة والثقافة والصبر والدبلوماسية وفن الخطابة والإدارة .
لذلك ، فليس من الضروري أنْ يكون وزير الصحة طبيباً ،
ووزير الدفاع عسكرياً ، أو خبيراً بالأمور العسكرية والحروب ، ففي الدول الديمقراطية العريقة نادراً
ما يكون الوزير مختص بشؤون وزارته ، فمثلاً قبل عامين كان وزير الدفاع في بريطانيا طبيب ، ولكن في جميع الأحوال ،  يكون الوزير مدعوماً بعدد غير قليل
من المستشارين التكنوقراط، يساعدونه على تمشية
شؤون وزارته ، وأخيراً ، حتى الممثل الخاص للأمين
العام للأمم المتحدة في العراق ، نيكولاي ملادينوف ، الذي حُشر إاسمه ضمن المطالبين بتشكيل حكومة
التكنوقراط ، " حث رئيس الجمهورية السيد فؤاد معصوم لأداء مسؤولياته الدستورية بتكليف رئيس الوزراء
المُكلف بتشكيل حكومة جديدة تراعي الاستحقاقات الدستورية والسياقات الديمقراطية " ، ولم يشر إلى كلمة التكنوقراط ! ، وبناءً على كل ما تقدم ، نؤكد على ضرورة التمسك بالاستحقاق الانتخابي والدستور ، 
وإلا لماذا تمّ صرف كل هذه الأموال على الانتخابات ،
وحث الملايين من الناخبين على الإدلاء بأصواتهم ، وتعريضهم لمخاطر تفجيرات الإرهابيين ، ومن ثم نضرب نتائج الانتخابات عرض الحائط ، ونطلب من أناس غير منتخبين تشكيل حكومة غير منتخبة ؟ .
أليس هذا ضحك على الذقون ، وتجاوز على حقوق الناخبين ومخالفة للدستور ؟  لذلك ، فإني أتفق كلياً مع مقترح الصديق ، الداعي إلى أنّ " يطلب من أي كتلة سياسية مشاركة في الحكومة أنْ ترشح ثلاثة مرشحين ( من حملة الشهادات العليا وذوي الاختصاص والتجربة ، والمشهود
لهم بالنزاهة والعفة ) ، ورئيس الوزراء وفريقه يختارون أحدهم ليكون الوزير للوزارة التي أصبحت من حقّ ذلك الحزب أو المجموعة السياسية التي بإستحقاقها الإنتخابي أصبحت تلك الوزارة من نصيبها " ، وأضيف :
أنّ على رئيس الكتلة تقديم خلاصة خدمة ( سيرة حياة C.V. ) عن كل مرشح من مرشحيه للمناصب الوزارية ،
ومن حق المكلَّف بتشكيل الوزارة اختيار الأفضل ،
وبذلك يمكن الجمع بين الاستحقاق الانتخابي والتكنوقراط .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر :
1 - عبدالخالق حسين : لا بديل عن صناديق الاقتراع
http://www.abdulkhaliqhussein.nl/?news=671
2 - موسوعة ويكيبيديا: حكومة التكنوقراط http://ar.wikipedia.org/wiki/طھظƒظ†ظˆظ‚ط±ط§ط·ظٹط©
3 - ميلادينوف يدعو إلى تشكيلٍ سريع للحكومة وفق السياقات الدستورية
http://alakhbaar.org/home/2014/8/173937.html