المحرر موضوع: نيراريات – 49 -  (زيارة 1012 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل نينوس نيـراري

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 127
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
نيراريات – 49 -
« في: 17:23 29/03/2016 »
نيراريات – 49 -   
                                           

السياسة فن الرقص على العقول , وانقلاب الصداقة إلى عداوة , وانقلاب العداوة إلى عداوة أُخرى , وتراشق التهم بين جميع المتّهمين , والتحول إلى الأفاعي التي تخلع جلدها القديم ولا تخلع طبيعتها القديمة , وصعب في السياسة أن تكشف من المجرم وما الجريمة , ومن البريء وأين البراءة , والسياسة هي نوع من التعهّد الكثير بوفاءٍ قليل .

هذا الوزير كوّر جسده ثمّ جعله اسطوانياً ليتطابق مع برميل النفط .

ما الفائدة من تعليق النظارات على العيون لنرى الأشياء أكبر ولا نراها أعمق .

علّمتُ أنه للبحر مدّ وجزر كما لشفتيكِ
وتعلمتُ أنه للغيم برق ورعد كما لعينيكِ
وللكون إله سلّم سلطان العشق إلى يديكِ
وللسماء فراديس تسلّلتْ سرّاً إلى وجنتيكِ
وتعلّمتُ أنني طفل , فكيف أتعالى عليكِ
كوني حاضنتي ودعيني أنام بين ساعديكِ
ألا تعلمين أنني خُلقتُ ثانية منكِ وإليكِ ؟؟

حبيبتي , لستُ بالمتغطرس المغرورْ
أنا شاعرٌ واحدٌ , ولكنني الجمهورْ
أكتبُ من أجل هذا الشعب المقهورْ
وأغنّي من أجل هذا الوطن المغدورْ
إنتمي إليّ وانصري قلبي المكسورْ

كلّ ما أكتبه عنكِ هو شِعرٌ مُحدّثْ
أميرٌ راقيٌ يسكن قصراً مُؤثّثْ
هواؤه نقيٌّ وهواء العالم مُلوّثْ
تغيرُ عليه النساء بهجومٍ مُكثّفْ
ترينه أُنوثياً أو رجولياً لا مُخنّثْ
يموت إن لم يكن بكهرباء الروح مُحثّثْ
وإن لم يقرر ماذا يكون , مذكّراً أم مؤنّثْ

أية مجنونة مثلكِ ترفض السباحة في مياهي
وتلفّ جسدها بموسم الجفاف وتلعن شفاهي
وأية عاقلة مثلكِ تنكر أنّ في عينيها إلهي
أيتها المجنونة العاقلة آهٍ منكِ وألف آهِ

سألتُ البخار " ماذا تريد أن تكون ؟ " فقال " الماء " , وسألتُ الماء " ماذا تريد أن تكون ؟ " فقال " الثلج " وسألتُ الثلج " ماذا تريد أن تكون ؟ " فقال " الجليد " , وسألتُ الجليد " ماذا تريد أن تكون ؟ " فقال " أيّ شيء , ولا أيّ شيء من قلبكَ أيها الإنسان " .

لو كانت لدينا عزيمة الأنهارْ , لوصلنا إلى البحارْ .

إفهمي شيئاً واحداً أيتها العزيزهْ
أقولها لكِ الآن وبعبارة وجيزهْ
التحضّر في الحب ليس لي ركيزهْ
أنا أتصرّف معكِ بجنون الغريزهْ
لا أتطوّر بكلام تطرزينه أجمل تطريزهْ
الشاعر شاعر بتوحشاته وهي لكِ تحفيزهْ
فتحمّلي طبيعتي وكوني على أمري مُجيزهْ


أوصلنا الزمان إلى زمن نودع خزائننا بأيدي اللصوص , ونطالب القتلة أن يُحاكموا القتلى , ونتوسّط لدى الخطاة لنتطهّر من خطايانا , ونتّبع أنبياءً كذبة ليرشدونا إلى طريق السماء .

لا نفهم تفسيراً للسماء , لأننا نفكّر بعقلية الأرض .


أيتها المرأة الطموحة وفيها طفلة خجولهْ
إنّ من تملك عيناها طموحات الطفولهْ
تملك إصرار التحدّي وإيمان نبيةٍ رسولهْ
يُعجبني في أُنوثتكِ مواقف الرجولهْ
فهنيئاً لكِ عزّة النفس وروح البطولهّ

لا يكون جمالكِ جميلا إلا بأحرفي
إقبلي هـذه الحقيقة ولا ترفضي
لا تبالغي في مديحكِ ولا تسرفي
وارضي بما أعطاكِ شعري واكتفي
لو سحبتُ حروفي السفراء ، لا بدّ أن تختفي
عودي إلى رشدكِ قبل أن تتأسّفي

هذا اعتراف خطير مني ، أقرّ بأنني منذ أن أحببتكِ مُسختُ نحلة ، وراحتْ شفتايَ تطرح عسل الكلمات فتعسّلتْ شفتاكِ .

وأنا كغيري أتمسّكُ بقوّةٍ بتاريخ ميلادي ، ولكن تحت تأثير سحر عينيكِ أصبحتُ أشكّ بأنّه كان لي ميلاد قبلهما .


هل تعرفين كم أنتِ عالية وغالية ومثالية في حياتي ، لم تبقَ لي قصيدة إلا وسفكتْ دمها على يديكِ ، ولم تبقَ لي بلاغة الكلام إلا وفجّرتْ نفسها أمام قدميكِ ، ولم تبقى لي أصابع إلا وماتتْ بعد الكتابة على شفتيكِ .


إندهشتُ وأنا أقرأ نصاً مسمارياً أن أجد إسمكِ بين أسماء الأميرات الآشوريات والبابليات اللواتي هربن من الألواح والجداريات بعد سقوط نينوى وبابل ، وتركنَ البلاط وأمجاد الملوكية والجواهر ثمّ رحلنَ عبر التاريخ لكي يُعاصرنَ عصري .

نحن معشر الشعراء لا نسبح في السواقي ، ولكن في نهر الأغاني الذي ينبع من حنجرة التي نحبّها .

" أكون أو لا أكون " ، مقولة قيلتْ وتقال كثيراً ، دعيني يا حبيبتي أُجري تعديلاً عليها وأقول " إذا أنتِ لم تكوني ، فكيف أنا أكون ! " .


كوني وسطية ولا تنحازي إلى الماء ولا إلى الحجر , إذا قررتِ أن تكوني ماءً فالنقش الشعري لا يكون على الماء , وإذا قررتِ أن تكوني حجراً فسمكة الشعر لا تسبح في الحجر .

في حياتي ثلاث قضايا مهمة , القومية والوطنية والشعرية .

يأتي الربيع وتتحرّر ابتسامات زهركِ
وأركض بلا وعيٍ خلف نسائم عطركِ
وأتردّد في التقرّب كثيرا من صدركِ
لأنني أشكّ بنوايا وطموحات ثغركِ
إنّه يفكّر ويخطّط لنحري ونحركِ
وأنا مغلوب على أمري وانت على أمركِ

أيتها المرأة كيف استطعتِ إقناعي بالخروج من الفردوس سوية ثمّ عدتِ إليه ثانية !!!

تركتكِ لأنكِ فنانة تعانين من نقص الفنونْ
وأنا عاشق مجنون أُعاني من فيض الجنونْ

أربعة أشياء لا تسير إلى الوراء , العمرلا يعود الى الوراء , النهر لا يجري إلى الوراء , النسر لا يطير إلى الوراء , وأنا لا أتراجع عنكِ إلى الوراء

أشرب الخمر لأنه يُذكّرني بالفادي , ولأنّ أوّل شجرة عنب في التاريخ قد سجّلتْ ميلادها على شفتيكِ .


معذرة أيها الزعيم , إعتقدتك ترقص على رقاب الشعب , ولكنني لم أكن أعرف بأن مشيتك حلزونية المسار , لا بأس إدهس رقابنا على طريقة حلزونية .

كيف تفسّرين لي هذه النصوصْ
عيناكِ تسرقان عينيّ كاللصوصْ
ثغركِ خاتم وقبلاتي فيه فصوصْ
وتقولين ما شأني بهذا الخصوصْ

كثيراً ما نهب ثقتنا لمن نعتقد أنهم أنهار نقية جارية بلا توقّف , ثمّ نجدهم مستنقعاتٍ عكرة راكدة , ولا يزيد تحرّكها إلا على رجّات فقط .

نتحايل على بعضنا ونوهم أنفسنا بأننا نتسلّق قمم الجبال , وفي دواخلنا نتدحرج إلى قعور الوديان .

لم أذكر في حياتي أنّني قصصتُ جناح عصفور , فلماذا لا تطير عصافير شفتيكِ إلى فضاء شفتيّ !

ليس كثيراً عليكِ يا حبيبتي وما الغرابهْ
إذا طلبتِ مني شجرةً أعطيتُكِ الغابهْ
أو عطشتِ لقطرة ماءٍ , أسقطتُ سحابهْ
أهبكِ ابتسامتي وأطرد من وجهكِ الكآبهْ
لا أفرضكِ على أحد , لستُ رئيس عصابهْ
ولكنني بعد التمعّن العميق فيكِ والرقابهْ
رأيتكِ كبيرة بحجم الكون عند الكتابهْ
ورأيتُ الكون صغيراً كحجم الذبابهْ

أدمنتُ عليكِ كإدماني على جرائد الصباحْ
وأزفّ إليكِ صياحي , هل تستقبلين الصياحْ

أتدرين لماذا أطلقتُ على جمالكِ بالجمال المهيبْ
لأنني كلّما رسمته إشتعل في ريشتي اللهيب


دنا قدوم نيسان وأنصحكِ أن تبقي سمراءْ
خضرة االحشائش تغريكِ لأن تكوني خضراءْ
وحمرة الأزهار تُقنعكِ لأن تكوني حمراءْ
والثلوج الجبلية تستميلكِ لتكوني شقراءْ
والشمس تدفعكِ أن تحبلي بأشعتها الصفراءْ
أنتِ قديسة الحبّ وإبقي كما أنتِ , عذراءْ


في البدء فاح عطركِ ، ثمّ تفتّح زهر بالطيبِ عابقْ
في البدء هطل مطركِ ، ثمّ تكوّن سحاب بكِ عالقْ
وفي البدء هاج بحركِ ، ثمّ وُلد موج بالعشق غارقْ
وفي البدء لم يكن قبلكِ بدءٌ ، سوى الإله الخالقْ
من رسائل سلطان عربي : 
أيها الشعب , أدفع إليك أقوالي
ولا أدفع شيئاً من حسن أفعالي
صفق طويلاً لرداءة خطابي ومقالي
إن كان بالكتابة أو كان بالإرتجالِ
أتجهل زعيماً من سلالة الأبطالِ
فعلى ظهرك حمل عبء أثقالي
لا تستفزني وإلا هدمتك بزلزالي
مهمتي أن أعاملك بالعنف والإذلالِ
وأبشّر رأسك المسحوق بقدوم النعالِ



هذه المظلة لا تستحي , تدّعي أنها تحمينا من المطر وهي مثقوبة .


سمعتُ قبلاً هناك من لمستْ تراباً فحوّلتهُ ذهباً ومرجانْ
ولم أسمع هناك مَن مرّتْ بالصحراء فحوّلتها إلى بستانْ
 ولم أنظر إلى من نظرتْ إلى جليدٍ فحوّلته إلى دخّانْ
 ولم أُقبّل التي قد قبّلتْ حجراً فتحوّل إلى إقحوانْ
 ولكنني عندما صافحتُك تحوّل جسدي إلى بركانْ .

من غاصتْ قدماه في الوحل ، لا يُنقذهُ التعلّق بالسحاب .

لم يتغير شيء مما كان بيننا ، لم تختفِ من الخارطة مملكة الحب التي أنشأناها بالأمس ، ولم ينعطف مجرى النهر الذي تدفّق من عينيكِ وصبّ في عينيّ ، ولم تحترق صفحات من تاريخنا الطويل الذي كتبناه بالجرح والفرح ، ولم تتوقّف دورتي الدموية فيكِ ولا دورتكِ الدموية فيّ ، ولم تغادر روحي جسدكِ ولا روحكِ جسدي ، ولم تخدعنا الأفعى بأكل الثمرة من تلك الشجيرة ليطردنا الله من فردوسه الرحيب ، ولم تمُتْ فيكِ غيرتكِ النسائية ولا حرصي الرجولي عليكِ ، ولم نخرج من المرايا التي لا زلنا بداخلها نتعانق ونتراشق القبلات ، الاشياء كما هي ، لا زالت أصابعي تمشّط شعركِ الليلي ، والزمن الذي قابلتكِ فيه قبل الميلاد هو نفس الزمن الذي قبّلتكِ فيه بعد الميلاد ، والألوان التي تطليكِ هي هي لم تتغيّر ، ولكن شيئاً واحد قد تغيّر كثيراً .... هو حبي الذي تعاظم ويتعاظم وسيتعاظم إلى الأبد ، ألم تُلاحظي ذلك ؟

نبحث عن ثمرة النخيل ونحن لم نسقِ شجرة واحدة ، ونحلم بالبناء الشامخ ونحن لم نحمل في أيادينا حجراً واحداً ، وندّعي أننا وصلنا خط النهاية ونحن لم نتقدّم خطوة إلى الأمام ، نحن عراة لأننا حائرون ماذا نلبس ، وممسوحون لأننا كسرنا الأقلام ولم نكتب ، وخاسرون لأننا لا نعرف كيف نلعب ، وعندما نُسألُ لماذا ؟ نجيب قائلين " لا تقلقوا هذه سياسة " .

إنّ الذين يترعرعون في الأقذارْ
سوف تجتثّهم عواصف الأقدارْ


الجبل هو تأمّل السهل بما فوقه ، والوادي هو إستخفاف السهل بما تحته

قالت لي أمي : "من قبل أن تولد بدأتَ تكتب الشعر " ، وقال لي أبي : " بعد أن وُلدتَ كانت أمّكَ تمسك القلم في يدها وهي لا تعرف القراءة والكتابة " .


في عراق اليوم لا توجد مَصحّات للمجانين ، ولكن توجد مُجنّنات للعقلاء .

تزورني صورتك فتثيرني كل صباح ومساءْ
وتأتيني بلا موعد كما يأتي الوحيُ الأنبياءْ
فأشعر أنه في عالمي تنعدم النساءْ
وأنتِ الوحيدة التي تضمن لي سرّ البقاءْ

الشعر الذي أُزخرفه من أجلكِ هو تمرّدْ
والإعجاب الذي أكنّه لعينيكِ هو تفرّدْ
والحب الذي يُصهرني فيكِ هو توحّدْ
ورغم كلّ هذا , أعيش حالة التشرّدْ

تُعلّمينني حرفا واحداً في العشق ليوم ناقص , وتملكينني عبداً مأموراً لدهرٍ كامل .

عندما أحبّ امرأة , يضيع صوتي مني وهي لا تسمع غير الصدى .

كتبتُ المئات من القصائدْ
حسبتها الحسناوات مصائدْ
حاولتُ جعل شِعري سائدْ
لم أكن يوما تابعاً ولا رائدْ
ولم أكن مقوداً ولا قائدْ
عصريٌّ , لستُ من العصر البائدْ
وليس في فكري مضار , بل فوائدْ
وليس في شخصي مستقيم حائدْ
لحساباتي علامات ألقيتها على الموائدْ
ليست القسمة والضرب والناقص والزائدْ
ومني تنبع امرأة تُنجيني من المكائدْ
هي روح الشعر ولبّ القصائدْ
ومهما ابتعدتُ عنها , أنا إليها عائدْ


أنتِ عالقة بيني وبينه , أعطيكِ خيارين لا ثالث لهما , فإما أن تختاريني أنا , وإما أن لا تختاريه هو .

نتأمل الأشياء ولا نراها نقية لأننا نتأملها بعيون تفتقر الضياء .

ما أغباهم , ألقوا الأفعى في الماء وقالوا : " في الغد ستكون سمكة " , ثم رشّوا الماء على الحجر وقالوا : " في الغد سيكون عجينة " .

لم أسرق من مزامير داوود أية نغمة من النغماتْ
ولم أقتبس من سليمان نشيد الأنشاد والصلواتْ
ولم أكسر عصى موسى ولم أكذّب سرّ المعجزاتْ
ولم أحرّف ما قال يونان النبي للنَينويّين والإدعاءاتْ
فلماذا تخرج إليّ جميع أنبياء إسرائيل من التوراةْ ؟


للشعر في موسم الجفاف خاصية مائيهْ
ولكِ في موسم العشق طبيعة هوائيهْ
ولي في إثنيكما نعمة كتابية وقرائيهْ

إذا كانت الأنبياء جسوراً تربط أرواح البشر بالروح الإله , فإن الشعراء أنهار تحمل كلمات البشر إلى الكلمة الإله .

أخرجتني الحواء أمي الأولى من الفردوس , وأعادتني أمي الثانية التي وُلدتُ منها إليه .


هو شهر العسل للأسد عندما تُفتح له أبواب الغاباتْ
وشهر العسل للثعلب عندما تُفتح له أقفاص الدجاجاتْ

سأل المعلّم ثلاثة تلاميذ أن يُدخلوا كلمة - خَلَعَ - في جملة إستفهامية مفيدة , فقال الأول " لماذا خلع الكاهن رداءه الأسود ؟ " , وقال الثاني " كيف خلع الشعب الملك عن عرشه ؟ " , وقال الثالث " من خلع الآشوريين من موطنهم ؟ " .


يُحرقون الخضرة أينما وجدوها ليطفئوا عينيكِ
ويُغرقون الحُمرة أينما صادفوها ليمحوا وجنتيكِ
ويذبحون البنفسج أينما قابلوه ليزيلوا شفتيكِ
ويغتالون شِعري كي لا أكون قصيدة في يديكِ


قلتُ لهم عيناكِ معبدانْ
فقالوا قد مسّه الشيطانْ
وقلتُ أشتهي بكلّ عنفوانْ
أن أغدو متوحّشاً كالحيوانْ
حتّى تُروّضني سيدة الأكوانْ
فقالوا تحتاج العطف والحنانْ
ويستحيل الإرتقاء إليها الآنْ
هذا أمرٌ خارج عن طاقة الولهانْ
فهي آلهة وأنت مجرّد إنسانْ


هل تذكرون في العهد البائد , كانت الحكومة تبني البيوت على الشكل التالي:
في السقف عيون سرّيهْ
في الحيطان آذان لا مرئيهْ
في الأرضية أفواه خفيهْ

لديّ قناعة وأنا مقتنع بها كثيراً ، الله قد خلق البحر قبل أن يخلقكِ لأنه كان يعلم سوف تغوصين فيه في يوم ما ، وألبس الغابة ثوبها الشجريّ لأنه كان يعلم سوف تخيطين فستانا أخضر في يوم ما ، وخلق الشمس لأنه كان يعلم سوف تُتوّجين بها ملكة ، وخلق القمر لتضعيه قلادة حول عنقكِ ، وخلق النجوم لتعلّقيها كالخلاخيل على قدميكِ والكواكب أساوراً على معصميكِ ، وقد خلقني شاعراً كي لا أكتب إلا عنكِ فتستمرّ حياة الكتابة .

قبلكِ ، كانت قصائدي من فصيلة الرخوياتْ
بعدكِ ، صارت قصائدي من فصيلة الفقرياتْ
شكراً لكِ على قرار انتمائكِ إلى النيرارياتْ

صلبتني شفتاكِ حتى الموت ، وانتظرتُ قيامتي بعد ثلاثة أيام أو ثلاثة أسابيع أو ثلاثة شهور أو ثلاث سنين أو ثلاثة قرون بدون جدوى ، وسأبقى مصلوباً إلى نهاية الأزمان .

هي سوناتا وأنتِ السمفونية الكاملهْ
وأنتِ جوهر الأشياء والقضية الشاملهْ
اخترتكِ أنتِ، ماذا أفعل بصحراء قاحلهْ
أليس من حقّي أن أترك الزهرة الذابلهْ

مغرورة أنتِ بجمال الوجه والرشاقهْ
وخبيرة أنتِ في التصرف بحذاقهْ
تقولين أن الذي بيني وبينكِ صداقهْ
وتتحدثين لغة التسييس بطلاقهْ
وبعد أن تنقطع بيننا العلاقهْ
تتنعّمين أنتِ بحريّة الإنطلاقهْ
وأُحكم أنا بأشغال الكتابة الشاقهْ

عندما كانت تلمسني أظافركِ الذهبيّهْ
كانت تعزف عشر سمفونيات عالميّهْ
وتدور حولي عشر شموس كونيّهْ
وتسبح بعينيّ عشر مخلوقات بحريّهْ
وتفترسني عشرة وحوش بريّهْ
فهل أظافركِ نعمة إلهيّهْ
أم نقمة شيطانيّهْ

صعدتْ أصابعكِ جبل صدري ثمّ نزلتْ وهي تحمل لوحاً حجرياً عليه وصية واحدة فقط تقول : " أنا هي حبيبتكَ ، لا تكن لكَ حبيبة غيري " .

كل القمصان التي ألبسها تعبق رائحتكِ منها ، والكتب التي أفتحها لا يزول وجهكِ عنها ، أصبحتُ مُحتلاً بكِ ، فصرتِ موجودة فيّ أكثر من وجودي في نفسي .

أوّل كوكب ظهرتْ فيه الحياة بعد الإنفجارات الكونية هو جسدكِ الذي يدور حولي ٣٦٥ يوماً في السنة .

ولأنني أعلم جيداً بأنكِ التاريخ ذاته منذ البداية وحتى النهاية ، قرّرتُ أن لا أخرج من هذا التاريخ ، ملكاً كنتُ أم عبداً ، وحكيماً أم جاهلاً ، وملاكاً أم شيطاناً ، وحيّاً أم ميّتاً .

في هذا الزمن الذي أتلفتْ أعصابَه الحرارهْ
لا تذوبوا مثل الشموع من أجل الإنارهْ
ولا تُسمعونا خطابات التحريض والإثارهْ
نريدكم أن تُقدحوا قضيتنا كالشرارهْ


يدخل الكنيسة بمظهر الملاك ولكن بجوهر الشيطان , إنّه كائنٌ بينَ بين يُسمّى ملاكشطان .

إذا قلتُ أكره الرقص , هذا لا يعني أن أكسر الطبل على رأس الطبّال , ولا أن أقطع أوتار القيثارة وأصابع العازف , ولا يعني أنّ جسدي لا يتحرّك تلقائياً يمينا ويساراً على نبض الإيقاعات المثيرة , وربّما رأيتُ نفسي مندمجاً مع الرقص عن وعيٍ أوعن غير وعي , أيّ غبي قال أنا أكره الرقص !!

إنْ تكن أخاً للشجيرات قلعتكَ الرياح , كن أخاً للجبال .

يقول الكثيرون وأنا واحد منهم " سوف نموت من أجل الوطن " , لماذا لا نقول " سوف نبقى من أجل الوطن " , فالوطن وطنٌ بالأحياء وليس بالأموات .

القصائد التي وُلدتْ مني وأنا سجين النظام قد وُلدتْ حرّة وغادرتْ القضبان سرّاً , ثمّ سارتْ علناً مع الثورة في الشارع المُحتقَن .

أخدع نفسي بالإبتعاد عنكِ وأُقنعها بأنّ وجودكِ في حياتي لم يعد له وجود , ولكن هل يُمكن لكوكب سيّار في مجموعتنا الشمسية إزاغة ضوء الشمس عن مساره ؟ .


                               *                               *                               *                                     

                          نينوس نيراري                                  آذار /  30 / 2016